السبت 28/سبتمبر/2024

العدوان على العراق (2) .. الانعكاسات على القضية الفلسطينية .. كرزاي فلسطيني وترا

بقلم الأستاذ : عزت الرشق

الحرب على العراق باتت حلما أمريكيا ، بل حالة هوس وجنون يراود الرئيس الأرعن والموتور بوش وأركان إدارته المتعطشين للدماء والنفط معا.

وكل يوم جديد يحمل معه التهديد والوعيد والتعبير على نفاذ صبر عصابة البيت الأبيض، وعدم قدرتهم على الانتظار حتى تنهي فرق التفتيش عملها، وأصبح القاصي والداني يعرف أن العراق – كان الله في عونه – مضروب على كل الأحوال ، فهو مضروب إذا ثبت لدى فرق التفتيش أنه أخفى أسلحة دمار شامل، ، وهو مضروب إذا لم تتمكن تلك الفرق من إثبات حيازة العراق لتلك الأسلحة، سواء لأن – حسب الموقف الأمريكي- هذه الفرق لم تعمل بالشكل المناسب، أو لأن أراضي العراق شاسعة ومن الصعب تفتيش كل بقعة فيها ؟!!

غير أننا في هذه الأسطر نود الإشارة إلى انعكاسات ضرب العراق والعدوان عليه على شعبنا وقضيتنا الفلسطينية، وكنت قد أوجزت في المقال السابق أهم الأهداف الأمريكية الاستراتيجية من ضرب العراق ، وكان من بينها خدمة الكيان الصهيوني كحليف استراتيجي للولايات المتحدة، وهو ما سنركز عليه في الأسطر التالية، فالقضية الفلسطينية ليست بعيدة عن تداعيات ضرب العراق بل هي في صميم ذلك ، فكيف ؟.

–        لا شك أن الولايات المتحدة تسدي للكيان الصهيوني خدمة جليلة بالتخلص من الكابوس والخطر الذي يشكله العراق على الدولة العبرية، فإسقاط النظام العراقي والإتيان بنظام عميل للولايات المتحدة ، وبالضرورة عميل للعدو الصهيوني يعزز من قوة هذا العدو ويزيد من اختلال موازين القوى في المنطقة لصالحه.

–        وفي أجواء ضرب العراق وأثناء تركز أنظار العالم على مشاهد الحرب والدمار ، ليس مستبعدا أن يقوم الكيان الصهيوني بمجازر بشعة ضد أبناء شعبنا العزل كالتي حدثت في جنين أو أكثر، من أجل كسر إرادة شعبنا وإرغامه على الرضوخ والاستسلام لشروط العدو وترتيباته.

–        ومسألة اقتحام قطاع غزة الباسل والتي يحاصره جيش العدو تصبح أثناء الهجوم على العراق خطرا داهما، حيث سيحاول العدو سحق المقاومة هناك بأسرع ما يمكنه، ورغم أن مسألة اقتحام غزة كانت وما زالت على أجندة  شارون وأركان حربه ولكنهم كانوا ولا زالوا مترددين ومتخوفين في الوقت ذاته من هذه الخطوة، لأنهم يعلمون أن دخولهم لن يكون نزهة جميلة ، وأنهم سيدفعون ثمنا باهضا، لأن جميع القوى في القطاع الصامد متحفزة ومتأهبة لمثل هذا الاحتمال والجميع قد أعد له العدة، فالحرب على العراق يمكن أن تستخدم من شارون وموفاز  مظلة أو ساترا دخانيا للهجوم على القطاع.

–        أما مشروع الترانسفير أو الترحيل فقد يجد طريقه والفرصة المواتية لتنفيذه في خضم هذه الأحداث، فترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن وتنفيذ فكرة الوطن البديل، كان دائما على رأس وعود شارون الانتخابية وهي فكرة يؤمن بها ويعتبرها تمثل الحل الحقيقي للصراع، والحكومة الأردنية رغم أنها تحاول مداراة مخاوفها وهواجسها، وتحاول رفع شعارات لحماية الوجود مثل شعار الأردن أولا ، إلا أن كل ذلك لا يبدد الخطر الحقيقي والذي يمكن أن يكون على الأبواب ، والإدارة الأمريكية لمحت للتغييرات التي يمكن أن تحدث في الأردن عندما أشارت إلى التغيرات التي ستحدث في المنطقة بعد ضرب العراق وقالت أن الأردن ليس بمنأى عنها. كذلك فإن وجود نظام عميل للولايات المتحدة في العراق يمكن أن يساهم في مسألة الترانسفير والترحيل باستيعاب مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في جنوب العراق، وهناك مشاريع كثيرة وقديمة لترحيل مائتي ألف لاجئ فلسطيني من مخيمات لبنان إلى جنوب العراق.

–        أما موضوع القيادة الفلسطينية البديلة أو بكلمة أدق العميلة التي تحاول الإدارة الأمريكية بالتعاون مع شارون فرضها على شعبنا، فحظوظ ذلك تتزايد أثناء وبعد ضرب العراق، وإبعاد السيد عرفات خارج فلسطين يمكن أن يجد طريقه للتنفيذ، فهو مطلب كان يلح عليه موفاز أثناء توليه رئاسة هيئة الأركان ومازال يلح عليه وهو وزير الحرب، كما أن شارون مع مثل هذا الخيار لكنه كان يضبط نفسه  لما تمليه عليه اعتبارات موقعه كرئيس للكيان نزولا عند رغبة الإدارة الأمريكية التي ترفض أية ممارسات يمكن أن تشوش ترتيباتها وتحضيراتها لضرب العراق. لكن بعد بدء العدوان يمكن أن تباشر حكومة العدو تهيئة الطريق والأجواء للقيادة الفلسطينية البديلة بإزاحة السيد عرفات، وعند ذلك ستجد ضوءا أخضرا من الإدارة الأمريكية، ومسألة إيجاد كرزاي فلسطيني على غرار كرزاي الأفغاني مهمة جدا لتنفيذ التصورات والمشاريع الصهيونية والأمريكية  لحل القضية الفلسطينية سواء مشروع خارطة الطرق – الذي تحاول بعض الأطراف العربية الترويج له للأسف  بمطالبتها حركة حماس والقوى الفاعلة في شعبنا بوقف المقاومة-  أو أية مشاريع أسوأ منه، ونجاح الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية في فرض القيادة البديلة والحل الأسوأ، يتطلب غطاء ومظلة  عربية، وهذه يمكن أن تتوفر في حال إسقاط النظام العراقي وإيجاد نظام عميل يكون أداة طيعة في  يد أمريكا، فهذا النظام إضافة لبعض الدول العربية التي تسير في فلك أمريكا يمكن أن تشكل الحاضنة الضامنة لوجود وبقاء قيادة فلسطينية منبتة عن الشعب الفلسطيني تأتي  على دبابة صهيونية ، وتستمر بإرادة أمريكية ، وتتستر بغطاء بعض الأطراف العربية. وفي مثل هذه الحالة تزيد حظوظ بعض القادة الفلسطينيين الأمنيين ( وحتى بعض السياسيين الذين يتعاملون بذكاء ودهاء أكثر) الذين لديهم رغبات جامحة في تولى السلطة مكان السيد عرفات، ولا يؤهلهم لذلك لا شعبيتهم ولا وطنيتهم ولا أخلاقهم ولا كفاءتهم ، ولا شيء سوى عمالتهم لأمريكا واستعدادهم للذهاب بعيدا في الاستجابة للشروط والمطالب الصهيونية والأمريكية، والتعاون الأمني بل أقول تلقي التعليمات والأوامر الأمنية فهم سيكونون في موقع المتلقي والعبد المأمور وليس في موقع التعاون، وسيحققون ما يريد الكيان من ضرب المقاومة ووقف الانتفاضة وكسر شوكة الشعب الفلسطيني، والموافقة على التنازل عن موضوع اللاجئين وحق العودة والقدس والقبول بدويلة فلسطينية مسخ.. نعم هؤلاء القادة يتحفزون وينتظرون الإشارة لبدء دورهم المشؤوم .. لكن شعبنا أيضا موجود ويقظ  ويقف لهم بالمرصاد وسيفشل مخططات العدو الصهيوني كما سيحبط أحلام هؤلاء بالرقص على دماء شعبنا ومعاناته وآلامه.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات