الخط التفاوضي أثبت فشلاً ولا بديل عن المقاومة

أكد بهجت أبو غربية شيخ المناضلين الفلسطينيين رفضه لوقف الأعمال المسلحة للانتفاضة قائلاً: إن الخط التفاوضي فاشل وأن العدو راكم مكاسبه من خلاله. وأوضح أبو غربية أن وقف العمليات الاستشهادية والمسلحة ضد الإسرائيليين لن يؤدي إلى رضا العالم الغربي عنا، فالإعلام الغربي والإسرائيلي سيظل يضعنا في زاوية حرجة حتى نستسلم بشكل كامل.
وأضاف أن الرهان على القطار الأميركي كان أكبر خطأ ارتكبته القضية الفلسطينية، فواشنطن لا تتدخل إلا حينما يعاني العدو الصهيوني من مشكلة وذلك لإنقاذه منها. وهذا نص الحوار:
هناك تيار على الساحة الفلسطينية يرى أن الانتفاضة قد استنفدت أغراضها ولا بد من إيقافها وأنه آن الأوان للتركيز على العملية السياسية التي تقودها أميركا؟
** في الواقع إن الوضع النفسي لشعبنا الفلسطيني الذي أدى لاندلاع انتفاضة الأقصى كان سببه بشكل رئيسي التجربة الفاشلة للمفاوضات مع الإسرائيليين، حيث أن استراتيجية “إسرائيل” كانت المفاوضات، وبما أن الشعب الفلسطيني في حالة الضعف فإن الإسرائيليين يفرضون خططهم وبرامجهم علينا، لذا وقعت القيادة الفلسطينية في خطأ فاحش عندما قبلت بمدريد وأوسلو وما شابه ذلك، حيث وقعت في المربع الذي يريده العدو، وهو مربع تقتيل ومستنقع وليس «نفقاً» كما يقول أبو عمار، فعندما يدخل أي إنسان مستنقعاً فإنه يغرق سواء تحرك أو لم يتحرك. لقد اكتشف شعبنا بعد عشر سنوات من التفاوض مع الجانب الإسرائيلي بأن هذا الخط التفاوضي خطأ وفاشل ويعود بالضرر على قضيتنا لأن العدو من خلاله يحقق مكسباً وراء مكسب، ويراكم مكاسبه هذه، وليس كما يقال بأننا نحن الذين نراكم المكاسب، لذلك رسالة الانتفاضة كانت بالدرجة الأولى رداً على الخط التفاوضي ودعوة إلى المقاومة وهذا ما وصل إليه شعبنا، وحتى الذين خاضوا التجربة التفاوضية سابقاً مع الجانب الإسرائيلي أمثال الدكتور حيدر عبد الشافي رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض في مدريد اعترف وصرح في أكثر من مناسبة أن المفاوضات فاشلة ولها أضرار حالية ومستقبلية، لذلك أقول بأن رسالة الانتفاضة جاءت لتقول: إنه لابد من استمرار المقاومة.
لكن كيف يمكن إدارة الصراع مع العدو الصهيوني من خلال المقاومة في ظل اختلال موازين القوى، ألا ترى أن الفلسطينيين في حالة كهذه يسيرون فوق رمال متحركة وكمن يعيشون في الخيال؟
** إدارة الصراع تتعلق بتقدير موقف صحيح لقوى العدو، وكذلك تقدير موقف صحيح لإمكانياتنا وأصدقائنا وقدرة شعبنا على التحمل والاستمرار، لكن المهم جداً هنا أنه لا بد من قيادة لديها الكفاءة على إدارة الصراع وبرنامج متفق عليه، نسمع الآن نداءات عدة ومشاورات في مصر للاتفاق على برنامج موحد، وهذا شيء طبيعي وضروري، ومع أن هذه المحاولات بدأت منذ فترة طويلة إلا أنها لم تحقق للآن ما هو مطلوب منها، والسؤال الأساسي الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا لم نستطع للآن الوصول إلى برنامج موحد لسير الانتفاضة وديمومة المقاومة وتحقيق المطالب الآنية والقريبة على أقل تقدير؟
باعتقادي وحسب اجتهادي الشخصي أن السبب الرئيسي في ذلك هو أن الذين ساروا في خط المفاوضات طوال السنوات العشر الماضية لم يغيروا موقفهم حتى الآن وما زال ياسر عرفات ومن حوله يمضون في طريق المفاوضات واستمرارها، وبالنسبة لموقفهم من المقاومة هناك خياران، خيار لا يريد المقاومة بالمطلق، وآخر يريد صيغة من المقاومة تخدم نفس الخط التفاوضي، وكل ذلك مرفوض من شعبنا الذي عرف بالتجربة أن خط المفاوضات لن يؤدي إلى حل الصراع في المرحلة الحالية، وأن البديل عن ذلك هو المقاومة.
أنا شخصياً ومن اللحظة التي بدأت فيها التراجعات الفلسطينية وموافقة المجلس الوطني الفلسطيني على قرار 242 وبعدها مؤتمر مدريد كان يطرح علي سؤال للتعجيز، ما البديل؟ فكنت أقول البديل المقاومة، وكان يرد البعض على ما أقوله عن أي مقاومة تتحدث في ظل هذا الوضع الذي نعيشه دولياً وفي ظل إمكانيات العدو الكبيرة، طبعاً المقاومة ليس بالضرورة أن تكون مجابهة عسكرية، بل من الممكن أن تكون بالكلمة، شعوب كثيرة مثل «الجزائر وفيتنام» حاربت دولاً عظمى بوسائلها العادية البسيطة وحققت النصر، هذا هو ما نسميه بالمقاومة، والتي هي البديل على الرغم من المعاناة الشديدة التي يعانيها شعبنا من نسف للبيوت وقتل واعتقال وتدمير لكل ما هو حي، فالرأي العام الجماعي الفلسطيني ما زال يصر على المقاومة لأن لديه قناعة بأن هذا العدو يريد فناءنا كي يحل محلنا، لذلك لا خيار أمام الشعب الفلسطيني إلا المقاومة بكل ما يملك من سلاح.
لماذا يفشل الفلسطينيون دائماً في الوصول إلى برنامج موحد رغم أن الأمور وصلت بقضيتهم إلى حافة الهاوية، وكيف يمكن تنظيم المقاومة ضد الاحتلال؟
** سبب الفشل هو أن قسماً مع المقاومة واستمرارها، والقسم الآخر مع المفاوضات، والمضي قدماً في التسوية، من هنا لم نستطع حتى الآن إيجاد قيادة موحدة تنظم الانتفاضة، هناك محاولات تستحق التشجيع، وفي رأيي أنها الحل المرحلي والمؤقت، وما نعبر عنه بالتنسيق والوحدة الميدانية يعني القوى التي تمارس النضال والكفاح على الأرض والتي يمكن أن تلتقي على مبدأ استمرار المقاومة وبالتالي تنظيمها.
من هي القوى التي تمارس المقاومة على الساحة الفلسطينية طالما أن الدبلوماسية شكل من أشكال هذه المقاومة كما سبق وأشرت؟
** المقاومة المسلحة تمارسها كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، ومع أن هذه الجهات يوجد بينها بعض الاختلافات في كيفية الممارسة إلا أن هذا من الممكن الاتفاق عليه، وأنا ضد اقتصار المقاومة على الضفة الغربية وغزة. * لماذا؟
** سؤال نطرحه على أنفسنا دائماً، لماذا نريد المقاومة في الداخل والخارج، السبب في ذلك بسيط وهو أن مجالات الاختيار بالنسبة لشعبنا تكاد تكون معدومة.
هل تؤيد قتل المدنيين الإسرائيليين؟
** نعم، ماذا يقتل الإسرائيليون في الضفة الغربية وغزة؟ ألا يقتلون الأطفال والنساء والشعب الأعزل من السلاح؟ ثم إن كل من جاء إلى فلسطين من اليهود منذ العهد العثماني وفترة الانتداب البريطاني وحتى الآن جاء كمحارب، وكانت الوكالة اليهودية أيام الانتداب البريطاني هي المسئولة عن هجرة هؤلاء اليهود حيث تختار من هم في سن الشباب وتدربهم عسكرياً، أي أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع عسكري ومسلح ومدرب على القتال وليس هناك مدنيون كما يقولون، والشعب الفلسطيني هو الذي يقاوم بصدور عارية وبدون سلاح، لذلك فإننا لا نستطيع تقييد حركة المقاومة ووضعها ضمن حدود مرسومة سلفاً، والمجاهدون عليهم عبء كبير كان الله في عونهم.
لكن البعض يرى أن هذا النهج المسلح في المقاومة من ضرب للمدنيين، واستهداف العمق الإسرائيلي بعمليات نوعية داخل الخط الأخضر له انعكاسات سلبية على القضية ويصب في طاحونة الصهاينة؟
** صحيح أن الرأي العام العالمي يهمنا، لكنه مع الأسف مسيطر عليه تماماً من قبل العدو الإسرائيلي، ونحن كعرب ومسلمين قصرنا في هذا الجانب، ولم تكن لدينا الإمكانيات الكافية للتغلب على هكذا وضع، وحتى لو غيرنا خططنا وفق ما يريده العدو الإسرائيلي سيهاجمنا العدو الإعلام الصهيوني والغربي وسيضعنا في زاوية حرجة حتى نستسلم ونرفع الراية البيضاء، لذلك فإن الرأي العام الدولي لم يصنع لنا أي شيء إيجابي سوى بعض التحركات الجماهيرية الشعبية وليس الرسمية سواء لنا كفلسطينيين أو كعرب.
كمجاهد فلسطيني عاصر الحركة الوطنية الفلسطينية قبل 1948 وما زال، ما هي الأهداف المرحلية والاستراتيجية للإسرائيليين في فلسطين؟
** الأهداف الصهيونية بعيدة المدى من جاوبتنسكي وبن غوريون وغيرهما كانت تحاط بنوع من الظلال، لكن أصدقهم في التعبير عن حقيقة الموقف الصهيوني هو جاوبتنسكي في السابق وشامير فيما بعد وشارون الآن، هدفهم بعيد المدى أن لا يبقى في فلسطين أحد باعتبار أن هذه الأرض لليهود وأن العرب لصوص وسرقوا هذه الأرض منهم لذلك يجب طرد العرب منها.
شارون كان وعد الإسرائيليين بوقف الانتفاضة خلال مئة يوم، وقد فشل عملياً في تنفيذ هذا الهدف، وكعسكري ماهر عمل شارون على تعديل خطته بعد أن ارتفعت أصوات الكثير من قادة العدو المنادية بأن وقف الانتفاضة بالقوة أمر غير ممكن وغير قابل للتحقيق، لذا فإن هدف شارون الآن تطور ليصبح احتلال الضفة الغربية وغزة بشكل كامل وفرض ما يسمى الإدارة المدنية في ظل الاحتلال العسكري والعمل على إنهاء أي وجود للمقاومة أو حتى أي شيء يمثل هذا الشعب الفلسطيني، إذن يريد العمل على كسر إرادة الشعب حتى يستسلم وأيضاً من أجل التمهيد لترحيل أبناء الشعب الفلسطيني إما كرهاً أو طواعية من خلال الظروف الصعبة التي يضعه فيها جراء الحصار والقتل اليومي، وفي المرحلة الحالية سيحاول شارون الدخول في مفاوضات مع الجانب الفلسطيني ليس تغييراً في اتجاهه بل كنوع من المرونة لتحقيق أهدافه المرحلية، فأي مفاوضات قد ينجر إليها الجانب الفلسطيني سيشترط شارون وقف الانتفاضة بالدرجة الأولى، وفي المرحلة الثانية سيعمل على فرض موقف التنازل عن حق العودة وهذا خطر مباشر نواجهه الآن، وفي المرحلة الثالثة القدس والحرم وما إلى ذلك.
“إسرائيل” فشلت في كسر إرادة ال
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...