الجمعة 02/مايو/2025

دخول ليبرمان لحكومة أولمرت يعمق أزمة إسرائيل بعد الحرب

دخول ليبرمان لحكومة أولمرت يعمق أزمة إسرائيل بعد الحرب
كسبت الحلبة الإسرائيلية الداخلية المزيد من الوقت لالتقاط الأنفاس بعد حرب لبنان الثانية بتزاوج حزب العمل مع حزب <إسرائيل بيتنا> في حكومة أولمرت. وللوهلة لأولى بدا أن هذا الاستقرار الظاهري المتمثل بتوسيع الائتلاف الحكومي إلى حوالى 78 نائباً سوف يعمر طويلاً. إلا أن الأزواج أنفسهم لا يعتقدون بإمكانية ذلك حيث إن لا شيء حقيقياً قد يمنع بشكل مطلق احتمال تقديم موعد الانتخابات جراء زوال هذا الاستقرار. وإذا كان البعض يعتقد أن هذا ممكن لأسباب تتعلق بالصراع داخلياً بين احتياجات الأمن ومتطلبات الرفاه الاجتماعي فإن آخرين يؤمنون بأن الخلاف مقبل لأسباب تتعلق بالحرب أو السلم.

ويبدو أن دخول أفيغدور ليبرمان إلى الحكومة، والذي كان نتاج خليط بين الاعتبارات الشخصية المعقدة لسياسي طموح وحاجات حزبية وائتلافية، لن يمر من دون هزات عميقة. فآمال زعيم الليكود بنيامين نتنياهو بترؤس حكومة إسرائيل قبل أم إثر انتخابات عامة جديدة تراجعت بقوة جراء انضمام ليبرمان للحكومة. كما أن آمال عدد من الطامحين لرئاسة حزب كديما في الإطاحة بأولمرت سريعاً، قد تبدّدت أيضاً جراء الوقت الذي كسبه رئيس الحكومة الإسرائيلية بانضمام إسرائيل بيتنا إلى الائتلاف.

ولكن تبدّد هذه الآمال، وأخرى سواها، لن يمر من دون آثار. فهناك أحاديث عن خلافات داخل إسرائيل بيتنا عن <الثمن البخس> الذي ناله هذا الحزب الذي يملك حوالى عشر عضوية الكنيست بحصوله فقط على منصب وزاري واحد. والأهم في نظر المختلفين في إسرائيل بيتنا مع ليبرمان أن كل هذا التنازل يتم من دون تحقيق أي من مبادئ الحزب الاجتماعية أو السياسية.

فقد جرى الحديث عن تغيير نظام الحكم في إسرائيل من برلماني إلى رئاسي وتمّ التركيز أيضاً على وجوب حل مشاكل <ممنوعي الزواج> وفق الشريعة اليهودية. ورغم أن أولمرت أوحى بقدرته على تمرير مشاريع قوانين كهذه في الكنيست إلا أنه سرعان ما بدا أن الأمر بالغ الصعوبة. وهكذا من الوجهة العملية دخل ليبرمان الحكومة تحت ستار مواجهة <الخطر الاستراتيجي> الإيراني. ولكن كثيرين يؤمنون بأن <الخطر الاستراتيجي> الحقيقي الذي اجتمع على مواجهته أولمرت وليبرمان وعمير بيرتس هو بنيامين نتنياهو وفكرة تقديم موعد الانتخابات.

كما أن هناك في كديما من اعترض جدياً على اشتراك ليبرمان، خصوصا إن كان هذا الاشتراك يعني تجميد العملية السياسية. وليس صدفة أن عدداً من قادة كديما، وبينهم آفي ديختر ومئير شطريت، أثاروا مواضيع تتعلق باستئناف العملية السياسية مع الفلسطينيين ومع سوريا. ومعروف أن ديختر دعا إلى استئناف المفاوضات مع سوريا فيما طالب شطريت بتبنّي المبادرة العربية. وتدعو وزيرة الخارجية، من كديما أيضاً، تسيبي ليفني إلى وجوب بلورة خطة سياسية للتسوية قبل أن تتعرّض إسرائيل لضغوط دولية تفرض عليها خطة لا تريدها.

وفي كل الأحوال فإن هناك نوعاً من الإجماع بين المعلقين الإسرائيليين حول أن المصاعب التي تواجهها السياسة الأميركية في كل من العراق وأفغانستان تدفع نحو محاولة تحريك الموضوع الفلسطيني. وقد كثر الحديث في الأيام الأخيرة عن خطط لتحريك خريطة الطريق من جديد في ظل سعي عربي لاستعادة <التهدئة> ومحاولة حل الأزمة الداخلية الفلسطينية.
 
ومن الجلي أن كل ذلك لا يخلق أجواء مريحة لليبرمان في الحكومة، مما يعني أن ائتلاف أولمرت الجديد قد يواجه مخاطر سريعة تتمثل في ضغط خارجي من أجل إخلاء البؤر الاستيطانية ومن أجل التقدّم نحو تنفيذ خريطة الطريق. غير أن هذا ليس الخطر الوحيد الذي يواجهه الائتلاف الجديد. فهناك أخطار أخرى لا تقلّ أهمية تتمثل في الوضع الداخلي في حزب العمل وفي مصاعب العثور على وصفة سحرية توفق بين المتطلبات الأمنية الجديدة والحاجات الاجتماعية المتصاعدة.

فحزب العمل، بعد دخول ليبرمان إلى الحكومة، يواجه معضلة شديدة، تكاد تدفعه نحو الانشقاق. فقيادة هذا الحزب، الذي يعتمد بشكل ما على الأصوات العربية، تجد نفسها في مواجهة تحالف العرب واليسار في داخله ضد الشراكة مع ليبرمان. وهناك تهديدات متزايدة بالانشقاق بل ودعوات خارجية بالتمرد. ومهما كانت نتائج ذلك فإن من المؤكد أنها لا تقود إلى استقرار الوضع داخل حزب العمل ولا داخل كتلته في الكنيست. والمفارقة أن المبرر الذي عرضه أولمرت لضمّ ليبرمان للحكومة هو <التمرد الاجتماعي> لكتلة حزب العمل في الكنيست ضد مشروع الميزانية.

وإذا قيس ذلك بالمطالب التي عرضتها قيادة الجيش لزيادة الميزانية الأمنية بحيث تزيد عن أية ميزانية سبقت في تاريخ إسرائيل وموافقة كل من أولمرت وبيرتس عليها فإن <التمرد الاجتماعي> مؤهل للتصاعد. وهنا ينضم لهذا التمرد ليس بعض نواب حزب العمل وإنما كذلك نواب حزب المتقاعدين وحركة شاس.

وإذا كان لهذا من معنى فإنه يشير أولاً وقبل كل شيء إلى أنه وبمعزل عن النكهة التي سيمنحها ليبرمان لحكومة أولمرت على الصعيد الدولي ثمة مصاعب جدية داخلية تعترض هذه الحكومة. غير أن الشراكة التي نجمت عن تخلي جميع الأطراف تقريباً عن مبادئها خلقت إحساساً شديداً بالخيبة من المستقبل في إسرائيل. وقد حاول المفكر الإسرائيلي اليساري زئيف شتيرنهل توضيح ذلك في <هآرتس> عندما كتب أن <الديموقراطية قادرة على التغلب على كل المصاعب الحروب، الأزمات الاقتصادية، البطالة والضائقة ولكن على عائق واحد لا يمكنها أن تتغلب على مدى الزمن: فقدان ثقة المواطن. مصدر الازمة التي علق فيها المجتمع الاسرائيلي ليس في مجرد الفشل في الحرب، بل في رفض رؤساء الحكم الاعتراف بان الهزيمة كانت من فعل أيديهم. ليس النظام هو المذنب، بل الاشخاص الصغار الذين سقطت المنظومة السلطوية في أيديهم>.

فالأزمة التي تعيشها إسرائيل باتت أكبر مما يمكن لقفزة في الهواء، تتمثل في كسب الوقت لحكومة فقدت أجندتها السياسية العامة والخاصة، أن تحققه. الأزمة حقيقية وواسعة وهي ليست أزمة حزب أو مؤسسة أو زعامة وإنما هي أزمة مجتمع ودور.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إسرائيل تقصف محيط القصر الرئاسي في دمشق

إسرائيل تقصف محيط القصر الرئاسي في دمشق

دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي - الجمعة- عدوانًا على سوريا، واستهدفت محيط القصر الرئاسي في دمشق، في تصعيد لسياسة...