مقالات ومختارات صحفية

بعد شوق وعطش يتلقى الوالد الملهوف خبر مولوده بفرحة عارمة ينسى معها كل شيء سوى انه أصبح والدا بعد ما كان اليأس يحرمه من أن يتخيل أن يكون والدا، ينسى في غمرة الفرح والإحساس بالرجولة أن يبحث لمولوده عن اسم يجسد شخصه ويحدد ملامح كينونته، ويسهل عليه ترديده كلما خطر بباله أن يتغني باسم محبوب، ويتباهى بمناداته بكنية حقيقية عوضا عن كنيته الزائفة التي طالما فادوه بها.
ولكن كل هذه الفرحة لن تعفيه من مواجهة هذه الحقيقة وعندها يتلذذ وهو يتشاور مع الأحباب من حوله كيف يجد الاسم الذي يظل يرن في الآذان الاسم الذي يليق بمقام المولود الحبيب، صحيح أن هذا لا يضيف إلى هذا الضيف المولود جديدا ولكنه ضروري لتسمية الأشياء بأسمائها، ولإضفاء الهوية الناصعة من خلال الكلمة التي تشع بالإيحاءات والتي تستدعي بمجرد النطق بها كل ما يحيط بالشيء المرتبط بها من مشاعر وأفكار ومبادئ وقيم وجماليات ولهذا كله كان قدر سيدنا آدم عظيما حينما علمه الله الأسماء كلها من دون الملائكة، فكان حقا على الملائكة أن يسجدوا لآدم عليه السلام.
ولكن لماذا كل هذه المقدمة اللغوية الفلسفية؟! وما علاقة ذلك بملحمة البطولة في بيت حانون؟! ما علاقة ذلك بالحث العظيم الذي قامت به نساء الشمال في وقت عزّت فيه رجولة الرجال؟
أنني أرى في هذا الحدث مولودا كانت الأمة تنتظره على مدى سنوات طوال من العقم اقتصرت فيه البطولة على البطولات الفردية للمرأة الفلسطينية، وتصدت جمعيات ومؤسسات نسويه غريبة عن قيم شعبنا وتقاليده فسرقت بطولات المرأة، وجيرتها لصالح عمل نسائي جماعي غريب مريض لم يستطع أن يعكس حقيقة الوطن ولا حقيقة الدين، ولا حقيقة إخلاص المرأة الفلسطينية التي قدمت كل ما لديها من روح وولد ومال وجهد فداءً للوطن والدين.
كانت النساء المحجبات اللواتي يحملن المصاحف ويتقدمن نحو أبشع آلات الدمار والقتل الصهيونية يضعن حدثا تاريخيا نسوياً فريدا بعيدا عن المباهاة أو الأضواء أو عرض الأزياء!!، لقد تقدمن يحملن أرواحهن على أكفهن لا يبغين إلا رضا الله، ولا يهدفن إلا إلى فك الحصار عن أولادهن أو إخوانهن أو آبائهن الذين ضاق عليهم الحصار حتى بلغت الروح الحلقوم.
وفي ولحظة غياب الأمة وتواطؤ الزعماء والقادة وأشباه الرجال اشتعلت آيات الفداء، وكان ما كان وخرج المحاصرون بأمان، وتساقطت جثث النساء وتناثرت أشلاؤهن على تراب الوطن، وهن يكبرن ويهللن منتصرات بعيدا عن الأضواء.
وتسارعت بعد ذلك بعض وسائل الإعلام لتنقل الحدث على أنه حدث عابرٌ بلا اسم، تجاهلت أسماء النساء، وتجاهلت اسم هذا الجمع، تجاهلت اسم هذه العملية في الوقت الذي تسارعت هذه الوسائل لتردد على أسماعنا أسماء العمليات في ذهن أجياله ! فهذه عملية أمطار الصيف، وتلك رياح الخريف، وأخرى عناقيد الغضب…إلخ.
لقد عزّ على نفسي أن تمر هذه العملية النادرة التي ولدت في جنات تاريخنا المحاصر بلا اسم ولا لقب، لهذا كان من الحق علينا أن نطلق عليها أسمها ” فدائيات الحصار” حتى تظل تختزل بهذه الكلمات القليلة أروع معاني الصموت والجهاد النسائي الفلسطيني الحقيقي غير الزائف، وحتى تتناقلها الألسن، وحتى تتوارثها الأجيال، وحتى تظل منارة وعلامة مميزة في تاريخ شعبنا العظيم، وتاريخ جهاده المجيد.
“فدائيات الحصار” اسم يجب أن يزين كل نشرة أخبار، وكل تحليل صحفي، وكل مقال ثقافي وكل حلقة نقاش، وكل كتاب في السياسة أو التاريخ، اسم يجب أن نشعر بالفخر الذي جسده هذا الاسم.
ومع ذكره باللسان تتوارد المعاني إلى القلب والجنان، وتتوارد الصور، صورة الصبايا والعجائز، صورة الأم والأخت والبنت، صور العفيفات المحجبات، صورة المؤمنات اللاتي يحملن المصاحف، صورة العزم الأكيد، والصوت الصادق، صورة الفدائيات الحقيقيات.
ومع ذكر هذا الاسم نتذكر الشهيدات اللواتي قدمن الروح رخيصة في سبيل الهدف النبيل، ونتذكر الجريحات اللواتي تركن أطفالهن وقدّمن أطرافهن تستبقهن إلى الجنة في سبيل الله، وفي سبيل كرامة هذا الشعب.
مع ذكر هذا الاسم يتداعى إلى الذهن كيف كانت الدماء الطاهرة ثمناً تدفعه نساء فلسطين بدلاً عن حالة الهوان التي كانت ستحدث لولا تضحيتهن!!
لقد أعفين عيوننا من رؤية رجالنا يخرجون مستسلمين عراة حفاة أمام مرأى ومسمع العالم كما رأينا ذلك في مشاهد في البوسنة سابقاً!!
لهذا كان حقاً علينا أن نختار الاسم لخير المضمون والحدث، إنهن حقاً فدائيات مجاهدات، وإنهن حقاً رفعن رأس الشعب والأمة بهذه التضحيات وقدمت صورة مميزة للمرأة الفلسطينية ستكون علامة لا تنساها المرأة وهي تختصر كل الأحاديث عن مكانة المرأة في فلسطين.
إن مكانة المرأة لا تمنح لها في ندوات أو مناسبات ولكنها تُنتزع انتزاعاً من خلال مواقفها الخالدة، ومن خلال جهادها الصادق، ومن خلال ارتباطها بدينها وشرفها، ومن خلال انتمائها الحقيقي لذاتها المؤمنة ولوطنها المقدس.
هذه هي المرأة الفلسطينية، وهذه هي فدائيات الحصار اسم وحدث ورمز وعنوان وتاريخ يجب أن تظل صورته واسمه ورسمه في العقول والقلوب وعلى الألسنة المؤمنة المخلصة للوطن والدين.
********************************************
************************************
************************
2- نساء بيت حانون ونخوة المعتصم..!! / بقلم: عادل أبو هاشم:
مائة عام والمرأة الفلسطينية تقف شامخة كحد السيف صامدة في وجه الظلم والقهر والتعنت.
مائة عام وهي تشاطر أبناء شعبها الألم والمهانة والتنكيل والتهجير لكنها أبدًا ما كلت برسالتها النضالية.
تعرضت للذل وللاعتداءات الجسدية داخل سجون التعذيب الإسرائيلية، ولكنها أبدًا لم ترضخ، ولم تستكن من أجل أن تشرق شمس الحرية على أرض وطننا الحبيب.
مائة عام وهي تستصرخ الكرامة العربية، وتناشد “معتصم هذا الزمان” أن يثأر لكرامتها، لتكتشف أن “المعتصم الجديد” لا هم له سوى الشرب في نخب الشهداء، والوقوف حدادًا وخطابة في مآثر وبطولات الشهداء و”التوسل” للإدارة الأمريكية لمنحنا السلام..!!
وأن “السكون” الذي يتميز به العرب منذ أكثر من ست سنوات ما هو إلا الحل الوحيد لتفريغ الآذان من المقولات التي لم تتوقف عن الدوي كالطبول الفارغة منذ عشرات السنين..!!
فكان لابد من الاغتسال من أدران الزمن الصوتي الممتلئ بالادعاء والورم والوهم والانتفاخ..!! إلى أن جاءت انتفاضة الأقصى لتكتشف المرأة الفلسطينية أن هذا هو قدر الفلسطينيين..!!
فقدر الفلسطينيين أن يقاوموا.. ويجاهدوا.. ويستشهدوا.. ويواجهوا- لوحدهم- هذه الهجمة التي لم يسلم منها الأطفال والرضع والفتية والنساء والشيوخ والشباب حتى الحجر والحيوان والطير.!
من أجل فلسطين جادت بالزوج والابن والحبيب ثم ضحت بالروح.
إنهن نساء بيت حانون البطلة التي تتعرض هذه الأيام لحرب إبادة وتطهير عرقي، واللائي جسدن بأرواحهن الطاهرة ودمائهن الزكية نضال وجهاد المرأة الفلسطينية في التاريخ بحروف من نور، وليعدن للأذهان دور المرأة الفلسطينية المميز في مقاومة المحتل.
فقد احتلت المرأة الفلسطينية مكانـًا بارزًا ومميزًا في النضال الوطني بكافة أشكاله، وبدأ نشاط
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

أوتشا: 70% من سكان قطاع غزة تحت أوامر التهجير القسري
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أن الفلسطينيين يموتون بقطاع غزة الذي يرزح تحت حصار...

وثيقة للشاباك تحذر من خطر انتشار السلاح في الأراضي المحتلة عام 48
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام حذّر جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ "الشاباك"، من أن النطاق الواسع لانتشار الأسلحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة...

الأونروا: الاحتلال يحرم 550 طالباً في القدس من الوصول إلى مدارسهم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن سلطات الاحتلال تحرم 550 طالبا من...

قوات الاحتلال تواصل تصعيدها الميداني في مخيمي طولكرم ونور شمس
طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ 104 على التوالي، ولليوم الـ 91 على مخيم...

إصابة جنود إسرائيليين بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم السبت، بإصابة عدد من جنود جيش الاحتلال في قطاع غزة نيران المقاومة الفلسطينية. وقال...

جامعة كولومبيا تعلّق دراسة 65 طالبا احجوا ضد الإبادة في غزة
واشنطن - المركز الفسطيني للإعلام علقت جامعة كولومبيا دراسة 65 طالبا من "مؤيدي فلسطين" لمشاركتهم في احتجاج داخل المكتبة الرئيسية للجامعة يوم الأربعاء...

باكستان تطلق عملية “البنيان المرصوص” ضد الهند
إسلام أباد - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت باكستان فجر اليوم السبت، عملية عسكرية مضادة للهجمات العدوانية الهندية على أراضيها ومنشآتها العسكرية تحت...