الجمعة 02/مايو/2025

إسرائيل والمشهد السياسي الراهن

إسرائيل والمشهد السياسي الراهن

علينا أن نركِّز على مشهد التصويت الذي جرى مؤخراً في الحكومة الإسرائيلية حول مطلب أفيجدور ليبرمان زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني المتطرف، بتغيير نظام الحكم في إسرائيل والتوجه إلى نظام رئاسي أو شبه رئاسي يجعل من رئيس الحكومة شخصية منتخبة انتخاباً مباشراً من الجمهور، وبالتالي يحظى بسلطات أوسع ويكون رئيساً للسلطة التنفيذية ويكتسب حصانة في مواجهة البرلمان “الكنيست”، بحيث لا يمكن تنحيته عن منصبه إلا بأغلبية ثلثي أعضاء “الكنيست” وليس نصفهم كما هو الحال اليوم. إن التركيز على هذا المشهد يمثل أمراً ضرورياً للإمساك بمفتاح التطورات الجارية على الساحة السياسية الإسرائيلية.

من المعلوم أن “ليبرمان” كان خارج الحكومة الحالية وأن إيهود أولمرت رئيس الحكومة ظل يحاول مغازلته وجذبه إلى الانضمام إليها، وأن أحد الشروط الرئيسية التي طرحها “ليبرمان” لقبول الانضمام للحكومة، هو تغيير نظام الحكم لضمان نوع من الاستقرار السياسي، حيث إن معظم حكومات إسرائيل لم تكمل مدة حكمها القانونية وهي أربع سنوات، وتعرضت للتفكك وإجراء انتخابات مبكرة. إن استجابة أولمرت لهذا الشرط وقيامه بطرح مطلب “ليبرمان” على الحكومة وحصول الاقتراح بتقوية مركز رئيس الحكومة الدستوري بتأييد اثني عشر وزيراً مقابل معارضة أحد عشر، هي استجابة في حقيقة الحال تعكس أمرين: الأول، هو مصلحة شخصية لأولمرت الذي تزعزع موقفه الشعبي بعد حرب لبنان وبعد تجميد أجندة حكومته الأصلية في تسوية النزاع مع الفلسطينيين، إما عن طريق التفاوض أو عن طريق خطة “الانطواء” أو الانسحاب من جانب واحد. هنا يصبح تعزيز مكانة رئيس الحكومة في مواجهة البرلمان أمراً يصب في مصلحة أولمرت شخصياً.

ويرى كثير من المحللين الإسرائيليين أن أهم ما يشغل رئيس الوزراء حالياً، في ظل احتمال إلقاء اللوم عليه من جانب لجنة التحقيق التي شكلت للبحث في جوانب التقصير في الأداء السياسي والعسكري في حرب لبنان، هو محاولة تثبيت مكانته كرئيس للحكومة. لقد رأى المحللون الإسرائيليون في خطاب أولمرت الذي ألقاه يوم الاثنين الموافق السادس عشر من الشهر الحالي، تغيراً في سياساته التي طرحها في خطاب توليه رئاسة الحكومة منذ ستة أشهر، وسجلوا أن هذا التغيير قد استبعد حل المشكلة الفلسطينية التي كانت في صلب البرنامج الانتخابي لحزب “كاديما”، وأحلّ محلها قضية تغيير نظام الحكم في محاولة لاستمالة “ليبرمان” الذي يرفض التنازل عن أي شبر من الأرض المحتلة والذي يدفع نظام الحكم إلى طابع أكثر استقراراً.

أما الأمر الثاني الذي تشي به استجابة أولمرت لمطلب “ليبرمان” في تغيير نظام الحكم، فهو رغبته في دعم حكومته بحزب مشهود له بالتطرف اليميني ليعالج صورة الأداء الضعيف لحكومته في حرب لبنان من ناحية وليعطي إيحاءً قوياً للجمهور في الداخل وللولايات المتحدة في الخارج، بأن حكومة حزب “كاديما” لم تعد حكومة يمين الوسط ذات الطابع “المعتدل” الذي بدأت به، بل إنها أصبحت حكومة تميل إلى التطرف اليميني وإلى منهج استخدام القوة على نحو متزايد خاصة في قضية التهديد النووي الإيراني.

إن عناية أولمرت بإدخال “ليبرمان” وحزبه إسرائيل بيتنا، برصيده من أعضاء “الكنيست” البالغ أحد عشر عضواً، بالإضافة إلى ضم حزب “يهدوت هتوراة” ورصيده ستة أعضاء “كنيست”، تعكس قلقاً من انسحاب حزب “العمل” من الحكومة برصيده البالغ تسعة عشر مقعداً في “الكنيست” نتيجة للصراعات داخل الحزب والتمرد الحاصل ضد زعيمه “عامير بيريتس” والذي يمكن أن يتعرض لضربة من أعضاء “الكنيست” في حزبه برفض التصديق على الميزانية المطروحة لعام 2007.

إن القسمات الظاهرة للمشهد السياسي الإسرائيلي توحي بتوجه أكبر نحو التطرف اليميني سواء بقي حزب “العمل” في الحكومة مع ضم حزب “ليبرمان” أم رحل، وهو توجس يعني بالإضافة إلى تجميد أشد صراحة لمسار التسوية الفلسطيني، فتح الطريق لاحتمالات سلوك عسكري عنيف على المستوى الإقليمي سواء في اتجاه إيران أو اتجاه سوريا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة

صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام تظاهر مئات الآلاف من اليمنيين، الجمعة، في 14 محافظة بينها العاصمة صنعاء، دعما لقطاع غزة في ظل استمرار الإبادة...