الأحد 11/مايو/2025

«من النيل إلى الفرات» .. ليس مجرد شعار

«من النيل إلى الفرات» .. ليس مجرد شعار

كتب (تال بيلو)، رقيب أول في سلاح الدروع بجيش الاحتلال الإسرائيلي «دعوني أحدثكم عن زيتون غزة، في البداية هو الأكثر مرارة في العالم كله، ويقول أهالي غزة إن الزيتون يأخذ طعمه المر من مرارة الحياة في قطاع غزة ومن قسوة الاحتلال.

 

وليست أشجار الزيتون هذه مرة فقط بل هي أيضاً تصيبك بالجنون من كثرة ملوحتها، وهذا بسبب دموع نساء غزة، تلك الدموع التي ذرفتها نزازات ينابيع بساتين الزيتون وتسربت إلى الأشجار».

 

(تال بيلو) هو أحد 500 جندي إسرائيلي من «الرافضة» – المستنكفين بسبب ضميرهم ويرفضون الخدمة حالياً في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويقول جزء من الرسالة التي وقعوها وأرسلوها إلى حكومتهم «إننا لن نستمر في القتال فيما وراء حدود 1967 من أجل الهيمنة على شعب آخر وطرده وتجويعه».

 

وقام موقِّع آخر على الرسالة هو الرقيب (نوام ليفن) بتقديم التماس عاطفي للشعب الإسرائيلي «انهضوا أيها الناس! إنها تحدث الآن! فقط بضعة كيلومترات من المكان الذي تجلسون فيه، إنها حرب وحشية مرعبة حمقاء ظالمة».

 

كتبت هذه الكلمات قبل الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، وهنا يظهر مدى تجاهل عامة الإسرائيليين لهذه التوسلات العاطفية والصادرة عن أشخاص شاركوا في الاحتلال الشنيع للأراضي الفلسطينية.

 

وبدلاً من ذلك قاموا مرة أخرى باختيار مجرم حرب متهم يقال إن له علاقة بالمافيا الروسية كمرشد لهم، لقد اختار الإسرائيليون وعليهم تحمل عواقب هذا الاختيار.

 

والآن جاء دورنا نحن البريطانيين حيث نواجه مأزقاً إما أن نهاجم أو لا نهاجم العراق، والآن الأمر يعتمد على الشعوب الأميركية والبريطانية والأسترالية والإسبانية والإيطالية التي تسمى بالديمقراطيات الذين يدعم قادتهم مبدأ بوش، عليهم اتخاذ قرار ما إذا كانوا يتبعون المثال الإسرائيلي ويختارون الحرب على السلام أم لا.

 

فهل نحن «أقول (نحن) كمواطنة بريطانية» مستعدون أن نغمض العين عن مقتل الآلاف أو ربما مئات الآلاف من الشعب العراقي بمن فيهم نساء وأطفال ورضع؟

 

يقول تقرير تسرب من الأمم المتحدة: يمكن أن يتعرض حوالي 500 ألف عراقي لإصابات خطيرة خلال المرحلة الأولى من مهاجمة العراق، كما يرى التقرير أن حوالي 10 ملايين عراقي ربما يحتاجون إلى المساعدة خلال وما بعد الحرب، وحذر من مشكلة لاجئين هائلة.

 

ألا يعطينا هذا غذاء للتفكير فيما إذا بإمكاننا تقبل مثل هذا العدد الهائل من الإصابات؟

 

إن المؤشر الحقيقي على مشاعرنا اتجاه حرب بوش الوقائية هي استطلاعات الرأي التي جاء فيها أن معظمنا يريد حلاً سلمياً لمسألة نزع أسلحة العراق، هناك ما يقرب من عشرة ملايين شخص قلقون صوتوا بأقدامهم في شوارع أكثر من 600 مدينة في العالم يوم 10 فبراير.

 

ومع ذلك وفي «ديمقراطياتنا» قام قادتنا بتجاهل تعبيرنا عن تضامننا مع الإنسانية، وقال جورج بوش عن ملايين المحتجين بأنهم مجرد جماعات ذات مصالح، ولو كان صادقاً فإنني أتشرف بأن أكون عضواً في هذه الجماعات، فهي تؤمن بالحياة على الموت والإيثار على الجشع، وهذا يلخص كل ما هو جيد بالنسبة لبني الإنسان.

 

يعترف (توني بلير) بأنه فشل في إقناعنا بعدالة هذه الحرب ولكنه يتمسك بتكبر بصحة ما يعتقد، ويراهن بلير على صحة استقامته الأخلاقية ضد معظم رجال الدين بمن فيهم البابا الذي طلب منه وجها لوجه «تجنب مأساة الحرب».

 

وهناك الشيخ محمد سيد طنطاوي، إمام الأزهر، وكمعارض آخر للعدوان الأميركي، قال الشيخ طنطاوي: إننا نرفض أي أذى يقع على الشعب العراقي الذين هم جزء لا يتجزأ من العالمين العربي والإسلامي.

 

وأصدر رئيس أساقفة كانتربري روان وليامز تصريحاً مشتركاً نادراً مع نظيره الكاثوليكي الكاردينال كورماك مورفي – اوكنور يستنكران فيه أي أسس «أخلاقية» للحرب ويشجبان أي خطب شبه دينية يستخدمها قادة معينون لاستثارة الدعم، ويظهر من كلمات بلير وأفعاله بأنه يعرف أفضل من غيره معنى هذه المقولات.

 

صورت صحيفة «ديلي ميرور» البريطانية رئيس الوزراء البريطاني والدم يقطر من كفيه المقلوبتين للأعلى وعلى صفحتها الأولى، ولكن ما لم توضحه الصحيفة هو أن دماء أطفال العراق وأطفال فلسطين ستقطر من أيادينا جميعاً إذا سمحنا لهذه الحرب أن تقع، لذلك يجب علينا نحن الذين نعيش في مجتمعات ديمقراطية أن نظهر مشاعرنا للجميع بوسائل احتجاج سلمية وبالرسائل والاتصالات الهاتفية والبريد الإلكتروني، وإذا رفض قادتنا أن يستمعوا لنا فإن ديمقراطياتنا هي ديمقراطيات ظاهرية مزعومة وليست أكثر من مجرد رياء ودجل، وسنكون عندها قد حاولنا على الأقل.

إننا نحاول تسكين ضمائرنا بالقول لأنفسنا إنه إذا وافقت الدول الأعضاء في مجلس الأمن على نزع أسلحة العراق بالقوة فهذا أمر جيد، ولكن هل الأمر كذلك فعلاً؟ في الوقت الذي أكتب فيه يجري في الأمم المتحدة وخلف الأبواب المغلقة، إكراه وتهديد ورشوة دول من قبل مبعوثي دعاة الحرب الأقوياء.

 

لقد عرض على تركيا ستة مليارات دولار للسماح للجنود الأميركيين باستخدام أراضيها كمنصة انطلاق للغزو وهي تطالب بـ 30 ملياراً، وهددت ألمانيا بعزلة اقتصادية، كما تعرضت فرنسا إلى إهانة لفظية، كما تستمال المكسيك بسلسلة من المكافآت الاقتصادية، بينما يتم اختبار العرب بعبارات تقول «احذروا! يمكن أن يأتي الدور عليكم».

 

لقد قام حوالي 141 وزير خارجية يمثلون أكثر من 50% من سكان العالم بالتعبير عن معارضتهم للحرب التي تقودها الولايات المتحدة على بغداد وطالبوا برفع العقوبات الجائرة، فهل نحن نقبل نداء إلى صدور أي قرار من الأمم المتحدة يصف الحرب مع العراق بأنها إرادة المجتمع الدولي؟

 

تذمرت روسيا من الضغط الذي تتم ممارسته «من الولايات المتحدة» على رئيسي مفتشي الأسلحة هانس بليكس ومحمد البرادعي للإعلان بعدم تعاون العراق، وربما رأت الحكومة الروسية، كما رأى الكثير منا، أن من المريب أن تتم استضافة المفتشين بشكل متواصل من قبل واشنطن ولندن قبيل زياراتهم إلى بغداد.

 

وما زال بليكس والبرادعي يقولان إنهما يريدان المزيد من التعاون الفعال وبغض النظر عما ينطوي عليه ذلك، وبذلك وضعوا النظام العراقي أمام خيار صعب، ومع وجود العدو على الباب واهتمام العراق الأكبر بالدفاع عن النفس، قيل للعراق إنه يجب تدمير صواريخه من نوع «الصمود» قبل الأول من مارس لأنها تتجاوز المدى المسموح به وهو 150كلم بمقدار 20كلم الذي يعتقد معظم الناس أن لا أهمية لها.

 

ومع موافقة العراق على ذلك تصبح البلاد مكشوفة وإن لم توافق تتهم بالانتهاك المادي للقرار 1441 الأمر الذي يحتمل أن يصبح شعلة الحرب، العراقيون يسعون لإجراء مباحثات، لكن بليكس عنيد.

 

وحتى لو كنا نرغب في وضع أيدينا على آذاننا وأعيننا عندما يتعلق الأمر بالعراق ونقنع أنفسنا بأن كل خطأ سببه صدام حسين وفقاً لما يقول (توني بلير)، فماذا عن الفلسطينيين؟ فكيف يمكن أن تؤثر الحرب مع العراق عليهم؟

 

هل يهتم بذلك أحد؟ قامت الولايات المتحدة بإعارة “إسرائيل” قدرات دفاع صاروخية لحماية الإسرائيليين، وقام شارون بتوزيع أقنعة واقية من الغازات على المواطنين الإسرائيليين في حالة إطلاق العراق لصواريخ تحمل رؤوسا بيولوجية أو كيماوية على “إسرائيل” وهو أمر غير محتمل، كما أن لدى الإسرائيليين الفرصة والمال لشراء معدات واقية.

 

ولكن ترك الفلسطينيين دون أي شيء يدافعون به عن أنفسهم في حالة تعرضهم لهجوم، مع أنهم كشعب محتلة أرضه، فإن مسؤولية سلامتهم تقع على عاتق الدولة التي تحتل أرضهم، وقامت عدة منظمات حقوق إنسان بتقديم عريضة إلى المحكمة الإسرائيلية العليا، طالبة إجبار الحكومة الإسرائيلية على توزيع أقنعة واقية من الغازات على الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، لكن رفض هذا الطلب.

 

ويقول الكثير من النقاد في الشرق الأوسط بمن فيهم مئة من المفكرين والأكاديميين الإسرائيليين إن شارون ينتظر بشغف بداية سقوط القنابل على العراق لكي يبدأ بتنفيذ حلمه في «إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات».

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....