دعوة فتح لحكومة الوحدة.. غاية وطنية أم خدعة سياسية

يكاد يجمع الفلسطينيون على أن تشكيل حكومة وحدة وطنية سبيلاً مناسباً لإدارة الشأن الفلسطيني تحت الاحتلال، ووسيلة ناجعة لمواجهة الحصار السياسي والاقتصادي المضروب إسرائيلياً وأمريكياً على الضفة والقطاع. لأن حكومة الوحدة ستجسد وحدة الموقف، والقرار، والتوجه الفلسطيني، الأمر الذي يمنح الفلسطينيين مزيداً من القوة في التصدي لمتطلبات المرحلة على كل الصعد.
هذا الخيار (حكومة الوحدة)، تعزز بعدما اتخذت مركزية “فتح” قرارها في 25/8 بتفويض الرئيس محمود عباس إجراء مشاورات مع الفصائل الفلسطينية لتشكيل حومة وحدة وطنية بالسرعة الممكنة، إضافة إلى موافقة اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف في 29/8 على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
قوبل هذا التوجه الإيجابي لحركة فتح، بترحاب من حركة حماس على لسان أكثر من مسؤول وخاصة رئيس الوزراء السيد إسماعيل هنية، الذي أكد في 25/8 على أن حماس وفتح لم تضعا أية شروط مسبقة لإنجاز حكومة الوحدة الوطنية، مؤكداً على أن الجميع يصر على تشكيل هذه الحكومة.
في ضوء ما سبق توقع العديد من المراقبين أن تشكيل تلك الحكومة أصبح مسألة وقت بعد أن حظيت بشبه إجماع وطني فلسطيني، ولكن الغريب والمثير في الأمر أن الأوضاع في الضفة والقطاع آخذة في التأزم بعد التصعيد السياسي ضد الحكومة. ذلك التصعيد الذي لبس ثوب إضراب الموظفين الفلسطينيين عن العمل وشلهم لمعظم قطاع الخدمات العامة والأساسية في مؤسسات السلطة.. بذريعة صرف الرواتب المتأخرة بسبب الحصار..
والسؤال: طالما أن الجميع يصر على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأن هناك أجواءً من التفاؤل في هذا الصدد ـ حتى أن الناطق باسم الرئاسة السيد نبيل أبو ردينة توقع في 2/9 تشكيل حكومة الوحدة خلال عشرة أيام ـ كمخرج من الحصار، فلم تداعى غالبية موظفي القطاع العام، وغالبيتهم من حركة فتح أو مؤيدين لها، ومن ثم انضمام منتسبي الأجهزة الأمنية ـ الذين يأتمرون ويتبعون رسمياً للرئاسة ـ إلى التظاهر والاحتجاج على عدم صرف رواتبهم المستحقة؟!
ألم يكن من المنطقي أن ينتظر هؤلاء إلى حين استكمال الحوار الوطني وتشكيل الحكومة الجديدة خلال أيام أو أسابيع معدودة؟!
أم أن هناك جهات بعينها لا تريد لحكومة الوحدة الوطنية أن ترى النور، بهدف استمرار الحصار تماشياً مع خيار إسقاط الحكومة التي شكلتها حماس؟!
يبدو أن هناك تياراً داخل حركة فتح يلعب لعبة مكشوفة، وهي ظهور حركة فتح إعلامياً بأنها مع حكومة الوحدة وتدعوا لها مما يمنح الحركة مزيداً من القبول الجماهيري، في نفس الوقت الذي يُحرك فيه قطاع الموظفين (الفتحاويين) مع أجهزة الأمن للتصعيد ضد الحكومة لإسقاطها.
بمعنى آخر، العمل إلى إسقاط الحكومة التي شكلتها حماس بضغط جمهور الموظفين ـ معظمهم يؤيدون حركة فتح حسب سياسة التوظيف السابقة ـ بعد شل معظم المؤسسات العامة، وذلك بتدبير وتشجيع من أيد تتستر وتتظاهر بحرصها “شكلاً” على حكومة وحدة وطنية لا يُراد لها الولادة بذرائع وحجج شتى.
أي انقلاب “أبيض” على الحكومة الفلسطينية الشرعية حتى لا يتهم البديل بأنه جاء على ظهر دبابة (إسرائيلية) أو جاء على موجة الحصار الصهيو ـ أمريكي للشعب الفلسطيني وحكومته المنتخبة.
ومما يدفع إلى هذه القناعة إضافة لما ذكرناه سابقاً، أن الرئيس محمود عباس أوضح لجهات فصائلية أن وثيقة الوفاق الوطني (وثيقة الأسرى) لم تعد مناسبة أو كافية كأساس لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، لأن الإدارة الأمريكية غير راضية عن الوثيقة!!
هذا إضافة إلى موقف رئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي السيد عزام الأحمد الذي اعتبر في 29/8 أنه لا يمكن الحديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل الاتفاق على القضايا السياسية التي أدت إلى الحصار المفروض على الشعب والسلطة الفلسطينية.
ومن المعروف أن القضايا السياسية التي أدت إلى الحصار هي رفض الحكومة الراهنة: الاعتراف باتفاقيات أوسلو التي تعترف بشرعية الاحتلال ـ ووقف المقاومة ونزع سلاح المقاومين ـ والاعتراف بالقرارات الدولية التي تؤكد شرعية الاحتلال على أرض فلسطين.
أي أن المطلوب من حركة حماس والحكومة الفلسطينية الاعتراف بشرعية الاحتلال، ووقف المقاومة كشرط مسبق لتكيل حكومة وحدة وطنية.
وهذا بالمناسبة ما أكد عليه السيد عزام الأحمد صراحة قبل أيام عندما أكد على أن حكومة الوحدة يجب أن تشكل على أساس برنامج الرئيس عباس (فتح)، واعتراف حركة حماس بوجود وشرعية الاحتلال.
من هنا، يبدو أن موافقة حركة فتح ودعوتها لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، أصبحت تستعملها (فتح) كحصان طروادة، وخديعة سياسية للرأي العام الفلسطيني الذي يصار إلى تأليبه على الشرعية بذريعة الرواتب ـ التي تتحمل مسؤوليتها أطراف عدة تشارك في الحصار ـ والتي يُراد مقايضتها سياسياً.
ولكن كما يُقال: الحرة لا تأكل بثدييها. والشعب الفلسطيني أكبر من أن يقايض حقوقه الوطنية وأرضه ومقدساته بحفنة من الدولارات الأمريكية أو الشواقل (الإسرائيلية).
كاتب فلسطيني
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...