عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

تعاظم التحديات الفلسطينية وسباق الأمتار الأخيرة

تعاظم التحديات الفلسطينية وسباق الأمتار الأخيرة

  صحيفة البيان الإماراتية 21/10/2006

 

التحديات أمام الوضع الفلسطيني أخذت في الأيام الأخيرة طابعاً متصاعداً يتسم بجدية بالغة، وبتعاظم المخاطر التي من شأنها أن تعمق الأزمة التي يعاني منها الفلسطينيون على مختلف الصعد منذ الانتخابات التشريعية التي وقعت في يناير من هذا العام، وحققت خلالها حركة حماس فوزاً كبيراً أهلها لتشكيل حكومة فلسطينية لم تحظ حتى الآن بفرصة لاختبار قدرتها على تحقيق الشعارات والأهداف التي وعدت الجماهير الفلسطينية بها .

“إسرائيل” تعتمد خطاباً مزدوجاً، فالمستوى السياسي يعبر عن رغبة رئيس الحكومة إيهود أولمرت واستعداده للقاء الرئيس محمود عباس بدون شروط مسبقة، ويؤكد من ناحية أخرى رفضه التفاوض أو التعامل مع حكومة حماس. الأنباء الصادرة عن دوائر رئيس الحكومة الإسرائيلية تلقي بالمسؤولية عن فشل الجهود والتحضيرات للقائه بالرئيس عباس على الأخير الذي حسب المصادر ذاتها يشترط الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين قبل إجراء اللقاء، فيما يرفض أولمرت ذلك قبل الإفراج عن الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليت .

آخر المحاولات للإفراج عن شاليت، في إطار صفقة تتضمن الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين قام بها رئيس المخابرات المصري عمرو سليمان، الذي زار دمشق يوم السبت الماضي، التقى خلالها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل وعدداً آخر من قيادتها، ولكن من دون أن يسفر ذلك عن نتائج محددة.على خط موازٍ تتصاعد لغة الحرب، والتهديدات بقيام جيش الاحتلال الإسرائيلي باجتياح قطاع غزة، تقدر بعض المصادر أن يتم بعد عطلة عيد الفطر .

وزير الدفاع عمير بيرتس خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست يوم الاثنين الماضي، السادس عشر من هذا الشهر، أكد أنه أصدر أوامره للجيش بتوسيع العمليات العسكرية في القطاع، فيما واصلت قواته اقتحام بعض القرى في محيط نابلس، وفي بلدة قباطية، إضافةً إلى استمرار القصف والاجتياحات الجزئية على بعض مناطق قطاع غزة .

الذريعة الإسرائيلية الجاهزة هذه المرة، والتي يمكن أن تجد آذاناً صاغية من قبل الدوائر الأميركية، تتصل بالحاجة لوقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية، ووقف تسلح المنظمات الفلسطينية. الدوائر الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية تتحدث عن قيام بعض الفصائل الفلسطينية بتهريب قذائف صاروخية متطورة مضادة للدبابات، ووسائل قتالية متطورة أخرى إلى القطاع عبر حدوده مع مصر، وتضيف أن ذلك يتم بمساعدة من قبل سوريا وإيران .

وحتى تضفي على ذرائعها شيئاً من المصداقية، والإثارة والتحريض تحذر “إسرائيل” من أنها لن تسمح بنشوء وضع في قطاع غزة شبيه بالوضع في جنوب لبنان، وبأن الفصائل الفلسطينية ضاعفت نشاطاتها في مجال تهريب الأسلحة والوسائل القتالية بعد الحرب بين “إسرائيل” وحزب الله .

في حقيقة الأمر فإن “إسرائيل” تستهدف التحريض على السلطة الوطنية باعتبار أنها ترفض اليد التي يمدها أولمرت لمحمود عباس من أجل متابعة المفاوضات، وبحيث تخلق وضعاً إقليمياً ودولياً مريحاً لها في حال قيامها بعدوان واسع على قطاع غزة، يستهدف قطع الطريق على إمكانية تحقيق توافق وطني فلسطيني يؤدي إلى إيجاد مخارج من الأزمة والحصار الذي تتفاقم آثاره يوماً بعد آخر .

على صعيد آخر تتفاقم التناقضات الداخلية الفلسطينية وتتخذ بين الحين والآخر طابعاً عنيفاً، يسمح بوقوع اشتباكات، تثير القلق لدى الشارع الفلسطيني من إمكانية تصاعدها وانزلاقها نحو حرب أهلية مدمرة، يرفضها الجميع نظرياً وكلامياً فيما تستمر الحملات الإعلامية، وعمليات التحشيد والتحريض، ولغة الاتهامات الصعبة بين الطرفين حماس وفتح، بما يعمق حالة العداء لدى القواعد الحزبية والمناصرين من كلا الطرفين .

في ظل مثل هذه الأوضاع تتزايد حالة التشاؤم لدى الشارع كما لدى الأوساط السياسية، وأوساط النخب الاجتماعية والثقافية وممثلي القطاع الخاص، إثر فشل الحوار، والوساطات، في تقريب وجهات النظر والتوافق على برنامج سياسي مقبول عربياً ودولياً يؤسس لتشكيل حكومة وحدة وطنية يرغبها الجميع، ويرون فيها الحل الأفضل والأقل تكلفة للخروج من الأزمة .

انطلاقاً من هذا الشعور بادر مئات من هؤلاء لتقديم مبادرة تقول بإقامة حكومة كفاءات مستقلة لمدة عام، شرط أن تحظى بتوافق الجميع وشبكة أمان من قبل المجلس التشريعي. بنظر هؤلاء ووفق مبادرتهم فإن مثل هذه الحكومة ستقوم بدور تنفيذي مهني فيما يحال الملف السياسي وملف المفاوضات إلى الرئاسة ومنظمة التحرير، الأمر الذي يعفي حركة حماس وأطراف أخرى من حرج الإجابة عن اشتراطات المجتمع الدولي، وفي الوقت ذاته يمكن لها أن تتحرك لفك الحصار ومعالجة الأزمة، فيما يتيح وجودها لمدة عام الفرصة الكافية لانفتاح الحوار الفلسطيني من أجل إقامة حكومة وحدة وطنية في ظروف أفضل من الظروف الراهنة .

الرئيس محمود عباس خلال كلمة له أمام الصحافيين مساء اليوم ذاته الذي جرى فيه الإعلان عن المبادرة، عبّر عن موافقته وترحيبه لها، رغم أنه أشار إلى وجود خيارات أخرى، ما عدا استمرار الوضع القائم باعتبار أن ذلك أصبح أمراً مستحيلاً قبوله أو التعايش معه .

حركة حماس التي ترفض الخيارات الأخرى التي يلوح بها الرئيس محمود عباس، باعتبارها خيارات خطرة تدفع نحو الاقتتال، واصلت التعبير عن رغبتها في إقامة حكومة وحدة وطنية كخيار يحظى بالأولوية، بل ربما الخيار الوحيد الذي تقبل به الحكومة، وتبدي استعداداً لمواصلة الحوار من أجل تحقيقه. على أن ثمة شعوراً متزايداً لدى قيادات حماس كما لدى الآخرين بأن الأمور بلغت ذروة التوتر، وأن الوقت آخذ في النفاذ، ذلك أن الرئيس عباس يحضر نفسه لإلقاء خطاب هام بعد عيد الفطر، على الأرجح أنه يتضمن رؤيته للحل أو للخيار الذي سيتخذ بشأنه قراراً. كان لافتاً التحذير الذي صدر عن نائب رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم العالي، الدكتور ناصر الدين الشاعر، من أن المخاطر تنتظر الجميع جراء استمرار حالة التشتت في الموقف الفلسطيني واستمرار الاقتتال الداخلي .

د. الشاعر الذي انفرد بالاعتراف صراحة بوجود أزمة لا يعترف بها زملاؤه من الوزراء ومن القيادات الحمساوية، شدد بوضوح على أهمية وقف مظاهر الفرقة والتشتت والاقتتال الداخلي، والتوجه نحو تشكيل حكومة تحظى بتوافق وطني عريض باعتبارها المخرج العملي للأزمة .

البعض اعتبر تصريحات الشاعر، اختراقاً لصالح الرئيس عباس الذي كان اجتمع بالرجل قبل أيام قليلة من حديثه، فيما اعتبره البعض الآخر مؤشراً على توجه في قيادة حماس، يعبر عن جدية التوجه نحو الحوار وإقامة حكومة وحدة وطنية. الحال ما يزال على حاله، والحوار متوقف بين حركتي حماس وفتح، والوساطات القطرية والمصرية والاندونيسية لم تحقق ما يبدل الشعور بالتشاؤم، فيما لم تنفذ الفرصة أمام إمكانية وقوع تحول نحو التوصل إلى اتفاق بشأن حكومة الوحدة .

والواقع أن تعطل الحوار واستمرار ظاهرة الاستقطاب السياسي وما يصاحبها من أعراض جانبية سلبية لا يعني أن الطريق قد أصبح مسدوداً أمام خيار حكومة الوحدة، ذلك أن كلمة السر في نجاح أي خيار هو التوافق الوطني، ولأن الخيارات الأخرى قد لا تلبي مثل التوافق، مما يعني الذهاب إلى خيارات خطرة، فإن خيار حكومة الوحدة يظل يحظى بالأولوية، خصوصاً وخطر العدوان الإسرائيلي الذي يستهدف الكل الفلسطيني، أهم وجدي، مما يتطلب من الجميع التوحد في مواجهته .

كاتب فلسطيني

 

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....