الرئاسة الإسرائيلية والتدهور الأخلاقي

صحيفة الخليج الإماراتية
لم يكن الرئيس “الإسرائيلي”، وفق الأنباء عن مغامراته الجنسية، منشغلاً بمتابعة شؤون مملكته أو سير الحرب مع حزب الله، بل كان منشغلاً بالغواني والحسان. لقد حول مقر رؤساء “إسرائيل” إلى ماخور، ويبدو أنه كان متخصصاً بموظفات الرئاسة، ولا نعلم بعد في ما إذا كان قد أنجب أبناء غير شرعيين. التحقيقات مع سيادة الرئيس ما زالت جارية، والتقارير الإعلامية تشير إلى احتمال إدانته. وسواء أدين أم لا، يكفي أن رئيس “إسرائيل” قد خضع لتحقيق بسبب أعمال مشينة.
هذه ليست المرة الأولى التي يخضع فيها رئيس “إسرائيل” للتحقيق بسبب فساد أو دعارة، بل سبق أن تم التحقيق مع وايزمان واضطر إلى الاستقالة والخروج من مقر الرئاسة. وسبق أيضاً أن تم التحقيق مع رؤساء وزراء من ضمنهم نتنياهو ومع وزير الدفاع الذي ذاب عاراً وذلك لأسباب أخلاقية أيضاً، ومع شارون الذي أدين ابنه بتلقي أموال غير مشروعة أثناء حملة والده الانتخابية.
هذه سيرة جديدة لزعماء “إسرائيل”، وكعربي أريد أن أربت على ظهر كل منهم وأهنئه وأشجعه لأنه يجعل من طريقي نحو استعادة حقوقي أقل وعورة أو أكثر سهولة. عندما يغرق رأس البلاد بالفساد، فإن الذيل لا بد أن يكون قد فسد منذ أمد طويل، ولا بد لكل الجسد أن يعاني من شلل الفساد. من المتوقع أن يكون الرأس عيناً ساهرة تراقب وتصحح وتبادر نحو البناء والنهوض، فإذا غابت هذه العين، وغرقت في التمتع الشهواني، فإن ذلك الرقيب الأول يكون قد غاب، وأعطى دروساً للآخرين في الغياب والاستهتار بالمصالح العامة. وإذا نظرنا إلى أوضاع الصهاينة الآن في فلسطين، نرى الفساد ينتشر بسرعة ويغزو كل الفئات والقطاعات والأحزاب والقيادات. الرشاوى منتشرة، وكذلك الوساطات والمحسوبيات والاختلاسات واستغلال المناصب، الخ.
سلوك الرئيس “الإسرائيلي” يقدم بشرى لأولئك العرب والمسلمين الذين يصرون على الحقوق العربية والإسلامية ذلك لأنه يؤشر إلى المنحنى المتهاوي لتماسك “إسرائيل”. هناك فارق كبير بين الدبابة التي يقودها شخص ملتزم ويتمتع بتماسك داخلي صلب، وتلك الدبابة التي يقودها شخص تشل الشهوات تفكيره؛ والفارق كبير بين جندي يمسك بندقية يدافع فيها عن وطن، وبين آخر يرى أنه يضحي من أجل قيادات تُظهر غير ما تُبطن، وتبيع الناس خطابات يخالفها سلوكهم. نحن العرب لا تنقصنا تجارب الانفصام، ولا غياب الرغبة في التضحية من أجل زعامات لا يحترمها الشارع العربي، ومنها نستنتج أن المنحنى “الإسرائيلي” في حالة انخفاض.
لاحظ المراقب في الحرب الأخيرة في الجنوب اللبناني التدهور الكبير الذي أصاب الجندي “الإسرائيلي”، ولاحظ مقاتلو حزب الله مدى الجبن الذي يتلبس جنود “إسرائيل”. كان يفر الجنود مذعورين يصرخون تاركين بعض أسلحتهم خلفهم. هذا الجندي ليس هو ذاك الذي انتصر عام 1967، وقيادته العسكرية والسياسية ليست تلك التي كانت موجودة. “إسرائيل” تفتقر الآن إلى القيادة التاريخية، وإلى القيادة القدوة، وإلى تلك القوة الأخلاقية الداخلية التي تسلحت بها في سنوات تأسيسها وانطلاقها. “إسرائيل” ليست “إسرائيل” قبل عشرين عاماً، إنما هي عبارة عن دولة غرقت في لجج الاستهلاك والترف والملذات، وتحول شبابها عن تلك القيم القديمة التي تبناها المؤسسون وانجرفوا في التيار العالمي القائم على التتفيه والتيه وفقدان الذات.
إزاء هذا، ماذا نحن العرب والمسلمين فاعلون؟
دائماً يبحث الطرف الآخر في معادلة الصراع عن نقاط ضعف خصمه ليستغلها ويبني عليها ويرفع من درجة الضعف. هكذا فعل الاستعمار معنا وما زال يفعل. أتى إلينا ليرى القبلية مستشرية ولها أولوية على المجتمع الأوسع، فعمّقها وجذّرها وزاد من حدة التنافس القبلي والعائلي، وبهذا يكون قد ركز اهتمامات الجمهور بصراعات أو منافسات داخلية. هكذا يفعل الآن في فلسطين من حيث إنه يستغل السلوك القبلي للفصائل الفلسطينية ويفتح آفاقاً جديدة لخصومات داخلية تجعل “إسرائيل” متفرجة سعيدة. بالمثل، نحن بإمكاننا أن نساهم في رفع درجة الفساد في “إسرائيل”، وضخ بضعة ملايين من الدولارات في جيوب بعض العرب في فلسطين المحتلة/48 ليستعملوها بعلم وحنكة.
“الإسرائيليون” ليسوا عصيين أمام المال، ومن الممكن شراء ذمم كثيرين منهم. تجند “إسرائيل” عملاء لها في مختلف أرجاء الوطن العربي والعالم الإسلامي، وهذا جزء من الحرب وأحد أسس نجاحها، وبإمكان العرب والمسلمين أن يستغلوا هذا الهبوط في النفسية “الإسرائيلية” ويعززوا قدراتهم في التحدي والمواجهة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...