متى هي الحلقة الأخيرة ؟!

بعد مجزرة بيت حانون المروعة ، وفي ظل هذه الأجواء الإيجابية لحكومة الوحدة الوطنية والتي نحن بحاجة إليها في أسرع وقت ممكن ؛ بعد أن تكالب علينا أعداؤنا على اختلاف أجناسهم ‘ وذلك لتوحيد الصف وتوحيد الكلمة بين أبناء الشعب الفلسطيني ، هذه الحكومة التي تحمل على عاتقها كسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني ، والذي كان نتاج خياره الديمقراطي الذي أهّل حماس لتتقلد السلطة بدلاً من المعارضة ، هذه الحكومة التي تنتظرها أجندة طويلة ومهام عسيرة وقضايا معقدة ، والتي كما يبدو لي أنها آخر الخيارات في هذه المرحلة الحرجة التي يعيشها شعبنا ؛ فالقوات الإسرائيلية تبطش وتقتل دون حساب وعلى مرأى ومسمع من العالم العربي والإسلامي والدولي ، الذي لم يتوانى عن لعب دوره في تضييق الخناق على الحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية .
فهاهي الدول العربية تقاطع هذه الحكومة ، ليس ذلك فحسب ، بل ووقفت تتأمل الشعب الفلسطيني وهو يصارع الحصار الذي حاكته هي نفسها ، كيف لا ! وبعض الأنظمة العربية كانت تسعى لإفشال تجربة الإخوان المسلمين في الحكم ؛ تجنباً لتنامي ونجاح نموذج إسلامي يُحتذى به ، وشاهدت شعبنا وهو يذبح ويشرد في بيت حانون ، ولم تتفوه بكلمة شجب أو استنكار أو حتى أسف ، ويا ليت الأمر اقتصر على ذلك ، بل قطعت المعونات عن الشعب الفلسطيني ومنعت تحويل المال الخاص ، باستثناء بعض الدول العربية التي بادرت بتقديم بعض المساعدات ، مما يدفعني إلى عدم التفاؤل في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لبحث مجزرة بيت حانون الصامد ، إنهم بذلك يكونون أشبه بمن يقتل القتيل ويسير في جنازته ؛ فلكل منهم دوره المباشر أو الغير مباشر .
أما على الصعيد الدولي المدّعي للديمقراطية ،والذي يعتبر دولة الكيان المسخ من أربابها أيضاً ، فقد أعلن منذ أن ظهرت نتائج الانتخابات أنه لن يتعامل مع حكومة يرأسها إسماعيل هنية إلا إذا طبقت شروط الرباعية ؛ بل وحذرت أمريكا كل من يتعامل مع هذه الحكومة سواءً كانوا دولاً أو مؤسسات أو بنوك لتحويل الأموال إليها ، بينما كانت تدعم أيدي أخرى تساهم أيضاً في هذا الحصار ، أيدي داخلية شاركت في إرباك الحكومة ووضعها في أزمة تلو الأزمة ، وإشغالها بأمور ثانوية في التوقيت الغير مناسب ، سواءً بقصد أو بغير قصد .
وبناءً على الظروف السابقة التي أحاطت بالشعب الفلسطيني حين ترك وحيداً لخياره الديمقراطي ؛ ما كان لدولة الكيان إلا أن تستفرد بهذا الشعب وتمارس هواياتها في القتل وإراقة دماء الأبرياء وتشريد الأطفال وتجريف الأراضي والأشجار ، ومسح المنازل عن وجه الأرض ، إلى جانب رؤية الثكالى والأرامل والدموع تغسل وجوههم التقية ؛ كلنا شهد المجزرة الوحشية البشعة التي أوقعت أكثر من عشرين شهيداً في بيت حانون ، عدى عن الجرحى والأضرار التي ألحقها الصهاينة بالمنطقة التي أعلنها رئيس الوزراء منطقة منكوبة .
وعقب ذلك دعت الجموع في مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة ، كما دُعي وزراء الخارجية العرب لاجتماع طارئ ليعبر كل منهم عن صدمته أو اندهاشه أو إدانته ، حتى دولة الكيان عبرت عن أسفها تجاه ما حدث ، لكن كل على طريقته مع اختلاف الأسباب .
وهنا لابد لنا أن نتساءل أو نسأل هؤلاء جميعاً : ما الفرق بين أن يقتل أطفالنا بنيران الاحتلال ويمزقوا أشلاءً ، وبين أن يترك هؤلاء الأطفال في حالة من شح الغذاء والدواء والتعليم وغيره ليواجهوا الموت البطيء بسبب حصاركم الظالم ؟! ألم تعترفوا أنتم بأنفسكم أن الانتخابات كانت نزيهة ! فلم َ تعاقبوا شعبنا على خياره ؟!
لماذا تجتمعون اليوم وأنتم شركاء في الجريمة ؟ ماذا ستقولون لنا ، وبماذا ستخرجون ؟ تدينون ! من ستدينون ! إن كنتم عادلين فسوف تدينون أنفسكم ، وإلا فأنتم تخططون وتتركون التنفيذ لدولة الكيان ، هذه هي نتائج مؤامراتكم على الشعب الفلسطيني الذي ازداد لُحمة وتوحداً بعد العديد من الإنفراجات على الصعيد الداخلي ؛ فبعد انقطاع دام أشهر هاهو اللقاء الأول بين الرئيس عباس ورئيس وزرائه إسماعيل هنية ، وهاهو الاتصال الهاتفي بين عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ، وها نحن نشهد اللمسات الأخيرة لحكومة الوحدة الوطنية ، بل للبرنامج الشامل الذي من شأنه أن يخرجنا من المأزق ويرفع الحصار عن شعبنا ، ولا أقصد هنا الحصار الدولي ، ولا حتى الحصار العربي ، فكلاهما لا يفرق بين أبناء الشعب الواحد ،فكان العقاب جماعياً، ولكن خلافاتنا الداخلية هي من تلوي ذراعنا وتكتف أيدينا وتحول بيننا وبين التقدم خطوة للأمام .
والسؤال الذي نطرحه الآن والذي ستجيبنا عنه الأيام أو الأشهر القادمة : هل سيتعامل العالم مع الحكومة المجددة؟ وهل ستأتي الحلقة الأخيرة من مسلسل الصمت العربي الذي صم الآذان ، أم أن الحجر سينطق قبل مجيئها ؟ وهل سيتأثر العالم فعلاً بما حدث في بيت حانون ويرفع الظلم عنه ؟ هذا ما نرجوه ..
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...

16 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...