أوروبا بعد العراق

المراقب السياسي لوكالة “نوفوستي”
يخطط لان تكون مراسم انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي في 16-17نيسان الجاري في أثينا تاريخية على شرف توسع الاتحاد الأوروبي نحو الشرق.
لقد اتخذت كل القرارات المتعلقة بهذا الشأن وقد تم التصويت عليها في البرلمان الأوروبي ويبقى إقرار القليل وحسب. ومن اأجل أن يصبح الأعضاء الجدد المرشحين في الأول من أيار العام 2004 أعضاء كاملي الحقوق في الاتحاد الأوروبي فان الدول العشر الأعضاء الجديدة التي هي من الجمهوريات البلطيقية السوفيتية السابقة ومن دول الشرق الأوسط يتعين عليها وضع تواقيعها على 10 “معاهدات انضمام” منفصلة والمكان لهذه المراسم هو أثينا التي تترأس حاليا الاتحاد الأوروبي .
إلا أن السعادة هي إحصائية أكثر مما هي شيء آخر . فمنتدى أثينا سيكون التوسع الخامس والأكبر للاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه في العام 1957 بالقفز من 15 دولة إلى 25. وبهذا الشكل فإن الاتحاد الأوروبي سيتجاوز اتفاقية شمال أميركا للتجارة الحرة كأكثر مناطق العالم كثافة 453 مليون نسمة مقابل 416 مليون نسمة.
لكن هذه السعادة تعكرت بعض الشيء. ويتضح لدول الاتحاد الأوروبي القدماء أن الدول الجديدة ستلقي بأعبائها على عاتق الآخرين وفقط السنوات الثلاث المقبلة من التوسع تحتاج إلى استثمار في الاقتصاد بقيمة 41 مليار دولار.
وستذهب الأموال بشكل أساسي إلى إعانات المزارعين وبناء الطرق و إبدال المحطات الكهروذرية من الطراز السوفيتي من أجل على حد الزعم تجنب وقوع حوادث مشابهة لتشرنوبيل.
ويتهيأ أن أوروبا القديمة الغنية كريمة جداً مع أوروبا الفتية والفقيرة .
فإذا أخذنا الإعانات الزراعية فإن أي مزارع مجري على سبيل المثال صوت على الاستفتاء للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سيتلقى فقط ربع مستوى ما يتلقاه المزارع الفرنسي أو الألماني . ومع هذه الأموال يعرضون على الفلاح المجري أيضاً الانضمام إلى السوق الحرة لمنافسة الجيران الناجحين. هذا مع العلم أن ذلك يجري بمعدات زراعية مستهلكة.
الاتحاد الأوروبي لا يعد بأي شيء جيد لهذا المجري أو ذاك اللا تفي في عمله. فالسفر في المجال الأوروبي من دون تأشيرة مسموح به أما العمل في ذلك المجال فالأفضل أن لا يجري التفكير به. فتسجيل المؤسسات وحصص العاملين من الدول الجديدة العضوية ضئيلة جداً وهذا عموما مفهوم فلماذا سيكون غرب أوروبا بحاجة إلى عاطلين جدد عن العمل عندما يكفيهم ما لديهم.
وباختصار ففي أثينا سيجري في الواقع التوقيع على “معاهدة للانضمام” إلى الاتحاد الأوروبي ووثيقة منفصلة لكل دولة: بولونيا وليتوانيا و استونيا و لاتفيا والمجر وتشيكيا و سلوفينيا و سلوفاكيا و مالطا و قبرص. ولكن ونتيجة ذلك فإن شرق أوروبا لن يحصل على حقوق مساوية مع الغرب. وكيفما كان الأمر محزنا للأعضاء الجدد فستضفي عليهم صفة أعضاء من “الدرجة الثانية”.
هذا أحد العوامل التي تفصل بين المشاركين في القمة في آينا إلى قسمين لا يحملان النوايا الطيبة لبعضهما البعض ولكن هناك عامل اختلاف آخر هو العراق.
المنتدى الذي يعقد في العاصمة اليونانية هو أول لقاء للمشاركين الأوروبيين الذين انتقدوا الحرب بعد سقوط نظام صدام حسين. مع العلم أن مسيرة توسع الاتحاد الأوروبي ارتبطت بشكل مباشر بهذه المنازعات من القضية العراقية.
ففي الشهر الفائت سارعت الدول المرشحة للعضوية في الاتحاد الأوروبي إلي إظهار تأييدها للولايات المتحدة في موقفها من العراق ناشرة في الصحف رسالة مفتوحة تعلن فيها عن دعمها للحرب.
ونتيجة لذلك ظهر في عواصم أوروبا القديمة شكوك جدية: ألن يكونوا بذلك يفتحون باب ناديهم أمام “حصان طروادة” أميركي ؟
فإذا كان الحلم بسياسة خارجية موحدة للاتحاد الأوروبي وبقواته الخاصة للتدخل السريع والخروج بذلك من تحت المظلة الأميركية الدفاعية فأي مكان يمكن أن تشغله في هذه الأحلام الدول الأعضاء الجديدة التي تتشكل بشكل أساسي من بقايا حلف وارسو و من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق؟
ويبدو أن هذه الدول تعمل وكأن ممثلة لواشنطن وقد نظر إلى ذلك بشكوك كبيرة الرئيس الفرنسي جاك شيراك أثناء قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل في شباط الماضي. ووصف شيراك حينها تصرفات الدول المرشحة للعضوية من دول أوروبا الشرقية في موقفها من العراق بشكل صريح بأنها “طفولية” و”خطرة” و “غير مهذبة”. وصرخ شيراك من الأعماق قائلا “لقد فوتوا فرصة عظيمة بالصمت” مهددا إياها بأن ذلك يمكن أن يعكر أمر انضمامهم إلى الاتحاد الأوروبي .
استياء فرنسا بالطبع لن يوقف توسع الاتحاد الأوروبي ولكن يرشح عن ذلك بذور خلاف وجو غير معروف النتائج في النادي الأوروبي حينما يتضخم ليضم 25 عضوا.
أما الآن ففي قمة أثينا التي دعي إليها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان فإن الخلاف الرئيسي سيضحى كما يبدو دور الأمم المتحدة في العراق ما بعد الحرب.
وعرض رئيس الوزراء اليوناني كوستاس سيميتيس جوهر الخلافات بشكل بسيط: ” دور الأمم المتحدة يجب أن يكون “مركزيا”. إلا أن رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير والرئيس الأميركي جورج بوش قالا خلال اجتماعهما في بلفاست بإن الأمم المتحدة يجب أن تلعب دورا “هاما وحيويا” ولكن هذا التعبير يبقى غامضاً ولذلك فإن المسألة ما زالت مفتوحة ولذلك فإن النقاش في أثينا سيتناولها..”
وفي الواقع عندما سأل الصحافيون في بلفاست بوش إيضاح ما الذي تعنيه هذه العبارة قال “إن الدور الهام الحيوي هو الدور الهام الحيوي”. يتضح منه أن أميركا ترى الأمم المتحدة في العراق حصرا بصفة مزود بالمساعدات الإنسانية لخدمة الذين قذفوا القنابل وهدموا البلاد. أما المسائل المبدئية من الإدارة السياسية للبلاد إلى إعادة إعمار العراق الاقتصادية فإن ذلك لا يتعلق بالأمم المتحدة كما يلمحون في واشنطن بذلك.
سنفعل في العراق ما نحن بحاجة له والأمم المتحدة ستقوم بمنح الشرعية لهذه الأعمال هذا هو مفهوم الحقوق والواجبات الأميركي .
ولكن هناك وجهة نظر أخرى لقيت التأكيد خلال اجتماع قمة روسيا وألمانيا وفرنسا في سانت بطرسبورغ نهاية الأسبوع المنصرم. فقد دعا “الثلاثي” المعارض للحرب إلى استخدام آليات الأمم المتحدة في العراق ليس في شكل المساعدات الإنسانية وحسب كما تفترض الولايات المتحدة بل وبشكل تام وكامل.
وفي هذا الأمر منطق . تريد أميركا ذلك أولاً فهي ستضطر عاجلا أم آجلاً إلى التوجه نحو الأمم المتحدة.
وفي هذا الأمر منطق تاريخي شامل. ففي الخلاف حول دور الأمم المتحدة أبديت أراء مختلفة لتنظيم النظام العالمي المستقبلي. والمجتمع الدولي من خلال مؤسساته غير المكتملة أو على مثال “سينتكوم” في قطر التي تملك أكبر ترسانة من الصواريخ المجنحة في العالم بثمن مليون دولار لكل منها . وكما تساءل شيراك في القمة “هل سنقبل في المستقبل بعالم حيث دولة واحدة ستجبر الدول الأخرى على الرضوخ لإرادتها أم سيكون هناك عالم متعدد الأقطاب ؟”
الرد وبدرجة غير قليلة سيكون مرتبطا بالخيار الذي سيتخذه الأوروبيون في أثينا .
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...

قيادي في حماس: مفاوضات متقدمة مباشرة بين الحركة والإدارة الأميركية
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام كشف قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن مفاوضات متقدمة مباشرة تجري بين الحركة والإدارة الأميركية حول وقف إطلاق...

مركز حقوقي: فظائع سديه تيمان تستوجب محاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب
بيروت- المركز الفلسطيني للإعلام أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى (مستقل) أن "ما كشفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن الانتهاكات الصادمة التي تُرتكب في...