الإثنين 12/مايو/2025

القاهرة بين الوساطة والوصاية

القاهرة بين الوساطة والوصاية
صحيفة الوطن القطرية 3/11/2006
 
لا أحد ينكر الدور الذي تلعبه القاهرة في الشؤون الفلسطينية ولا أحد يستنكر على القاهرة اهتمامها بالشؤون الفلسطينية وليس مطلوبا من القاهرة ان تعزل نفسها تماما عن القضية الفلسطينية، ولكن الطريقة التي تسلكها القاهرة أقرب إلى الوساطة منها إلى فرض وصاية على الجانب الفلسطيني وتتسم في الغالب الأعم بمحاولات لإقناع الجانب الفلسطيني بالقبول بالموقف الإسرائيلي، الأمر الذي يقلل من تجاوب المقاومة الفلسطينية مع المبادرات التي تطرح لحل العديد من المشاكل المتعلقة بنقاط العبور والمفاوضات الجارية بشأن التوصل إلى اتفاق حول تبادل الأسرى المتزامن منذ أسر الجندي الإسرائيلي جلعود شاليت.

أما على الصعيد السياسي والعلاقة بين فتح وحماس فيبدو ان القاهرة تسعى لإقناع حماس بالتخلي عن فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية لنفس السبب الذي طرحه تيار محمود عباس داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وهو عدم قبولها لشروط اللجنة الدولية الرباعية ـ الاعتراف بإسرائيل والتخلي عن المقاومة ضد الاحتلال ـ ومن هنا تطرح تشكيل حكومة محايدة من خارج حماس وفتح وفق برنامج يلبي شروط اللجنة الدولية الرباعية، وتتصور القاهرة بأن هذه الحكومة المحايدة إذا ما باركتها حماس ومنحتها سلطة حقيقية دون ان تشارك فيها بوزراء سوف يعفيها من الموافقة على منهج المفاوضات مع إسرائيل وحتى لا تقتلها إسرائيل بالقول انها لا تقبل التفاوض مع حكومة ليس لها تفويض شعبي أصيل.

هذه الفكرة المطروحة على الفلسطينيين من القاهرة أشبه بتغيير الثوب العربي وارتداء الملابس الأوروبية من أجل الانسجام مع المشهد السياسي الأوروبي ـ الإسرائيلي ـ الأميركي والعواصم العربية الموقعة على معاهدات سلام مع تل أبيب، فالمسألة ليست متعلقة بنصوص ومسميات بقدر ما هي متعلقة بمبادئ وحقوق فما قيمة النصوص والمسميات إذا كانت النتيجة المطلوبة هي إعطاء الإسرائيليين كل شروطهم سلفا قبل ضمان أي حق وطني للفلسطينيين في استعادة أرضهم وإقامة دولتهم وممارسة حقهم في العودة إلى أوطانهم؟.

على مدى الأشهر القليلة الماضية وإسرائيل تشن حربا مفتوحة على الفلسطينيين، فلماذا لا تقوم القاهرة بلعب دور في وقف هذه الحرب؟ وكيف يمكن التجاوب مع الوساطة ان لم تكن قادرة على تحقيق أي شيء لصالح الفلسطينيين ولو من حيث تسهيل تنقلهم من وإلى قطاع غزة؟.

الجديد في الساحة الفلسطينية ان الفريق الأسلوي لم يعد هو الطرف المقرر وبالتالي لم يعد للقاهرة ذلك الدور المؤثر، خصوصا ان حماس تختلف تماما عن فريق أوسلو من حيث إدارة علاقاتها مع الأطراف الخارجية عربية وغير عربية، ومن أبرز تلك الاختلافات ان حماس تعلن موقفها وتتمسك به داخل الغرف المغلقة وخارجها، وبالتالي لا مجال لإبرام صفقات بشروط تتناقض مع موقفها المعلن، أما زمن الوصاية على الشعب الفلسطيني فقد ولى إلى غير رجعة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات