حماة الوطن يتنازعون

طفت خلافات حماة الوطن من المسؤولين الفلسطينيين على السطح بقوة، إنما هذه المرة في مواجهة السيد عرفات نفسه الذي أصبح ندّاً بعد أن كان حريصاً مدى حياته على البقاء حكماً. أنداده هم الذين صنعهم عبر السنوات ليكونوا جوقة تأتمر ولا تشارك فعلياً في اتخاذ القرار. وربما يذكر السيد الرئيس تماما كيف أصر عام 1980 على أن يصبح أبو مازن عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح حتى لو لم يتجاوز عدد مؤيديه عدد أصابع اليد.
نعرف نحن الذين ننظر إلى السلطة من الخارج تلك العلاقات المتوترة التي تسود أوساط أفراد ما يسمى بالقيادة الفلسطينية. إنهم غير متوترين حول مستقبل الوطن وإنما حول الغنائم التي سلبوها من الشعب الفلسطيني. هذا يتهم ذاك بأنه حرامي، والآخر يقول إن الأول مقرب من الإسرائيليين. أما ثالث فيتحدث عن المغامرات النسائية ورابع يوجه تهم التحايل على الشعب الفلسطيني واستغلاله. أما أحدهم فأطلق نكتة ذات مرة حول المختلفين فقال نحن جميعاً نتفق بأن تمارس “إسرائيل” القمع الجماعي ضد الشعب الفلسطيني أما نحن فنمارس النصب الجماعي.
حماة الوطن هؤلاء وقعوا اتفاق أوسلو باسم المصلحة الوطنية الفلسطينية، وكذلك فعلوا في طابا وغيرها من الاتفاقيات. حتى أن الفساد كان من أجل المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا لأن في ذلك ما يدرب الشعب على أساليب اللف والدوران والخداع والتي باتت ضرورية في ظل هذا العالم المليء بالفاحشة والشرور. وخلافاتهم الآن حول رئاسة الوزراء وكما سمعت عدداً منهم يبرره من أجل المصلحة الوطنية. وجرياً على التقليد الفلسطيني المتجذر، ليس من الضروري أن يكون لأصحاب المصلحة كلمة فيما يدور، إذ يكفيهم سماع الأخبار.
لم تكن هناك خلافات على مبادئ وقيم وإنما بقيت الخلافات ضمن الإطار الشخصي. لم يلمس الفلسطيني أن أركان القيادة مختصمون حول تطبيق خريطة الطريق أو مقاومة المقاومين الفلسطينيين من مختلف التنظيمات بمن فيها حركة فتح. ولم نسمع أنهم اختلفوا حول الفساد أو إقامة علاقات اجتماعية وسياسية تحترم الإنسان وتسعى نحو التطوير والتقدم. لقد سمع الفلسطيني الكثير من الأقاويل حول ما يجري في الردهات المغلقة تركز أغلبها حول علاقة المختلفين بالإسرائيليين والأمريكيين وأيهم أكثر ولاء، وكذلك حول من يكون رأس التسلط، لكنه لم يكن من بينها ما تحدث عن صداقة أي منهم للشعب الفلسطيني أو الحرص على مصالح الناس.
سيخرج المنتصرون إلى الشعب الفلسطيني ليقولوا أنهم سيعملون بدم قوي من أجل الله والوطن. والحقيقة أن هؤلاء يجب أن يخضعوا للمساءلة عن الحقبة السالفة والتي تميزت بالفساد المرعب. إنهم جزء من القيادة التي مارست الفساد ومن المفروض أن يخضعوا للمساءلة لا أن يصبحوا سادة. قد لا يكونون جميعاً مدانين، لكن المساءلة أفضل وسيلة لكشف الحقيقة. وسيلجأ رئيس الوزراء إلى المجلس التشريعي للحصول على الشرعية. في فلسطين الآن لا يوجد أي جسم شرعي سواء كان على مستوى مؤسسات السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير. المطلوب أولاً أن يصار إلى إعادة تشكيل المجالس المختلفة على أسس تبرر الشرعية. الآن لا شرعية لأحد، ومنطق الأمر الواقع هو الذي يسود.
تقتضي المصلحة الوطنية الفلسطينية أن توضع الأمور في نصابها الصحيح، وهذا نصاب يقرره الشعب الفلسطيني وليس القوى الخارجية والمعادية. نحن بحاجة إلى إقامة ميزان الحساب لكي يدفع كل شخص ثمن أخطائه أو جرائمه، وكذلك إلى إعادة صياغة منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات السلطة بطريقة تتوافق مع مطالب الشعب الفلسطيني وليس مطالب “إسرائيل” وأمريكا.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...