الإثنين 12/مايو/2025

حكومة فلسطينية: بنكهة (إسرائيلية) وإرادة أمريكية… ومخططات شيطانية

حكومة فلسطينية: بنكهة (إسرائيلية) وإرادة أمريكية… ومخططات شيطانية

أبو مازن.. مطلب أمريكي (إسرائيلي)- أوروبي- عربي

لقد بات أبو مازن مطلبا أجمعت عليه كل القوى العالمية الفاعلة على الساحة الفلسطينية سواء الحكومة (الإسرائيلية) أو الإدارة الأمريكية أو دول الاتحاد الأوروبي أو حتى الدول العربية مثل مصر والسعودية والأردن وغيرها وحتى القوى التي ليس لديها تأثير على الساحة الفلسطينية، فقد كان لها صدى وحضور في هذه (الأزمة) إن جاز التعبير.

 

فالمبعوث الروسي للشرق الأوسط أندريه فيدوفين أكد عقب لقائه الرئيس عرفات أن على الفلسطينيين أن يشكلوا حكومة برئاسة أبو مازن بأسرع وقت قبل انهيار الوضع في المنطقة، ولإفساح المجال أمام خريطة الطريق لإحياء السلام في المنطقة. وقال فيدوفين في تصريحات للصحفيين: “الوضع صعب جدًّا.. فإما تحسين الوضع من خلال تشكيل حكومة فلسطينية يرأسها أبو مازن لإطلاق خريطة الطريق، أو استمرار التدهور”.

 

وحتى اليابان كان لها حضور عبر وزيرة الخارجية اليابانية يوريكو كاواجوتشي التي أجرت اتصالا هاتفيًّا بعرفات.

واليونان أيضا وجدت لها موطئ قدم في هذه الأزمة، فقد ألمح نبيل أبو ردينة مستشار عرفات إلى أن اتصالا هاتفيًّا جرى بين عرفات ووزير الخارجية اليوناني جورج باباندريو الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.

وأشار أبو ردينة إلى أن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والرئيس اليمني علي عبد الله صالح اتصلا أيضًا بعرفات هاتفيًّا.

 

أبو مازن يخرج منتصرا..

 

كما كان متوقعا فقد خرج أبو مازن منتصرا بعد كل هذه الوساطات والضغوط وحتى “التهديدات” المباشرة والمغلفة لعرفات من الأطراف السابقة والتي وصفتها صحيفة معاريف بأنها “ضغوط وحشية” وذلك نظرا لشدتها وقسوتها على عرفات بحيث أنها في الكثير من مراحلها أي التهديدات وصلت لغاية التهديد بالتصفية الجسدية أو الإبعاد.

 

ورغم تغيير المسميات فقد حظي أبو مازن بما كان مستميتا من أجل الحصول عليه وملخصه أنه يريد محمد دحلان أن يكون وزيرا للداخلية، لأن أبو مازن يعول كل التعويل عليه في مهامه القادمة. وبغض النظر عن المسميات فالمهم أن دحلان وبفعل المنصب الجديد قد أنيطت به المهمة التي تعتبرها كل الأطراف هي الأساس لبدء عملية تفاوض جديدة وهي القضاء على المقاومة الفلسطينية.

 

لماذا أبو مازن..

 

عندما عين أبو مازن لمنصب رئيس الوزراء فقد تم ذلك بضغط من نفس العناصر السابقة، وجاء الخلاف الحالي ليحدد لأبي مازن صلاحيات واسعة يبدو أن أبو مازن يعول عليها في التغيير الذي يود القيام به، ولو أن هذا التغيير الذي يعد به هذه الأطراف يتعلق بداية بالجانب الأمني الذي يتلخص بوقف الطابع العسكري للانتفاضة أو حتى وقف الانتفاضة تماما وتجريد حركات المقاومة الفلسطينية وخصوصا حماس من أسلحتها. وفرض سلطة قوية تتعهد بحماية أمن الإسرائيليين.

 

وعود وأحلام.. أم خداع وأوهام

 

ويبدو أن أبو مازن يعد مختلف الأطراف بوعود تسيل اللعاب.. فهم متمسكون جدا به!! وهذا ما يفسر الضغط الهائل الذي تعرض له عرفات الأيام السابقة والذي -كما أسلفنا- عبرت عنه جريدة معاريف يوم الثلاثاء 22/4 بأنه “ضغط وحشي”. فالمعروف عن أبو مازن بأنه إحدى الشخصيات الفتحاوية التي استطاعت في فترة ما قبل أوسلو أن تقيم شبكة اتصالات قوية مع قيادات عربية ورؤساء أجهزة الاستخبارات.

 

وتمكن أبو مازن بفضل ذلك أن يتحول بنجاح الى سفير فلسطيني يجمع التبرعات لمنظمة التحرير الفلسطينية. ومن المعروف عنه أيضا أنه تولى دورا امنيا هاما في مطلع السبعينيات قبل أن يعين مدير قسم العلاقات الوطنية والدولية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1980.

وبالرغم من عمل أبو مازن خلف الكواليس فقد استطاع أن يتلمذ الكثير من الشخصيات التي أصبحت لاحقا قيادات –بعضها أمنية- شهيرة في السلطة الفلسطينية، ويعتقد أن محمد دحلان قد اكتسب من أبو مازن الكثير من خبراته.

 

محمد دحلان.. رجل المستحيل

 

ويأتي دور محمد دحلان الذي تتحدث الصحف عنه وكأنه العصا السحرية التي ستسحق كل حركات المقاومة وحتى كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح. حيث يجزم الكثير من المراقبين أن دحلان سيتخذ إجراءات قوية ضد فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة.

وفي أبرز النقاط الجوهرية لخلاف عرفات-أبو مازن أوردت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية ووكالة الاسوشيتدبرس الاميركية ان الخلاف الجوهري بين عرفات وابو مازن يتركز في خطة اعدها رئيس الوزراء الجديد لتجريد كتائب شهداء الاقصى التابعة لفتح وسرايا القدس التابعة للجهاد الاسلامي وكتائب القسام التابعة لحركة حماس من اسلحتها وانه يعول على شخصية دحلان القوية لتنفيذ هذه الخطة في حين تعارض قيادة فتح ذلك وتتهم دحلان بالفساد ونقص الخبرة.

 

ولم تأت هذه الثقة الكبيرة في مقدرة محمد دحلان من فراغ، فمحمد دحلان له الكثير من (الإنجازات) التي كانت تحظى بالثناء الشديد من المسئولين الإسرائيليين. وبالطبع فإننا نتحدث عن إنجازات في قمع المقاومة بل وتجيير حركة فتح بطاقاتها وكوادرها السياسية والإعلامية والميدانية في هذا المجال.

 

أحداث 96

 

من أبرز الإنجازات التي تزيد من رصيد دحلان عند الأمريكيين والإسرائيليين والأطراف الأخرى هي الضربة التي وجهتها الأجهزة الأمنية عام 1996 لحركة حماس وجهازها العسكري، والتي جاءت على إثر عمليات استشهادية مؤلمة جدا للصهاينة ردا على اغتيال المهندس يحيى عياش.

فقد نال محمد دحلان المرتبة الأولى بلا منازع في تلك المرحلة، وشهد له القاصي والداني من الأعداء بأنه رجل المرحلة لأنه استطاع ضرب أكبر حركة مجاهدة لم تستطع إسرائيل رغم سنين الاحتلال الطويلة وسياسة الإبعاد المنظم والاعتقال بكل أنواعه أن تحقق هكذا إنجاز.

 

فرق الموت

 

وهنا أيضا لا بد من الإشارة إلى فرق الموت التي استحدثتها عقول رجال العصابات والتي كان لجهاز الأمن الوقائي الذي كان يترأسه دحلان نصيب الأسد فيها.

 

مجزرة جباليا

 

ففي شهر ديسمبر، 2001 ارتكبت فرق الموت هذه مجزرة بشعة في مخيم جباليا أدت إلى مقتل 12 شخصا منهم ستة قتلوا على الفور وإصابة أكثر من 200 من أبناء المخيم، وذلك أثناء تشييع محمود عبد الرحمن المقيد الذي قتل بيد الشرطة. وقد أطلقت هذه الفرق النار بدم بارد وهمجية شديدة.

 

إشادة أمريكية وإسرائيلية

 

وقد أشادت الإدارة الأمريكية بالدور الذي قامت به قوات الأمن الفلسطينية في هذه المجزرة ، وقد اعتبرت الإدارة الامريكية حينها تلك المجزرة علامة علي جدية السلطة في فرض إتفاق وقف إطلاق النار وتلبية المطالب والشروط الإسرائيلية في هذا الخصوص.

وقد أشاد شمعون بيرس أيضا بإجراءات السلطة الحازمة لفرض اتفاق وقف إطلاق النار حينها.

 

 

وفي حادث مقتل أبو لحية في شهر أكتوبر، 2002م كان رد هذه الفرق سريعا فاستشهد اثنان من مجاهدي القسام في ميدان فلسطين بغزة وأصيب آخرون. وأيضا كان هذا الحادث بوحشية وهمجية لا يمكن تصورها.

كما أن دحلان يومها كان يهدد بصراحة أنه سيفرض القانون وسيعتقل المنفذ مهما كلفه الأمر، وكان لدحلان الصوت الاكثر ارتفاعا في ندائه بتطبيق القانون واعتقال المنفذ مهما كلف الأمر.

 

المرحلة الأكثر خطورة..

 

تتميز هذه المرحلة بأنها أكثر المراحل خطورة، إذ سيسعى أبو مازن ودحلان لإثبات نفسيهما وقدرتهما على السيطرة على الشارع الفلسطيني مهما كلف الأمر وإلا سينتهي الأمر –بالنسبة لهما- بكارثة وفضيحة وانتحار سياسي لكل منهما.

ويبدو أن الحسابات محسوبة جيدا لهذه المرحلة، فالأجهزة الأمنية الفلسطينية ترتب صفوفها من جديد وتستبعد العناصر الوطنية وتهمشها، بل وهناك أنباء عن تشكيل جهاز جديد مشترك يجمع عناصر من الأجهزة الأمنية المختلفة على قاعدة “حتى يتفرق دمه بين القبائل”. وهذا ما يؤكده الواقع، إذ تشهد أحياء غزة تجولا لدوريات مشتركة تجمع معظم الأجهزة الأمنية، ومما يميز هذه الدوريات أنها تسير ببطء وهو إشارة للجميع بـ “أننا هنا” ولا أحد يستطيع تجاهلنا.

 

وهناك تسريب لبعض الأنباء التي تتحدث عن مساعدة مصرية لوجستية وخبراتية في هذا الجانب وحتى أن هناك نبأ مفاده أن “الحكومة المخابراتية المصرية” قدمت مجموعة ضخمة من المدرعات المخصصة لقمع التظاهرات وتنتظر الإذن بالدخول عبر معبر رفح.

ومهما تكن نسبة مصداقية هذه الأنباء، فمن البدهي أن عمر سليمان لن يترك أبو مازن وحده في الساحة، وهذا الأول قد قام بدور كبير بل بالدور المركزي في حسم الخلاف لصالح أبو مازن. وفشل أبو مازن يعني فشل كل الأطراف التي راهنت عليه.

ويبدو أن الإدارة الأمريكية وعبر وكالة الاستخبارات الأمريكية،سيكون لها يد طولى في مساعدة الأجهزة الأمنية الفلسطينية وفي تزويدها بالخبرات والتكنولوجيا التي تحتاجها في مواجهتها المرتقبة مع فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل يستطيع دحلان أن يقوم بما قام به عام 1996، أو أن تلك المرحلة ولت بغير رجعة؟

 

مما سبق يتضح أن الحركة الإسلامية يمكن أن تتعرض خلال المرحلة الراهنة لأعنف موجة تستهدف كيانها ووجودها وليس فقط أسلحتها؛ وهذا بالطبع يتطلب من الحركة الإسلامية أن تتهيأ جماهيريا وعسكريا ونفسيا. وأن تستنفد طاقاتها للخروج من

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات