الإثنين 12/مايو/2025

إنها حرب يهودية.. وهذه هي الأدلة

إنها حرب يهودية.. وهذه هي الأدلة

إن الفكرة القائلة بأن الولايات المتحدة أرسلت ربع مليون جندي لخوض الحرب ضد العراق من أجل “إسرائيل” ربما تكون تفسيرا لنظرية المؤامرة الأوسع انتشاراً في الوقت الراهن.

ولكن هذه الفكرة ما كانت لتحظى بالاهتمام من قبل الجدل الدائر حالياً حول غزو العراق أو تجد الاهتمام لاحقاً لولا وجود ثلاثة أشياء:

 

1 – أن الفكرة القائلة أن الحرب هي من أجل “إسرائيل” لا تزال ماثلة ويعتقد بها قطاع واسع من الناس في العالم بأكثر مما يتصور الأميركيون.

2 – للفكرة أدلة على صحتها في السياسات المحلية الأميركية.

3 – أن “إسرائيل” ظلت دائماً جزءاً من القصة فلماذا تستثنى هذه المرة؟

 

تظهر نظرية المؤامرة هذه بصورة متعددة تتراوح من الخبث إلى السخرية ولكنها من حيث الجوهر تقول: هناك مجموعة من المتحمسين الموالين للصهيونية داخل إدارة بوش وفي أوساط وسائل الإعلام الأميركية خططت منذ وقت طويل لجعل الشرق الأوسط مكاناً آمناً لـ”إسرائيل” بإسقاط النظام المعادي لـ”إسرائيل” في العراق، وأن هذه المجموعة نجحت أخيراً في وضع أجندتها على مكتب الرئيس الأميركي الساذج جورج بوش.

ومن الأدلة على هذه المؤامرة وجود وثيقة بعنوان «الاستراحة الطاهرة: استراتيجية جديدة لتأمين المملكة» أعدتها عام 1996 مجموعة مفكرين في البنتاغون لرئيس وزراء “إسرائيل” المتشدد بنيامين نتانياهو وتقترح تبني “إسرائيل” استراتيجية عدوانية وتتضمن خطة لإزاحة الرئيس صدام حسين عن السلطة ومن بين أعضاء هذه المجموعة: ريتشارد بيرل ودوغلاس فيذ وديفيد وورسير وهؤلاء يحتلون حالياً مناصب بارزة في إدارة بوش.

 

واللافت للنظر أن هذه المجموعة لم تطلب من أميركا إسقاط الرئيس صدام حسين في عهد بيل كلينتون لأنه لم يكن هناك أمل في قبول المشروع، ولكن هذه الخطة كانت كبيرة جداً آنذاك حتى على قومي متطرف مثل نتانياهو.

 

ولتدعيم هذه الحقائق تشير هذه النظرية إلى المستشار الشخصي (كارل روف) العقل المدبر لبوش بأنه اقنع بوش بالفكرة مقابل ضمان أصوات اليهود في فلوريدا وعشرات الملايين من «المسيحيين الإنجيليين» الذين يحبون “إسرائيل” لأنها في اعتقادهم تجمع اليهود في الأراضي المقدسة كشرط سابق لعودة المسيح الذي سيخيرهم بين تغيير ديانتهم أو الفناء.

 

ومن المؤشرات الداعمة للنظرية أن معظم المنظمات اليهودية الكبيرة والكثيرين من كبار المتبرعين للحزب «الجمهوري» يدعمون الحرب ضد العراق والاستراتيجيون «الجمهوريون» يعتقدون بأن تحقيق نصر أميركي في العراق يمكن أن يفتح الطريق أمام كسب تأييد القاعدة الانتخابية لحزبهم، فإذا نجحت سياسة بوش في الحرب والسلام «يقول أحد الاستراتيجيين الجمهوريين» فسوف نشهد تغيراً جوهرياً في الدعم السياسي اليهودي من حيث الأصوات والأموال للحزب الجمهوري.

 

وقد تغلغلت النظرية أيضاً في صفوف المناهضين للحرب ضد العراق – ويمكن سماعها في المهرجانات والمسيرات المناهضة للحرب خصوصاً في أوروبا حيث التعاطف مع الفلسطينيين ملموس بدرجة مرتفعة كما يمكن تلمس جوهر النظرية في صفوف كتاب وأكاديميين وسياسيين عندما يتحدثون عن «حرب شارون».

 

صحيح أن هذه الفكرة تضر بالسياسة الخارجية الأميركية ولكن الصحيح أيضا أن الإسرائيليين يعتقدون أن الحرب في العراق هي في صالح اليهود، كما أن “إسرائيل” هي الدولة الوحيدة في العالم التي تظهر استطلاعات الرأي فيها تأييداً كاسحاً للإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين، وكلما تم ذلك بسرعة كان أفضل لـ”إسرائيل”.

 

وتفضل الولايات المتحدة عدم احتساب “إسرائيل” ضمن قائمة المؤيدين لإدارة بوش في سعيها لتشكيل تحالف لضرب العراق وذلك لكي لا تظهر الحرب على العراق بأنها حرب الأميركيين والصهاينة ضد العرب والمسلمين.

 

فاحتلال العراق يوفر للولايات المتحدة فرصة لوضع المنطقة تحت سيطرتها وهذا يعتبر بالنسبة للكثيرين من الإسرائيليين الأمل الوحيد للتخلص من دوامة العنف.

 

ويبدو أن بوش تلقف هذه الفكرة عندما أعلن أن نجاح الولايات المتحدة في العراق قد يؤدي إلى كسر الاستعصاء لتحريك “إسرائيل” والفلسطينيين نحو «حل الدولتين» وشدد على القول بأن هذا التوجه «التزام شخصي له» ولكن الكثيرين من الناس يتمنون لو أن بوش تعامل مع المسألة الفلسطينية في وقت مبكر لكان على الأقل حقق بعض المصداقية لدى العرب قبل توجهه ضد العراق.

 

السؤال الآن ماذا سيفعل بوش بهذه الفرصة؟ إذا نجح في ترويض العراق وربما معاقبة سوريا فإن الإسرائيليين يمكن أن يتصلبوا في مواقفهم ويقولوا: إن صديقنا بوش موجود هنا ويمكننا أن نتمسك بمواقفنا وننتظر الفلسطينيين لكي يقرأوا ما هو مكتوب على الجدران في بغداد وربما يمكننا أن نقدم لهم نصف دولة.

 

في موضوع الحرب والسلام يقول المرشح الرئاسي الأميركي السابق إن “إسرائيل” هي التي تحرك هذا الاندفاع نحو الحرب في العراق ويستمر في قوله بأن «إسرائيل وعصابة قوية من مؤيديها الأميركيين الذين صنعوا الأزمة الحالية مع العراق اكتسبوا مزيداً من النفوذ وأن جورج بوش أصبح عميلاً لرئيس وزراء “إسرائيل” أرييل شارون».

 

واعتبر أستاذ التاريخ في جامعة الينوي (بول شرودر) أن خطة الغزو دليل على نفسها «لأنها جاءت من أجل مصالح “إسرائيل”».

 

وكشف (جورجي آن جير) الذي يكتب في عمود أسبوعي في «واشنطن تايمز»، عن كيف «أن المحافظين الجدد المحيطين بالإدارة ومؤيدي “إسرائيل” المسعورين في البيت الأبيض وفي وزارة الدفاع خططوا لشن حرب على العراق» وذلك من أجل أمن “إسرائيل” الشارونية.

 

وفي مقالة في صحيفة «نيشن» قال (جاسون فست) إن فريق بوش «للهجوم على العراق» الذي يعمل بانسجام مع الصهاينة الأميركيين من أقصى اليمين يؤيدون عقيدة تتمسك بشدة بأنه لا فرق بين مصالح الأمن القومي الأميركية والإسرائيلية.

 

ويعتقد كريس ماثيو وهو أحد ضيوف برامج الحوارات التليفزيونية أن شارون هو الذي «يكتب خطب بوش» وأن وزراء شارون «على انسجام مع مكتب نائب الرئيس ووزارة الدفاع» في واشنطن.

 

ولو صدرت مثل هذه الأقوال كلها عن مسلمين في أي مكان في العالم لصاح الصهاينة مرة أخرى قائلين هذه هي «معاداة السامية» أو هستيريا انفعالية لكن المفكر الليبرالي (إيان بوروما) والذي يحظى بقدر من الاحترام تمكن من تحديد سبب الحرب الأميركية على العراق وهو «الهستيريا الأميركية اليهودية».

 

وإذا بقي من عنده شك حول من يكتب خطب بوش أو من يسيطر على أميركا، فليعد الاستماع إلى خطاب لبوش عن الشرق الأوسط بتاريخ 25/6/2002 حول إقصاء عرفات، وإلى المعلق السياسي الإسرائيلي (ماهوم بورميا)، الذي كتب في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الأوسع انتشاراً في “إسرائيل” يقول «كان الفم للرئيس بوش، لكن اليد التي كتبت الخطاب هي يد أرييل شارون».

 

وكان قد جاء في راديو “إسرائيل” العبري «كول يزرائيل» بتاريخ 3 أكتوبر 2001 أن شارون قال للصحافة «في كل مرة نفعل شيئاً تقولون لي إن أميركا ستفعل هذا أو تفعل ذاك، أريد أن أقول لكم شيئاً وبوضوح: لا تقلقوا من الضغط الأميركي على الدولة الصهيونية، إننا نحن الشعب اليهودي، نسيطر على أميركا، والأميركيون يعلمون ذلك»

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات