ما أخذ بالقوة…!

هل توجد قوة عربية أو دولية على استعداد للتعهد بحماية الفلسطينيين حماية كاملة من البطش الإسرائيلي اليومي في حالة موافقة فصائل المقاومة الفلسطينية على تجميد نشاطها القتالي لمرحلة يتفق عليها – تطول أو تقصر؟ هذا هو السؤال المفتاحي الذي ينبغي أن يطرح أولاً تجاه أي مسعى إقليمي أو دولي لوقف النشاط الفلسطيني المسلح.
ولا ندري إلى أي مدى جرت مناقشة هذا السؤال في سلسلة الاجتماعات التي جمعت الفصائل والمنظمات الفلسطينية بجميع ألوان طيفها في القاهرة مؤخراً.
وينتظر ان تستأنف خلال الأسبوع الجاري، ما هو معلوم حتى الآن أنه لا “إسرائيل” الشارونية ولا أي قوة عربية أو اسلامية أو دولية أبدت استعداداً للتعهد بحماية الشعب الفلسطيني، مما ظل يتعرض له يومياً على مدى شهور وراء شهور من قتل عشوائي واعتقالات وحصار وتجويع واغتيالات فردية، ولذا فإنه إذا وافقت قيادات فصائل المقاومة الفلسطينية على وقف العمل المسلح بكل أشكاله بما في ذلك العمليات الاستشهادية فإن هذا التوقف سوف يكون من جانب واحد.. الجانب الفلسطيني. وإذا لم تحسم هذه النقطة على أساس انتزاع تعهد من الجانب الإسرائيلي بوقف الحملات الدموية الوحشية بكل أشكالها ضد الفلسطينيين فإن أي اتفاق قد تقره الفصائل الفلسطينية على «هدنة» سوف يكون بلا أي معنى على الصعيد الأمني.. فضلاً عن الصعيد السياسي.
إن المفهوم، بل والمطلوب حقاً، هو أن يكون الهدف الأساسي من هذه الاجتماعات أن تتوصل فصائل المقاومة والمنظمات الفلسطينية إلى استراتيجية نضالية إجماعية تتضمن كافة أشكال المقاومة – الأساليب المسلحة والأساليب غير المسلحة على حد سواء.. وأن تتضمن هذه الاستراتيجية آلية عملية جماعية لتحدد بالتوافق متى يكون الأسلوب المسلح مفضلاً على الأسلوب السلمي ومتى يكون الصحيح هو العكس اعتماداً على التقلبات الأمنية والسياسية للقضية النضالية.
مثل هذه الاستراتيجية يجب بالطبع أن تنبع من الحقيقة الثابتة بأن التحدي الأكبر الذي يواجه الشعب الفلسطيني هو احتلال أجنبي مسلح قابل للتحول إلى احتلال استيطاني بدأ بالفعل، وبالتالي فإنه يكون مرفوضاً تماماً استبعاد الكفاح المسلح من حيث المبدأ في مواجهة وضع كهذا.. لأن نبذ العمل المسلح يعني في هذه الحالة استسلاماً.. وسيكون بمثابة موافقة ضمنية بتسليم الأرض الفلسطينية المحتلة نهائياً إلى القوة الاحتلالية.
إن المبدأ الاستراتيجي الأعظم يجب أن يكون من المستحيل دحر الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني بغير القوة، رغم أن تثبيت هذا المبدأ الأعظم يجب ألا يحول دون المرونة النضالية من حين لآخر حسب متطلبات الظروف الأمنية والسياسية. أما إذا كان هناك من يرى أن ظرفاً ما يقتضي تطبيق هذه المرونة لمرحلة زمنية ما بوقف العمل المسلح فإنه يقع على عاتق هذا الطرف أن يكون بيده تعهد إسرائيلي حازم بأن “إسرائيل” سوف تتجاوب مع هذه المرونة بمثلها.
مع ذلك لايزال الحذر تجاه النوايا الإسرائيلية ومعها النوايا الأميركية قائماً على الدوام، فالولايات المتحدة تحتاج إلى أطول تهدئة ممكنة للمشهد الفلسطيني – الإسرائيلي حتى تنفذ أجندتها الحربية ضد العراق وهي مطمئنة، وبالطبع فإنه في حالة تمكن الولايات المتحدة من الحاق هزيمة ساحقة بالعراق – لا قدر الله- فإن هذا سيكون إشارة لـإسرائيل”، متفقاً عليها سلفاً مع واشنطن، لإنهاء الهدنة واستئناف الحملات الدموية على الشعب الفلسطيني بصورة أشد وحشية وأوسع نطاقاً وأطول أمداً.
ترتكب الفصائل الفلسطينية إذن خطأ شنيعاً إذا وافقت على وقف النشاط المسلح ولو لفترة مؤقتة، وخطأ أشنع إذا أقرت وقف العمل المسلح نهائياً. ومن حسن الطالع أنه لم يحدث شيء من هذا حتى الآن.. لكن الاجتماعات سوف تستأنف كما أشرنا آنفاً. ومما ثبت حتى الآن أن منظمتي «حماس» و«الجهاد الاسلامي» أعلنتا رفضهما لوقف الكفاح المسلح بينما يقول فصيل «كتائب شهداء الأقصى» إنه لايزال يدرس الأمر.
إن من المتاح لمنظمات الثورة الفلسطينية أن تستوحي سوابق التاريخ في التحرير، ومن السوابق القريبة تجربة الثورة الفيتنامية في القرن الماضي وملخص هذه التجربة العمل على صعيدين متوازيين- قتالي ودبلوماسي- معا تحت قيادة عليا موحدة تجمع بين القادة العسكريين والقادة السياسيين، فبينما كان العمل المسلح يتواصل في الميدان على الأرض كان هناك فريق من السياسيين يتفاوضون في الوقت نفسه على الصعيد الدبلوماسي مع ممثلي العدو الأميركي. وبذلك كان العمل المسلح يخدم التفاوض الدبلوماسي.. فكلما تعنت المفاوضون الأميركيون كلما تصاعد العمل القتالي الفيتنامي فيتقدم الطرف الأميركي لاحقاً بتنازلات.
صفوة القول إذن هي أن الوحدة الوطنية هي السلاح الأساسي الأول الذي يضفي المضاء والقوة على الأسلحة الأخرى.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...