الجمعة 02/مايو/2025

المشروع الصهيوني واللاسامية النازية ترجمتان لفكر عنصري غربي واحد

المشروع الصهيوني واللاسامية النازية ترجمتان لفكر عنصري غربي واحد
لا شيء يثير الإسرائيلي أكثر من اتهامه بالعنصرية. ويستطيع خلال وقت قصير أن يعرض عليك مئات الأمثلة على الاضطهاد الذي لقيه يهود على أيدي أغيار بسبب عنصرية الآخرين. وتزداد إثارة وغضب الإسرائيلي عند وصمه بالنازية. وفي نظره لا يمكن أن يجتمع الجلاد والضحية في صفة واحدة. فالنازية جلاد واليهود ضحية، ولا شيء غير ذلك.

ورغم ذلك فإن مظاهر العنصرية الإسرائيلية ضد العرب ليست بحاجة إلى إثبات. تكفي نظرة واحدة على واقع العرب في إسرائيل لتقرير أن أحداً لا يشك في أنهم ليسوا على درجة واحدة أمام القانون الذي يتستر، في تمييزه ضد العرب، تارة تحت ستار الخدمة في الجيش، وتارة أخرى تحت غطاء عدم انطباق قانون العودة عليهم. وقد بلغ التمييز مؤخراً حد التدخل ليس في تحديد أماكن سكناهم وإنما كذلك في حق الشاب العربي في اختيار شريكة حياته. فإن كانت من الجهة الأخرى من الحدود أو الجدار الفاصل فإن حقه في اختيار الشريك يتبخر.

والواقع أن العنصرية الإسرائيلية لم تقتصر فقط على العرب بل تعدّتها إلى عنصرية داخلية بين الأشكناز والسفارديم. وكانت الحجة الأساس أن الدولة العبرية، صهيونية الأيديولوجيا، هي دولة حديثة ومتقدمة، وبالتالي هي أشكنازية، وليست شرقية. ورغم إكثار الساسة الإسرائيليين من الحديث عن زوال هذه العنصرية إلا أن انتخاب عمير بيرتس لزعامة حزب العمل أظهر حجمها. إذ لم يتوقع، وفق <هآرتس>، قيام مجموعات كبيرة من الأشكناز بترك الحزب، لأنه <ليس منا>. كما لم يتوقع أن تقوم صحيفة تصدر باللغة الروسية بوصفه ب<قط المزابل من سديروت>، وترسمه في الكاريكاتيرات كمهرج ستاليني.

ولم يكن هذا التمييز حكراً على العلمانيين بل كان يجد تجلياته أيضاً، وربما أساساً، في مواقف رجال الدين. وكاد العلم بالدين اليهودي ينحصر في <أعلام> وحاخامات أشكناز ينبغي للحاخامات الشرقيين أن يتبعوهم. ولم يكن هذا وقفاً على المتدينين التقليديين بل تجاوزهم إلى كبار الحاخامات من فريقي الحسيديم والحريديم.

وفي الأيام الأخيرة أثيرت في وسائل الإعلام النزعة العنصرية التي أبداها السفير الإسرائيلي في أستراليا نفتالي تامير. فقد أعلن تامير في مقابلة مع صحيفة <هآرتس> أن <آسيا في أساسها قارة للعرق الأصفر. وأستراليا وإسرائيل لا تنتميان لهذا العرق. بل إننا ننتمي في أساسنا للعرق الأبيض. فإسرائيل وأستراليا شقيقتان في آسيا. نحن نسكن في آسيا من دون أن نتسم بالصفات الآسيوية، جلدنا ليس أصفر وعيوننا ليست طولية>.

وبصرف النظر عن مدى الضرر الذي لحق بإسرائيل جراء مثل هذه التصريحات من السفير الإسرائيلي فإن قلة في الدولة العبرية تختلف في دخيلتها معه. وربما أن هذه ليست المرة الأولى التي تخرج فيها أقوال عنصرية إسرائيلية إلى العلن. فدولة صار فيها آفي إيتام وأفيغدور ليبرمان وقبلهما رحبعام زئيفي جزءاً من الإجماع والتيار السائد، هي بكل تأكيد دولة عنصرية. ولكن المؤكد أن هذه الدولة لم تكن أبداً خلاف ذلك.

والمقابلة التالية مع الدكتور رفائيل بيلك حول الأبحاث البيولوجية العنصرية التي أجريت في إسرائيل تظهر بشكل جلي أن العنصرية كانت مرافقة لنشأة الصهيونية منذ البداية. وهو يشير بوضوح إلى أن الحقيقة المقلقة هي أن النازية والصهيونية استندتا إلى الفكرة العرقية الألمانية ذاتها التي تربط الأمة بالدم والأرض.

ويفضح بيلك، الذي لم يختص فقط بالأبحاث البيولوجية وإنما تخطاها لدراسة تاريخ وفلسفة الأبحاث الجينية، آراء عدد من قادة الحركة الصهيونية في الأفكار المؤسسة للنازية. وهو يشير إلى أن شاعر الصهيونية القومي نحمان بياليك أعلن قبل نشوب الحرب العالمية الثانية أنه يتفق مع الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر في فكرة أن رابط الأمة هو الدم والأرض.

وتشدّد الأبحاث التي أجريت في إسرائيل من أجل البرهان على أن اليهود أمة واحدة على أن النتائج كانت معاكسة، وأنه لم يقم أي دليل على فكرة الأصل الواحد. وأن كل ما يشار إليه أحياناً من اختلافات بين اليهود ومن يعيشون بين ظهرانيهم من الأغيار ليست سوى اختلافات نسبية ناجمة عن الفوارق الاجتماعية والدينية والجغرافية.

غير أن في الأبحاث البيولوجية لإثبات اختلاف اليهودي عنصراً مميزاً هو أن من سعوا إلى نيل هذا البرهان هم من جهة اللاساميون والنازيون، ومن الجهة الأخرى كان الصهاينة. وإذا كان النازيون يريدون إثبات أن اليهود ليسوا ألماناً من أجل تأكيد <طهارة العرق الآري>، فإن الصهاينة كانوا يريدون هذا البرهان أيضاً من أجل ترسيخ <طهارة العرق اليهودي>.

ولكن الحقيقة المرة هي أنه في الوقت الذي غدت فيه الأفكار العنصرية منبوذة في أوروبا باتت ترجمات هذه الأفكار مقبولة حتى من أوروبا في الامتدادات الغربية في الشرق. وإذا كانت ظروف ما بعد الحرب العالمية الثانية ونشوء المعسكر الاشتراكي قد أسهم في إزالة أشدّ أنظمة التمييز العنصري جلاء في التاريخ، في جنوب أفريقيا، فإن انهيار المعسكر الاشتراكي قاد إلى إلغاء الأمم المتحدة لقرار وسم الصهيونية بالعنصرية. ويبدو أن الغرب لا يقف عند هذا الحد بل بات يندفع نحو تفهم ضرورات الجدار العنصري الفاصل في فلسطين إلى جانب إقامة العديد من الجدران الفاصلة بين أوروبا والعالم الثالث.
فالعنصرية التي كانت منبوذة تغدو مفهومة ثم مرحّباً بها والفواصل بين أطراف الإنسانية تتعاظم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة

صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام تظاهر مئات الآلاف من اليمنيين، الجمعة، في 14 محافظة بينها العاصمة صنعاء، دعما لقطاع غزة في ظل استمرار الإبادة...