الأحد 04/مايو/2025

الجفاء بين روسيا وإسرائيل

الجفاء بين روسيا وإسرائيل

 

صحيفة البيان الإماراتية

ليس من الصعب على أحد رصد وملاحظة الجفاء الذي يطبع العلاقات بين روسيا و”إسرائيل”، وهو ما ظهر واضحاً في الزيارة التي قام بها في الأسبوع الماضي رئيس الحكومة الإسرائيلية أولمرت لموسكو في محاولة منه لإقناع الكريملين بالعدول عن سياساته في الشرق الأوسط، والتي تعتبرها تل أبيب معادية تماماً ل”إسرائيل” ومناصرة إلى حد كبير للجانب العربي.

وبالقطع لم يذهب أولمرت إلى موسكو فارغ اليدين، بل ذهب محملاً بالكثير من الوعود والإغراءات التي تعتقد “إسرائيل” أنها مقنعة لروسيا للعدول عن مواقفها.

مظاهر الجفاء بين البلدين كثيرة ومتعددة منذ عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1991، والتي كانت قد انقطعت في عام 1967 بعد حرب يونيو مع العرب، والواقع أن الخلافات بين “إسرائيل” وروسيا ليست بسبب علاقات روسيا بالدول العربية فقط كما يعتقد البعض، بل هناك أسباب أخرى كثيرة تتعلق بمشاكل خاصة بين البلدين.

وعلى رأس هذه المشاكل موقف النظام الروسي الحالي من نخبة رجال الأعمال الروس اليهود الذين سيطروا على معظم الاقتصاد الروسي في عهد الرئيس السابق يلتسين في التسعينيات.

ومعظمهم يحمل الجنسية الإسرائيلية إلى جانب جنسيته الروسية، هؤلاء الذين قاموا بتهريب أكثر من مئتي مليار من الدولارات من روسيا وساعدتهم البنوك الإسرائيلية على غسلها، وهؤلاء الذين شن عليهم الرئيس الروسي الحالي بوتين حملة قوية للحد من نفوذهم واستعادة أملاك الدولة منهم والتي حصلوا عليها ضمن برامج الخصخصة الفاضحة التي تمت في عهد الرئيس السابق يلتسين.

والتي قدرت خسائرها بنحو ثلاثة تريليونات من الدولارات، ومن أشهر مظاهر حملة بوتين عليهم قضية شركة النفط الروسية العملاقة (يوكوس) ورئيسها اليهودي الروسي ميخائيل خودركوفسكي الذي ينفذ الآن حكم بالسجن في روسيا لمدة تسعة أعوام بتهم التهرب الضريبي والفساد واختلاس أموال الدولة، بينما غيره من المليارديرات اليهود الروس هاربون في “إسرائيل” وبريطانيا أمثال بيرزوفسكي وسمولينسكي وجوسينسكسي وأبراموفيتش وغيرهم.

أيضاً يتهم الإسرائيليون النظام الحاكم في روسيا الآن صراحة بالعداء للسامية، وهو ما عبرت عنه وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني أثناء زيارتها الأخيرة لموسكو في يوليو الماضي، حيث قالت للصحافيين هناك إن “إسرائيل” قلقة للغاية من نمو ظاهرة العداء للسامية في روسيا. 

وما يقلقها أكثر هو عدم اهتمام الحكومة الروسية بهذه الظاهرة، وأشارت ليفني للحوادث المتكررة التي تتعرض لها المعابد اليهودية واليهود في المدن الروسية من قبل جماعات روسية قومية متطرفة، والتي لم ينته فيها التحقيق الجنائي لنتائج إيجابية تردع المتطرفين.

أما أحدث نقاط الخلاف بين البلدين إلى جانب التعاون الروسي – الإيراني في المجال النووي فهي كثافة وجود السلاح الروسي في أيدي من تصفهم “إسرائيل” بالإرهاب أمثال حزب الله والمقاومة الفلسطينية، ووصل الأمر ذروته إلى حد اتهام وزير الدفاع الإسرائيلي بيرتس لموسكو مباشرة بأنها تمول حزب الله بالسلاح بطريق مباشر وليس عن طريق وسيط كإيران و سوريا. وهو الاتهام الذي ردت عليه الخارجية الروسية قائلة بأن «بيرتس يحاول تعليق فشله وهزيمته على شماعة السلاح الروسي».

زيارة أولمرت الأسبوع الماضي لموسكو لم تأت بجديد.ولم تخفف من حدة الخلافات بين البلدين، رغم أنه حمل وعوداً لروسيا بمساعدتها في التوسط لدى واشنطن للتنازل عن شروطها حول انضمام روسيا لمنظمة التجارة العالمية، كما وعد بمساعدة روسيا في مكافحة عمليات تهريب الأموال التي تتم عبر البنوك الإسرائيلية، ووعد أيضاً بفتح مجالات استثمار كبيرة للشركات الروسية في قطاع الطاقة في “إسرائيل”.

ولكن على ما يبدو أن الإغراءات الإسرائيلية لم تقنع موسكو، خاصة وأن الروس لديهم قناعة كبيرة بأن “إسرائيل” لا يمكن أن تكون في يوم من الأيام صديقة لهم إلا إذا كان هذا على حساب علاقاتها بواشنطن، وهذا أمر مستحيل و غير منظور في المستقبل القريب أو البعيد.

ما يهمنا هنا نحن العرب هو كيف نستفيد من هذا الجفاء في العلاقات بين البلدين؟، وهل لدينا بالفعل النية والحاجة الملحة للاستفادة من هذا الجفاء؟، أم أننا سنظل على حالنا ووهمنا الكبير بأنه سيأتي اليوم الذي تعدل فيه واشنطن في التعامل بيننا وبين “إسرائيل” وتنصف قضايانا على حساب مصالح “إسرائيل” وطموحاتها؟

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات