الإثنين 12/مايو/2025

مداهمات واغتيالات – البديل الغزي لـ السور الواقي..

مداهمات واغتيالات – البديل الغزي لـ السور الواقي..

في الشهرين الاخيرين انتظرت اوساط جهاز الامن بقلق الانتحاري الـ 17. فالمتوسط الشهري للعمليات الانتحارية التي احبطت بلغ منذ تشرين الثاني 15 – 16، لقاء كل مخرب نجح في الوصول الى هدفه في نطاق الخط الاخضر. وفي كانون الثاني سجلت عملية انتحارية واحدة (23 قتيلا في تل ابيب) وعلى الاقل في نطاق اسرائيل مر شباط بهدوء نسبي: صفر عمليات (في المناطق قتل 8 جنود). ولكن أمس، بعد شهرين بالضبط من العملية في تل ابيب، تحطم الهدوء.

 

في الجيش والمخابرات الاسرائيليين تباهوا بمعطيات الشهرين السابقين والتي انجزت بجهود عليا وفي وجه موجة ارهاب متواصلة، ولكنهم يعرفون بان التواصل نهايته الانتهاء. ويبدو أن  الشهرين من التوقف هما في هذه اللحظة الحد الاقصى الذي يمكن لقوات الامن ان توفره – مثلما سبق ان فعلت في الماضي بين تموز وايلول من العام الماضي وبين تشرين الثاني وكانون الثاني هذا العام. وللمحاولة التي قام بها بعض المذيعين والمحللين للربط بين العملية في حيفا والهجوم المرتقب في العراق، لا يوجد ما تستند اليه اغلب الظن. ومنظمات الارهاب تعمل عندما تكون قادرة على ذلك. واذا بحثنا عن دافع خاص، فيمكن ايجاده بالرغبة في الثأر على الخسائر الفلسطينية الفادحة (72 قتيلا في الشهر الماضي، معظمهم في غزة)، وليس عند صدام حسين.

 

وفي شعبة الاستخبارات العسكرية في هيئة الاركان قلقون من موجة ارهاب دولية في وقت الحرب في العراق ضد اهداف يهودية واسرائيلية في الخارج اكثر من التغيير الكبير في الارهاب من المناطق. والافتراض هو ان الاخير سيبقى في ذات الحجم. وفي اسوأ الاحوال فان السلطة كفيلة بالذات بان تحاول كبحه خشية تشديد رد الفعل.

 

وعلى الرغم من ان العملية في حيفا خطط لها على ما يبدو في الضفة الغربية، فلا مجال للتوقع هناك بتطورات صاخبة في شكل الرد الاسرائيلي. فجهاز الامن سبق له ان جرب كل شيء في الضفة وفي الاختبار النهائي (عدد الاصابات) وصل الى انجاز معقول، في الظروف القائمة.

 

 والجيش الاسرائيلي سيواصل الحملة في نابلس ويعززها بحملات لوائية اخرى في ظل استمرار المطاردة الصبورة للمطلوبين الكبار في ارجاء الضفة ممن ينجحون حاليا في التهرب من شباكه .

 

بيد أن العملية الاكثر معنى تجري في القطاع. ففي غزة يعمل مؤخرا ايضا جنود جولاني الى جانب لواء جفعاتي. وهذا ميل من المتوقع ان يتسع قريبا. ومعه سيزداد، بالتناسب، ايضا عدد اقتحامات العمق في القطاع. والضغط لمثل هذا العمليات يصل من رأس الهرم: مكتبي رئيس الوزراء ووزير الدفاع. فاريئيل شارون وشاؤول موفاز هما مؤيدان متحمسان لتوجيه سلسلة من الضربات المتواصلة والاليمة لحماس. ومحافل الامن المختلفة “تسير على الخط” مع الرجلين، وليس دوما بحماسة. فالتحفظ (لدى البعض منهم) يعود الى التخوف من تورطين محتملين: قوة للجيش الاسرائيلي تعلق في ازمة وتتعرض  لاصابات عديدة، او خطأ قاتل يؤدي الى مذبحة جماعية بحق مدنيين فلسطينيين. وخطر التورط يزداد بتناسب مضطرد مع قوة المقاومة: فبينما في الضفة تتلخص هذه باشتباكات نارية في مقهى، مثلما اثناء محاولة الاعتقال في جنين اول امس، فان في القطاع كل دخول اسرائيلي يستقبل بعبوات ناسفة كبرى.

وتعترف اوساط قيادة المنطقة الجنوبية بان الاقتحامات تنطوي على مخاطرة كبيرة وان هذه ستزداد كلما تعمقت القوات في التغلغل الى قلب المنطقة الفلسطينية. والمنطق العسكري خلف العمليات والذي يركز على شبكات حماس في القطاع، يعتقد بانه ما لم يجرِ عمله الان سيكون اصعب بكثير على التنفيذ بعد اربعة او خمسة اشهر. وللفراغ النسبي الناشيء، حيث نجحت المخابرات بتحطيم قسم من البنية التحتية لحماس في الضفة، يدخل زعماء التنظيم في القطاع الذين يعد تأثيرهم على الضفة  – من حيث نقل المعلومات والاموال والتوجيهات – كبير جدا.

 

ان مؤيدي الحملات يضيفون مدعين بانه اذا لم تحصل حماس الغزية على “علاج” مشابه لذاك الذي حصلت عليه نظيرتها في الضفة، فلا يوجد أي امل لتسوية مستقبلية مع السلطة في القطاع، والتي تتحدى حماس مكانتها. ورغم التلميحات الاسرائيلية فانه ليس في جهاز الامن نية للوصول الى احتلال كامل للقطاع. والبديل الغزي لـ “السور الواقي” سيتشكل من تآكل متواصل للمقاومة الفلسطينية من خلال استمرار الاقتحامات والاغتيالات.

 

والمشكلة في هذه الخطة هي انه ينطوي عليها خطر التدهور التدريجي. ليس فقط التورط الذي قد يحصل في اثناء اقتحام ما، بل أيضا اطلاق النار المتكرر لصواريخ “القسام” على سدروت. فالمدى الحالي للقسام هو 8 كيلو متر، ولكن حماس تطور بالمقابل صاروخا من شأنه ان يصل الى 12 كيلو متر.

 

في الهجمات الاسرائيلية في الاسابيع الاخيرة تضررت شريحة عالية نسبيا من زعماء منظمات الارهاب. فهل القيادة “السياسية” للمنظمات كفيلة بان تصبح هدفا؟ اذا ما حكمنا على الامور استنادا الى سلوكها، فيمكن الافتراض بان الجواب ايجابي. فبعض كبار الذراع السياسي لحماس يكثرون في الاونة الاخيرة من تغيير شققهم ولا يتحركون الا مع حراس.

 

 وفي جهاز الامن انطلق مؤخرا رأي بانه حان الان وقت سحب “شهادة التأمين” التي يتمتع بها قادة المنظمات.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات