إسرائيل في أربعينها الثانية

صحيفة القدس العربي اللندنية
في طفولتنا كان رجل في القرية يجمعنا حوله ويحكي لنا عن بطولاته في حيفا التي يعمل فيها، فعندما تعرض لمضايقات بعض الزعران اليهود اتصل بالإسعاف قبل بدء المعركة وطلب عدداً من السيارات لاستيعاب الجرحى، وما أن وصلت السيارات حتى بدأ بالرفس واللكم والصفع ليملأ سيارة فتحل محلها أخرى وهكذا حتى وصل عدد الجرحى إلى الرقم السحري أربعين، وطبعاً صدقاه بل وصرنا ننظر إليه كثاني أقوى رجل في العالم (بعد محمد علي كلاي)، وحكى لنا مرة أنه قطع البحر سباحة من حيفا إلى عكا عندما فاته الباص في اللحظة الأخيرة! وليس هذا فقط، فقد وصل إلى عكا وانتظر الباص نفسه وحين وصل سأله السائق المندهش أنت! ألم أتركك ورائي في حيفا؟ .
وفي يوم ما وكنا في كروم التين بعيداً عن القرية قال لنا تعالوا يا أولاد انظروا إلى كومة الرماد هذه! إنه رماد الذئب الذي قتلته وأحرقته!
قبل أشهر التقيته في الشارع وقد تجاوز السبعين، وما أن رآني حتى قال لي بشفتين مرتجفتين والله إذا زادها سأكتّفه بحبل وألقي به في الوادي للوحوش! ضحكت وعانقته وطبعت على خده المتهدل قبلة! ولكنه استمر بسرد تفاصيل القصة التي ربما ألفها على الفور وراح يرويهـا لي بعد أكثر من أربعين عاماً على حادثة سيارات الإسعاف الشهيرة!
تذكرته قبل أيام عندما وقف نتنياهو رئيس الحكومة الأسبق على منصة الكنيست في احتفاء بالذكرى الخامسة لاغتيال رحبعام زئيفي الترانسفيري، نتنياهو قال في كلمته إنه عندما كان زئيفي وزيراً في حكومته كانا على تفاهم تام، وأضاف إنه كان من أفضل وزرائه وكانا متفقين في كل القضايا إلخ .. وعندما أنهى كلمته لفت بعض أعضاء الكنيست انتباهه إلى أن زئيفي لم يكن ولا مرة وزيراً في حكومته بل كان في المعارضة! ولم يعدم بيبي وسيلة للتخلص من الإحراج لأن الكذب هو أسلوبه أصلاً، ومن كذباته الشهيرات ادعاؤه في لقاء مع يديعوت أحرونوت أنه كان مع شارون في نفس ناقلة الجنود على الضفة الغربية لقناة السويس في حرب أكتوبر 1973، ولكن سرعان ما تبين أنه لم يلتق بشارون في حياته إلا في مؤتمرات حزب الليكود وفي الكنيست، بعد هذا قال إن مسؤولين ايطاليين عرضوا عليه أن يكون مستشاراً اقتصادياً لايطاليا وكانت هذه من كذباته اللامعة لتسويق خططه الاقتصادية التي كانت كارثية علي الفقراء! ولم يكتف بهذا فقد سبق وادعى أنه شاهد في طفولته الجنود الإنكليز في أحياء القدس وهذا أثّر في شخصيته، ولكن تبين أن الإنكليز قد تركوا البلاد وهو في بطن أمه! المهم أن نتانياهو النصّاب صاحب شعبية كبيرة حسب استطلاعات الرأي في هذه الأيام التي تظهر فيها القيادات الحالية في “إسرائيل” مفلسة تماماً بين متورط في فضيحة جنسية وفساد مالي وفاشل في العدوان على لبنان وقائد عمالي رضي أن يكون شريكاً في حكومة واحدة مع ليبرمان! بإمكان نتنياهو أن يقطع البحر سباحة من حيفا إلى نيويورك وأن يكون كتابه هو الأكثر رواجاً في اليمن (كما ادعى أحد مسؤولي الثقافة المحليين عندنا)! وأن يحصل على شعبية في مصر أكثر من فيفي عبده وأن يعود إلى رئاسة الحكومة لكنه لن يستطيع الادعاء أنه سيمسك المقاومة اللبنانية ويكتّف السيد حسن نصر الله ويلقي به إلى قاع الوادي!
في صبيحة يوم عيد الفطر الذي يفترض أن يكون سعيداً، اتصل أولمرت بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وهنأه متمنياً له إجازة عيد سعيدة، وبعد ساعات ارتكبت القوات الإسرائيلية مجزرة في بيت حانون! ما قصده أولمرت هو القول بأنه يفصل بين العلاقة الشخصية والصداقة وبين استمرار المذابح! (يعني الصداقة صداقة والشغل شغل) وربما أراد قول ما هو أعمق.. أنا ومحمود عباس شركاء في ما يجري وأيها الفلسطينيون هبوا لقتاله..! ولعل الحرب الأهلية الفلسطينية هي العيدية الكبرى التي ينتظرها أولمرت، فإلى متى تقبل التهاني الغارقة بدم هذا الشعب!
هذا الأسبوع سمحت سلطات السجون ليغال عمير قاتل رئيس الحكومة الأسبق يتسحاق رابين بالتوحد مع زوجته، أي الانفراد معها لثماني ساعات، وهذا يعني ببساطة أنهما قد يعدّان لإنجاب الزعيم القادم لإسرائيل (إذا زبطت)!
وهذا ليس مستبعداً إذا ما استمر العرب في ضعفهم، فبسبب ضعف العرب صار يظهر في “إسرائيل” كل من يتحدث معهم في قضية السلام خائناً، وطبعاً يصبح قاتل الخائن بطلاً وطبعاً ابن البطل بطل!
قالت زوجة كتساف رئيس دولة “إسرائيل” في أكثر من مناسبة إنه من المستحيل قيامه باغتصاب موظفاته، وطبعاً يُسأل السؤال ما هو سر ثقتها بزوجها إلى هذه الدرجة! ربما تعتقد أنها جميلة لدرجة ترفّع زوجها من النظر إلى غيرها، وربما أنها مـتأكدة أن زوجها عنين ولا ينفع النسوان! أو أنه أوهمها بذلك، وربما أنها لا تريد التنازل عن لقب السيدة الأولى في قضية كهذه، طبعاً لا نريد الحديث عن رائحة فم كتساب الكريهة جداً كما وصفتها إحدى الموظفات اللاتي تقدمن بشكوى ضده! ولكن ما نريد قوله هو تذكير بإحدى مقولات ابن خلدون في مقدمته بشأن الدول التي لها أعمار كما للبشر، في الأربعين الأولى تكون الدولة قوية ورجالها شرسون مستعدون للقتال والتضحيات، وفي الأربعين الثانية تلين قناة رجالها ويصبح اللهو والفساد هدفاً سامياً لديهم وهذا يؤدي إلى ضعفها، وعلى ذمة ابن خلدون أنّه في الأربعين الثالثة يبدأ انهيارها! وأنا أضيف شرطاً لهذا وهو أن لا يكون من حولها أكثر فساداً منها!
* كاتب من فلسطين
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

المقاومة تعلن تفجير جرافة وقنبلة برتل لآليات الاحتلال شرق غزة
الخليل- المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي " سرايا القدس" عن تفجير جرافة عسكرية إسرائيلية وقنبلة من مخلفات الاحتلال...

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام تظاهر مئات الآلاف من اليمنيين، الجمعة، في 14 محافظة بينها العاصمة صنعاء، دعما لقطاع غزة في ظل استمرار الإبادة...

ايرلندا تدعو “إسرائيل” لرفع الحصار عن غزة والسماح بدخول المساعدات
دبلن – المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت ايرلندا من استمرار الكارثة الإنسانية في غزة، وأنه لم تدخل أي مساعدات إنسانية أو تجارية منذ أكثر من ثمانية...

رغم تضييقات الاحتلال.. عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
القدس- المركز الفلسطيني للإعلام أدى عشرات آلاف الفلسطينيين صلاة الجمعة، في المسجد الأقصى المبارك وباحاته، وسط تشديدات وإجراءات مكثفة فرضتها سلطة...

اليمن تقصف حيفا وقاعدة رامات ديفيد الصهيونية بصاروخين
صنعاء - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية، أنها نفذت عمليتين عسكرية استهدفت منطقة حيفا المحتلة وقاعدة عسكرية جوية للاحتلال...

مجزرة دامية .. 6 شهداء باستهداف الاحتلال بيت عزاء في بيت لاهيا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني، اليوم الجمعة، مجزرة دامية بعدما استهدفت بيت عزاء لشهداء من عائلة المصري في بيت لاهيا،...

استشهاد الشاب عمر أبو ليل برصاص الاحتلال عقب محاصرة منزل في مخيم بلاطة
نابلس- المركز الفلسطيني للإعلاماستشهد الشاب عمر أبو ليل، صباح اليوم الجمعة، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي عقب محاصرة منزل في مخيم بلاطة شرق مدينة...