الأربعاء 26/يونيو/2024

أبو ساجدة: فقد بصره في عشر سنوات من الأسر واستعاده بمجرد الإفراج عنه

أبو ساجدة: فقد بصره في عشر سنوات من الأسر واستعاده بمجرد الإفراج عنه

تكلّلت جهود الأطباء والطاقم الطبي في المستشفى العربي التخصصي بمدينة نابلس (شمالي الضفة الغربية) بالنجاح، وعاد النظر لعين “أبي ساجدة”، بعد أن حُرم منه لأكثر من عامين، نتيجة سياسة الإهمال الطبي في سجون الاحتلال الصهيونية.

وشكري الخواجا “أبو ساجدة”؛ هو أسير محرّر من قرية نعلين قرب رام الله، أمضى في سجون الاحتلال عشرة سنوات، في آخر وأطول رحلة اعتقالية، بينها سبعة عشر شهراً قضاها رهن الاعتقال الإداري (دون تهمة أو محاكمة)، وفقد خلال ذلك النظر بعينه اليمنى وضعف بصره بالعين اليسرى.

التقيناه على سرير شفائه في المستشفى، كان كنفس هيئته يوم التقيناه بسجن مجدو قبل ثماني سنوات تقريباً. كان جالساً على سريره وحوله يتحلّق المعارف والأصدقاء، الذين تعرّف عليهم خلال اعتقاله. وفي ساحة الغرفة؛ كان بعضهم يتسامرون ويتجولون تماماً كما كانوا يتجولون في السجن، أما هو فبدت همته عالية وروحه شبابية وهو يقول إنّ السجون لا يمكن أن تهدّ الرجال.

رجل السجون

ويُعد أبو ساجدة، وهو في منتصف الثلاثينيات من عمره وأب لطفلتين هما ساجدة وسجى لم يرَ أيا منهما خارج سجنه؛ من أبرز الوجوه المعروفة على الساحة الاعتقالية، إذ عمل خلال سنوات اعتقاله الطويلة في مجال تمثيل الأسرى أمام إدارات السجون وفي مواقع مختلفة بين شاويش وعضو لجنة حوار وما إلى ذلك من مسميات.

وللأسير المحرّر أبو ساجدة قصة طويلة مع رحلة الاعتقال الطويلة، فقد اعتُقل الخواجا لأول مرة في بداية الانتفاضة السابقة، وتحديدا في العام 1990، وصدر بحقه حكم بالسجن مدته ثلاث سنوات ونصف السنة تنقل خلالها في عدة سجون، وأُطلق سراحه بعد أن رُزق بطفلته ساجدة ليمكث خارج السجن ثمانية أشهر فحسب، قبل أن يُعاد اعتقاله مجدداً ليصدر عليه هذه المرة حكم بالسجن لمدة 9 أعوام وغرامة مالية قدرها 10 آلاف شيكل.

ويُعرَف أبو ساجدة كأحد رموز الثبات وتحدي النوائب، وقد مرّت عليه الأعوام ثقيلة في السجون لكنها كانت أضعف من أن تدفعه ليتأوّه.

ويقول من عرفوا الأسير شكري جيداً أنه عاش فترة اعتقاله الطويلة مثالاً يُحتذى للأسرى في سجون الاحتلال، فهو طيب الذكر، حسن الخلق، جميل المعشر، لين المعاملة مع رفاق قيده، شديد الصلابة أمام إدارات السجون.

بلاء الاعتقال الإداري

وبعد انتهاء تسع سنوات أمضاها أبو ساجدة في سجنه؛ حُوّل للاعتقال الإداري، وأخذت التمديدات تتوالى عليه حتى وصل مجموع الأشهر التي أمضاها في الاعتقال الإداري 17 شهراً.

ويتحدث الأسير المحرر اليوم عنها قائلاً “إنّ الحكم لله وحده وليس بأيديهم من الأمر شيء، لكنّ التحويل للاعتقال الإداري أمر سيئ للغاية، لأنه نفق مظلم إذا دخل الأسير دوامته فلا يدري متى يخرج منها”.

وتعقّدت أمور اعتقال الأسير الخواجا شيئاً فشيئاً دون أن يهز له جفن، كما يقولون، فلا يبدو في سجنه إلاّ مفعماً بالحيوية ويمارس الرياضة ويلعب الكرة الطائرة أو يتلو القرآن الكرام. كما دأب على متابعة قراءاته في الفكر والسياسة والتربية، إلى أن ظهرت إشكالية المرض في عينه في نهاية شهر تموز (يوليو) من سنة 2005، والتي يقول عنها أبو ساجدة “كنت استلقي وأقرأ في أحد الكتب، فشعرت أنّ هناك ما يعكر عيني، وكأنّ هناك سحابة أو غبار أمامها، استغربت من الحال كثيراً فقد أتى ذلك دون مقدمات”.

ما إن شرع أبو ساجدة في استشعار الخطورة على وضعه؛ حتى حمل المرآة ونظر فيها، كانت عينه طبيعية، وأغلق العين التي لا تؤلمه وأبقى الأخرى مفتوحة، فلم ير شيئاً، وقد أدرك بسرعة أنه فقد البصر في تلك العين.

ويتابع الأسير المحرّر “بدأت منذ تلك الساعات نضالاً مع إدارة المعتقل لمحاولة الخروج إلى العيادة، وفعلاً تم لي ذلك”. لكن لم تقدِّم عيادة الإدارة في معتقل النقب للأسير الخواجا ما يلزم، فبدأ اتصالاته بالمنظمات الإنسانية والطبية والصحية، وهو يقول “تدخل الجميع لصالحي، وأخيراً أفلحت ضغوط منظمة أطباء بلا حدود على إدارة المعتقل بدفعهم لنقلي إلى مستشفى برزلاي في عسقلان، حيث أبلغني الأطباء هناك أنني أعاني من تكوّن غشاء ثلجي مائي يغلق عدسة العين اليمنى، وهناك تكوّن لبدايات غشاء آخر في العين اليسرى، ولا بد من إجراء عملية جراحية لاستئصال الغشاء من كل عين”.

أُعيد شكري الخواجا إلى القسم الذي يُحتجز فيه بسجن النقب، ومنذ عودته وهو يحاول جاهداً إجراء العملية لعينه دون جدوى، إذ تقول إدارة المعتقل أنّها عملية غير مهمة.

الفرج أقرب

ويؤكد أبو ساجدة أنّ فرج الله جاءه قريباً، وأقرب حتى مما كان يتوقعه، إذ يقول “بعد أن فقدت النظر تماماً واصلت ضغطي وجهودي مع إخواني الأسرى لإجراء العملية، وفعلاً حُدِّد موعد السادس عشر من تشرين أول (أكتوبر) الماضي، موعداً لإجرائها في سجن الرملة، وقد بقي لفترة التمديد التي اعتُقل بموجبها ثلاثة أشهر؛ لكن إرادة الله كانت أقرب من ما تصور الجميع”.

فقد حضر ضابط سجن النقب إلى القسم الذي يُعتقل فيه أبو ساجدة مساء الخميس (12/10)، وأبلغه بصدور قرار الإفراج عنه الذي نُفذ فعلاً، حيث أطلق سراح أبي ساجدة بعد عشر سنوات من الاعتقال، وتوجّه في ثاني أيام الإفراج عنه للمستشفى العربي التخصصي، حيث أُجريت له العملية في الموعد ذاته الذي كان مقرراً إجراؤها له في سجن الرملة، وهو ما ختم الخواجا به قائلاً “هذا شهر مبارك، وكأنّ الله يريد لكل أسير فلسطيني أن يعلم أنّ فرج الله ورحمته أقرب من ظلمهم وأوسع من عدوانهم”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الاحتلال يهدم منزلين في رام الله وأريحا

الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامهدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، منزلين في رام الله وأريحا، ضمن انتهاكاتها المتصاعدة ضد...

الاحتلال يعتقل 19 مواطنًا في الضفة

الاحتلال يعتقل 19 مواطنًا في الضفة

الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني، 19 مواطنًا على الأقل، منهم والدة مطارد، خلال حملة دهم - فجر الأربعاء- في...