السبت 16/نوفمبر/2024

زيارة أولمرت لواشنطن محاولة أخيرة لخلق أجندة سياسية مشتركة

زيارة أولمرت لواشنطن محاولة أخيرة لخلق أجندة سياسية مشتركة
صحيفة السفير اللبنانية
 
تخلو زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت إلى العاصمة الأميركية من الآمال التي واكبت زيارته الأولى في منصبه قبل ستة شهور. في تلك الأيام حمل أولمرت معه إلى الرئيس الأميركي جورج بوش خطة الانطواء بخطوطها العريضة طالباً منه المباركة. والأهم أن أولمرت حمل معه ثقة الجمهور الإسرائيلي به والتي تجلت في الانتخابات العامة التي أوصلت أولمرت وحزب كديما إلى سدة الحكم وبفارق كبير.

وهناك في واشنطن كان بانتظاره رئيس كان لا يزال يقف على رجليه رغم المصاعب التي تعترض سياسته الخارجية، ليس فقط في أفغانستان والعراق، وإنما كذلك في فلسطين ولبنان وتجاه إيران وكوريا الشمالية. وهو اليوم بعد فوز الديموقراطيين بأغلبية المقاعد في مجلسي الكونغرس يجد نفسه، ورغم كل مظاهر الاعتداد بالنفس في موقع أضعف.

وهكذا، ومن دون أية محاولة للتجميل، يجد كل من أولمرت وبوش نفسيهما في موقع ليس من يسند أحدهما الآخر وإنما من يواسي كل منهما الآخر. فتدهور الوضع في العراق أضعف إلى حد كبير ثقة الرئيس الأميركي بنفسه وبقدرات جيشه على تحقيق السياسة التي كان يطمح لتجسيدها. ونتائج الحرب الإسرائيلية الثانية على لبنان أوصلت مكانة أولمرت في الرأي العام الإسرائيلي إلى الحضيض وأضرت بصورة الجيش الإسرائيلي على الصعيد الدولي.

ومع ذلك فإن الالتقاء بين إسرائيل وأميركا حول تحليل الأوضاع الدولية وكيفية مواجهة المشكلات لم يتغير. فهناك بين الطرفين تحالف يستند إلى الإيمان بوجوب بقاء إسرائيل متفوقة على كل جيرانها من الناحيتين العسكرية والتكنولوجية حتى لو تغير المناخ الإقليمي وغدت إسرائيل في وضع أنسب. وهكذا بقيت إيران وسوريا وقوى المقاومة في كل من فلسطين ولبنان في موقع العدو للتحالف الأميركي الإسرائيلي. ولا يبدو أن تغيراً ما قد طرأ على هذا الواقع رغم التغيير الكبير الذي حملته نتائج الانتخابات الأميركية وآثار الحرب الإسرائيلية على لبنان.

ولكن، ومن دون ريب، هناك تغيير واضح في طريقة التعامل مع القضايا العالقة مع هذه الجهات. ففي حين عجزت الولايات المتحدة وإسرائيل عن إسقاط حكومة حماس في فلسطين برز نوع من الخلاف بينهما حول نوع الحل الوسط الممكن مع الرئيس عباس حول الحكومة الجديدة وطبيعة مشاركة حماس فيها. والأهم على هذا الصعيد أن هناك خلافاً حول ما ينبغي فعله على الصعيد الدولي بعد تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية. فإسرائيل ترى باستمرار الحصار والضغط وتليين الموقف فقط تجاه الرئيس محمود عباس في حين أن أميركا تطالب بتليين أوسع يشمل دوائر أبعد من الرئاسة الفلسطينية.

وعلى الصعيد اللبناني، وفيما تتوالى آثار الحرب السلبية على الصعيد العسكري، تحاول إسرائيل استثمار نتائجها السياسية إلى أقصى مدى وهو ما يتجلى في التركيز على أهمية اليونيفيل وعلى استرداد قدرة الردع. وتصطدم هذه المحاولة التظاهرية، التي كثيراً ما تعبر عن نفسها بحدة التصريحات حيناً أو بالطلعات الجوية حيناً آخر، بمطالبة أميركية بتليين الموقف وضبط النفس. وثمة مسعى أميركي بعد الحرب لإبعاد إسرائيل عن الظهور كلاعب في الساحة اللبنانية.

أما عن سوريا، فحدّث ولا حرج. فرغم اتفاق الطرفين على عداء سوريا إلا أن الموقف الأميركي الذي كان يبدو أكثر تشدداً تجاه سوريا صار يميل إلى التليين، على الأقل في ضوء توصيات لجنة بيكر. وإيهود أولمرت الذي صار يرى أن التشدد ضد سوريا يمثل قناة الاتصال الوحيدة الباقية له مع اليمين الإسرائيلي ذهب أبعد من اللازم في التطرف ضدها. وسوريا في نظر إسرائيل ليست مجرد حليفة لإيران بل هي مقر إقامة قيادات المقاومة الفلسطينية وهي الحليف الميداني الأهم لحزب الله في لبنان.

وأخيراً هناك إيران. وبعد زوال خطر الجبهة الشرقية وتفكك النظام العربي إثر غزو العراق، احتلت إيران بشكل متزايد مركز الاهتمام الأول في الذهن السياسي الإسرائيلي. ولعبت إسرائيل دوراً تحريضياً بارزاً في الولايات المتحدة لدفعها لتحمل المسؤولية عن مواجهة الخطر النووي الإيراني. ورغم أن الولايات المتحدة لم تدخر جهداً في هذا السياق وأنشأت منظومة دولية مناهضة للمشروع النووي الإيراني إلا أن نتائج هذا الجهد لم ترق لإسرائيل. فالعقوبات الدولية لم تقرّ بعد. ولا يبدو في الأفق أن هناك مسعى أميركياً فاعلاً لوقف المشروع الإيراني. ولهذا الغرض صعّدت إسرائيل من موقفها ضد إيران وصولاً إلى مبادرة العديد من قادتها، وخصوصاً أولمرت ونائب وزير الدفاع افرايم سنيه، للتهديد بعمل عسكري.

والواقع أن إسرائيل تصعّد من تصريحاتها العسكرية ضد إيران من أجل أن تسخن الأجواء وتدفع أطرافاً دولية للتحرك. إذ لا يبدو أن الإدارة الأميركية ذاتها تأخذ على محمل الجد التهديدات العسكرية الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية. ومع ذلك يبدو أن هناك في إسرائيل من يعتقدون أن تسخين اللهجة قد يسهم في تسخين المساعي الأميركية ضد إيران والتي يبدو أنها بردت جراء تراخي الموقف ضد كوريا الشمالية وبسبب تدهور الموقف الأميركي في العراق.

وفي كل الأحوال يبدو أن أحداً في إسرائيل لا يتوقع أن تسهم زيارة أولمرت هذه في فتح آفاق سياسية جديدة لإسرائيل حتى وإن حمل أولمرت معه نوعاً من المقايضة الجديدة. إذ إن هناك من يؤمنون بأن بوسع سياسة إسرائيلية تقوم على أساس التشدد ضد إيران والمرونة تجاه الفلسطينيين والعرب توفير أساس لأجندة سياسية جديدة. ومع ذلك لا بد من القول إن التطورات الأخيرة بعد ظهور نتائج التحقيق في عملية أسر الجنديين الإسرائيليين من جانب حزب الله على الحدود مع لبنان قد تلقي بظلالها على مستقبل حكومة أولمرت. فاستقالة قائد فرقة الجليل أعاد للمطالبين بلجنة تحقيق رسمية الثقة بأنفسهم مما يعيد وضع كل من أولمرت وعمير بيرتس ودان حلوتس في عين العاصفة مرة أخرى.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مستوطنون يدنسون مسجدًا في دورا الخليل

مستوطنون يدنسون مسجدًا في دورا الخليل

الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام دنس مستوطنون، يوم الجمعة، مسجدًا في خربة مراح البقار ببلدة دورا جنوب الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، وسط...