الأحد 11/مايو/2025

إسرائيل والانتفاضة في فبراير 2003 الحسم قبل الحرب الأمريكية

إسرائيل والانتفاضة في فبراير 2003 الحسم قبل الحرب الأمريكية

في شهر شباط/ فبراير 2003 -وكما كان الحال في الشهر السابق- لم يتغير سلم أولويات المؤسستين السياسية والأمنية في دولة الاحتلال في كل ما يتعلق بمواجهة الانتفاضة الفلسطينية. فقد واصل الجيش الإسرائيلي العمل على تدمير البنية التنظيمية والعسكرية والمؤسساتية: الاجتماعية والمدنية لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في قطاع غزة. لكن في شهر شباط/ فبراير تبين أن دوائر صنع القرار الإسرائيلية ارتأت أنه يتوجب تكثيف الضغط العسكري على “حماس” للعديد من الأسباب:

1- اعتبار أن “حماس” تجاوزت الخطوط الحمراء الإسرائيلية عندما كررت قصفها لمدينة “سديروت” التي تقع داخل فلسطين 48، وتبعد أقل من كيلومتر واحد عن مزرعة شارون الخاصة المسماة “حفات هشكميم”.

2- لأن المسئولين عن بلورة التقييمات الإستراتيجية في شعبة الاستخبارات العسكرية الأمنية الإسرائيلية المعروفة باسم “أمان” اعتبروا أن رفض “حماس” كل المبادرات الداعية إلى وقف العمليات الاستشهادية، والتي وردت خلال لقاءات القاهرة بين الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية هو أمر يستدعي “تلقين حماس درسًا لن تنساه” كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أهارون زئيفي فركش، وذلك من أجل إيصال رسالة إلى فصائل المقاومة الفلسطينية مفادها أنه لا يجدر بها اقتفاء أثر “حماس” في هذا التوجه، وإلا فإنها ستتعرض لما تعرضت له “حماس”.

3- إدراك المؤسستين السياسية والأمنية ضرورة إرساء حقائق على الأرض في الساحة الفلسطينية قبل انتهاء الحرب الأمريكية المتوقعة على العراق، على اعتبار أنه يفترض عندئذ أن يضغط العالم من أجل استئناف العملية التفاوضية، وبغض النظر عن جدية الحكومة الجديدة في التعامل مع هذا الاستحقاق فإن هناك اتفاقًا بين مكتب شارون وهيئة أركان الجيش على أنه يتوجب بذل أكبر جهد عسكري من أجل تحقيق الحسم العسكري ضد الشعب الفلسطيني قبل أي عملية سياسية منتظرة، على اعتبار أن تحقيق الحسم العسكري في المواجهة مع الفلسطينيين سيعمل على خفض توقعات الفلسطينيين من أي مفاوضات مرتقبة.

ونظرًا لأن “حماس” في قطاع غزة تتولى بشكل واضح القيام بمعظم عمليات المقاومة ضد الاحتلال، فقد صدرت التعليمات لتكثيف العمل العسكري ضدها. وهنا يمكن الإشارة إلى أبرز أوجه القمع التي قام بها جيش الاحتلال ضد “حماس” في قطاع غزة بشكل خاص، وضد الانتفاضة بشكل عام في كل الأراضي الفلسطينية خلال الشهر الماضي.

اقتحام أعماق غزة

قام جيش الاحتلال خلال شهر شباط/ فبراير 2003 باثنتين من أوسع عمليات الاقتحام في قطاع غزة منذ اندلاع الانتفاضة:

1- ففي 19-2-2003 اقتحمت قوات الاحتلال كلا من حي “الشجاعية” وحي “الدرج”، وبلدة “جباليا”، على اعتبار أن هذه المناطق تمثل معاقل لأنصار “حماس” في قطاع غزة. وأسفرت هذه العملية عن استشهاد 13 فلسطينيًّا، وجرح العشرات، وتدمير خمسة منازل، إلى جانب تدمير ما تدعي قوات الاحتلال أنها منشآت لتصنيع قذائف الهاون وصواريخ “القسَّام”.

في هذه العملية قام أحد استشهاديي “كتائب عزّ الدِّين القسَّام الجهاز العسكري لحماس” ويدعى عبد الكريم البكرون ـ بتفجير نفسه في إحدى الدبابات، وهذه تعتبر سابقة لم تحدث منذ اندلاع انتفاضة الأقصى.

اللافت للنظر أنه باستثناء شهيد واحد، فإن أيًّا من الشهداء الآخرين في هذه العملية لم يكن من “حماس”، وهذا يعني أن عمليات الاقتحام لم تؤثر بشكل خاص على “حماس”، وهذا ما يدركه أيضًا قادة الأمن الإسرائيلي، لكن ما لا يصرحون به هو أنهم يسعون من وراء هذه العمليات إلى زيادة الضغط على السكان المدنيين من أجل أن “يثوروا” هم ضد “حماس”، على اعتبار أن عملياتها هي التي تستدعي هذا النوع من ردة الفعل الإسرائيلية العنيفة!

ما شكل أيضًا سابقة في عملية الاقتحام كان حرص قوات الاحتلال على تدمير مدرسة “دار ابن الأرقم”، وهي مدرسة أسسها الشيخ أحمد ياسين مؤسس “حماس” وقائدها. وقد جاءت هذه الخطوة على اعتبار أن هذه المدرسة جزء مما تعتبره دولة الاحتلال “البنية المدنية الاجتماعية” لحماس في قطاع غزة، وقد تكون هذه مجرد نقطة بداية في حملة واسعة على مثل تلك المؤسسات.

2- وفي 23 –2-2003 قامت قوات الاحتلال بإعادة احتلال بلدة “بيت حانون” بالكامل، حيث تم تدمير عدد من المنازل، وتم قتل الشيخ عبد السبع أحد قادة حركة “الجهاد الإسلامي” في البلدة وتدمير منزله، مع العلم أن نجله كان قد استشهد لدى محاولة تنفيذ عملية استشهادية في موقع عسكري للاحتلال شمال قطاع غزة، وقد تم تدمير عدة منازل أخرى في البلدة إلى جانب تدمير ما تبقى فيها من جسور.

وقد برّر جيش الاحتلال هذه العملية بأنها جاءت لتقليص قدرة الجهاز العسكري لحماس على إطلاق صواريخ “القسام” على المدن الإسرائيلية الواقعة داخل فلسطين 48.

وقد هدد وزير الدفاع الإسرائيلي بأنه من غير المستبعد أن يقوم جيش الاحتلال بإعادة احتلال منطقة شمال قطاع غزة -بما فيها “بيت حانون”- لوقت طويل في حال تواصل إطلاق صواريخ القسام.

عمليات الاغتيال.. حماس أولا

المرشحون للتصفية والاغتيال حسب القوائم الإسرائيلية كانوا من عناصر “حماس” بشكل خاص، فقد قام جيش الاحتلال باغتيال ثمانية من عناصر الحركة في فبراير 2003، وكانت أكثر هذه العمليات وحشية في 17-2-2003 عندما تمت تصفية ستة من عناصر “كتائب عز الدين القسام” جراء عملية استخبارية بالغة التعقيد؛ إذ إن الاستخبارات الإسرائيلية الداخلية “الشاباك” -بواسطة عملائها- استطاعت إيصال طائرة بدون طيار لحماس، حيث كان عناصر الحركة يرغبون في استخدامها في تنفيذ عمليات فدائية، لكن “الشاباك” قام بزرع متفجرات داخل جسم الطائرة، وفي الوقت الذي كان فيه عناصر “حماس” الستة حول الطائرة في أحد المنازل في حي الزيتون انفجرت الطائرة فقتل الستة على الفور.

وقد اغتالت قوات الاحتلال أيضًا رياض أبو زيد من مخيم “البريج” وسط القطاع، بدعوى أنه قائد الجهاز العسكري لحماس في القطاع.

وفي الضفة الغربية اغتالت قوات الاحتلال عنصرًا آخر من “حماس” إلى جانب اغتيال أحد عناصر “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” في مخيم “عين بيت الماء” المتاخم لنابلس شمال الضفة الغربية.

وفي هذا الشهر بلغت حصيلة الشهداء الفلسطينيين منذ اندلاع الانتفاضة 3000 شهيد، من بينهم 550 على الأقل دون الثامنة عشرة.

اعتقال زوجات المجاهدين

في شهر شباط/ فبراير 2003 واصلت قوات الاحتلال ما شرعت فيه قبل عام، وهو اعتقال زوجات قادة “حماس” المعتقلين من أجل ممارسة الضغط عليهم وإجبارهم على الاعتراف بالتهم التي توجهها لهم الاستخبارات الإسرائيلية. وقد تمثل هذا الإجراء الهمجي في اعتقال زوجة الشيخ جمال (أبو الهيجا) أبرز قادة “حماس” في شمال الضفة الغربية المعتقل في السجون الإسرائيلية، الذي تتهمه الاستخبارات الإسرائيلية بالمسئولية عن الجهاز العسكري لحماس في شمال الضفة، وعن جميع العمليات التي قام بها هذا الجهاز.

كما اعتقل الجيش زوجة الشيخ المعاق صبيحة عيد الأضحى، على الرغم من أنها تعاني من مرض سرطان المخ، وعلى الرغم من أن نجلها الأكبر أيضا معتقل، وجاءت هذه الخطوة من أجل زيادة الضغط النفسي على الشيخ (أبو الهيجا) وإجباره على الاعتراف.

وقد سبق لقوات الاحتلال أن أقدمت على مثل هذا الإجراء عندما اعتقلت زوجة الشيخ عباس السيد -قائد “حماس” في “طولكرم”- واعتقال زوجة الشيخ فلاح ندى من “رام الله” الذي تتهمه قوات الاحتلال بالتخطيط لقصف قلب المستوطنات اليهودية في القدس الغربية بصواريخ القسام.

واستهداف زوجات قادة “حماس” بالذات بالاعتقال يأتي لأنه في الغالب لا تنجح أساليب التعذيب الجسدية القاسية مع هؤلاء في إجبارهم على الاعتراف بما ينسبه لهم جلادو الاستخبارات الإسرائيلية، فكان هذا الأسلوب الدنيء من أجل إجبارهم على الاعتراف.

إلى ذلك اعتقلت قوات الاحتلال أربعًا من الفتيات الفلسطينيات في منطقة “بيت لحم” بتهمة التخطيط لعمليات فدائية.

لكن هذا الشهر شهد تصعيد الاعتقالات في صفوف الكوادر السياسية، حيث تم اعتقال تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وعضو المكتب السياسي في الجبهة الديموقراطية، وكذلك اعتقال إبراهيم “أبو حجلة” عضو المجلس الوطني الفلسطيني من مدينة “رام الله”. وفي الوقت نفسه لم تتوقف عمليات الاعتقال التي تستهدف الكوادر الميدانية لحركات المقاومة في جميع أرجاء الضفة الغربية، وكذلك عمليات الاعتقال التي تتم خلال عمليات التوغل في قطاع غزة.

وفي هذا الشهر توفي أحد المعتقلين الفلسطينيين في سجن “نفحة” الصحراوي بسبب الإهمال الصحي، وكذلك شهد ولادة إحدى المعتقلات وتدعى “ميرفت طه” مولودها في سجن “الرملة”، وهذه المرة الرابعة منذ العام 1967 التي تضع فيها أسيرة فلسطينية مولودًا في السجن الإسرائيلي.

شل حركة الفلسطينيين

في فبراير 2003 عكفت قوات الاحتلال على فرض مزيد من القيود على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، فبين الحين والآخر يتم تقسم قطاع غزة إلى ثلاثة أقسام، في حين أن الحصار لا يزال مفروضًا على معظم البلدات والمدن في أرجاء الضفة الغربية. وبالطبع فإن وسيلة قوات الاحتلال في إحكام الحصار هي إقامة الحواجز العسكرية. وحسب تصريحات وزير الصحة الفلسطيني أحمد الشيبي، فإن 89 فلسطينيا قد توفوا على هذه الحواجز بعد أن أخَّر جنود الاحتلال نقلهم إلى المستشفيات.

نهب أموال السلطة

من المعروف أن إسرائيل قامت بتجميد مئات الملايين من الدولارات التي تعود للسلطة ووضعتها تحت تصرف وزارة المالية الإسرائيلية. وفي فبراير 2003 قامت إسرائيل لأول مرة بتحويل جزء من هذه الأموال لصالح الشركات الإسرائيلية الحكومية. ففي 2-2-200

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....