الأحد 11/مايو/2025

عالم واشنطن غابة ذئاب

عالم واشنطن غابة ذئاب

الولايات المتحدة تحيل العالم غابة ذئاب. هذا الغزو الوحشي المدمّر للعراق يهدف لتدمير المنطقة كلها ونهب خيراتها والتنكيل بأهلها، بما يخدم بقاء “إسرائيل”، هذا السرطان الذي ينخر جسد الأمة وتاريخها.

والحقيقة أن الاسم الصحيح الذي يمكن أن يطلق اليوم على الولايات المتحدة هو أجهزة الأمن العظمى الوحيدة في العالم بدلاً من الدولة العظمى الوحيدة في العالم. وتحت أنظار رجال المارينز الأمريكيين، بل وبتشجيع وتحريض منهم، يُنهب العراق اليوم من قِبَل الرعاع واللصوص الذي يتحكمون اليوم بشوارع بغداد والموصل وكركوك، وقبلها البصرة… ويجرى توجيههم من قبل الأمريكيين لتدمير التراث العراقي ونهب المتاحف (يا للعار!) التي تحتضن تراث وتاريخ بلاد ما بين النهرين منذ آلاف السنين وحتى اليوم.

ولكي تكتمل صورة الجريمة المنظّمة على طريقة المافيا النيويوركية، سارع رجال المارينز “القادمين لتحرير العراق” وفى تقسيم واضح للعمل بينهم وبين اللصوص الصغار، إلى وضع اليد على مصادر المال والثروة العراقية، في وزارة النفط والمؤسسات الكبرى والمصارف، التي يبدو أنها كانت تشكّل أحد البنود الرئيسية لخطط إدارة بوش العسكرية. وبالطبع لم يسلَم شيء في العراق من منازل الناس العاديين إلى القصور مروراً بالمستشفيات التي فُرّغت من أسرّتها والأدوية والأمصال. وكأن إدارة دبليو بوش أرادت أن تقول للعالم: هؤلاء هم العراقيون “الأوغاد السارقون” الذين تدافعون عنهم وعن حضارتهم… فيما القاصي والداني يعرف أن الجنود الأمريكيين هم الذين كانوا يحرّكون عصابات من اللصوص لتصبح الفاتورة الأمريكية لأعمار العراق أكبر وأضخم.

إن الفوضى التي نظّمتها الإدارة الأمريكية في العراق لا تشكل خطراً على هذا البلد العربي فحسب، بل على عدد من كيانات المنطقة، فضلاً عن كون هكذا إدارة تشكل ضغطاً لا يُتوقع أن ينجو منه أحد. والوجه الرئيسي للخطر يكمن في أن تفكيك العراق يعنى تسليم النفط ومناطقه إلى قوى ضعيفة بحاجة إلى حماية أمريكية دائمة، مما يعنى التحكّم الأمريكي بـ”قرار” النفط وماله على نطاق عالمي. بل إن المعلومات تشير إلى خطط أمريكية يتطلع واضعوها إلى تفكيك الحكم المركزي في المملكة العربية السعودية وإقامة نوع من “الإمارات” لمناطق النفط، فيتمّ الوصول عندئذ إلى “مجلس تعاوني نفطي” يضمّ “إمارات” النفط في المملكة و”عراقات” النفط أيضاً.

إن الفوضى المدمّرة التي تفتعلها واشنطن في العراق تنطوي على قدر من الخطورة من زاوية تنظيمها لفتن عرقية وطائفية تحقيقاً للتفكيك. بيد أن الأخطر هو انفتاحها على عملية تلاعب بخريطة المنطقة ككل. وغاية القول هنا إن العدوان الأمريكي المستمر على العراق وما ينتجه من إدارة لفوضى كيانية في هذا البلد العربي العريق وفى جواره الخليجي المباشر، لا يؤدى إلى إعادة نظر في كيانات “بعيدة” فقط، بل هو أحد روافد مشروع يطرح في مكان آخر مصير كيانين على بساط البحث مباشرة: “الكيان” الفلسطيني ونظامه والكيان الأردني، كل على حدة من جهة، وبالترابط بينها من جهة ثانية.

لكن “المشروع الأمريكي” لا يقف عند هذا الحدود. و”المخططون” في الإدارة الأمريكية من صقور اليمين المتصهين يقدّرون أن ثمة خطراً على الاحتلال الأمريكي للعراق يتأتى من العمق السوري للعراق، وتحديداً مقاومة عراقية ممكنة الولادة في مرحلة معينة، على اعتبار أن سوريا بموقفها تضفي بعداً قومياً لحالة مقاومة عراقية. من هنا القراءة السياسية للتهديدات الأمريكية المتصاعدة يومياً ضد سوريا وتلفيق الاتهامات ضد نظامها مرة بامتلاك أسلحة كيماوية، ومرة أخرى بإيواء “إرهابيي” النظام العراقي… وكلها ذرائع تهدف للضغط على سوريا للقبول بالاحتلال الأمريكي للعراق أولاً، وإلى قطع الصلة بالموضوع الفلسطيني لتمرير صفقة أمريكية – إسرائيلية في “خريطة الطريق” أو “خرائط” أخرى مماثلة!”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات