إسرائيل تدس أنفها بقضايا المنطقة والعالم

“إسرائيل” هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي تملك السلاح النووي، وهي في مقدمة الدول التي ترفض التوقيع على معاهدة منع انتشار النووي، ومع ذلك فإن وقاحتها لا تمنعها من استخدام الظرف الدولي السانح لدعوة مجلس الأمن الدولي إلى فرض عقوبات فعالة على إيران لمنعها من مواصلة برنامجها النووي.

فهذا الكيان الغاصب الذي لا يعترف بالقرارات الدولية بات يدس أنفه في قضايا المنطقة «صغيرها وكبيرها» ويسعى إلى تأليب المجتمع الدولي الذي تسيره الولايات المتحدة على طهران عبر بث مخاوف من نقل تكنولوجيا نووية من كوريا الشمالية إلى إيران.. والأولى به أن يطمر رأسه تحت التراب ويصمت كونه يمتلك ما بين «200» إلى «300» رأس نووي.

لكن وحسب مقولة «إن كنت لا تستحي..» فقد اقتنص المسؤولون الإسرائيليون نشوب الأزمة في شبه الجزيرة الكورية ليطالبوا المجموعة الدولية بالنظر إلى مخاطر انتشار الأسلحة النووية واتخاذ موقف أكثر حزماً ضد إيران وقد دعا السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة دان غليرمان المجتمع الدولي إلى «استخلاص العبر مما حصل مع كوريا الشمالية وجوب فرض عقوبات أكثر شدة على النظام الإيراني المختل الذي يدعو إلى محو “إسرائيل” عن الخريطة وينفي حصول المحرقة».

والواقع بتجلياته التي لا تقبل التأويل يقول إن المجتمع الدولي الذي تحركه إدارة الرئيس جورج بوش هذه الأيام نحو استهدافات محددة لدول «محور الشر» العراق وإيران وكوريا الشمالية يعلم تماما ما تملكه “إسرائيل” من ترسانة أسلحة غير تقليدية ومن بينها السلاح النووي «الرادع» فالكل يعلم الطريق الذي سارت عليه “إسرائي” لتصبح دولة نووية والبعض ساهم في إنشاء المفاعلات وتدريب العلماء الإسرائيليين على صنع قنبلة نووية فمفاعل ديمونة الذي بنته فرنسا وزودته باليورانيوم اللازم ومفاعل «ناحال سوريك» الذي أنشأته الولايات المتحدة وزودته باليورانيوم «235» المخصب ودربت كوادره في الولايات المتحدة، هذان المفاعلان اللذان أغلقا أمام التفتيش الدولي حتى الآن يعملان منذ عامي 1963 و1965 على إنتاج السلاح النووي، ورغم أن “إسرائيل” تنفي ذلك والعالم يصدقها ولا يسعى إلى محاسبتها كما يفعل الآن مع كوريا الشمالية وإيران فإن بعض المصادر تفيد أن “إسرائيل” جربت قنبلتها النووية عام 1966 تحت الأرض في صحراء النقب.

إن القيادة الإسرائيلية تدرك تماماً أن قضية سلاحها النووي منطقة محرمة أميركياً، ولا يقدر أحد من دول المنطقة طرحه أمام مجلس الأمن لذلك تتصرف على هذا الأساس بطمأنينة لا حدود لها بل تقدم نفسها كأحد الخيارات لمهاجمة أي مشروع نووي وتدميره في الشرق الأوسط كونه يشكل خطراً على وجودها في المنطقة واليوم تذهب تل أبيب بعيداً نحو مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية إذا فشل المجتمع الدولي في إقناع إيران بالتخلي عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

المشكلة لا تبدو في “إسرائيل” وحدها بل في الإدارة الأميركية الحالية التي تطلق يدها في إطار مشروع توليد «الشرق الأوسط الجديد» للعبث في القضايا الإقليمية والدولية كيفما شاءت وفي هذا السياق فقد اعتبرت تقارير أعدتها دوائر مختصة ومراكز أبحاث أميركية أن ارتباط السياسة الأميركية بالتوجه الإسرائيلي في المنطقة كان له عواقب وخيمة على دول المنطقة وشعوبها مشيرة من جانب آخر إلى أن التلويح بالقوة ضد إيران يأتي في إطار اللجوء إلى الحلول المستحيلة التي يصعب تحقيقها لأن نتيجتها مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار.