أبو مازن و«الإرهاب» الفلسطيني

البداية ترمز للنهاية. فالإجراء البروتوكولي الذي اتبع في تسليم وثيقة «خريطة الطريق» إلى محمود عباس أبو مازن رئيس الحكومة الفلسطينية الوليدة وآرييل شارون رئيس حكومة “إسرائيل” يستوقف المراقب في رمزيته ذات الدلالة، وبالتالي يشير إلى الطريق الذي يراد لخريطة الطريق أن تسلكه.
على الجانب الفلسطيني قام بتسليم الوثيقة إلى رئيس الوزراء الفلسطيني مسئول دولي بحضور كافة الممثلين عن الهيئة الدولية التي من المفترض أن تكون الجهة المتبنية للمشروع والتي يطلق عليها «اللجنة الرباعية». أما على الجانب الإسرائيلي فقد انفرد سفير الولايات المتحدة وحده دون مشاركة أي طرف دولي في تقديم الوثيقة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي.
والرمز لا يخفى فبينما المطلوب أميركياً من الجانب الفلسطيني التزام دولي بما ينبغي عليه الوفاء به في بنود المشروع فإن الجانب الإسرائيلي – بدعم أميركي – يعتبر متحرراً من أي التزام دولي بما ينبغي الوفاء به من شروط الوثيقة.
في صالون رئيس الوزراء الفلسطيني كان هناك فريق دولي رسمي على رأسه تيدي رود لارسن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى الشرق الأوسط ويضم ممثلين آخرين عن الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي.. وأربعتهم يمثلون جماعياً «اللجنة الرباعية». أما في الصالون الإسرائيلي فلم يكن هناك مع شارون سوى دانيال كيرتز سفير الولايات المتحدة إلى “إسرائيل”.
ولم تتوقف الرمزية عند هذا الحد. فالاجتماع الرسمي للسفير الأميركي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يكن في العاصمة الرسمية تل أبيب وإنما عقد في القدس.. وكأن القدس ليست في قلب الصراع العربي الإسرائيلي.
هذه الرموز بالغة الدلالة لأنها تؤكد ما سبق أن كشف عنه وزير الخارجية الإسرائيلية أنه في لحظة مستقبلية ما خلال التعاطي بشأن خريطة الطريق ينبغي أن تنسحب ثلاثة أطراف دولية لتبقى الولايات المتحدة الطرف الأوحد الذي يقوم بدور «الوساطة» التفاوضية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وسواء حدث هذا أو لم يحدث فإن الثابت الآن هو أن خريطة الطريق تنص فيما تنص على احتفاظ واشنطن بحق فيتو يمكن استخدامه في أي مرحلة مقبلة – بالطبع لصالح الجانب الإسرائيلي.
هذه هي البداية الرمزية التي تنبئ عما سوف يكون عليه المسلك الأميركي الإسرائيلي. غير أن البداية الفلسطينية الرسمية ذاتها ليست بأقل سوءاً.. فهي بدورها تنبئ وكأن الشريكين الأميركي والإسرائيلي قد لا يجدان صعوبة كأداء في تمرير الشروط الإسرائيلية التي من المقرر أن تنتهي إلى تكريس الاحتلال الإسرائيلي تحت اسم «دولة» فلسطينية.
الاستهلال الفلسطيني تمثل في خطاب التنصيب الرسمي الذي ألقاه رئيس الوزراء الجديد أبو مازن على المجلس التشريعي الفلسطيني بإطلاق اسم «الإرهاب» على المقاومة الوطنية الفلسطينية في خطاب علني رسمي كان رئيس الوزراء يتحدث اللغة الإسرائيلية الأميركية. ورغم أن أبو مازن أدان أيضاً العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين إلا أنه لم يشأ أن يدمغه بنعت الإرهاب.
وكانت تلك مقدمة تمهيدية لكي يعلن أبو مازن برنامج حكومته للمرحلة المقبلة.. وهو برنامج يمكن تلخيصه في كلمة واحدة: إعلان الحرب على الشعب الفلسطيني باسم «مصادرة الأسلحة غير المشروعة في الأراضي الفلسطينية».
هنا تلزمنا وقفة قصيرة: إن تاريخ ثورات التحرر المسلحة ضد قوة احتلالية أجنبية يفيدنا بأن هناك ظروفاً معينة قد تقتضي من القيادة الثورية التوقف عن استخدام السلاح من قبيل اعتبارات المرونة السياسية. لكنه في كل الحالات يكون توقفاً مؤقتاً. فالثورة التحررية لا تلقي السلاح نهائياً إلا إذا تحقق الهدف الاستراتيجي النهائي الذي من أجله أشعلت الثورة.. وهو وضع خاتمة حاسمة للاحتلال. ويفيدنا تاريخ الثورات أيضاً بأن الاستمرار في العمل المسلح لا يتعارض مع الأخذ بالأسلوب التفاوضي في الوقت نفسه، بل إن ذلك محبذ، فالعمل الميداني يخدم الموقف التفاوضي.
لكن السيد أبو مازن يريد للمقاومة الوطنية الفلسطينية أن تستسلم استسلاماً كاملاً وتلقي بسلاحها نهائياً في مقابل مشروع ينطوي كل بند فيه على علامة استفهام.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...