الأحد 11/مايو/2025

حكومة الوحدة على الأبواب دون المساس بالثوابت الفلسطينية التي أكدتها حماس

حكومة الوحدة على الأبواب دون المساس بالثوابت الفلسطينية التي أكدتها حماس

“أصبح الفلسطينيون اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية”؛ عبارة تتردد مؤخراً بكثرة على لسان عدد من المسؤولين الفلسطينيين المتفائلين أكثر من أي وقت مضى، بل باتوا مقتنعين تماماً بأنّ الأيام القادمة ستشهد ولادة هذه الحكومة، بعد العوائق الكبيرة التي تخطتها، وبعد موافقة حركة “فتح” على المشاركة فيها، وكانت رفضت سابقا دعوة “حماس” لتشكيل مثل هذه الحكومة قبل عدة أشهر، بعد تحقيق الأخيرة فوزاً كاسحاً في الانتخابات البرلمانية، وتكليف رئيس الوزراء الحالي إسماعيل هنية بتشكيل أول حكومة تقودها “حماس”.

نقاط الخلاف

ومن أهم نقاط الخلاف التي تم تجاوزها لتشكيل هذه الحكومة، البرنامج السياسي الذي تعمل على اساسه، إذ تم تحديد “وثيقة الوفاق الوطني”، باعتبارها الأساس الذي تقام عليه الحكومة، دون الخوض في تفاصيل أخرى، وهنا يبدو أن فتح ورئاسة السلطة قد تراجعا عن إصرارهما على تضمين برنامج حكومة الوحدة الاعتراف بقرارات “الشرعية” الدولية، أو بالمبادرة العربية، وكلاهما يقود إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني.

ويبدو أن مواقف حماس الثابتة، وإصرارها طوال الفترة الماضية، على عدم التراجع عن ما طرحته سابقاً من رفضها للاعتراف بالكيان الصهيوني، جعلا رئيس السلطة وحركة فتح، بالإضافة إلى أطراف خارجية أخرى، تصلإلى قناعة بأنه لا بد من التحاور مع “حماس”، وإيجاد قواسم مشتركة معها، بدلاً من خيارات أخرى طرحتها قبل ذلك بعض الشخصيات، التي كانت ترى إمكانية إقصاء حماس عن الحكومة أو رئاستها.

ولكن حماس تمسكت بمواقفها وثوابتها وبرئاستها للحكومة، وحتى بضرورة حصولها على العدد الأكبر من الوزارات، كونها الكتلة البرلمانية الأكبر، مع إبداء مرونة واضحة بتنازلها عن قيادة إسماعيل هنية للحكومة القادمة، باعتباره أحد قيادات حماس البارزين، وهو القيادي الذي حصل على شعبية غير متوقعة طوال فترة رئاسته للحكومة، برغم الحصار وقلة الأموال.

فقد طالب عباس استبعاد الرموز القيادية، وهو نفس مطلب حماس لفتح بعد ذلك، بان تكون الأسماء التي تقدمها لشغل الوزارات المختلفة ليست من الوجوه البارزة في فتح.

ويعتبر المراقبون تمسك هنية بعدم التراجع عن مواقف حكومته، وتفضيلة التنازل عن منصبه كرئيس للوزراء، دون التنازل عن الثوابت، بأنه نقطة تضاف لصالح حماس عامة وهنية خاصة، فحسب هؤلاء المتابعين فإن هذا “التخيير” لو وضع أمام رئيس وزراء آخر من فصيل آخر فربما كان اختياره مغايراً.

توزيع الحقائب

وما تزال أمام تشكيل هذه الحكومة عقبات كبيرة أهمها توزيع الحقائب على الكتل، بحسب حجم كل كتلة في المجلس التشريعي، ولكن الخلاف يمكن أن يدب حول عدد الوزارات المحددة لكل من فتح وحماس ،بالإضافة إلى حصول كل كتلة على بعض الوزارات الهامة. وهنا تشير بعض المصادر الخاصة إلى أن حماس ستتمسك ببعض الوزارات منها الداخلية والتربية والتعليم والصحة والأوقاف.

ومن المؤكد حسب المراقبين أنّ وزارة الداخلية ستحظى بنقاش مستفيض بين كافة الأطراف، لأهمية هذه الوزارة على الساحة الفلسطينية.، ويمكن أن تكون محط خلاف.، ولكن يبدو أنه من السهل الاحتفاظ بها لحماس، خصوصاً إذا تخلت عن إحدى الوزارات الهامة مثل المالية أو الخارجية.

وإذا تم التوافق بين الفصيلين على الحقائب الوزارية، فإن التوقعات تشير إلى حدوث خلاف داخل حركة “فتح” على الأشخاص الذين سيشغلون هذه الوزارات من داخل الحركة، لا سيما  بعد الحديث عن استبعاد الكبار من الوزارة، وهو ما يبدو أنه دفع عضو اللجنة المركزية للحركة والوزير السابق نبيل شعث للتنبؤ بأن لا تصمد طالحكومة القادمة ويلاً.

وبحسب بعض المصادر فإن الخلافات المتوقعة داخل فتح على المناصب الوزارية قد ينعكس سلباً على مجمل الأوضاع، بما فيها التوافق على حكومة الوحدة.

ضمانات دولية

وعلى أي حال؛ فإنه من المفترض أن تحظى الحكومة القادمة بقبول عربي ودولي، هذا ما يتحدث عنه الساسة الفلسطينيون على اختلاف توجهاتهم، ويبدو أن هذا الأمر مرهون بالاتصالات، التي من المفترض أن يجريها رئيس السلطة محمود عباس، للتأكد من وجود ضمانات دولية أمريكية وأوروبية لفك الحصار، وترك المساعدات تتدفق من جديد.

وهنا يبرز سؤال هام يُطرح من قبل الكثير من المتابعين للشأن الفلسطيني، وهو هل سيكون أمر الحكومة القادمة مرهون بمدى الرضى الدولي، وهل ستتعرض الحكومة القادمة لحصار جديد إذا اتخذت موقفاً لا يعجب الولايات المتحدة، أو بعض الدول الأوروبية.

كما يبدو أن اسم شخصية رئيس الوزراء بات مرتبطاً بمدى القبول الدولي له، وهذا ما يؤكده عدم الكشف عن الاسم، الذي تم التوافق عليه، كما أعلن ذلك عضو القيادة السياسية لحركة حماس نزار ريان، الذي قال إنه تم التوافق على اسم رئيس الوزراء الجديد، “فقد طُرحت عدة أسماء على عباس من قبل حماس ليوافق على أحدها، أو ليتم عرضها على الأطراف الدولية، ليرى مدى قبولها لتلك الشخصية”.

ومن بين الأسماء التي تم طرحها على عباس، الدكتور باسم نعيم وزير الصحة الحالي. وتشير مصادر خاصة إلى أن رفض نعيم ليس متعلقاً بمدى قبوله دوليا، بقدر ما هو متعلق بإجراءات نعيم التي اتخذها ضد بعض كوادر “فتح” المتجاوزين في وزارة الصحة.

ومن الأسماء التي جرى الحديث عن ترشيحها لمنصب رئيس الوزراء وزير الاتصالات الحالي ناجي الخضري. أما الشخصية الأوفر حظاً بتولي رئاسة الحكومة، هو الدكتور محمد عيد شبير رئيس الجامعة الإسلامية الذي تقاعد قبل عدة أشهر، لبلوغه سن الستين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات