الثلاثاء 13/مايو/2025

العدوان على العراق: حرب صهيونية بأدوات أمريكية

العدوان على العراق: حرب صهيونية بأدوات أمريكية

ليس مستغرباً، أن تبدأ النوايا الصهيونية بالظهور علناً مع تقدم قوات الغزو الأمريكية البريطانية على العراق، ووصولها إلى آبار نفط الجنوب فيه، فما أن أعلنت هذه القوات عن ذلك حتى بادر المسؤولون الصهاينة بالإعلان عن عزمهم إعادة تشغيل خط أنابيب النفط الذي يمتد من العراق إلى ميناء حيفا، وهم الذين كانوا قد أعدوا الخطط لذلك منذ زمن بعيد، بانتظار اللحظة المناسبة والتي أصبحت الآن مواتية لذلك .

 

أجمع معظم المحللين أن الحرب العدوانية على العراق هي الاستيلاء على منابع النفط، أحد أهدافها الأساسية، تخفي في طياتها الأهداف الصهيونية التي صبغت هذه الحرب بصبغة واضحة تؤكد دونما مبالغة بأنها حرب صهيونية بأدوات أمريكية وبريطانية.

الخطة والتنفيذ

 

مشروع الحرب من وضع ثلاثة من غلاة اليهود الأميركيين هم: (ريتشارد بيرل) كبير مستشاري وزارة الدفاع الذي استقال أخيراً من منصبه لأسباب مالية ونائبا وزير الدفاع (جون وولفوفيتز) و(دوغلاس فايث). فهم الذين صاغوا أهداف الحرب، وقاموا بالدور الكبير في حث الإدارة الأميركية على شنها. وبيرل وفايث محسوبان على خط الليكود ويعملان لحسابه، أما السيد وولفوفيتز فهو يقف إلى يمين الليكود، حتى أن واحداً ممن يسمون حمائم في الليكود ميخائيل ايتان انتقده ذات مرة، واتهمه بأنه يحرج نواب الحزب بدفعهم إلى تبني مواقف غير معقولة إزاء الفلسطينيين!

وقد أورد الأستاذ محمد هويدي المفكر العربي المعروف في مقال له نشر في صحيفة السفير اللبنانية 1/4/2003 المعلومات التالية:

 

“أجمع مراسلو ومعلقو القناتين التلفزيونيتين في “إسرائيل” أن اليهود الأميركيين الثلاثة عكفوا بعد شهر من تفجير مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك على الاجتماع بكل من افرايم هلايفي الذي كان وقتذاك رئيساً للموساد ثم تولى لاحقاً منصب مدير مجلس الأمن القومي الإسرائيلي. وشارك في تلك الاجتماعات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس مالكا وخلفه أهارون زئيفي فركش، إلى جانب رئيسا قسم الأبحاث في كل من الموساد وجهاز الاستخبارات العسكرية بـ”إسرائيل”… وكان هدف الاجتماعات هو صياغة أهداف الحرب الميدانية والاستراتيجية، وقد اتفق الجانبان على تشكيل لجنة تنسيق عسكرية مشتركة تقوم “إسرائيل” خلالها بتقديم كل ما يتطلبه الجهد الحربي الأميركي وقت الحاجة.

 

بالتوازي مع ذلك، شكلت لجنة أخرى للتنسيق السياسي، يقف على رأسها من الجانب الأميركي بشكل خاص المستشارة لشؤون الأمن القومي كوندليزا رايس وتضم أعضاء من فريقها في مجلس الأمن القومي، ومن الجانب الإسرائيلي (دوف فايسغلاس) مدير مكتب شارون وبعض كبار موظفي وزارة الخارجية الإسرائيلية، وقد تعاملت هذه اللجنة بالذات في خلق الظروف السياسية المساعدة على الحرب، وكان على رأسها خطة خارجة الطريق.(!!).

 

فكي الكماشة

 

من الملاحظات المهمة في هذا الصدد أن اللجنة العسكرية المشكلة ضمت جنرالات في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي إلى جانب هيئة أركان الجيش الأميركي، وكان ضمن الأخيرين الجنرال (تومي فرانكس) قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي، الذي أُنيطت به مهمة قيادة الحرب على العراق!

 

حسب قنوات التلفزيون الإسرائيلي، إلى جانب إقرار (عاموس مالكا) رئيس الاستخبارات العسكرية السابق الذي يعمل حالياً معلقاً في القناة الأولى بالتلفزيون، فإن مهمة اللجنة العسكرية انحصرت في نقطتين رئيسيتين هما: تقديم معلومات استخبارية عن الأوضاع في العراق تساعد على حسم المعركة ضد بغداد والمساعدة في تقديم خطط ميدانية للمساعدة في الحرب.

 

– نقل بارون ديكل مراسل القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي بعض ما ورد في اجتماع الرئيس بوش مع رئيس المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، مورتيمور تسوكرمان. وهو الاجتماع الذي عُقد في الثامن من شهر يناير الماضي، فقد طلب تسوكرمان من الرئيس الأميركي اتخاذ موقف من النظام السعودي، بعد أن قدّم إليه تقارير استخبارية إسرائيلية تشير إلى أن المساعدات التي تقدمها السعودية للفلسطينيين أثناء الانتفاضة تساعدهم على مواصلة القيام بالعمليات الإرهابية. وفي رده على الطلب قال بوش لرئيس المنظمات اليهودية إنه سيتولى تأديبهم. واستخدم في ذلك لفظة بذيئة، نقلها ديكل مراسل القناة الأولى، على لسان معاوني تسوكرمان الذين حضروا الاجتماع.

 

– كشف برنامج بوبوليتيكا الذي بثته القناة الإسرائيلية الأولى في 18/3 الماضي عن أن نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني عقد خلال الشهرين السابقين للحرب لقاءات مع 70 خبيراً إسرائيلياً في مختلف المجالات، ناقشهم خلالها في كيفية حسم المواجهة مع العراق. وأشار العديد من المعلقين الصهاينة إلى أن تشيني مبهور بمهنية الخبراء الصهاينة في تقديم المعلومات. وفى لقاء أجرته مقدمة البرنامج دان مرجليت مع البروفسور عماتسيا برعام (يهودي من أصل عراقي)، وهو مؤرخ مختص بالتاريخ العراقي، قال الرجل إنه اجتمع لمدة ثلاث ساعات مع تشيني في ملجأ بالبيت الأبيض، أجاب خلالها على قائمة طويلة من الأسئلة التي طرحها عليه، لكنه رفض التطرق إلى طبيعة الأسئلة أو إجاباته عليها..”

إن الحماس الشديد للحرب والحرص على إشعال نارها والانتصار فيها له دوافع عدة عبر عنها أركان المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة على النحو التالي:

 

في الشهر الماضي ألقى شاؤول موفاز وزير الدفاع محاضرة في مركز حرتسلي متعدد الاتجاه وهو أعرق وأهم مركز بالدولة العبرية قال فيه إن النصر في الحرب يعنى إخراج العراق من دائرة العداء لـ”إسرائيل”، والضغط على سوريا لإخراج المنظّمات الفلسطينية من دمشق ولوقف حمايتها لحزب الله في لبنان، الأمر الذي يؤدي إلى تخفيف مصادر رفد المقاومة الفلسطينية في الضفة والقطاع.

 

– عوزي عراد رئيس وحدة التحليل بالمركز السابق الذكر (كان مديراً للأبحاث في “الموساد” والمستشار السياسي لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، وقد أجرى مع طاقم من الباحثين عدة أبحاث حول العراق ومستقبل المنطقة لحساب وزارة الدفاع الأميركية)، عراد هذا قال إن النظام الجديد في العراق الذي يصفه بأنه سيكون نسخة من نظام كرازاي في أفغانستان، سيضع سوريا وإيران بين فكي كماشة مرعبين حيث ستجدان نفسيهما محاصرتين من كل صوب، وقد أدخل الأردن ضمن أضلاع الحصار، ووصفها بأنها دولة أكثر من صديق.

الانتفاضة وعام الحسم

 

في رأي أركان المؤسسة العسكرية إن أهم آثار الانتصار من وجهة النظر الإسرائيلية التي عبر عنها (موشيه يعلون) رئيس الأركان تتلخص في أمرين، الأول أنه سوف يسرّب الشعور بالعجز والهزيمة لدى العرب عامة والفلسطينيين خاصة، مما يجعل من العام الحالي عام الحسم ضد الانتفاضة الأمر الثاني أورده (شفتاي شفيط) الرئيس الأسبق للموساد، الذي توقع أن يسود العالم العربي مناخ ثقافي مغاير يعطى للجناح الداعي إلى التطبيع مع “إسرائيل” قوة دفع جديدة، تمكنهم من الدعوة إلى مراعاة متغيرات الموقف، والواقعية في التعامل مع الأوضاع المستجدة.

–  يرى (داني جليرمان) رئيس اتحاد الغرف التجارية في “إسرائيل” أن النصر سيجلب العديد من الفوائد الاقتصادية لإسرائيل، أهمها ثلاث هي: حصول “إسرائيل” على النفط العراقي الذي سيكون تحت إشراف أميركي بأسعار مخفضة تراجع المخاطر الأمنية التي تهدد “إسرائيل” مما سيؤدي إلى تقليص النفقات الأمنية وإنعاش الاقتصاد الإسرائيلي ثم فتح السوق العراقي للبضائع الإسرائيلية.

الحرب في سياق مخططات الهيمنة

 

وإنه ليس من المستغرب أن تتحدث وكالات الأنباء عن وجود قوات عسكرية في صحراء غرب العراق مع القوات الأمريكية الخاصة والتي دخلت المنطقة من دول الجوار بحجة البحث عن منصات لإطلاق الصواريخ.

 

وهكذا نرى مما تقدم، أن هذه الحرب العدوانية، لم تكن بسبب المزاعم الأمريكية حول أسلحة الدمار الشامل أو مقولة تحرير العراق المزعومة، وإنما هي حرب خطط لها للأسباب التي تم ذكرها، والتي يمكن فهمها في سياق المخططات الإستراتيجية الأمريكية للهيمنة على العالم، والتحكم بمقدراته، ولم يكن العراق سوى الساحة النموذج التي كانت مقدمة لتطبيق هذه الإستراتيجية.

 

لكن الواضح أيضاً، ورغم عدم غياب هذه الأهداف عن النظام العربي الرسمي، فإن هذا النظام، والذي يشارك بطريقة أو بأخرى دعمه لهذه الحرب من منطلقات عدة أهمها الحفاظ على مصالحه، دونما التطلع إلى طموحات الجماهير التي عبرت عن رفضها لهذه المخططات ولموقف هذا النظام من خلال التظاهر والاستعداد لأقصى صنوف التضحيات في سبيل هزيمة هذا المخطط.

 

ولعله من المهم أن نذكر في هذا السياق ما صرح به وزير الخارجية الأمريكي كولن باول أمام لجنة الإيباك الصهيونية في اجتماعها السنوي في مدينة نيويورك بتاريخ 1/4/2003 حين قال، لقد وقف العديد من المسؤولين ورؤساء الدول إلى جانبنا متحدين رغبة شعوبهم في إشارة منه إلى موقف النظام العربي الذي تحدى جماهير هذه الأمة.

إن تداعيات هذا الغزو الأنجلوسكسوني ل

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات