الإثنين 12/مايو/2025

متى هي الحلقة الأخيرة ؟!

حمزة إسماعيل أبوشنب

 

بعد مجزرة بيت حانون المروعة ، وفي ظل هذه الأجواء الإيجابية لحكومة الوحدة الوطنية والتي نحن بحاجة إليها في أسرع وقت ممكن ؛ بعد أن تكالب علينا أعداؤنا على اختلاف أجناسهم ‘ وذلك لتوحيد الصف وتوحيد الكلمة بين أبناء الشعب الفلسطيني ، هذه الحكومة التي تحمل على عاتقها كسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني ، والذي كان نتاج خياره الديمقراطي الذي أهّل حماس لتتقلد السلطة بدلاً من المعارضة ، هذه الحكومة التي تنتظرها أجندة طويلة ومهام عسيرة وقضايا معقدة ، والتي كما يبدو لي أنها آخر الخيارات في هذه المرحلة الحرجة التي يعيشها شعبنا ؛ فالقوات الإسرائيلية تبطش وتقتل دون حساب وعلى مرأى ومسمع من العالم العربي والإسلامي والدولي ، الذي لم يتوانى عن لعب دوره في تضييق الخناق على الحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية .

فهاهي الدول العربية تقاطع هذه الحكومة ، ليس ذلك فحسب ، بل ووقفت تتأمل الشعب الفلسطيني وهو يصارع الحصار الذي حاكته هي نفسها ، كيف لا ! وبعض الأنظمة العربية كانت تسعى لإفشال تجربة الإخوان المسلمين في الحكم ؛ تجنباً لتنامي ونجاح نموذج إسلامي يُحتذى به ، وشاهدت شعبنا وهو يذبح ويشرد في بيت حانون ، ولم تتفوه بكلمة شجب أو استنكار أو حتى أسف ، ويا ليت الأمر اقتصر على ذلك ، بل قطعت المعونات عن الشعب الفلسطيني ومنعت تحويل المال الخاص ، باستثناء بعض الدول العربية التي بادرت بتقديم بعض المساعدات ، مما يدفعني إلى عدم التفاؤل في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لبحث مجزرة بيت حانون الصامد ، إنهم بذلك يكونون أشبه بمن يقتل القتيل ويسير في جنازته ؛ فلكل منهم دوره المباشر أو الغير مباشر .

أما على الصعيد الدولي المدّعي للديمقراطية ،والذي يعتبر دولة الكيان المسخ من أربابها أيضاً ، فقد أعلن منذ أن ظهرت نتائج الانتخابات أنه لن يتعامل مع حكومة يرأسها إسماعيل هنية إلا إذا طبقت شروط الرباعية ؛ بل وحذرت أمريكا كل من يتعامل مع هذه الحكومة سواءً كانوا دولاً أو مؤسسات أو بنوك لتحويل الأموال إليها ، بينما كانت تدعم أيدي أخرى تساهم أيضاً في هذا الحصار ، أيدي داخلية شاركت في إرباك الحكومة ووضعها في أزمة تلو الأزمة ، وإشغالها بأمور ثانوية في التوقيت الغير مناسب ، سواءً بقصد أو بغير قصد .

وبناءً على الظروف السابقة التي أحاطت بالشعب الفلسطيني حين ترك وحيداً لخياره الديمقراطي ؛ ما كان لدولة الكيان إلا أن تستفرد بهذا الشعب وتمارس هواياتها في القتل وإراقة دماء الأبرياء وتشريد الأطفال وتجريف الأراضي والأشجار ، ومسح المنازل عن وجه الأرض ، إلى جانب رؤية الثكالى والأرامل والدموع تغسل وجوههم التقية ؛ كلنا شهد المجزرة الوحشية البشعة التي أوقعت أكثر من عشرين شهيداً في بيت حانون ، عدى عن الجرحى والأضرار التي ألحقها الصهاينة بالمنطقة التي أعلنها رئيس الوزراء منطقة منكوبة .

وعقب ذلك دعت الجموع في مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة ، كما دُعي وزراء الخارجية العرب لاجتماع طارئ ليعبر كل منهم عن صدمته أو اندهاشه أو إدانته ، حتى دولة الكيان عبرت عن أسفها تجاه ما حدث ، لكن كل على طريقته مع اختلاف الأسباب .

وهنا لابد لنا أن نتساءل أو نسأل هؤلاء جميعاً : ما الفرق بين أن يقتل أطفالنا بنيران الاحتلال ويمزقوا أشلاءً ، وبين أن يترك هؤلاء الأطفال في حالة من شح الغذاء والدواء والتعليم وغيره ليواجهوا الموت البطيء بسبب حصاركم الظالم ؟! ألم تعترفوا أنتم بأنفسكم أن الانتخابات كانت نزيهة ! فلم َ تعاقبوا شعبنا على خياره ؟!

لماذا تجتمعون اليوم وأنتم شركاء في الجريمة ؟ ماذا ستقولون لنا ، وبماذا ستخرجون ؟ تدينون ! من ستدينون ! إن كنتم عادلين فسوف تدينون أنفسكم ، وإلا فأنتم تخططون وتتركون التنفيذ لدولة الكيان ، هذه هي نتائج مؤامراتكم على الشعب الفلسطيني الذي ازداد لُحمة وتوحداً بعد العديد من الإنفراجات على الصعيد الداخلي ؛ فبعد انقطاع دام أشهر هاهو اللقاء الأول بين الرئيس عباس ورئيس وزرائه إسماعيل هنية ، وهاهو الاتصال الهاتفي بين عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ، وها نحن نشهد اللمسات الأخيرة لحكومة الوحدة الوطنية ، بل للبرنامج الشامل الذي من شأنه أن يخرجنا من المأزق ويرفع الحصار عن شعبنا ، ولا أقصد هنا الحصار الدولي ، ولا حتى الحصار العربي ، فكلاهما لا يفرق بين أبناء الشعب الواحد ،فكان العقاب جماعياً، ولكن خلافاتنا الداخلية هي من تلوي ذراعنا وتكتف أيدينا وتحول بيننا وبين التقدم خطوة للأمام .

والسؤال الذي نطرحه الآن والذي ستجيبنا عنه الأيام أو الأشهر القادمة : هل سيتعامل العالم مع الحكومة المجددة؟ وهل ستأتي الحلقة الأخيرة من مسلسل الصمت العربي الذي صم الآذان ، أم أن الحجر سينطق قبل مجيئها ؟ وهل سيتأثر العالم فعلاً بما حدث في بيت حانون ويرفع الظلم عنه ؟ هذا ما نرجوه ..

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات