السبت 10/مايو/2025

أبو عين هو الذي أصدر الأوامر بإحراق مؤسسات الشعب

أبو عين هو الذي أصدر الأوامر بإحراق مؤسسات الشعب

علم “المركز الفلسطيني للإعلام” من مصادر مقربة من قيادات بحركة “فتح”، أنّ أحداث العنف والشغب المنظم التي شهدتها مدينة رام الله بالضفة الغربية يوم الأحد (1/10)، والتي تخللها إحراق مبنى مجلس الوزراء ومؤسسات أخرى تابعة للحكومة الفلسطينية ولحركة “حماس”؛ جرت بتنسيق قيادي وسيط في “فتح”.

ويتعلق الأمر بزياد أبو عين، الذي يُعدّ من قيادات حركة “فتح” في الضفة الغربية، والذي يشغل عضوية لجنتها الحركية العليا.

وأفادت المصادر أنّ أبو عين عقد اجتماعاً مع كوادر من حركة فتح، من المعروفين بتدبيرهم لعمليات تخريب وفوضى منظّمة فيما سبق، وبمناهضتهم الشديدة لحركة “حماس” التي تتمتع بالأغلبية بالمجلس التشريعي والتي ألّفت الحكومة الفلسطينية بموجب ذلك.

وكما ورد؛ فقد أوعز أبو عين لهؤلاء بممارسة أعمال فوضى منسقة، بدأت بإحراق مقر مجلس الوزراء الفلسطيني في رام الله، واختطاف شخصيات حكومية رفيعة المستوى، علاوة على إحراق مؤسسات خيرية واجتماعية وخدمية.

وقالت هذه المصادر إنّ الاجتماع المشار إليه قد عُقد في مكتب حركة فتح برام الله، مشيرة إلى أنّ غالبية الحضور هم من الذي يُصنفون على أنهم مناوئون لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وغير الراضين عن سياسته الحالية علاوة على عدائهم لحركة “حماس” والحكومة المنتخبة.

ومن المرجح أن تكون زيارة رشيد أبو شباك، رئيس جهاز الأمن الوقائي وأحد المقربين من محمد دحلان، إلى الضفة الغربية أخيراً، وثيقة الصلة بالتحركات التنسيقية التي جرت في الخفاء.

– أبو عين .. والبحث عن دور

يُذكر أنّ زياد أبو عين قاد محاولة انشقاقية في حركة فتح إبان ترشيح محمود عباس لرئاسة السلطة، بعد وفاة سلفه ياسر عرفات. إذ تزعم أبو عين تياراً يؤيد ترشيح القيادي في فتح الأسير مروان البرغوثي، بدلاً من عباس لمنصب الرئاسة.

وكما برّر أبو عين خطوته آنذاك؛ فإنها جاءت بفعل “الضغوط الكبيرة من قبل القاعدة الشعبية الكبيرة التي طالبته بترشيح (البرغوثي) نفسه من داخل زنزانته”، مصرّحاً في حينها أنّ “ترشيح البرغوثي لا يعرِّض حركة فتح للانقسام”.

وقام زياد أبو عين فيما سبق بتحركات داخلية في صفوف فتح تطالب بإجراء انتخابات في قواعد الحركة وتوسيع قاعدتها الانتخابية، في سياق مواقف اتخذها في هذا الشأن.

وكانت تحركات أخرى قد جرت قبيل الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وتحديداً في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، عندما جرى ابتداءً تسجيل قائمتين “فتحاويتين” في الانتخابات، الأولى التي تعبر عن قيادة الحركة بصفتها الرسمية، والثانية التي تحمل اسم “قائمة المستقبل” والتي اعتبرت معبرة عما يُعرف بجيل الشباب.

– “أيادٍ خارجية” وراء “أصحاب الأهداف السيئة”

وبينما وُضع اسم مروان البرغوثي على رأس القائمة “الفتحاوية” الثانية؛ فإنّ ورود أسماء متنفذة مثل محمد دحلان وجبريل الرجوب ضمن القائمة، جعلها تطفو ببعض التحالفات المستترة إلى العلن. أما الناطق باسم “المستقبل” فلم يكن سوى سمير المشهراوي الذي يُعد من مقرّبي دحلان.

وكان الإلحاح على التحرك آنذاك تحت لافتة البرغوثي المرغوب في قواعد فتح؛ له جدواه بالنسبة لفريق منبوذ شعبياً ومتورط في ملفات حرجة واتصالات مشبوهة في كل اتجاه محتمل. وكان التقدير أنّ البرغوثي قد يتجاوب مع التيار الانقلابي الذي يحاول أن يحصد التعاطف باعتباره “جيل الشباب”، خاصة مع إقصاء قيادة فتح للبرغوثي ونسيانها له في زنزانته، بينما يحظى الكبار بامتيازات واسعة مشمولة بالمعاملة التفضيلية من الاحتلال بوصفهم “في آي بي”.

ومما كان لافتاً آنذاك؛ أنّ مدير الحملة الانتخابية لقائمة “فتح” الرسمية الدكتور جمال محيسن، التي اعتبرت قائمة “المستقبل” بواكير حالة انشقاقية منافسة؛ أعلن بصراحة أنّ هناك “أيد خارجية وراء تشكيل قائمة البرغوثي تهدف الى شق الحركة”، متحاشياً في الوقت ذاته اتهام البرغوثي، فقد اعتبره يتعرض لـ “الخداع من أصحاب النيات والأهداف السيئة”، معرباً عن أمله في أن يعود البرغوثي “إلى البيت”.

واعتبر المراقبون في حينه أنّ “أصحاب النيات والأهداف السيئة” الذين قصدهم محيسن هم أقطاب تيار دحلان والرجوب، حيث يبرز زياد أبو عين في هذا السياق بوصفه منسق التواصل والإشراف على التنفيذ، تماماً كما جرى في الأيام الماضية.

– البروز من بين الأدخنة السوداء

وبعد أن نسّق أبو عين هجمات الحرائق السوداء في أنحاء الضفة، أخذ يتولى تصعيد الموقف وممارسة عملية تأليب، تُزاود حتى على الناطقين الكثر لحركة فتح وما يصدر عنهم من تعبئة وتحريض.

وهكذا انتصب أبو عين متحدثاً يوم الاثنين (2/10) ليعلن ضمناً أنّ حركة “فتح” ستضرب عرض الحائط بالدعوات الصادر من مختلف القوى الوطنية والإسلامية من جهة والرئاسة والحكومة ومسؤولين مصريين من جهة أخرى، بشأن تهدئة الأوضاع المتوترة في الأراضي الفلسطينية ووقف المظاهر المسلحة في الشوارع. وفيما واصل التيار الانقلابي يوم الاثنين حملات التحريض والتصعيد وتنفيذ الاعتداءات؛ ما كان من زياد أبو عين، إلاّ أن هدّد بما سماها “ملاحقة جميع وزراء حكومة حماس ونوابها في المجلس التشريعي”، باعتبارهم شركاء فيما وصفه بـ “جريمة الأحد الأسود” في قطاع غزة “ما لم يعبروا علانية وبوضوح عن رفضهم وإدانتهم لما جرى”، على حد تعبيره.

ويأتي هذا الموقف بالرغم من أن متمردي منتسبي الأجهزة الأمنية هم من قاموا بالإخلال بالنظام العام والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة للشعب الفلسطيني، والتي كان آخرها إطلاق النار باتجاه المواطنين و”القوة التنفيذية” التابعة لوزارة الداخلية، ما أوقع تسعة قتلى وأكثر من مائة جريح.

وفي تهديد صريح بالتعرض لحياة المسؤولين الفلسطينيين المنتخبين من قبل الشعب؛ أضاف أبو عين يوم الاثنين قوله “إنّ أي وزير أو مسؤول أو نائب في المجلس التشريعي من حماس يعبر عن موقف داعم ومؤيد لما جرى في القطاع أمس (الأحد)؛ ستتم ملاحقته ما لم يعلن عكس ذلك صراحة”.

ودافع القيادي الانقلابي في “فتح” عن الفوضى المسلحة لمنتسبي الأجهزة الأمنية، وقال “من حق هؤلاء إشهار سيفهم في وجه سلطان غير قادر على تأمين متطلبات عيشهم بكرامة”، واصفاً اجتياح بعض المؤسسات الرسمية في رام الله ومدن أخرى من قبل نشطاء في فتح بأنه “ردة فعل”، دون أن يعلن أنه منسق العملية.

– لا ضمانات بعدم الاعتداء مجدداً على مؤسسات الشعب

ورفض أبوعين إعطاء ضمانات بعدم تكرار ما جرى من اجتياح للمؤسسات الرسمية في رام الله، حتى بعد الدعوة التي وجهها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالهدوء والتهدئة، مطالباً الحكومة الفلسطينية ووزرائها بتقديم اعتذار علني.

إلاّ أنّ هذا الموقف لا يروق لقادة آخرين في حركة “فتح”، والذين أقروا بخطأ تعرض نشطاء الحركة للمؤسسات الفلسطينية، ما يدل على وجود خلاف داخلي في هذه الحركة، بحسب ما تؤكده مصادر داخلها، آخذ بالتحول إلى انشقاقات باتت قائمة فعلياً وإن كان مسكوتاً عنها.

فقد قدم لافي غيث، أحد قيادات حركة “فتح” في الخليل، اعتذار الحركة عن الاعتداء الذي استهدف مكتب نواب المجلس التشريعي ليل الأحد – الاثنين، مطالباً بسحب كافة المظاهر المسلحة من الشارع الفلسطيني.

وصدر في غضون ذلك سيل من البيانات والمواقف المكتوبة باسم حركة فتح وأخرى باسم بعض مجموعات “كتائب شهداء الأقصى” تهدد بالاقتتال الفلسطيني الداخلي، معربة عن فخرها بمهاجمة نواب حركة حماس وأعضاء من الحكومة ومؤسسات رسمية وخيرية في الضفة الغربية. وإذا كانت الجهود التنسيقية “المبتكرة” لزياد أبو عين ماثلة بوضوح في ذلك؛ فإنّ أطراف الخيوط الأبعد تبدو حريصة على التواري والتحلي بالصمت لتمرير أدوارها ضمن مخطط انقلابي على الشعب الفلسطيني وشرعيته الانتخابية قضماً للقضية العادلة وما تشتمل عليه من حقوق وثوابت.

وإذا كان جمال محيسن، فيما مضى قد تحدث عن “أيد خارجية” وراء هذا التيار؛ فإنّ صلاحية هذا الإعلان المثير تبقى قائمة، طالما أنّ الأمر يتعلق بـ “أصحاب النيات والأهداف السيئة”، كما قال ذات يوم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات