عنب الخليل يعاني الحصار والاستهداف الصهيوني

لا تُذكر الخليل إلا ويذكر معها العنب، حيث اعتبر العنب أهم رمز لهذه المدينة الضاربة في عمق التاريخ، ويعني الكثير لسكانها من التمسك بالأرض والتشبث بالتراث الموروث عن الآباء والأجداد.

فموسم جني محصول العنب، موسم اقتصادي ومصدر هام للرزق والبيع، يعتمد عليه سكان المدينة، حيث أكثر من ثلثي إنتاج محصول العنب الكلي في فلسطين، ونتيجة الحصار والإغلاقات المفروض ومنع تسويقه وتصديره يلحق بالمزارعين خسائر مادية ومعنوية كبيرة.

عنب الخليل محاصر

ويقول كمال أبو عيشه، رئيس قسم التسويق الزراعي في مديرية زراعة الخليل: إن عدداً كبيراً من قطاعات المزارعين في محافظة الخليل يعتمد على محصول العنب، مشيراً إلى أن عنب الخليل، يشكِّل ما يقارب 70 بالمائة من الإنتاج الكلي في فلسطين.

ويضيف أبو عيشة أن عنب الخليل محاصر منذ بداية الانتفاضة، موضحا أن إنتاج المحافظة السنوي يقدّر بحوالي 35-40 ألف طن، يستهلك منه في المحافظة ما يقارب 10 آلاف طن نصفها عنب مائدة ونصفها تصنيع محلي، وما تبقى كان من المفروض أن يتم تصديره إلى قطاع غزة و داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وبقية محافظات الوطن، حيث كان يستوعب هذا السوق ما يقارب 20 ألف طن، وقسم آخر كان يصدّر للخارج وما تبقى يستعمل للعصير.

ويلفت أبو عيشه إلى أن إغلاق قطاع غزة المتكرر وصعوبة الوصول إلى محافظات الوطن بالإضافة إلى العراقيل التي وضعتها سلطات الاحتلال الصهيوني مثل فحص السمية، خفض هذه الكمية إلى أقل من الربع، أي أن هناك ما يزيد عن 15 ألف طن بحاجة إلى تصريف، مشيرا إلى أن فحص السميه الذي فرضته السلطات الصهيونية هي أكبر معيق لتسويق العنب، حيث يكلف المزارع مصاريف زائدة وإضافية، علاوة عن تأخير ظهور النتيجة لعدم وجود تنسيق، كما أن تحديد الكمية التي يتم تصديرها بعد نجاح العينات الفحص لا تكفي ولا تتناسب مع الإنتاج المحلي.

مجلس العنب الفلسطيني

ويلفت أبو عيشه إلى أنه ونظراً للحصار الصهيوني ولمحاولة إيجاد أسواق لتصدير العنب وتصريفه، تم تأسيس مجلس العنب الفلسطيني، ويشير إلى أن رئيس المجلس وبعض التجار زاروا العاصمة الأردنية عمان، من أجل تسويق العنب الفلسطيني بشكل عام والعنب الخليلي بشكل خاص نظرا لما يتمتع من شهرة عالمية، موضحاً أنه تم إبرام مذكرة تفاهم مع سوق عمَّان المركزي على أن يبدأ تصدير العنب للأردن اعتبارا من 15 أيلول/سبتمبر الجاري.

وينوِّه أبو عيشة إلى أن ما سيتم تصدير للأردن لن يتعدى 5 آلاف طن، حسب حاجة السوق الأردني، ويشير إلى أن وجود عنب منافس؛ وهو العنب السوري واللبناني وأحيانا التركي في السوق الأردني يتوجب على المزارعين والتجار في فلسطين الاهتمام بتعبئة وتغليف العنب بشكل جيد حتى يستطيع المنافسة في الأسواق، موضحاً أن الأردن أيضا سمحت بمرور العنب إلى الأسواق الخارجية عبر أراضيها في أي وقت.

تعب وخسائر

ويبيّن أبو عيشه أن خسائر مزارعي العنب في سنوات سابقة بلغت حوالي 15 مليون دينار أردني سنوياً، ويعرب عن أمله في هذا العام تجاوز هذا الحصار للتخفيف من معاناة مزارعي العنب، داعيا المزارعين التوجه إلى مديريات الزراعة للاستفادة من الإرشاد الزراعي والطرق السلمية في الوصل إلى أعلى إنتاج من العنب، ولمحاولة التكاتف مع الوزارة والمنظمات الأهلية للتغلب على المعيقات التي توضع أمام مشكلة التسويق، بإنشاء مصنع لعصير العنب وتنفيذه بأسرع وقت ممكن.

المزارعون، من ناحيتهم، يؤكدون أن تكاليف زراعة العنب في مراحلها المختلفة باهظة جداً مقارنة بالأرباح التي تعود عليهم.

ويقول المزارع “أبو محمد”: إن مزارعي العنب لا يستردون رؤوس أموالهم التي دفعوها خلال موسم العنب، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية اللازمة لمراحل زراعته كالأدوية والمبيدات وأجور النقل مما حدا ببعض المزارعين بإبقاء العنب على أمه.

العنب غذاء وثقافة

ويرى المزارع المهندس عبد الجواد سلطان أنه وعلى الرغم من الخسائر التي تلحق بموسم العنب، إلا أن زراعة العنب في الخليل هو ثقافة يتوارثها الأبناء عن الأبناء والأجداد، مؤكدا تمسك أهالي وسكان الخليل بزراعة العنب رمز المدينة رغم المخاطر الاقتصادية، مشيراً إلى أن كروم العنب تعتبر مكاناً ترفيهياً يلجأ إليها الأهالي هربا من حرارة الصيف.

ويضيف سلطان أنه من ضمن ثقافة العنب التي توارثها مزارعو الخليل هو اقتطاع جزء من محصول العنب لتوزيعه على الجيران والأصدقاء، وعمل أصناف مختلفة من المأكولات بواسطة العنب؛ مثل ( الدبس والملبن والعنطبيخ والزبيب) وغيرها، بالإضافة إلى استخدام ورق العنب “الدوالي” كوجبات غذائية تعتبر من أشهر وألذّ الوجبات الغذائية التي يحبّذها سكان وأهالي الخليل.