الثلاثاء 05/نوفمبر/2024

حرب المصطلحـات الوجـه الآخـرللصراع العربي الصهيوني

حرب المصطلحـات الوجـه الآخـرللصراع العربي الصهيوني

صحيفة الاتحاد الإماراتية

 بنشره كتاب (حرب المصطلحات) مؤخراً يكون اتحاد الصحفيين العرب قد قطع خطوة وبدأ طريق الألف ميل دفاعاً عن الهوية الثقافية والحضارية العربية وتثبيتا للحقوق التاريخية في وجه الحرب العدوانية الصهيونية، التي لا تكتفي بالاسراف في استخدام السلاح القاتل ولا بإمتلاك الترسانة النووية الوحيدة في المنطقة وبالتوسع العدواني الدائم والابادة المنظمة للشعب الفلسطيني الصامد، ولا بخرق قرارات الأمم المتحدة وانتهاك القانون الدولي كل لحظة، ولكنها تمارس فوق ذلك كله تزييف التاريخ وتزوير الحقائق ودس المصطلحات الإسرائيلية المشوهة في اللغة العربية بدهاء شديد.

لقد لجأت الصهيونية لبث أسماء عبرية عديدة في لغة الإعلام العالمي، وسارع معظم إعلامنا العربي لنقلها دون تمحيص ودراسة ومراجعة، وأصبح يكرر هذه المدسوسات الإسرائيلية ويعممها في الرأي العام بقصد أو بدون قصد الأمر الذي شوه التاريخ عموماً وتاريخ الصراع العربي خصوصاً، كأننا أصبحنا كما يقول د. عبدالوهاب المسيري: قد أدمنا تماماً عملية نقل المصطلحات دون إعمال فكر أو اجتهاد، دون فحص أو تمحيص، حتى أصبحت العلوم الإنسانية عندنا (عقلها أو اذنيها) تنقل آخر ما تسمع بكل أمانة وموضوعية تبعثان على الضحك. وإلا فما معنى ترديدنا لمصطلحات معادة السامية، الهولوكوست، العمليات الانتحارية، المستوطنات، الشرق الأوسط، أرض متنازع عليها، الارهاب..الخ.

وعلى مدى عامين انصرف جهد اتحاد الصحفيين العرب إلى استنفار العقول وتجميع الرؤى والتنسيق بينها لانجاز مشروع هذا الكتاب -الوثيقة- الذي يكتسب أهميته من أهمية القضية المركزية للأمة العربية (القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني)، لقد كان نيتشه محقاً في قوله: إن هؤلاء الصقوا بموضوع وفعل ما لفظا معيناً فتملكوهما!

(حرب المصطلحات) هو كتاب من القطع المتوسط يشمل دراسات تصحيحية للمفاهيم والمصطلحات المتداولة في الإعلام العربي حول الصراع العربي الصهيوني ساهم في تأليفه الدكتور عبد الوهاب المسيري ود. أحمد صدقي الدجاني ود. حنان عشراوي ود. محمد السماك وأبو العود إبراهيم ود· مشهور الحبازي ونعيم الطوباس وفايز قنديل. وحرره أحمد عبد الرحيم، وأشرف عليه صلاح الدين حافظ الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب الذي يقول في تقديمه للكتاب-الوثيقة:

“لقد أثبتت المواجهات الساخنة والصدامات الدامية والحروب العسكرية بين أمتنا العربية وبين دولة “إسرائيل” الصهيونية منذ حرب 1948 إلى حرب الابادة التي يشنها جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني المغوار في ظل انتفاضته الثانية وخصوصاً أعوام (2000- 2002)، إلا أن الإعلام الحديث بكل تقنياته المتقدمة وسرعة انتشاره وعمق تأثيره قد لعب ويلعب دوراً محورياً في تغليب رأي على رأي وموقف على موقف وصولاً إلى الكذب البواح والتزوير الفاضح للحقائق التاريخية والوقائع اليومية، وهو أمر برعت فيه “إسرائيل” وأنصارها وحلفاؤها في الإعلام الغربي عامة، والأميركي خاصة، على نحو بات منحازاً ومزعجاً وغير أمين في آن واحد.

وفي ظل هذه الأوضاع التي تفوق فيها الإعلام الصهيوني ونشر أكاذيبه عبر شبكات الإعلام الغربية، تراجع الإعلام العربي وتخلف عن المواجهة الحاسمة بسبب القصور الذاتي والقعود والكسل والترهل والبيروقراطية الكسيحة، والمواجهة التي نعني لا تكون بالأصوات العالية والشعارات الزاعقة والاغنيات الصاخبة، ولكنها المواجهة بالحقائق المزودة بالوثائق، الثرية بالمعلومات، المسلحة بالتحليل المنطقي السليم القادر على الاقناع العقلي واكتساب المصداقية، لذلك جاء اجتهادنا المتواضع في هذا المضمار لوقف قضية الدس الصهيوني وتسلل الإسرائيليات المزورة عبر المصطلحات المزيفة إلى لغتنا العربية بشكل عام وإلى اللغة السياسية والإعلامية بشكل خاص”.

 

معركة المصطلح

ويشير الكتاب إلى أن المصطلح اسم مشتق على زنة (مفتعل) من الفعل الخماس (اصطلح)، يقال: اصطلح القوم أي زال ما بينهم من خلاف واصطلحوا على الأمر أي تعارفوا عليه، والاصطلاح في العلم هو: اتفاق طائفة ما على شيء مخصوص.

ويذكر الباحث المصري أحمد عبدالرحيم أن تحديد المفاهيم وضبط الاصطلحات عملية في صميم قضية الهوية، فالاصطلحات كانعكاسات للجوهر الحضاري ـ ليست سوى منظومة فكرية يفترض فيها الانسجام والتكامل وذلك لأن الإنسان بوصفه فرداً وباعتباره جزءاً من مجتمعه وأمته يعبر عن رؤيته للواقع من خلال اللغة. وعدونا يلاعبنا بالمصطلح على جبهتين فهو أولاً يسطو على لغتنا وينهب تراثها الحي ويتشبع به، ولعل أبرز من قام بجهود محمومة في هذه السبيل شخص يدعى (اليعارز بن يهودا) 1858 ـ 1922م، الذي قام بدور كبير منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر وحتى وفاته لإحياء اللغة العبرية من موات طويل.

وحين أحس بالنقص الشديد الذي يسم المعجم العبري بما يجعله عاجزاً عن تلبية مطالب الدولة اليهودية المزمع إنشاؤها بعد نمو سبعين سنة لم يجد أمامه مصدراً غنيا يستكمل منه ذلك النقص سوى اللغة العربية الثرية فطبق عليها الرؤية التلمودية في جواز نهب (الاغيار) واغتصاب حقوقهم، وذكر ذلك في محاضرته أمام مجلس اللغة العبرية حين قال: (لقد اكتشفت جذوراً عبرية، لن أخفي المكان الذي وجدت فيه هذه الكنوز.. الحق إنني اكتشفتها في المعاجم العربية كل الكلمات الموجودة فيها ليست عربية خالصة بل هي سامية وهي على كل حال عبرية أيضاً.. إنها ملكنا، لقد فقدناها ثم عثرنا عليها).

وهو ثانياً: قد سرب إلينا عبر وسائل الإعلام (العالمية) مصطلحات من بنيات أفكاره كأن يطلق على ما يقوم به من قتل للأبرياء وهدم للبنايات واكتساح للأراضي مصطلح (الدفاع عن النفس) ويطلق في المقابل على مقاومة الاحتلال ورد العدوان والجهاد في سبيل الحرية مصطلح الإرهاب.. ونحن ببلاهة مفرطة أحياناً نتلقف مثل هذه المصطلحات ونرددها ببراءة تغيظ الصديق وتبهج العدو.!

 

معاداة السامية!

ويقع كتاب حرب المصطلحات في قسمين يحتوي القسم الأول على ثلاث دراسات. أما القسم الثاني فيشمل تطبيقات وأمثلة واقعية.

الدراسة الأولى والرئيسية في الكتاب هي للأستاذ الدكتور عبدالوهاب المسيري وهي محررة من موسوعته (موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية)، وهو يقول واصفاً المصطلحات المستخدمة في وصف الظواهر اليهودية والصهيونية: إنه تم سكها في العالم الغربي بعناية بالغة وهي مصطلحات تنبع من تجارب تاريخية ونماذج تحليلية ورؤى معرفية ووجهات نظر غربية وصهيونية، متمركزة حول الذات الغربي واليهودية وتحتوي على تحيزات انجيلية وإمبريالية وعرقية لا تشارك فيها بل وترفضها.

ولعل من أهم المصطلحات التي أحرزت شيوعاً في لغات العالم مصطلحات (معاداة السامية) وهو مصطلح يعكس التحيزات العرقية والمركزية الغربية التي ترجمت نفسها إلى نظام تصنيفي (آراى/سامي) السامي بالنسبة للغرب هو اليهودي وهو ما لا يمكن لأي دارس للتشكيل الحضاري السامي أن يقبله ومع هذا شاع المصطلح وسبب الخلل، وقد نحت هذا المصطلح في أوروبا في القرن التاسع عشر.

ويضيف المسيري: انطلق الصهاينة من المركزية الغربية هذه وعمقوها بإضافة المركزية الصهيونية وجوهر هذه المركزية هو أن اليهود كيان مستقبل لا يمكن دراسته إلا من الداخل في إطار مرجعية يهودية خالصة أو شبة خالصة، وهو ما أدى إلى ظهور ما اسميه (جيتوية المصطلح)، فكثير من الدراسات التي كتبت عن الموضوع اليهودي والصهيوني تسخدم مصطلحات من التراث الديني (بعضها بالعبرية أو الآرامية) أو من تراث إحدى الجماعات اليهودية (عادة يهود اليديشية) أو من الأدبيات الصهيونية لوصف الظواهر اليهودية والصهيونية، وكأن هذه الظواهر من الاستقلالية والتفرد بحيث لا يمكن أن تصفها مفردات في أية لغة أخرى.

وتتضح جيتوية المصطلح الصهيوني الكاملة في أوجه عدة أهمها ظهور مصطلحات مثل (التاريخ اليهودي) و(العبقرية اليهودية) و(الجوهر اليهودي) وهي مصطلحات تفترض وجود تاريخ يهودي مستقل له حركاته المستقلة عن تاريخ البشر.

ويظهر الانغلاق الجيتوي التام في اصطلاحات مثل (الهولوكست) و(العالياه)، وهي اصطلاحات وجدت طريقها أيضاً إلى اللغة العربية (الهولوكوست) هو تقديم قربان للرب في الهيكل يحرق كله ولا يبقى منه شيء للكهنة ومع هذا يستخدم الصهاينة هذه الكلمة للإشارة إلى الإبادة النازية.

أما (العالياه) فهي اصطلاح ديني يعني العلو والصعود إلى أرض الميعاد ولا علاقة له بأية ظاهرة اجتماعية، ومع هذا يستخدم الصهاينة الكلمة في الإشارة إلى الهجرة الاستيطانية. ولعل مما له ولالته في السياق أن العبرية توجد فيها كلمة محايدة تصف الهجرة وحسب ولكن الصهاينة استبعدوها، وهو ما يؤكد المضمون الايديولوجي المتعمد من استخدام هذا المصطلح. وتصل الجيتوية إلى قمتها في رفض المراجع الصهيونية وبعض المراجع الغربية استخدام كلمة فلسطين للإشارة إلى هذه الرقعة الغالية من الأرض العربية حتى قبل عام 1948.

 

التميز في المصطلح

أما الكاتب الفلسطيني الدكتور أحمد صدقي الدجاني فيؤكد في مشاركته أن أول ما ينبغي عمله في هذا الأمر الخاص بالمصطلحات الغربية والصهيونية هو الوقوف أمامها قبل الوقوع في فخ استخدامها ويقيناً ستثمر الوقفة رفضها ونبذها وهذا موقف مطلوب ولكنه غير كاف، إذ لابد أن نقرنه بطرح مصطلحاتنا نحن والعمل على تعميمها.

إن قضية ضبط المصطلحات المرتبطة بقضايا كبيرة مهمة مثل تحديد الهوية وتأكيد الذات والموقف من الآخر والدوائر الحضارية والتفاعل والتصادم بينها. ويستعرض الدجاني عدداً من المصطلحات التي نستخدمها من غير تنبه إلى خلفيات التحيز التي تكمن وراءها وذلك مثل المصطلحات العالمية التقدم الإرهاب.. إلخ. كما يتوقف عند تنبه أجدادنا إلى هذه المسألة ونحتهم مصطلحاتهم الخاصة وتمسكهم بها، إنطلاقاً من إدراكهم هويتهم، واقتداء بقواعد الشرع واللغة والمنطق.

 

الوقوع في الفخ

الدراسة الأخيرة في الق

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

33 عملاً مقاوماً في الضفة خلال 48 ساعة

33 عملاً مقاوماً في الضفة خلال 48 ساعة

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام تواصلت أعمال المقاومة في الضفة الغربية خلال الـ48 ساعة الأخيرة، ضمن معركة "طوفان الأقصى"، ووقع 33 عملا مقاوما ضد...