الإثنين 12/مايو/2025

الجيـش الـذي لا يقهـر بـين الانكســار والاندحــار

إبراهيم عمر حمدونة

“الجيش الذي لا يقهر” عبارة أطلقت بغير وجه حقٍ على جيش الاحتلال، وأقل ما يجب أن يوصف به أنه جيش نازي وفاشي فهو الجيش الذي يجمع في قيادته أناساً يعشقون الدماء ويحبون القتل والتدمير، أمثال شارون وأولمرت وليبرمان ، لذا من السهل القول أن هذا الجيش من أكثر الجيوش دمويةً في العالم، فهو يتبع كل أساليب البشاعة والفظاعة في ارتكاب المجازر والمذابح الدموية والتي تهدف الترهيب والتخويف، وتسعى للإبادة العرقية اللا أخلاقية واللا إنسانية، لا يبالي فيها حرمة للمدنيين الآمنين ولا يحسب حساباً لاتفاقيات حقوق الإنسان.

إلا أن الوضع الآن يبدو مختلفاً بالنسبة لهذا الجيش ولقادته فقد تعرض في الفترة الأخيرة لكبوات أفقدته قوته الهشة وأظهرته على حقيقته الزائفة، وأصبحت متعددة حالات الانكسار التي تعرض لها، فمن الانكسار أمام المقاومة في مخيم جنين الصمود وانسحابه منها يجر أذيال الهزيمة، ثم الانكسار المهيب الذي تبعه الاندحار المذل أمام مقاتلي حزب الله هناك في جنوب لبنان، إلى جانب انسحابه من مغتصبات القطاع وقد اندحر منها ممرغاً أنفه تراب الوطن المقدس رافعاً الراية البيضاء التي لم يسبق أن رفعها لجيوش دول أو نحوها، علاوةً على الانكسارات المتوالية أمام عمالقة المقاومة في كل من جنين ونابلس ورام الله وغزة و جباليا ورفح والزيتون ثم آخرها المعركة التي قصمت ظهر البعير ” ملحمة بيت حانون ” ، وكيف تلقّى فيها الضربة القاصمة .. ليس من الرجال فحسب بل من النساء أيضاً اللاتي أبين إلا أن يكون لهن بصمةٌ في هذه الانجازات التي تحققها المقاومة، فخضن معركة الوفاء للمقاومة وجعلن من الجيش الذي لا يقهر أضحوكة من خلال خطة محكمة بتكتيكٍ عالٍ في مهمة جريئة لإخراج بعض المجاهدين من حصار عسكري رهيب لمنطقة طوقها جيش- بكل ما أوتي  من عدة وعتاد-، مؤكدين أن هذا الجيش بكل عدته وعتاده أصبحت هزيمته مرتبطة بعزيمة الرجال أبطال المقاومة وإصرارهم على حماية مشروعهم الوطني ومقاومتهم بما يحفظ عزتهم وكرامتهم.

أصبح هذا الجيش بقيادة أركانه وما يملك من تطورات هائلة تفوق جيوش المنطقة برمتها يترنح بين الاندحار والانكسار في كل  حرب يخوضها .. اندحاره بين ما يلاقيه من مقاومة لطالما اعترف بضراوتها وقسوتها وبسالة من يلاقيه فيها، وانكساره أمام شعبه وأمام العالم بأنه عاد أدراجه ولم يحقق أياً من أهدافه التي حرك كل هذا العتاد من أجلها.

بل وإن جنرالات وقادة المعارك في المناطق يتم تغييرهم والتحقيق معهم بعد كل معركة يخوضونها بسبب الإخفاقات التي أصبحت وكأنها شيء معهود عندهم.

أجل انكسر هذا الجيش واندحر في كل حربٍ يدخلها وأصبح بقاؤه فيها بين البراعة التي يجدها ويلاقيها من ابتكارات لم يعهدها من قبل سواء في الاجتياحات أو العمليات أو الصواريخ أو قتال الشوارع أو حرب الأنفاق – تلك الحرب التي لم يعهد لها مثيلاً في كل حروبه التي خاضها من قبل- وبين توفيق الله لأبطال المقاومة وعنوان الكرامة لهذه الأمة، وأصبح لزاماً على الذين يسمونه ب “الجيش الذي لا يقهر” بل وحقًّ قومي ووطني عليهم أن يطأ طئوا جميعاً الهامات أمام عمالقة المقاومة هنا في فلسطين، لأنهم هم الذين جعلوا أمام هذا الجيش وقيادته البربرية خياران فقط لا ثالث لهما قبل أي عملية عسكرية يخوضها .. إما الانكسار أو الاندحار والتاريخ يسجل.  
 
مدير مكتب رئيس ديوان رئاسة الوزراء

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات