الثلاثاء 06/مايو/2025

إسرائيل دولة لحماية اليهود أم لتبديدهم؟

إسرائيل دولة لحماية اليهود أم لتبديدهم؟

صحيفة الخليج الإماراتية

دخل اليهود، كشعب صغير، في تجارب متعددة توحي بأنهم مستهدفون للإبادة. وقد استخلص مفكروهم وفلاسفتهم من هذه التجارب قوانين البقاء والفناء في حياتهم المعاصرة، حتى مع تغير الظروف وانتفاء الأسباب التي أدت إلى تجاربهم السابقة. ولكن حذق اليهود في التجارة الذي اكتسبوه أيام بابل، وظفوه في السياسة في حياتهم المعاصرة. ولعل أقسى التجارب التي مرّ بها اليهود قد بدأت في بابل. ولقد تنبأ “أرميا”، أحد أنبياء بني “إسرائيل”، بسقوط القدس، ودعا اليهود إلى الخضوع لملوك بابل وحذرهم من مقاومتهم. ولكن اليهود حاربوا البابليين، فاحتل “نبوخذ نصر” القدس (585 ق.م) وهدم أسوارها، وحمل أكثر من ثلاثين ألفاً من خيرة سكانها من الأطباء والحرفيين أسرى إلى بابل.

كانت “مارانوس” هي التسمية الشائعة لليهود الذين اعتنقوا الديانة المسيحية في أسبانيا. والذين أطلقوا عليهم هذه التسمية التي تعني “الخنازير” باللغة الأسبانية، هم اليهود الذين احتفظوا بديانتهم اليهودية، وذلك لتحقير اليهود الذين تحولوا عنها. ويقول الكاتب اليهودي هوارد فاست في كتابه (اليهود: ص 186)، إن أصل المشكلات يعود إلى أن اليهود الذين تنصروا كانوا غير مخلصين وظلّوا يمارسون الشعائر اليهودية سراً، فتم حرق الآلاف من “المارانوس” على السفود بمقتضى قوانين محاكم التفتيش. وفي مرحلة لاحقة تم طرد جميع اليهود من أسبانيا (1492م) ومن البرتغال (1497). وتعترف المراجع اليهودية بأن العرب في شمال إفريقيا هم الذين أنقذوا اليهود من الإبادة.

لقد أججت الحملات الصليبية نار الغضب على اليهود في أوروبا. ففي كولون (ألمانيا) قتل الصليبيون جميع اليهود الذين كانوا قد فروا من المدينة للاختباء في القرى المجاورة، وقد شوهدت جثث الآلاف من اليهود طافية في نهر الراين، وفي إنجلترا كان أتباع ريتشارد قلب الأسد يقتلون كل من يقع في أيديهم من اليهود، وعندما انتشر الطاعون في أوروبا ساورت الألمان الشكوك بأن اليهود قد سمموا مياه الآبار، فقامت حملة لإبادة اليهود في أكثر من مائتي مدينة وقرية.

ولكن أين العرب من كل ما أصاب اليهود؟

مثّل العرب غرفة الإنعاش للوجود اليهودي في العالم كلما كان هذا الوجود على شفير الهلاك والمحو.. ويقول الكاتب الأمريكي ماكس ديمونت: “تهيأت الفرصة لليهود في أسبانيا ليتمتعوا على مدى خمسة قرون من حكم العرب بمكانة علمية ومالية وسياسية سامية”.

ويقول الكاتب اليهودي هوارد فاست: “على أي حال تحت حكم العرب بدأ العصر الذهبي لليهود في أسبانيا”. ويشير هوارد ساكر إلى تسامح السلطان صلاح الدين الأيوبي، ويقول “إنه تحت الحكم الإسلامي المتسامح بدأت أفواج اليهود الحجاج تتدفق إلى فلسطين من شمال أفريقيا وأوروبا ومن اسبانيا بالذات”. وعلى نقيض كل القوى الأخرى التي اصطدمت باليهود وعاملتهم بقسوة تصل حد الإبادة أو دفعهم إلى الانتحار، كانت مواقف العرب من اليهود على عكس ذلك، فقد كان العرب كلما ازدادوا قوة ازدادوا تسامحاً وتكريماً لليهود.

ونأتي الآن إلى السؤال: هل أقيمت الدولة العبرية على أرض العرب في فلسطين لحماية اليهود أم لتبديدهم؟

وهل إقامة “إسرائيل” كدولة وبقاؤها هو هدف في حد ذاته، حتى تكون هناك دولة يهودية؟

من أهم المبررات التي طرحت لإقامة “إسرائيل” هو جمع اليهود في دولة لحمايتهم من الإفناء. وفي ظل المسار الذي سلكته “إسرائيل” منذ قيامها في علاقتها بالعرب، يلوح في الأفق البعيد السؤال الذي رغم صعوبته يحتاج إلى إجابة: هل تبقى “إسرائيل” دولة وينفني اليهود؟ أم هل تزول “إسرائيل” ليبقى اليهود؟

قامت “إسرائيل” على مبادئ عدوانية، وإن هذه المبادئ جردتها من كل ما يمكن أن يجعل منها دولة مؤهلة لحماية اليهود من الإفناء. فقد كانت القوة المسلحة الفائقة التفوق هي القاعدة الأولى التي تقوم عليها هذه الدولة، باغتصاب أراضي العرب في فلسطين والحؤول بينهم وبين استعادتها. وفي مرحلة تالية، استخدمت القوة العسكرية المتفوقة لكسر شوكة الدول العربية المحيطة بفلسطين، ثم دخلت “إسرائيل” بالارتكاز على مخزونها النووي في شهر عسل طويل، انصاع فيه العرب للسياسات “الإسرائيلية”، وأعلنوا عياناً بياناً الكف عن مقاومة هذه السياسات، واستخدموا شعار “خيار السلام” كورقة التوت لمداراة هذا الانصياع.

إن غطرسة الحمق الأمريكي – “الإسرائيلي” المركب قد أوقعت الطرفين أيضاً في ورطة مركبة. فإن الولايات المتحدة كانت تمارس الهيمنة في المنطقة بثمن بخس من خلال الاحتواء المزدوج للعراق وإيران. ولكن غزوها للعراق قد نال من هيبتها سياسياً وعسكرياً، وأصبحت إيران تهز قبضتها في وجه الولايات المتحدة، وأصبح شيعة العراق حليفاً محتملاً لإيران، في الوقت الذي تحولت فيه “إسرائيل” إلى عبء على الولايات المتحدة بعد كسر شوكتها في الحرب اللبنانية الثانية.

المهم أن النوم على وسادة السلاح النووي لم يعد يجلب الطمأنينة ل”الإسرائيليين”، رغم أنه عطل الجيوش العربية النظامية، إلا أن المقاومة الشعبية المسلحة في فلسطين وجنوب لبنان، تواجه “إسرائيل” بتحديات تفرض عليها، إما الاتجاه إلى السلام، أو تأجيج المقاومة بالغطرسة والعنف، مما يجعل من “الإسرائيليين” ضحايا وقرابين لبقاء “إسرائيل” كدولة عدوانية بلا مستقبل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن

صنعاء- المركز الفلسطيني  للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...