السبت 10/مايو/2025

التحركات ضد الحكومة هل يدفعها جوع البطون ام الجوع للسلطة ؟؟؟

التحركات ضد الحكومة هل يدفعها جوع البطون ام الجوع للسلطة ؟؟؟

بعد اختطاف وزرائها ونواب كتلة التغيير والاصلاح في المجلس التشريعي تواصل حكومة الاستاذ اسماعيل هنية صمودها للشهر السابع على التوالي رغم ما تتعرض له من حملات مدوية من قبل مناهضيها السياسيين بهدف ازاحتها عن الوزارة .

التلويح باختراق شبكة الأمان التي وفرتها القوى والفصائل الفلسطينية في المجلس التشريعي للحكومة بعد اعتقال أكثر من ثلث نواب التغيير والاصلاح كانت بمثابة التطور الأبرز على صعيد تهديد الحكومة وشرعيتها وذلك من خلال طلب تقدم به عدد من نواب فتح للتصويت على حجب الثقة عن وزير الداخلية سعيد صيام .

ويمثل انضمام التشريعي الذي فقدت حماس الاغلبية فيه باعتقال أكثر من ثلاثين من نوابها إلى حملة الهجوم على الحكومة تتويجا لما تتعرض له من تهجمات واعتداءات من خلال المظاهرات والمسيرات والاضراب عن العمل وخيمات الاعتصام التي تحمل جميعها عنوان توفير رغيف الخبز وما يحمله هذا الرغيف من اغلفة لتصريحات من هنا وهناك تحاول النيل من الحكومة الفلسطينية ورئيسها ووزرائها .

ولا ينكر أي مطلع على وضع المجتمع الفلسطيني بعد قطع المساعدات الدولية عنه اثر فوز حماس بالانتخابات التشريعية الأخيرة وتشكيلها الحكومة أن انقطاع الرواتب قد أضر كثيرا بالواقع الحياتي الفلسطيني وفاقم حالة الفقر وزاد من شريحة الفقراء لكن السؤال الذي تقدمه الحركة في هذا السياق يقول متى كان الفلسطينيون في وضع اقتصادي أفضل من ذلك بكثير ؟؟

فتح ترى أن هذا السؤال ليس في مكانه ويؤكد أمين سرها في نابلس عصام أبو بكر وهو من أبرز المتحدثين باسمها في الضفة الغربية أن هذا الحال لم يعهده الشعب الفلسطيني منذ تاريخ الاحتلال إلا بعد أن تسلمت حماس إدارة الحكومة .

حماس من جهتها تؤكد أن الشعب الفلسطيني مر بظروف عسيرة سابقة وربما أشد وأقسى من ما يعانيه الآن ، ويقول مصدر مسؤول فيها :” أن البعض يصورون الأوضاع الفلسطينية وكان حماس حولت الشعب من شعب ثري بالغ الغنى إلى شعب فقير لا يمتلك قوت يومه ” .

وتضيف المصادر : ” ألم يكن شعبنا فقيرا محتاجا يحصل على موازنة حكومته من الدول المانحة ، ألم تكن كل خيرات وطننا ومقدراته المالية مربوطة بيد الاحتلال الذي كان يفرج عنها بقدر رضاه عن الممسكين بزمام الأمور ، بالأمس شعبنا اختار من لا ترضى عنه إسرائيل وأمريكا ولهذا أوقفوا قطارة المال التي كانت تقدم لشعبنا الفتات من حقوقه ” .

وتخرج حركة فتح في المقابل سوء الأوضاع الاقتصادية الفلسطينية الحالية من الإطار السياسي الذي تحدثت عنه مصادر حماس ، ولعل قراءة متأنية في تصريحات فتح المختلفة تبين أنها لا تفضل التطرق لأي دور سياسي في انتشار الأزمة الاقتصادية ، بل وينسب العديد من المتحدثين باسمها وقيادييها ومنهم جمال نزال المشكلة إلى ما يصفه بسوء الأداء الذي تعاني منه حكومة هنية وفشلها في تحمل مسؤولياتها تجاه شعبها.

فتح تقول في أكثر من مناسبة أنه:” حتى لو كانت حكومة هنية مبدعة في قدرات طاقمها فان ذلك يبقى موضوعا نظريا لن ينقذها من الفشل والسبب أنها شكلت حكومة منفردة على أساس برنامج حمساوي غير مقبول في المجتمع الدولي الذي تعرف حماس جيدا أنه الممول الأساسي للفلسطينيين ومصدر عيشهم ” .

وتسجل فتح على حماس أنها أوهمت الشارع الفلسطيني بقدرتها على تقديم حلول سحرية لمشاكله المختلفة والتي فوجئت بضخامتها بعد تشكيل الحكومة .

وترد مصادر حماس على الاتهامين السابقين بالقول أن حكومة هنية لم تفشل ، وان هناك جهات ترغب بإفشالها معتبرة أن رفض فتح المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية أجهضت مساعي حماس لتشكيل هذه الحكومة بعد الانتخابات التشريعية وتضيف :” لنترك تجميل الألفاظ جانبا ولنقلها بوضوح ، فتح تريد منا تغيير برنامجنا الوطني والسياسي القائم على رفض الاعتراف بإسرائيل حتى تعود المساعدات ، وهي ترى أن بإمكانها إذا فعلنا ذلك تسويقنا لدى أصدقائها الأمريكان والأوروبيين الذين تسميهم المجتمع الدولي، أما نحن فنرى أن شعبنا هو الذي يرفض الاعتراف بإسرائيل ولسنا مستعدين للتضحية بتطلعات شعبنا مقابل الحصول على الرضا الأمريكي والأوروبي الذي جربه غيرنا وثبت أنه لا يشكل حليفا لشعبنا ” .

وترفض حماس اتهام حكومة هنية بالفشل وسوء الأداء وتقول مصادرها :” هذا اتهام مضحك ، ان تتهم حكومة وزراؤها من أعلى المستويات العلمية والمشهود لشخصياتها بالنجاح الكبير في مجتمعهم بالفشل يعني نزع الثقة عن شعبنا بكامله “.

وتتحدث مصادر حماس بنفس هجومي واضح عن مقاييس نجاح وفشل الحكومات قائلة :” لم تفلح حكومات شكلت لإرضاء هذا أو ذاك ، ثم حكومات شكلت لانجاز صفقات سياسية، وأخرى لانجاز صفقات تجارية كالطحين الفاسد واسمنت الجدار، وأخرى لتسويق شخصيات فاسدة غير وطنية ولا مؤهلة ولا تحمل أي مقومات سوى انتمائها التنظيمي ، ثم تأتي لتقول أن حكومة هنية المكونة من الخبراء والعلماء فشلت ، هذا افتراء على المنطق وتنكر للحقيقة ” .

فتح من ناحيتها تعتبر ربط حالة الجوع الفلسطينية بقضايا سياسية محاولة للتمترس خلف شعارات جامدة لا تطعم الخبز ولا تحد من جوع الشعب الفلسطيني .

وعن حقيقة الوضع في الأراضي الفلسطينية يقول الباحث في علم الاجتماع السلوكي رضا الفاخوري أن الشعب الفلسطيني يعاني أوضاعا صعبة لكن لا يمكن القول أن الجوع قد عضه فعلا إلى الحد الذي تضخم الأمور لتصل إليه .

ويضيف الفاخوري:” صحيح، هناك من يستغل سوء الأوضاع الاقتصادية للناس ليحقق غايات سياسية ، وصحيح في ذات الوقت أن الناس قد ساءت أحوالهم ” .

ويوضح الفاخوري طريقة الترابط بين طرفي المعادلة بالقول :” هناك شريحة المعلمين وأصحاب الرواتب الحكومية الذين يعتمدون عليها بالكامل في حياة أسرهم وإطعام أبنائهم وكسوتهم وهؤلاء فقدوا رواتبهم فعلا لكنهم يواصلون الحياة دون أن يطالهم الجوع وهو بالمناسبة وصف لا يمكن أن تعيشه بلادنا وشعوبنا العربية والإسلامية .

ويقول الفاخوري :” كمسلمين وكعرب لنا أحكام ديننا وأعراف مجتمعنا وقيمه ويمكننا القول أن المجتمع الفلسطيني مجتمع متكافل إلى أبعد الحدود ، نعم قطعت الرواتب أو لنقل تذبذب صرفها فوجدنا أن الموظف يستدين من أخيه أو قريبه أو معرفته ويتدبر شأنه والله لا ينسى أحدا .

ويقول الفاخوري كذلك أن الاقتصاد المجتمعي الفلسطيني هو اقتصاد صمود من الدرجة الأولى ويضيف :” الناس هنا تعرف كيف تتدبر أمورها وهم أصلاً لم يكونوا من المجتمعات الغنية وبالتالي فان اقل المال يدبر أمورهم إلى حد صرف نصف الراتب او السلفة ” .

ويضيف الفاخوري :” تخيل أنك أردت شراء بيت أو سيارة أو إنشاء مشروع ، كنت ستدفع ما معك وستستدين وستبدأ بالسداد وتقلص مصروفاتك الشخصية والبيتية ربما إلى أقل من النصف وأنت سعيد وراض ، وهذا ما يحدث مع موظفينا اليوم والفارق أن الأمر محزن لشعبنا عموما وغير مرض له ، لكن الموظفين قادرون على تدبر أمورهم وهم أصلا طبقة مدبرة ” .

ويرى الفاخوري أن من بين السمات التي تزيد من قدرة الفلسطينيين على التماسك وتحمل سوء  الأحوال الاقتصادية الدور الفاعل للمنظمات والمؤسسات الخيرية والإغاثية بينهم ويقول :” السلطة لم تكن في يوم من الأيام لتكفي احتياجات هذا الشعب من موازنتها ، والذي يحدث فعلا أن المؤسسات الخيرية ومنظمات الإغاثة ولجان الزكاة والفصائل الفلسطينية كلها تساهم في حمل نفس الهم والتخفيف من المعاناة الفلسطينية وهذه ميزة خاصة لشعبنا، وربما لو كان نصف ما يجري في مجتمعنا فقط يجري في أي مجتمع أوروبي لانهار فعلاً .

ويقول الفاخوري :” أنا شخصيا لا أكف عن أعمال تفكيري في أوضاع الناس الحياتية وما اسمعه من أخبار وتقارير عن الفقر والحاجة والفاقة حتى أكاد افقد صوابي لكني حين اخرج للشوارع اجد المجتمع حيا يتنفس ويتحرك والأسواق عامرة بالباعة والمشترين ولهذا احمد الله على وضع شعبنا ” .

ويقول الفاخوري أن الفقر صفة طبيعية ومقبولة عند أي شعب يرزح تحت الاحتلال مضيفا :” إذا قارنا وضعنا الاقتصادي تحت الاحتلال بأوضاع الكثير من الشعوب الآسيوية والإفريقية واللاتينية وحتى الشرق أوروبية المستقلة سنجد أننا بخير وأن الذين يتحدثون عن الجوع لم يجوعوا فعلا ” .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات