الإثنين 12/مايو/2025

حل حماس…أم حلٌ للمشكلة الفلسطينية؟

حل حماس…أم حلٌ للمشكلة الفلسطينية؟

  صحيفة الاتحاد الإماراتية 21/10/2006

 

المطبخ الأميركي عموماً فاشل ومؤذٍ؛ فالوجبات السريعة غير المدروسة تؤدي غالباً إلى سمنة تؤذي الصحة. والمطبخ السياسي الأميركي رغم عظمة وجبروت تلك الدولة ليس أكثر نفعاً أو فائدة أو ليس أقل أذى! فالوجبات هنا أيضاً سريعة وناجمة عن قرارات متسرعة مستندة إلى القوة التي لا تؤدي إلى حلول مستقرة. والوجبات السياسية واحدة، وكناية عن وصفات اعتمدت هنا وهناك. فلا دراسة للمشكلة وطبيعة البلاد المعنية بها ومحيطها والحسابات المختلفة التي تميز موازينها السياسية ولذلك فالفشل هو النتيجة الدائمة.

غريب أمر تلك الدولة. لا تتعلم من تجاربها، ولا تخطط جيداً ولا تدرس جيداً. ليس في حساباتها أصدقاء أو حلفاء، يعني شركاء لهم حق إبداء الرأي، وإذا أعطوا هذا الحق، فهي لا تحترم الآراء التي يعطونها، ولا تأخذ بها، فتنقاد إلى الفشل وتقودهم معها. بالنسبة إليها الدول فئتان: إما تابعة وملحقة، وإما عدوة أو خصم!

أقول ذلك اليوم، وأنا أتابع ما يجري في فلسطين وما يصدر عن المسؤولين الأميركيين. فليس سراً القول إنهم لا يريدون حركة “حماس”. لكنه لم يعد سراً أنهم لا يريدون الآخرين أيضاً أحراراً وأصحاب هدف وحلم بإقامة دولتهم على أرضهم. فلو كان الأمر كذلك، لالتزمت الإدارات الأميركية المتعاقبة بحماية مسيرة التسوية التي بدأت بين “أبوعمار” ورابين. وبحماية الاتفاقات التي وقعت بعد ذلك بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. أما عندما تكون الإدارات الأميركية إلى جانب “إسرائيل” ولا تلتزم إلا أمنها ومصالحها وحروبها تحت عنوان دفاعها عن النفس، وهي حروب إبادة ضد الشعب الفلسطيني، فإن الحقائق والوقائع أكدت أن ذلك لا ينتج سلاماً ومسالمين، بل ينتج حقداً وكرهاً ومقاتلين ضد الإرهاب الإسرائيلي.

اليوم، لا يريدون “حماس” في الحكومة منذ انتخابها وهم يريدون الديمقراطية! فكيف تصدق؟ وإذا صدقت أو سلمت بواقع أو بأمر واقع أو بجدل واقع! فهل يعملون لسلام واستقرار؟ ما هو البديل عن “حماس”؟ وكيف يمكن أن تعود السلطة إلى غيرها؟

ثمة خيارات محددة:

1- إما توافق بين القوى السياسية المختلفة، وهذا أمر لم يحدث، ولعبت الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية دوراً في ذلك.

2- إما استقالة رئيس الحكومة وهذا أمر لن يحدث.

3- حل المجلس التشريعي والدعوة إلى انتخابات مبكرة، وهذا احتمال قائم.

4- وثمة من يتحدث عن حكومة طوارئ يعلنها الرئيس الفلسطيني “أبومازن”.

5- حكومة تكنوقراط تحدث عنها أبومازن.

الاحتمال الأقرب هو الثالث، أي انتخابات مبكرة. ويبدو أن الفلسطينيين بدأوا يعيشون أجواء هذا الاحتمال. والهدف من وراء تغيير حكومة “حماس” كما تعلن أميركا هو التفاوض مع حكومة أخرى – “غير إرهابية”– كما يدعون.

جيد. هل هم يعملون لذلك؟

أعلنوا منذ أيام عن رصد مبلغ بقيمة 42 مليون دولار لحركة “فتح” لإجراء إصلاحات في هيكليتها قبل الانتخابات! ظناً منهم أنهم يفسحون المجال أمامها للنجاح! وهنا المشكلة الكبرى.

– يتحدثون عن ديمقراطية وانتخابات ويعلنون مسبقاً عن رغبتهم في التدخل فيها!

– الإعلان يحرج” فتح”. فإذا كانت الإدارة الأميركية تعتبرها حليفة، فهي تسقطها إذ يكفي أن تقول إن أميركا معك لينتفض الناس في وجهك. وأن تقول إن أميركا ضدك لتحظى بعاطفة ومباركة في أي موقع كنت!

– سيؤدي هذا الأمر إلى تعميق الخلاف الفلسطيني– الفلسطيني وكذلك الخلاف داخل “فتح”، وبالتالي سيضعفها!

– وإذا دفعت أميركا 42 مليون دولار لهذا الفريق الذي تعتبره مقبولاً -كي لا أقول حليفاً- فإن ثمة من سيدفع لـ”حماس” 420 مليون دولار وأكثر من قبل من يعتبرها حليفة. فهل تحل المشكلة بهذه الطريقة؟

– وماذا لو حصل كل ذلك وربحت “حماس” الانتخابات؟ ماذا ستفعل أميركا و”إسرائيل”؟

– وهل الوجه الآخر من الحل هو الإرهاب والحرب الشاملة ضد المناطق الفلسطينية والشعب الفلسطيني تحت ذريعة أن سلاحاً يهرَّب لـ”حماس”، ولابد من ضرب بنيتها العسكرية، قبل أن تشتد وتمتلك أسلحة متطورة، فتتكرر المعاناة التي عاشتها “إسرائيل” مع “حزب الله” كما يدعي القادة العسكريون الإسرائيليون؟

– وما الذي هزم “إسرائيل” في لبنان وهي خاضت حروباً عدة ضد اللبنانيين؟ السلاح فقط أم الإرادة هي الأساس؟ السلاح مهم. لكن الإرادة هي الأهم. وكلما لجأت “إسرائيل” إلى الإرهاب، كلما شعر الفلسطينيون أنه لا خيار أمامهم إلا القتال وبالتالي سيبقى الصراع مفتوحاً.

– وإذا افترضنا أن “الخطة” الأميركية لحل “حماس” قد نجحت في لحظة معينة فهل ثمة خطة للحل الفلسطيني؟ هل ستلتزم الإدارة الأميركية والحكومات الإسرائيلية بمسار السلام مع الفلسطينيين؟ هل سيراجعون التجربة مع “أبوعمار” و”أبومازن” والحكومات المتعاقبة؟

– هل سينفذون الاتفاقات السابقة ويعطون الفلسطينيين حقوقهم؟ أم أنهم سيعودون إلى القول إن “فتح” والسلطة الفلسطينية وكذا وكذا هم المشكلة وليسوا الحل؟ هل سيكونون شركاء أم سيعودون إلى السياسة القديمة؟

المسألة ليست بحاجة إلى كثير من البحث والنقاش. فأية صيغة وأي مشروع لا ينطلق من الإقرار بحق الشعب الفلسطيني ومن التغيير في السياستين الأميركية والإسرائيلية نحوه، ومن تقديم المساعدات المالية والاقتصادية والأمنية والسياسية والضمانات للشعب الفلسطيني فإن “حماس” وغير “حماس” من القوى الموجودة والتي قد تولد من رحم المعاناة ستصبح أقوى وأشد بأساً وعبثاً، يحاول المراهنون والمراهقون!

الحل على المستوى الفلسطيني يعيد الأمل إلى المنطقة وكل شعوبها. ويفتح الباب أمام احتمالات جديدة للتنمية والاستقرار، وقد كتبت في أكثر من مقال سابق وخاصة خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان، أن ثمة فرصة أمام العرب و”إسرائيل” وخصوصاً أمام إسرائيل لحل في المنطقة بعد أن ثبت مجدداً أن القوة العسكرية والإرهاب والحروب لا تضمن أمن إسرائيل ومستقبلها واستقرارها. الكل في حاجة إلى حل، والحل لا يمكن إلا أن يكون عادلاً. وأمام الطرق المقفلة حتى الآن في الملفات والساحات الأخرى يمكن الانطلاق من الساحة الأساس أي فلسطين وحل القضية المركزية الأم، وذلك يفتح الباب لحلول في الساحات الأخرى وليس العكس!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....