الجمعة 15/نوفمبر/2024

إسرائيل والإصرار على الدولة العرقية

إسرائيل والإصرار على الدولة العرقية

 

صحيفة أخبار الخليج البحرينية

أخيراً نطق أحد الوزراء الإسرائيليين من حزب كديما بالقول: إن المبادرة العربية للسلام يمكن أن تشكل حلاً للصراع العربي الإسرائيلي وكأنه يكتشف المرة الأولى أن الحل العربي المقترح في قمة بيروت منذ سنوات هو الخريطة المعتدلة الممكن أن تقود إلى سلام يقبله الجميع.

من جانبها أدركت كونداليزا رايس أخيراً أن المطلوب دعم الاعتدال العربي في مواجهة التطرف، وأنه لا يتحقق ذلك إلا من خلال معالجة القضايا العربية الشائكة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

إلا إن “إسرائيل” المنقسمة على نفسها لا يبدو أنها مستعدة للحل الوسط التاريخي الذي كان يسميه الراحل عرفات سلام الشجعان، فقضيتان محوريتان تظلان في صلب الموقف الإسرائيلي من المسألة الفلسطينية هما الخوف من الزوال ومن المسألة الديموغرافية.

وإذا ما سبرنا غور الأطروحات الإسرائيلية للتسوية فإننا نخلص إلى حقيقة أنها مأسورة بهاتين القضيتين. فهما مطبقتان على كل مشاريع التسوية فكي كماشة إلى حد صارتا عنده بنيوياً منتهى المقترحات الإسرائيلية وغايتها، من “كامب ديفيد” الأول حتى مقترحات شارون الأخيرة التي لا نشك في جدية طارحها واحتمالات الذهاب في جولة تجريبية لتطبيقاتها. وهنا أؤكد فرضيتي أن مقترحات شارون الأخيرة لا تأتي مناورة للتخلص من تبعات الإجراءات القضائية ولا استجابة لفظية لضغوط المحافل الدولية ولا أحبولة سياسية.

في اعتقادنا أن شارون كان يقرأ جيداً التيارات الجوفية في مجتمعه ويدرك تماماً أن هذا المجتمع جاهز في غالبيته العظمى للذهاب في الرحلة معه بعد عقد من السيولة التي لا يمكنه أن يتحملها أكثر. وتعزيزاً لاعتقادناً الآنف الذكر نشير إلى أن كما هائلاً من التوصيات والأبحاث الإسرائيلية أعدت في العقدين الأخيرين وطرحت في أروقة الحكم والجيش والمؤسسة الأمنية توصي بالذهاب إلى تسوية.

والجديد أن هذه الأبحاث لم تصدر عن “معسكر السلام” الإسرائيلي أو المنظمات المرتبطة به فحسب بل عن تلك المرتبطة بقوى الوسط السياسي واليمين وأبرزها تلك العاملة إلى جانب الجامعات في تل أبيب والقدس وحيفا وهرتسليا، بل هناك اعتقاد متنام في محافل الحكم في “إسرائيل” أن مراكز صنع القرار لم تعد في مؤسسات الحكم ولاسيما البرلمان بل انتقلت إلى مراكز البحث العلمي المتخصصة في الشؤون الإستراتيجية والشرق الأوسطية التي تمولها بالأساس الجاليات اليهودية الأنجلو – سكسونية. ويشار هنا إلى حقيقة وجود الديموغرافيا أساساً في أطروحات اليسار الإسرائيلي وتسويغاته ضرورة الانسحاب من المناطق المحتلة. وهناك من يرى أن عجز مؤسسات الحكم عن إحداث اختراق للحال المأزقية في “إسرائيل” يعطي وزناً خاصاً لمؤسسات المجتمع المدني والأكاديمي التي تبادر إلى إنتاج حلولها. وقد صارت قبلة للسياسيين الإسرائيليين وغير الإسرائيليين يعولون عليها لحسم ما عجزت عنه المؤسسات. فليس مصادفة أن تصير الأطروحات والأوراق الصادرة عن هذه المراكز صاعقاً يفجر نقاشات وتشغل الرأي العام وتثير الاهتمام أكثر من أي قرار حكومي أو قانون برلماني..اقتراحات شارون جاءت من صفحات أطروحات هذه المراكز واجتهاداتها. ولأنها كذلك فيجب النظر إليها باهتمام خاص وعلى أنها قابلة للتجريب على هذا النحو أو ذاك. ونرى بوضوح أن هذه الاقتراحات تربط بين عاملي الخوف والديموغرافيا الفلسطينية بشكل يطابق بينهما. وعلى هذا النحو أتت أطروحات شارون وأفكاره، فهو يؤكد البعد الأمني في مسار الجدار الفاصل في الضفة الغربية والبعد الديموغرافي في الانسحاب من غزة، ويربط بين الإبقاء على البؤر الاستيطانية في “الضفة” وبين تعديلات حدودية تشمل تحويل مناطق مأهولة بالعرب من السيادة الإسرائيلية إلى السيادة الفلسطينية. وفي هذا إصرار إسرائيلي على فكرة الدولة العرقية التي ينبغي رسم حدودها على مقاسات الجماعة العرقية وبالحد الأقصى من التطابق. ففي صلب أفكار شارون رسم حدود دولة “إسرائيل” على أوسع مساحة من الأرض مع أقل نسبة من السكان العرب الفلسطينيين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مستوطنون يدنسون مسجدًا في دورا الخليل

مستوطنون يدنسون مسجدًا في دورا الخليل

الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام دنس مستوطنون، يوم الجمعة، مسجدًا في خربة مراح البقار ببلدة دورا جنوب الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، وسط...