الأحد 11/مايو/2025

الوجه الآخر للإعلام الغربي والأمريكي .. حرب العراق تستهدف الفلسطينيين أيضاً‏

الوجه الآخر للإعلام الغربي والأمريكي .. حرب العراق تستهدف الفلسطينيين أيضاً‏

نقلاً عن جريدة «ووركرز وورلد» الأمريكية‏

ترجمة: ميشيل منيّـر‏

صحيفة البعث السورية 12/3/2003

من بين تبريرات هجوم الولايات المتحدة المدمر على العراق ذكر وزير الخارجية كولن باول دعم هذا البلد للنضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير والوطن.‏

ففي عرضه الذي استمر تسعين دقيقة أمام مجلس الأمن الدولي في 5 شباط قال باول: «تعود علاقة العراق بالإرهاب إلى عقود فبغداد تدرب أعضاء جبهة تحرير فلسطين على الأسلحة الصغيرة والمتفجرات، ويستخدم صدام جبهة التحرير العربية لتحويل النقود إلى أسر المفجرين الانتحاريين الفلسطينيين من أجل إطالة أمد الانتفاضة وليس سراً أن مخابرات صدام كانت متورطة في عشرات الهجمات أو محاولات الاغتيال في التسعينيات من القرن الماضي».‏

إن محاولة باول رسم النضال الفلسطيني كمنظمة إرهابية ممولة من الخارج يعني إلغاء الشرعية السياسية للنضال الفلسطيني البطولي طويل الأمد.‏

وهذا الوصم للمقاومة بالإرهاب ليس مصادفة، كان باول يقدم تسويغ الولايات المتحدة لتدمير العراق، وبتضمين دعم العراق للنضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي بين التهم عرض باول الأهداف الاستراتيجية الأوسع للإمبريالية الأمريكية في المنطقة.‏

المقصود شيء أكبر بكثير من الاستيلاء على النفط العراقي فمن الواضح أن هدف الإمبريالية الأمريكية تهدئة المنطقة كلها وتحويلها سياسياً.‏

تنوي إدارة بوش استخدام الحرب ضد العراق في محاولة لتصفية كل شكل من أشكال المقاومة في الشرق الأوسط.‏

ما هو العائق الأكبر أمام خطط الولايات المتحدة لغزو المنطقة بكاملها؟ إنها حقيقة أن ملايين الناس في كل مكان من الوطن العربي والعالم الإسلامي يؤيدون بعمق النضال الفلسطيني ويتماهون به وبقي هذا النضال حياً في ظروف شاقة للغاية، وألهم أجيالاً من المناضلين مقاومة السيطرة الإمبريالية، ومنذ الإطاحة بالملكية العراقية المدعومة أمريكياً وبريطانياً دعم العراق النضال الفلسطيني.‏

تقدم كل حكومة عربية التأييد الاسمي على الأقل للنضال الفلسطيني لأن مقاومة الفلسطينيين البطولية قضية حية بين الجماهير.. ومن أجل الحصول على إذعان الدول العربية لحرب الولايات المتحدة ضد العراق في عام 1991، وعدت واشنطن بالتوسط لتحقيق حل وسط تاريخي يؤدي على الأقل إلى دولة فلسطينية اسمية وأصبح هذا الحل يعرف باتفاقيات أوسلو.‏

على الرغم من سنوات المحادثات والقليل من المكاسب الدنيا للحركة الفلسطينية تضاعف عدد المستوطنات الإسرائيلية وأدت المصادرة المتواصلة للأرض والقمع إلى انتفاضة فلسطينية جديدة بدأت في أيلول 2000.

وقد خنق احتلال “إسرائيل” الاستعماري النمط للضفة الغربية وغزة الاقتصاد الفلسطيني اليوم من خلال نظام إغلاق الطرقات وإقامة الجدران، وأصبح كل السكان مقفلاً عليهم في غيتوهات.‏

وأومأت الإمبريالية الأمريكية الآن إلى الحكومة الإسرائيلية بقيادة مجرم الحرب آرييل شارون أن الحرب ضد العراق فرصة من أجل قمع جديد ربما أسوأ بكثير وطرد الشعب الفلسطيني.

الإرهابيون الحقيقيون‏

لم يقدم كلام باول الحربي في الأمم المتحدة وحتى مع السليدات وأشرطة التسجيل الملتبسة سوى القليل من الجديد أو حتى الأصيل أما الدليل الذي لا يدحض ولا ينكر والذي يفترض أنه آخر المفاجآت السرية التي رفعت عنها السرية من المصادر الأمريكية والبريطانية فكان في الحقيقة رجيعاً منتحلاً من مقالات أكاديمية عمرها سنوات ونشرت على مواقع في الانترنت.‏

وفي حين كرر باول والرئيس جورج دبليو بوش أن العراق الذي قصف وعوقب وحوصر يملك أسلحة دمار شامل، وصفت صحيفة نيويورك تايمز في 2 شباط الحرب الخاطفة التي تتضمن إطلاق أكثر من ثلاثة آلاف قنبلة وقذيفة على العراق خلال اليومين الأولين من هجوم الولايات المتحدة .‏

قال أحد مسؤولي البنتاغون: «لن يكون في بغداد مكان آمن، لم يشاهد أحد من قبل أو يتصور أبداً مثل هذا الحجم الكلي»، وتسمى خطة التدمير «الصدمة والرعب».‏

وشرح أحد المخططين العسكريين: «لديك هذا التأثير المتزامن – خلافاً للأسلحة النووية في هيروشيما- الذي لن يتطلب أياماً أو أسابيع بل دقائق»، وقد طبع هذا الوصف قبل ثلاثة أيام من كلام باول في الأمم المتحدة حاملاً دليلاً جديداً على أسلحة الدمار الشامل العراقية.‏

إن وصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب هو الواقع المقلوب نفسه، كما إدعاء واشنطن بأن العراق يهدد العالم بأسلحة الدمار الشامل والحقيقة هي أن القوات العسكرية الإسرائيلية الممولة والمجهزة والمدعومة سياسياً من واشنطن هي التي تمارس اليوم حملة من الإرهاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني ووقع عشرات القادة الفلسطينيين ضحية الاغتيالات الإسرائيلية المدروسة بواسطة المروحيات الهجومية أباتشي التي زودتها بها الولايات المتحدة.. هذا معروف عموماً ويرافق سياسة الاعتقالات الجماعية والتعذيب والإغلاق.‏

أما الفلسطينيون الذين يعيشون ضمن حدود “إسرائيل” لعام 1948 فمع أنهم مواطنون إسرائيليون اسمياً إلا أنهم ممنوعون من شراء الأرض أو العمل في العديد من الوظائف، أجورهم أقل بكثير ويجبرون على العيش تحت المراقبة والتمييز المتواصل، إنهم بقايا مئات آلاف الفلسطينيين الذين أخرجوا من ديارهم خلال حملة من الإرهاب المنتظم وانتزاع الأراضي.‏

ولكن عندما تخطط شركات النفط والأسلحة في الولايات المتحدة لاحتلال طويل الأمد للعراق وحقول نفطه خرافية الغنى، يتعين عليها النظر ثانية إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وغزة، فعلى الرغم من استخدام التكتيك الأكثر وحشية من ترحيل جماعي واستئصال وسجن عشرات آلاف الناس لم يتمكن الإسرائيليون أبداً من تحطيم التصميم الفلسطيني على المقاومة.‏

لقد خلق الاحتفاظ بجيش احتلال استعماري إسرائيلي معبأ توترات أدت إلى انقسامات عميقة ومعارضة متزايدة ضمن “إسرائيل” وحتى ضمن الجيش ولا نهاية لذلك في المستقبل المنظور.‏

اكتسب النضال الفلسطيني من أجل العدل وتقرير المصير في العامين الماضيين من الانتفاضة الجديدة تأييداً واسعاً حتى بين العديد من اليهود ويتماهى بالمقاومة الآن ملايين الشباب في الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية.‏

يواجه بوش معارضة عالمية عشية الحرب وسيثبت الاحتلال الأمريكي للعراق أنه أكثر كلفة وإثارة للخلاف وسينهار التأييد الضئيل والمتردد عندما تدرك ملايين الناس الكلفة الضخمة للخطة الرجعية التي وضعتها الإمبريالية الأمريكية من أجل المنطقة كلها.‏

إن الحركة العالمية الواسعة التي عبئت لمعارضة حرب الولايات المتحدة الإجرامية ضد العراق ستقوى بالارتباط بالدفاع عن نضال الشعب الفلسطيني المستمر منذ عقود من أجل العدل وتقرير المصير 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات