المال العام.. هدرٌ منظّمٌ وسرقاتٌ بالجملة!! (الجزء الثاني)

ومن الأمور الخطيرة التي كُشِف عنها مؤخّراً، هو هدر المال العام على عناصر تنظيمٍ بعينه كان هو الحزب الحاكم طوال 12 عاماً، “فتح”.
فقد أظهرت وثيقة رسمية أنّ مؤسسات حركة “فتح” و”الشبيبة الطلابية” التابعة لها في الضفة الغربية فقط، والتي بلغت 62 مكتباً وموقعاً، استفادت من موازنة السلطة بطريقة غير قانونية من موازنة السلطة بواقع 318.459 دولاراً خلال العام 2004، واستفادت بمبلغ 6.858.279 دولاراً خلال العام 2005.


لكنّها لم تحصلْ على أيّ دولارٍ خلال العام الحالي لأنّ المال العام لم يعدْ تحت تصرّف هذا الحزب بعد فوز حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس” وتشكيلها للحكومة العاشرة المنتخبة. وهذا ما دفع المتنفّذين في حركة “فتح” إلى استخدام كلّ ثقلهم في موضوع الإضراب المسيّس، في محاولة بائسة لإسقاط الحكومة الحالية وإفشالها.
وتظهر الفضائح المالية التي تتكشف كل يوم عن حالة الفساد المالي المستشري في مؤسسات السلطة الفلسطينية ومدى تسخير المتنفّذين في حركة فتح السلطة وأموالها لصالح حركة فتح دون بقية الفصائل، بدون وجه حق .
المصاريف التشغيلية لمكتب مسؤولٍ في “فتح” يكفي قوت عشرات العائلات!!
أمّا بطل هذه القصّة، فهو عضو المجلس الثوري لحركة “فتح”، ووزير التموين السابق “أبو علي شاهين”، الذي اشتُهِر بفضيحة الطحين الفاسد ولقب بـ”أبو علي طحين”، فقد كان ينفق على مكتبه الخاص من أموال الشعب الفلسطيني بما يكفي لإطعام عشرات العائلات المستورة، بالإضافة إلى الأموال التي كانت تصرِفها له وزارة المالية السابقة..
وثائق وزارة الماليّة التي كُشِفَ عنها بعد تسلّم حركة حماس الحكومة، أكّدت أنّه تمّتْ الموافقة على صرف فواتير لمكتب “أبو علي شاهين” خلال عام 2005 دون موافقةٍ من رئيس السلطة أو مجلس الوزراء. كما جاء في الوثائق أنّ الصرف جاء بناءً على تعليمات الوزير بجملة “التنفيذ العاجل رجاء” دون التأكّد من صحة المبالغ الموجودة في الفواتير ومدى حاجة المكتب الفعلية لهذه المصاريف فوق العادية.. فحسب المصادر تتراوح ما بين 6000 إلى 19000 شيكل شهرياً!!.
وتشير المصادر إلى أنّ عمليات الصرف الخاصة بمكتب “أبو علي شاهين” تمّ تحميل جزءٍ منها على بند النفقات الطارئة مع العلم أنّ المصاريف كانت شهرية بشكلٍ منتظم وبالبنود نفسها.


ومن أمثلة هذا الصرف ما طلبه “أبو علي شاهين” من صرفٍ للمبالغ الخاصة بمتبقيّات عزاء الرئيس الراحل ياسر عرفات وهو 19950 شيكلاً، وصرف مساعدةٍ مالية للموظّف محمد قويدر بدون توضيح أسباب ذلك. وأشارت المصادر إلى أنّه اتّضح بعد المتابعة بأنّ قويدر قد صُرِفت له أكثر من مساعدة في السنة؛ وهذا مخالفٌ للقانون.
ومن أمثلة الصرف التي تمّت بموافقة وزير المالية السابق فقط بدون موافقة مجلس الوزراء أو الرئيس، طلب صرف راتبٍ أو مخصّص أو مكافآت شهرية للعاملين في مكتبه الخاص بدون توضيح أسباب ذلك، حيث إنّه من الممكن أنْ يتمّ الصرف لموظّفين رسميّين وبالتالي يكون هناك ازدواجية بالصرف.
ومن الوثائق أيضاً، طلب شاهين توظيف أحد الأشخاص يُدعى عصام حمودة رقم هوية 910842947 بدلاً من مريم أبو حمزة المُحالة على التقاعد، وهذه الإجراءات غير قانونية ولا تستند إلى أيّ نظام.
ومن معاملات الصرف لشاهين كانت هناك معاملات ليس له علاقة بها، حيث تمّ تخصيص مبلغ 2000 دولار باسم اللجنة التطوّعية لخدمة المساجد. ولوحظ من خلال المكاتبات التي تمّت بين المكتب ومكتب الرئيس ووزارة المالية بأنّه أبرز أهداف اللجنة هي: إثبات الوجود الفتحاوي داخل المساجد للحدّ من هيمنة الاتجاه “الإسلاميّ السياسي” للمساجد حسبما دُوِّن، ووضع اليد على المساجد حديثة الإنشاء والمساجد ذات النفوذ الضعيف لـ”حماس” فيها، ووضع البرامج والنشاطات في المساجد بما يخدم حركة فتح، والعمل على تنظيم واستقطاب أكبر عددٍ ممكن من الجيل الناشئ!!.
ومن أمثلة التجاوزات المالية صرف مبالغ بقيمة 4838 ديناراً أردنيّاً، وهي عبارة عن تعويضاتٍ لأضرارٍ لحقت بمنزل أبو علي شاهين وجاره بالإضافة إلى بعض المصاريف الأخرى دُفِعت للجان الطوارئ دون تدخّل أيّ جهة رسمية لتقدير الأضرار الحاصلة. وحسب المصادر الخاصة فإنّه تمّ تقدير الأضرار للتعويض عن طريق المحافظة ووزارة الأشغال العامة ويتمّ التصليح عن طريق موظّفي الأشغال العامة وليس عن طريق الصرف المباشر. كما تمّ عمل صيانة كاملة للمبنى وليس للجزء المتضرر منه.
وحسب المصادر الخاصّة أيضاً فإنّه تمّ أيضاً الصرف على لجان الطوارئ دون تحديد مهامّها وأعمالها، علماً بأنّ الجزء الأكبر من المبالغ التي صُرِفت لها عبارة عن جوالات ومكافآت ووجبات طعام مع عدم وجود كتاب تكليفٍ بممارسة ما قامت به من أعمال تم الصرف عليها.
ومن عمليات الصرف التي تمت من قِبَل مكتب “أبو علي شاهين” صرف رواتب عالية على العاملين في مؤسسة برامج التربية والطفولة حيث بلغت قيمة الرواتب الشهرية 30000 دولارٍ شهرياً، وطالبت المصادر بإعادة دراسة وضعهم ومساواتهم بالعاملين الآخرين المماثلين لهم.
كذلك تمّ الطلب والموافقة على صرف مبلغ 6250 دولاراً شهرياً على الجبهة الإسلامية الفلسطينية، وكانت مبرّرات الصرف كالتالي: رفض أمينها العام الشيخ صالح عبد العال لنهج الإخوان المسلمين، وتركه العمل في تنظيم حركة الجهاد الإسلاميّ!!.
كذلك تمّت الموافقة على صرف مبلغٍ كبيرٍ على عزاء الرئيس الراحل أبو عمار بقيمة 256970 شيكلاً بدون وجود أيّ مستندٍ يثبت صحة عمليات الصرف وعدم وجود كتاب تكليف للقيام بذلك.
وتؤكد المصادر أنّه لم توجَد مستندات مؤيّدة لعمليات الصرف لإقفالها، حيث تمّ إقفال هذه المعاملات بدون وجود أيٍّ من تلك المستندات التي تثبت عملية الصرف.
كما أكّدت عدم وجود أيّ مستندٍ في وزارة التموين لإثبات عملية الشراء والاستلام والتوزيع، مع العلم بأنّه تمّت عمليّات شراءٍ باسم وزارة التموين وكان “أبو علي شاهين” وزيراً لها في تلك الحقبة. وحسب المصادر فإنّ “أبو علي شاهين” لم يسلّم العهدة الخاصة بوزارة التموين بعد تسليمه لحقيبته الوزارية.
أمّا الأمر المثير للاستغراب في الوثائق -حسب المصادر الخاصة- هي وجود توقيع محمد دحلان على الكتب الصادرة من مكتب “أبو علي شاهين” لصرف بعض المبالغ دون تحديد الصفة الرسمية والتي بموجبها تمّ التوقيع على هذه المكاتبات من قِبَل وزير المالية السابق د. سلام فياض لتمكين الصرف.
كما كشفت المكاتبات بين أبو علي شاهين ووزارة المالية أنّه من المفترض أنْ يسلّم “شاهين” السيارة المرسيدس رقم “0047” لوزارة المالية مع إبقاء السيارة المرسيدس الأخرى، واستعداده لدفع كافّة الالتزامات المالية عليها من جمرك وخلافه، مع العلم بأنّه يوجد كتابٌ موضّحٌ فيه أنّ السيارتين عبارة عن هدية شخصية له وتمّ إعفاؤها من الجمارك، وهذا إجراءٌ غير قانونيّ ولا يجوز إعفاء السيارات المهداة من الجمارك.
وحسب المصادر فإنّه من المفترض أنْ تطالب وزارة المالية “شاهين” بتسليم عهدته، وخصوصاً السيارات الأربع التي ذُكِرت في سياق التقرير، وإحضار المستندات والثبوتات اللازمة لجميع المبالغ المقفلة بدون مستندات والخاصة بالشيكات.
كما طالبت المصادر بضرورة محاسبته على مبرّرات الصرف على الجبهة الإسلامية الفلسطينية واللجنة التطوعية للمساجد. كما أكّدت على ضرورة وقف كامل عمليات الصرف للمكتب وجميع المكاتب المشابهة بها مثل: “مكتب رئيس لجنة المتابعة العليا إبراهيم أبو النجا” و”مكتب رئيس جامعة الأزهر السابق وعضو اللجنة التنفيذية د. رياض الخضري”.
تأثيث الطابق الثالث من مقر الأمن الوقائي بغزة كلف خزينة السلطة الفلسطينية 300 ألف دولار
ربما آلاف الفلسطينيين من الذين لم يتلقوا رواتبهم خلال ستة اشهر يودون معرفة أين تذهب الأموال الفلسطينية العامة وكيفية إنفاقها؟!!
كتاب موجه من مدير جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة رشيد أبو شباك بتاريخ 13-11-2005 إلى مدير عام اللوازم العامة في وزارة المالية موسى الوزير جاء فيه “نود إعلامكم بأننا بصدد تأثيث الدور الثالث المخصص لقيادة جهاز الأمن الوقائي في غزة، يرجى الإيعاز لمن يلزم طرفكم بزيارة مقر الأمن الوقائي وتحديد الاحتياجات اللازمة من أثاث وأجهزة مكتبية وأجهزة حاسوب وخلافه وشرائها من طرفكم حسب النظام المتبع طرفكم”.
موسى الوزير وجه كتابا بتاريخ 11-12-2005 إلى وكيل وزارة المالية آنذاك يبلغه فيها أن دراسة الاحتياجات تبين أنها بحدود 300 ألف دولار أمريكي، ويطالبه باعتماد المبلغ.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...