السبت 10/مايو/2025

غزة لن تركع ولن تخرج من دائرة الصراع

غزة لن تركع ولن تخرج من دائرة الصراع
صحيفة الدستور الأردنية 4/11/2006
 
 
من العبث النظر إلى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة في سياق أهدافه المعلنة ، وعلى رأسها وقف إطلاق صواريخ القسام ومطاردة الأنفاق التي تستخدم لتهريب السلاح. صحيح أن مسألة الأنفاق ليست هامشية ، الأمر الذي ينسحب على صواريخ القسام التي تتعرض للتسخيف من قبل بعض الفلسطينيين ، فيما هي بالغة الدلالة والأهمية بالنسبة للإسرائيليين ، لكن ذلك كله يدخل في ذات معركة التركيع من أجل فرض الحل السياسي المرسوم ، والتي بدأها شارون منذ عام 2003 بإعلانه فك الارتباط عن قطاع غزة ، ومن ثم الإعلان عن جزء ثان من الخطة في الضفة الغربية ، وهي الخطة التي أفرزت حزب كاديما الذي ورثه إيهود أولمرت بعد أن دخل شارون في غيبوبته.
 
كانت الخطة تقضي بأن يفضي الانسحاب من قطاع غزة إلى إخراجه من دائرة الصراع وجعله دولة جوار كما هو حال دول الجوار التي كانت دول الطوق في السابق ، وفي سياق تمرير الخطة قتل الشيخ ياسين والرنتيسي ومن ثم عرفات ، وجيء بقيادة فلسطينية جديدة لا تؤمن بالمقاومة المسلحة. كان الأصل أن يقول أهل غزة إن المقاومة قد انتهت بانسحاب الإسرائيليين ، وقد قالت ذلك قيادة السلطة الجديدة بالفعل ، ما يعني أن على الضفة الغربية أن تقول ذات الشيء بعد تطبيق الشق المتعلق بها من خطة فك الارتباط ، ولتغدو الدولة المؤقتة القائمة في حالة نزاع حدودي مع جارتها العبرية ، وهو نزاع مكانه قاعات التفاوض والمؤسسات الدولية وليس البنادق والرصاص.
 
لا شك أن فوز حماس في الانتخابات قد عرقل الخطة ، لكن الأهم هو رفضها إخراج القطاع من دائرة الصراع ورفضها الاعتراف بدولة الاحتلال وإصرارها على برنامج المقاومة بصرف النظر عن مستوى فاعليته على الأرض ، ولو مررت الحركة المطلوب لكان بالإمكان التعامل مع حكومتها ، أقله مؤقتاً ريثما يجري ترتيب محطة جديدة لإقصائها أو انتظار الانتخابات التالية التي سيسهل تزويرها أو الفوز بها ضد حركة غيرت ثوابتها من أجل حكومة هزيلة.
 
هكذا أفشلت حماس الخطة فكانت المعركة الجديدة التي لا تنحصر أهدافها في الانقلاب على الحكومة: مباشرة أو بتسهيل المهة على المعنيين ، بل قبل ذلك وكجزء منه ضرب القوة العسكرية للحركة وقوى المقاومة وصولاً إلى سيطرة الفريق المعروف في فتح على مقاليد الأمور في الحركة والسلطة ، والمضي في ذات البرنامج الذي يريده حزب كاديما.
 
وليس صحيحاً هنا القول إن خطة الانفصال عن الضفة قد انتهت ، بل تأجلت ريثما يتم التعامل مع المفاجآت الجديدة. هناك بالطبع أهداف أخرى تكتيكية ، من بينها الوصول إلى الأسير ، وحيث قد يضطر خاطفوه إلى تحريكه من مكانه ، الأمر الذي سيسهل على جيش العملاء وأجهزة الرصد الوصول إليه ، وبالطبع من أجل حرمان حماس من عملية تبادل الأسرى ، وبما يمنح الآخرين فرصة القول إنها هي التي فرطت بالعرض المصري ، مع أنه عرض هزيل لا ينطوي على قيمة سياسية ولا على فائدة حقيقية للأسرى.
 
ليس أمام حماس وقوى المقاومة غير التصدي للهجمة الجديدة بما هو متاح ، وهي ستفعل بعون الله ، وإذا اعتقد الإسرائيليون أنهم سينجحون في تحقيق أهدافهم الإستراتيجية فهم واهمون ، حتى لو تمكنوا من تحقيق بعض الأهداف التكتيكية مثل إطلاق الأسير ، أو تسهيل الانقلاب على الحكومة أو تكبيد المقاومة الكثير من الخسائر.
 
حماس قد تخرج من الحكومة ، وقد يعود القوم إياهم ، لكن ذلك لن يعني نجاحاً لمخطط أولمرت ، فغزة لن تخرج من دائرة الصراع ولن يتخلى أبطالها عن 985 في المئة من فلسطين ، وحماس لن تتخلى عن ثوابتها ولا عن المقاومة ، وحتى لو مرت ظروف موضوعية بالغة الصعوبة كتلك التي مرت في النصف الثاني من التسعينات ، فإن إرادة المقاومة لن تنكسر ، لاسيما في ضوء بطولاتها في العراق وأفغانستان. ولا يستبعد أن تخرج من رحم المعركة مجموعات على شاكلة القاعدة لا تلتزم بخطوط حمراء ، ما يعني أن الصراع سيستمر ولن يتوقف قبل أن يرحل الغزاة عن هذه الأرض المقدسة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات