خذني نحو القدس مشتاق إليها

في هذه الأيام التي تعج بالعديد من المتناقضات التي تمر بها الأمة في جميع مجالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي هذا الظرف العصيب الذي يعيشه أبناء الأمة أجد نفسي مضطراً للوقوف في ميدان المقارنة والموازنة بين ماضي الأمة المجيد وحاضرها المليء بالمصاعب والشدائد.
ِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِتذكرت حال الأمة يوم أن كانت صاحبة السيادة في هذه المعمورة، مهابة الجانب قوية الموقف عصية على أعدائها، واستعرضت حاضرها اليوم وهي مسلوبة الإرادة معدومة القرار حتى هانت على نفسها وعلى الآخرين لا يعبأ بها أحد ولا يحسب لها حساب، فقلت في نفسي لله درك أيتها الأمة ما دهاك؟ وما الذي أضعف قواك؟ هل شاخت الأمة وهرمت؟ أم أنها تنكبت الطريق فضاعت؟ أم يا ترى ماذا قد حصل لها وحل بساحتها؟
عندها تذكرت أن الأمة موعودة بذلك ولكنها غفلت أو تغافلت، نسيت أو تناسيت، فقد حل بها ماحذرها منه موجهها وقائدها رسول الأمة محمد صلى الله عليه وسلم حين قال:
“ستتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا أومن قلة نحن يومئذ؟ قال: لا أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل.”
عدت إلى أمجاد الماضي ثانية ليس رجوع القهقرى والانكفاء ولكنها عودة العاقل الحكيم الذي يريد أن يجد له في تراثه ما يقوي به عزيمته ويشد به أزره، فوجدت بين ثناياه مواقف العزة والمجد التي سطرها الأسلاف حتى أصبحوا سادة الدنيا وقادتها وسلموها لمن بعدهم أمانة في الأعناق آملين أن يحافظ الأبناء على ذلك الإرث الكبير، فكانت النتيجة مغايرة لذلك تماماً حتى تحول النصر إلى هزيمة، والقوة إلى ضعف.
عندها تخيَلت عمر بن الخطاب وهو ينظر متفحصاً واقع الأمة ويسير في طرقاتها، يسأل عن أحوالها ويستفسر عن أبنائها، وكأني به يسير مع خادمه ليطلع عن كثب ولينظر عن قرب فيسأل خادمه الذي يرافقه وهو يرى بأم عينيه ما حل بالأمة من بعده ولسان حاله يقول:
أين أفواج الدعاة؟
أين أهل العلم أهل الباقيات الصالحات؟
أين من قد غيروا مجرى الحياة؟
قال: يا مولاي هم كثر ولكن نصفهم عند البلاط يجمعون المكرمات!
ربعهم ألجمه الخوف لجاماً، وتلا آية ” لا تلقوا بأيديكم ” فمات!
نصف ربع يملأون المكتبات ببحوث راقيات.
نصف ربع قد تلاشى صوتهم في هدير المنكرات.
قال: فلنخرج إذن نحو الفلاة، ومضى يمشي يجوب الطرقات.
سيطرات وحدود فاصلات، من بناها؟
قال: يا مولاي أفواج الغزاة.
من غزانا؟ عابدو عزى ولات؟ فاستباحوا الحرمات!
قال: بل كل الطغاة.
قال: سحقاً، لا حدود، لا حدود، لا حدود،،،
خذني نحو القدس مشتاق إليها، حيث مسرى سيدي خير الوجود.
وأنا يوماً تسلمت مفاتيح المدينة عندما كنا أسود.
فأجاب بدموع غمرت فوق الخدود، قال يامولاي يحكمها اليهود!
اليهـود؟ الخنازير القـرود؟
أين أفواج الدعاة؟
أين عشاق الجهاد؟
أين من كانوا خفافاً كلما قد سمعوا حيعلة طاروا إليها بثبات؟
أين من قد غيروا مجرى الحياة؟
أين أهل العلم أهل الباقيات الصالحات؟
كيف ناموا؟ كيف صلوا؟ كيف صاموا؟ ويهود الغدر في المسرى أقاموا؟
قال: يامولاي قد ذاعوا بياناً! شجبوا واستنكروا ثم أدانوا! أهلك الله مديناً ومدانا.
ثم ماذا؟ ثم فوضنا حناناً لتعيد العتبات!
أعطني سيفي لكي تمحى الرؤوس الجاهلية، أعطني سيفي لكي تمحى الرؤوس العفنات!
هذا هو حال الأمة اليوم، وهذه هي أوضاعها المتردية كما يراها ابن الخطاب الذي نتخيله ينظر بعين البصيرة عبر القرون الخوالي ليرى الأمة وقد آلت إلى حال لا تحسد عليه، ضعف وهوان وانكفاء وضياع، فلا هي قد حافظت على إرثها، ولا هي قد خططت لمستقبلها، جعلت قيادها بيد غيرها، وسلمت أمرها لمن يريد الكيد بها، فاستبيحت حرماتها واحتلت مدنها، ودنست مقدساتها، وإذا بالمسجد الأقصى يئن تحت حراب المحتلين، واكتفت الأمة بالتنديد والشجب والاستنكار وإصدار البيانات التي لا يتجاوز مداها القاعات التي تتلى فيها وتصدر منها.
وإذا كان ابن الخطاب يحن إلى القدس ويشتاق إلى ربوعها وهو الذي تسلم في يوم من الأيام مفاتيحها فحري بالأمة اليوم أن تعمل على المحافظة عليها والدفاع عنها والذب عن حياضها وأن تنفض عنها غبار الهزيمة فالتاريخ لا يرحم أحداً، وكما سجل بالأمس انتصارات أبنائها ومجدهم فإنه لا شك سيسجل لهذا الجيل تخاذله وضعفه إن لم تعد الأمة إلى رشدها وتوحد شملها لتقف صفاً واحداً بوجه الغزاة الطامعين.
هي دعوة مخلصة إلى المسؤولين والقائمين على أمر هذه الأمة بأن يفتحوا صفحة جديدة يقفوا من خلالها بوجه الأعداء بإمكاناتهم العديدة التي حباهم الله إياها لبناء الغد المشرق وإلا فإن الدائرة ستدور عليهم عما قريب، وإن غداً لناظره لقريب.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...