الإثنين 12/مايو/2025

حكومة حماس وخيارات الأطراف الأخرى

حكومة حماس وخيارات الأطراف الأخرى
صحيفة الدستور الأردنية 17/10/2006
 
 
من يتابع الحراك الدبلوماسي المتعلق بالقضية الفلسطينية يدرك أن أزمة الأطراف التي تستهدف حكومة حماس تبدو أكثر صعوبة من أزمة هذه الأخيرة ، ما يشير إلى أن مطاردة حكومة حماس لم تحقق النجاح وأن التعامل الواقعي معها قد غدا واحداً من الخيارات المطروحة، من دون أن يعني ذلك وقف لعبة الابتزاز والعزف على وتر التناقضات في الحركة رغم ما أثبتته وقائع الأيام الأخيرة من انسجام بين محاورها المختلفة.

لا خلاف على أن الموقف الأصلي الثابت سيبقى هو ذاته ممثلاً في إعادة حركة فتح إلى مواقعها القديمة ، وهو موقف يحظى بإجماع عربي إسرائيلي دولي ، لكن الوضع الراهن لا يمنح تلك الأطراف فرصة النجاح ، ولا بد تبعاً لذلك من المناورة لكسب الوقت ، إما انتظاراً لظروف أفضل ، وإما بحثاً عن تكتيكات لا تنطوي على أعراض جانبية من النوع الذي يصعب احتماله. لولا ملف الرواتب لكانت حكومة حماس في وضع معقول ، وهو ملف عجز ، رغم أهميته ، عن دفع الناس إلى الانقلاب على الحكومة ، والسبب هو أن عودة الوضع القديم تمثل كابوساً بالنسبة للكثيرين ، وما يفعله مسلحو فتح بالناس في الضفة الغربية لا بد أن يدفعهم نحو مزيد من التمسك بالوضع الجديد ، وفي العموم فإن الأمل بحل معضلة الرواتب يظل قائماً ويمكن للناس أن يتدبروا الأمر انتظاراً لذلك الحل ، لا سيما أن مساعدات كثيرة ما زالت تتدفق على الناس المحتاجين بما يحقق الحد الأدنى ، فيما يؤمل أن يتمرد الأوروبيون على التوجه الأمريكي ويتوقفوا تبعاً لذلك عن سياسة حجب المساعدات بعد أن منحوا واشنطن ما يكفي من الوقت لحل معضلة حماس من دون جدوى.

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد ، ذلك أن خيارات الانقلاب العسكري من خلال دعم الحرس الرئاسي وسواه من الأساليب المباشرة ، قد تفضي إلى اقتتال داخلي ، كما قد تفضي ، وهو الأهم بالنسبة للإسرائيليين ، إلى انهيار السلطة ، وصولاً إلى تصعيد شامل يخشاه الأمريكان تبعاً لغرقهم في المستنقع العراقي والأفغاني ، إلى جانب أزمة كوريا التي أثّرت سلباَ على مطاردة إيران. لكن التصعيد الإسرائيلي الأخير وأحاديث العملية العسكرية ضد القطاع قد تشير إلى جراحة من نوع آخر تنطوي على محاولة لاستعادة الهيبة بعد هزيمة لبنان من جهة ، كما تسعى من جهة أخرى إلى ضرب حكومة حماس عبر شل قدرات الحركة العسكرية ، وصولاً إلى تسهيل الانقلاب عليها داخلياً تحت ذريعة وصول الوضع الفلسطيني إلى طريق مسدود ، لكن أمراً كهذا لا يعني حلاً للمعضلة ، ولو كان كذلك لبادر إليه الإْسرائيليون منذ زمن.
 
عربياً يبدو موقف الأطراف التي تناهض حكومة حماس في غاية الحرج أمام الشارع فيما الفلسطينيون يناشدون العرب والمسلمين فك الحصار من حولهم ، لا سيما وهو حصار تساهم فيه الأطراف العربية ، ومعها الطرف الفلسطيني الذي يهيمن على السلطة. أما خيار الانتخابات الجديدة التي يلوح بها البعض فلا يبدو مقنعاً ، ليس فقط لأنه انقلاب مفضوح وغير مبرر على عملية ديمقراطية نزيهة يستبطن مناشدة للناس إعادة النظر في اختيارهم لأن ذلك سيوقف الرواتب،، بل أيضاً لأن نتائجها غير مضمونة أيضاً.

لذلك كله لا يبدو أمام الوضع العربي سوى العودة إلى الرشد ، واستغلال ارتباك الطرف الأمريكي الإسرائيلي ، وصولاً إلى دعم تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تشترط اعتراف حماس بالدولة العبرية فقط ، بل تكون حكومة مقاومة للاحتلال تستغل ارتباكه (بعد هزيمة لبنان) وارتباك حلفائه في فرض وقائع سياسية جديدة بروحية أخرى غير تلك التي جربت في أوسلو فلم تأت بنتيجة. هل ثمة فرصة لمسار من هذا النوع؟ نعم بالتأكيد ، لكن العجز العربي معطوفاً على مطالب الثأر الفتحاوي ما زالت تعطله ، من دون أن يغير ذلك في حقيقة أن جبهة الممانعة والمقاومة في الأمة هي الأقوى مقابل ارتباك الطرف الآخر ومحدودية خياراته.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات