الإثنين 05/مايو/2025

حزب العمل الإسرائيلي: عن الأزمة والمصالح الانتخابية!

حزب العمل الإسرائيلي: عن الأزمة والمصالح الانتخابية!

بعد أن صادقت الحكومة الإسرائيلية بغالبية كبيرة على تعيين عضو الكنيست افيغدور ليبرمان (رئيس حزب «إسرائيل بيتنا») نائبا لرئيس الحكومة ووزيرا لـ «المخاطر الاستراتيجية»، وكذلك على الاتفاق الائتلافي مع ذلك الحزب، ظهرت بوادر أزمة، قديمة جديدة، في حزب العمل الذي يشكل مع حزب كاديما الحكومة الائتلافية. فلقد تفاقمت أزمة الحزب إثر قراره البقاء في الائتلاف الحاكم رغم انضمام «إسرائيل بيتنا». وحقا، فإن بقاء حزب العمل في الائتلاف الحكومي ليؤكد على المأزق الذي يعاني منه الحزب منذ أكثر من عشر سنوات، حيث باتت الانتخابات الداخلية والمناصب شغله الشاغل في ظل معاناة من فراغ قيادي. ويشير يوسي فيرتر في صحيفة «هآرتس» إلى أن «تأييد البقاء في الحكومة رغم انضمام ليبرمان كانت معروفة سلفا. فرئيس حزب العمل ووزير الدفاع عمير بيريتس ألقى خطابا بدا كما لو أنه كتب له من قبل شمعون بيريس مع جميع اللازمات الذي درج على تكرارها هذا الأخير حول (المسؤولية الوطنية والمبادرة السياسية وانعدام جدوى الجلوس في المعارضة»)، مضيفا إن «ما حدث في اجتماع الحزب بشأن تأييد انضمام ليبرمان من عدمه كان في الحقيقة صراعا عنيفا تمهيدا للانتخابات الداخلية في ايار 2007»، حيث يتوقع العديد من المحللين الإسرائيليين سقوط بيريتس، كون حزب العمل يعاني ما يعانيه. فهو -منذ تشكيل الائتلاف الحكومي قبل ستة أشهر- لم ينجز شيئا إلا المشاركة في عدوان ضد لبنان يتفق كثير من الجنرالات الإسرائيليين على أنه فاشل بكل المقاييس. صحيح أن الأزمة التي يعيشها حزب العمل ليست خاصة، بمعنى أن الأحزاب الرئيسية، كاديما والليكود، تمر أيضا بمرحلة مخاض عسير، إلا أن حزب العمل «العريق إسرائيليا» بات يعاني من أزمة خانقة تتمثل في ضعف قادته، وتخلي آخرين عن عضويته رغم سنواتهم الطويلة مع الحزب، فضلا عن أن بيريتس نفسه لم يكن يوما قائدا سياسيا بل نقابيا، وهو قد جاء للحكومة يحمل أفكارا حول التعايش السلمي مع الشعب الفلسطيني، فإذا بالأمور تسوء أكثر، فتدخل إسرائيل حربا في لبنان تخسر فيها. كما تشهد القضية الفلسطينية تطورات غير سلمية. وبذلك فإن الأزمة ليست خاصة بحزب واحد، فحتى رئيس الحكومة أولمرت (الذي تبنى خطة لفك بؤر «استيطانية» في الضفة تيمنا بخطة أستاذه شارون في قطاع غزة) ألغى الخطة وسعى لاستمالة شخصية عنصرية مثل ليبرمان ضمانا لاستمرار حكومته.

وبالعودة إلى أزمة حزب العمل، يتضح أن تأييد انضمام ليبرمان للحكومة خلق معسكرين متجابهين، وأن ما يسميه البعض من أنصار الحزب تمردا ربما يتحول، قبل موعد الانتخابات الحزبية القادمة، إلى شرخ أساسه التنافس على رئاسة الحزب، وهو ما جعل نداف إيال يقول: «حزب العمل سيكون مشغولا في الفترة المقبلة بالانتخابات لرئاسة الحزب … ولهذا فإن أي تحرك في الحزب سيكون مرتبطا بهذه المنافسة». أما عوزي بنزيمان فيقول: «إذا كان بيريتس قادرا على الجلوس في حكومة واحدة مع ليبرمان فهذا إشارة كافية لأنه وحزبه تبجحا بالادعاء أن لديهما وجهة نظر مغايرة عن حزب إسرائيل بيتنا». وحقا، فإن ما يحدث لحزب العمل سيكون له انعكاس كبير على مستقبله، الأمر الذي يستحضر ما حصل في نهاية 2000 لرئيس الوزراء الأسبق باراك بحيث قاد لانهيار حكومته وخسارته الانتخابات أمام شارون مطلع 2001 وتشير استطلاعات الرأي إلى أن بيريتس حكم على حياته السياسية بالاعدام لحظة تولى حقيبة «الدفاع» وهو النقابي الذي لا علم له بالاستراتيجيات العسكرية، فجاءت فضيحة العدوان والعمليات اليومية في القطاع، وبذلك بدأ يشق بيديه الطريق لإنهاء حياته السياسية القصيرة أصلا، وهو ما أكدته هيئة تحرير هآرتس حيث قالت: «إذا كانت هناك لحظة ملائمة للانشقاق في حزب العمل، على أساس قضية مبدئية مثل انضمام ليبرمان للحكومة، فإن هذه هي اللحظة». وتضيف «لقد خيب بيريتس أمل ناخبيه في كل ناحية ممكنة».

خلاصة القول أن حزب العمل ربما يمضي نحو الانشقاق أو لحالة من عدم الاستقرار الداخلي بما في ذلك داخل كتلته البرلمانية. فقد ترسخت في المجتمع الإسرائيلي فكرة أن الحزب بات يفتقر إلى البرنامج السياسي الواضح، وأصبح تابعا لكل رئيس حكومة بعيدا عن اختلاف الايديولوجيات والسياسات بحيث أضحت قاعدته الجماهيرية خالية تماما من الشباب الذي تحول إلى اليمين في الانتخابات الأخيرة. ومن جهته، يؤكد فيرتر في «هآرتس»: «كل شيء يبدأ وينتهي حول التنافس على رئاسة الحزب، وفي السنوات الست الأخيرة استبدل الحزب خمسة رؤساء له، والآن يستعد لانتخاب الرئيس السادس»!! أما ما هو أبلغ، فيتجلى فيما نقله ناحوم برنياع عن أحد أعضاء الحزب إذ قال: «لقد أصبحنا جمهورية موز. فرئيس الدولة ورئيس الحكومة والوزراء يخضعون للتحقيق. الحكومات تسقط كل نصف سنة. ليس هناك برامج سياسية ولا قرارات. لقد مات كل شيء»!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات