الثلاثاء 02/يوليو/2024

إسقاط خيار الجهاد سبيل الذل والهوان العمل الاستشهادي أعاد للأمة كرامتها

إسقاط خيار الجهاد سبيل الذل والهوان العمل الاستشهادي أعاد للأمة كرامتها

نشرت صحيفة الوطن العدد (2653) بتاريخ الأحد 8/12/2002 مقالا في صفحة «آراء» لكاتب سوداني يسمى أبو بكر القاضي يشن فيه هجوماً شديداً على المقاومة الإسلامية داخل فلسطين وخارجها ويعتبرها إرهاباً وتطرفاً، وأنها ليست بذات جدوى، بل يعيب على علماء الإسلام أمثال فضيلة الشيخ د. يوسف القرضاوي وأمين الجامعة العربية عمرو موسى ويعتبر دعمهم المعنوي للانتفاضة بأنه قد منحها الاستمرارية. رغم أنه في موضع آخر من مقاله يعتبر الانتفاضة قد فقدت زخمها الشعبي، بل يرى الكاتب أن كل أنواع القوة والمقاومة لا تخدم القضية الفلسطينية سواء على المدى البعيد أو القريب، وإنما مبادرات السلام والاحتجاج والشجب والإدانة فقط هي التي توصلنا إلى تحرير أرض فلسطين من قبضة اليهود وأعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ونسي الكاتب أو تناسى كل النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والتي تنص بصراحة على أن تقوم الأمة بواجبها الجهادي وإلا تعرضت لما تتعرض له وأكثر ـ دون حساب يوم القيامة. بل نسي الكاتب ـ إن كان يعلم ـ دور حركات التحرر والمقاومة على مدار التاريخ وفي جميع أنحاء العالم في التحرر من قبضة المستعمرين والظالمين بعد ما قدموا من تضحيات صبروا عليها كثيراً فتحقق لهم ما يريدون.

والكاتب لم يأت بجديد فقد سبقه الكثيرون من قادة العرب وأشباه المثقفين الذين يهاجمون كل أشكال الجهاد والمقاومة ويعتبرونهاً عنفاً وإرهاباً مجاراة لأميركا وأعوانها من الكفار حتى يرضوا عنهم ويحققوا لهم ما يريدون من أمن وطمأنينة وسلام.. وهيهات. قال تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) وقال عز وجل (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا، ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). بل نسي الكاتب أو تجاهل ـ إن كان عالماً ـ كل السنن الاجتماعية في التدافع والتي جعلها الله في هذه الحياة لاستمراريتها، قال تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً، ولينصرن الله من ينصره‚ إن الله لقوي عزيز) (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين)، بل أدعو الكاتب وهو سوداني الأصل إلى التأمل فقط في النتائج التي حققتها حركات التحرر والمقاومة المسلحة خلال التاريخ السوداني والأفريقي، ثم أقول للكاتب ـ هداه الله إلى الصواب ـ هل ترى أن لليهود عهداً وميثاقاً يلتزمون بهما أمام غيرهم حتى ولو كان ذلك مع الأنبياء والمرسلين؟ إذا كنت تعتقد ذلك فإنك تخالف ما جاء في القرآن الكريم الذي ينفي عنهم هذه الصفة، ويصفهم بأنهم نقضة للعهود والمواثيق وكل أنواع الاتفاقيات بل يحرفون كلام الله عن موضعه، قال تعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه)، وقال تعالى عنهم: (أوكلما عاهدواً عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون)، والآيات كثيرة وسورة البقرة تغني عن التفصيل، بل ما حدث لمبادرات السلام ليس منا ببعيد، فيا دعاة السلام الهزيل والاستسلام الذليل أما آن لكم أن تفيقوا من سكرتكم وتنظروا إلى الواقع من حولكم وتلحقوا بركب المؤمنين الصادقين الذين يثقون بوعد الله لهم: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون، إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين)، وفي قوله تعالى: (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين)، ولكن هذا لن يأتي بجهاد الفنادق والمؤتمرات والمبادرات، قال عز وجل: (ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض) ويقول سبحانه: (وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين). وقال سبحانه: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين)، أما إسقاط خيار الجهاد والمقاومة فهذا هو سبيل الذل والهوان والاستعباد والذي تعيش فيه الأمة هذه الأيام وللأسف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)، رواه أبو داود وأحمد في مسنده.

والأمة بإسقاطها خيار الجهاد تكون قد حكمت على نفسها بالفناء في الدنيا والعذاب في الآخرة، قال تعالى: (ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة)، ويقول سبحانه: (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة). ويقول عز وجل محذراً المؤمنين من ترك الجهاد: (إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً، ويستبدل قوما غيركم). وقال عز وجل: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة).

 أما الشبهات التي أوردها الكاتب في مقاله فالرد عليها على النحو التالي:

1 – أقول للكاتب في البدء أن الحرص على إرضاء أعداء هذه الأمة ليس من شيمة المؤمنين وحتى لو كان السعي لإرضائهم جائزاً، فقد حسم الله عز وجل هذا الأمر بالنسبة لنا فقال تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)، فمهما تنازلت لهم وتجملت وتظاهرت بالذل والمسكنة والدعة واللطف فأنت لديهم عدو بغيض، وأكثرهم يعرف الإسلام أكثر من المسلمين ويرون فيه نداً قوياً، ومارداً يكاد أن يستيقظ في أي وقت لذا فإن حقدهم يمتد حتى على أطفال المسلمين، وقد كشف عما في قلوبهم فقال: (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم، والله يختص برحمته من يشاء)، فالحرب أيها الكاتب حرب عقائدية، والحقد كامن في النفوس التي يعلم بها رب العالمين، وتكفي تصريحات جورج بوش بعد أحداث 11 سبتمبر بأنه يخوض حرباً صليبية، حاول الكافرون والمنافقون أن يستدركوها واعتبروها له زلة لسان ولكن الله يظهر ما يشاء، فتخلينا ـ أيها الكاتب ـ عن خيار المقاومة بحجة أن لا نتهم بالإرهاب والتطرف وحتى لا نشوه صورة الإسلام فهذا عذر أقبح من الذنب – كما يقولون.

2 – أما موضوع موت الأبرياء أو المدنيين أثناء حركة الجهاد والمقاومة والاستبسال فهذا يخضع لفقه الموازنات والمصالح المرسلة، أهل العلم والفقه والاستنباط أدرى به، ولله الحمد فاإن المجاهدين في حركة «حماس» وغيرها لهم مرجعية شرعية في كل حركة يتحركونها، ولك أن تسأل العلماء الشرفاء أمثال الشيخ القرضاوي ليفتونك في مثل هذه الأمور وشرعيتها، ولشيخ الإسلام ابن تيمية فتاوى في مثل هذه الأمور.

3 – أما استنادك ـ أيها الكاتب ـ على مقولات: أبو مازن، ومحمد رشيد ـ المستشار المالي لياسر عرفات، في إثبات صحة ما ذهبت إليه من جدوى عدم المقاومة المسلحة والعمليات الاستشهادية فأقول بالواضح: أن هؤلاء هم الذين تجاوزهم الزمن، وهم الذين لا يحق لهم تحديد مصير هذه الأمة المباركة، وليست حركة المقاومة الإسلامية، كما زعمت، فهؤلاء ليس لهم رصيد في العلم والفهم والدعوة والجهاد ولو في أرض فلسطين حتى يشكلوا مرجعية لهذه الأمة التي ما باتت تستمع للمنافقين والمتخاذلين الجبناء.

4 – أما اعتبارك المقاومة الإسلامية سواء في حركة «حماس» أو غيرها أو أي جماعة أخرى ترفع لواء المقاومة والجهاد أمام ظلم وبطش اليهود وغيرهم تطرفاً وإرهاباً، يؤسفني أن أقول لك: قد وقعت في شباك أعداء هذه الأمة وأعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والذين لم يلبثوا يلصقون كل أنواع التهم والأباطيل بالإسلام وبكل الجماعات الإسلامية وعلماء الأمة الشرفاء ورموزهم أمثال الشيخ القرضاوي وأحمد ياسين وغيرهم واعتبارهم إرهابيين ودعاة للكراهية – ويكفي رد القرضاوي في خطبه الأخيرة على هذه المزاعم والأباطيل، والتي يعلمها القاصي والداني. فكيف وقعت في هذا الفخ وهذا المأزق؟! لا أدري. نعم إن الإسلام دين رحمة وتسامح وخلق وعدالة لجميع الإنسانية، ولكنه في الوقت نفسه يرفض الظلم والطغيان والذل والهوان، قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم).

5 – أما عن ادعاء الكاتب بأن الكتاب والمحللين أجمعوا بعد مرور عام على الانتفاضة الثانية، أنها قد فقدت الزخم الشعبي، فهذا للأسف ادعاء باطل، والواقع يكذب ذلك، فمن أين أتى الكاتب بهذا الإجماع؟ ومن هم الكتاب والمحللون الذين يزعمون ذلك؟ مع أن العدو نفسه قد أجرى استطلاعا للرأي فوجد أن: 78% يتعاطفون مع الانتفاضة. وفي استطلاع آخر وجد العدو – وهو حريص على إيقاف الانتفاضة والتقليل من شأنها أن 60% يتعاطفون مع العمليات الاستشهادية (انظر مجلة البيان ـ العدد 180 شعبان 1423هـ). هذا فقط داخل فلسطين، أما بقية الشعوب العربية والإسلامية من المحيط وإلى الخليج ومن جنوب وجنوب شرق آسيا وغيرها فقلوبهم مع هؤلاء الأبطال الذين لقنوا العدو درساً قاسياً. – لن ينساه وضربوا أروع الأمثلة في التضحية والاستبسال حتى فتياتهم كان لهن نصيب في الجهاد، ولعلك تذكر الشهيدة آيات الأخرس وعندليب، كنماذج لهؤلاء.

6 – أما انتقاصك أيها الكاتب المتحامل على حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وتقييمك لها بأنها حركة ناشئة وقليلة التجربة وأنها ولدت في ظروف الانتفاضة، وأنها فشلت في التفاهم مع أميركا والغرب. أقول: وللأسف أيضاً بأن هذا زعم بطال وجهل واضح بحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وانصح الكاتب قراءة تاريخ الحركة وأدبياتها، ومنهجها التربوي والثقافي والتغييري، فحركة حماس تعتبر في إطارها العام امتدادا لحركة «الإخوان المسلمين» التي أنشأها الإمام حسن البنا – رحمه الله – في مصر فمنهجهما يكاد يكون متطابقاً في الغالب الأعم، ولو كانت حركة حماس حركة قليلة الخبرة والتجربة كما يظن الكاتب، وأن عملياتها المسلحة غير منتجة، فإني أدعوك للاستمرار في قراءة هذا المقال.

 7 – الانتفاضة الفلسطينية الثانية بقيادة حركات المقاومة الإسلامية جميعها أحيت روح الجهاد في الشعب الفلسطيني بعد أن سئم مفاوضات الاستسلام الهزيلة بدءاً من كامب ديفيد ومروراً بأوسلو وما يسمى بتفاهمات تينيت، وانتهاء بالمحاولات الفاشلة والمتكررة للتنسيق الأمن بين السلطة و”إسرائيل”، وغير ذلك من المبادرات والاجتماعات المطولة والوعود اليهودية والأميركية والغربية الكاذبة والتي لم ترجع لهذا الشعب أرضه السليبة، ولا حقوقه المشروعة في الحرية والأمن والسلام والكرامة، وإنما هي وعود ومماطلات شأن اليهود في كل زمان ومكان، فالانتفاضة أعطت الأمل للشعب الفلسطيني بأن أحيت فيه روح الجهاد وهو الطريق الوحيد الذي يؤدي لتحرير أرض فلسطين – كما هي عقيدة كل مسلم له أدنى إلمام بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا شجر الغرقد فإنه من شجر اليهود» متفق عليه. كما أعادت الانتفاضة الفلسطينية والعمليات الاستشهادية روح العزة والكرامة في الأمة بأسرها فوقف بجانبها الشرفاء من القادة والعلماء وكل الشعوب الإسلامية، وأعطوا الأمل أيضاً للأمة للخروج من ظلمات التيه الذي تجاوز الأربعين عاماً، فلقد ضرب الله التيه في الأرض على بني “إسرائيل” مدة أربعين سنة عندما رفضوا القتال ودخول بيت المقدس مع نبي الله موسى عليه السلام. (قالوا يا

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة مستوطن بعملية إطلاق نار قرب نابلس

إصابة مستوطن بعملية إطلاق نار قرب نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب مستوطن بعملية إطلاق نار -الثلاثاء- بالقرب من مستوطنة "هار براخ" المقامة عنوة على أراضي المواطنين في قريتي...