التحديات الأمنية التي تواجه الكيان الصهيوني في القرن الحادي والعشرين

عقد معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب الإسرائيلية مؤتمره العام الثالث لمناقشة أهم القضايا الإستراتيجية التي تواجه إسرائيل وعقد المؤتمر تحت عنوان التحديات الأمنية في القرن الحادي والعشرين الآمال الدولية في مواجهة الواقع الإقليمي.
وشهد المؤتمر انعقاد ست جلسات جرى خلالها بحث العديد من القضايا الأساسية التي تواجه إسرائيل في الوقت الراهن وافتتح المؤتمر الدكتور عوديد عيران الذي أشار إلى أن هنالك الكثير من المخاطر المحدقة بإسرائيل والتي يتوجب مواجهتها مثل المشكلة الإيرانية والمشكلة الاقتصادية والعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، وان هدف معهد دراسات الأمن القومي هو أيضا محاولة تقديم صورة مدروسة لتطورات الأحداث لصانعي القرار في إسرائيل.
أشار عيران إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية ما زالت تؤثر على إسرائيل، وأخطار الانحسار الاقتصادي مازالت قائمة، مع ذلك يبدو أن هنالك نجاحاً معيناً ويبدو أن بإمكان إسرائيل الخروج من الأزمة، ولكن يتوجب معالجة الأمور بحكمة وروية، وأضاف أن تقرير «صندوق النقد الدولي» يشير إلى أن إسرائيل من أوائل الدول التي ستتعافى من نتائج الأزمة الاقتصادية العالمية، وان قوة الاقتصاد الإسرائيلي من الأمور الأساسية التي يتوجب الحفاظ عليها لأن لها تداعيات على الكثير من اتجاهات الدولة.
الاستقرار السياسي والاقتصاد الإسرائيلي
أشار ستانلي فيشر محافظ بنك إسرائيل في محاضرته أنه قلق بعض الشيء بالنسبة لموضوع التنبؤات الخاصة بإمكانيات النمو الاقتصادي الإسرائيلي، وأضاف: أن التنبؤات بالنسبة للنمو في الاقتصاد الإسرائيلي تشير إلى نسبة نمو غير كافية ووجود عوائق مختلفة منها مشكلة البيروقراطية الإسرائيلية في العديد من المجالات الأمر الذي قد لا يسمح بنمو مناسب وبالتالي سينعكس سلباً على الاقتصاد الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي.
وأشار فيشر إلى أنه غير مرتاح للدراسات التي أجريت في صندوق النقد الدولي بشأن الاقتصاد الإسرائيلي، والتي أشارت إلى معدل نمو يصل إلى 3.5% في الاقتصاد الإسرائيلي، وهي نسبة قليلة في رأي فيشر، ولن تؤدي إلى التطور المطلوب، ويعتقد أنه يجب أن يكون معدل النمو في الاقتصاد الإسرائيلي ما بين 6-7%، وليس اقل من ذلك.
وأضاف أن بإمكان الاقتصاد الإسرائيلي أن يصل إلى هذا المعدل من النمو الاقتصادي، ولكن في ظروف سلمية، ومن خلال الاستقرار السياسي الذي سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد ولذلك فالتوجهات السلمية، وعودة المباحثات السلمية مع الجانب الفلسطيني والعربي ستؤدي إلى الكثير من الاستقرار وستسمح باستنهاض الاقتصاد الإسرائيلي للأفضل.
وأكد ستانلي فيشر في كلمته أمام المؤتمر أن على الحكومة الإسرائيلية السعي من أجل تقليل البيروقراطية، والاهتمام برفع مستوى التربية والتعليم، وبالتالي أيضا الاهتمام بالبنى التحتية في العديد من المجالات وأضاف أن التعليم في إسرائيل يشهد انخفاضا بالمستوى قد ينعكس سلباً في السنوات القادمة، إضافة للوضع السيئ القائم حيث ان إسرائيل لا تصل كما في السابق إلى مراكز عالية من حيث مستوى التعليم والدراسة والأبحاث.
قوى نووية جديدة في المنطقة
فيما أكد نائب رئيس الوزراء، وزير أجهزة الاستخبارات ولجنة الطاقة النووية دان مريدور في محاضرته أن هناك ثلاثة موضوعات رئيسية على بساط البحث الإسرائيلي ويتوجب أخذها بعين الاعتبار، وهي العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، وما ستؤول إليه في المستقبل القريب، وتطورات الوضع بين إسرائيل والجانب الفلسطيني ومسألة تقرير جولدستون والحرب والتوجهات في المجتمع الدولي بهذا الصدد.
ويرى مريدور أن على إسرائيل متابعة الموضوع الإيراني بدقة لأن انتصار إيراني سيكون معناه التأثير على توازن القوى العالمي، وقد يؤدي إلى زعزعة وضع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وزعزعة معاهدة عدم نشر الأسلحة النووية
NPT ، والتي لم توقع عليها إسرائيل.
وبالتالي أيضا قد تسعى دول في المنطقة مثل مصر والسعودية إلى اكتساب قدرات عسكرية نووية، وفي هذه الحالة لن يكون من السهل السيطرة والتوجيه لمثل هذه التطورات وبالتالي أيضا سوف تزداد المخاطر الحقيقية المحدقة.
ويرى مريدور أنه بين الولايات المتحدة وبعض الأنظمة العربية في المنطقة تطورت علاقات هامة الهدف منها الحفاظ على الأنظمة مقابل الإبقاء على تدفق النفط لدول الغرب، ولكن في حال أن إيران أصبحت دولة ذات قدرات نووية عسكرية فمن شأن ذلك أن يؤثر على «الأنظمة العربية المعتدلة»، وفي ذات الوقت تحول إيران إلى قوة نووية سيعزز من مكانة القوى الإسلامية المعادية للغرب، وسيكون ذلك دافعاً للمنظمات المناوئة للغرب لتوسيع عملياتها، بينما في حال انتصار الولايات المتحدة فالواضح أن دول الغرب ودولاً أخرى سوف تلتف حول الولايات المتحدة، وتعزز من مكانة «المعسكر المعتدل» حسب المفاهيم الإسرائيلية.
ويؤكد مريدور أن القضية الإيرانية أوسع من أن تكون قضية إسرائيلية أو تهديد لإسرائيل فقط، بل إنها تتعدى هذا الأمر لتصبح مشكلة للغرب بأكمله، حيث ان القيادات الإيرانية تخلق الانطباع بان الولايات المتحدة دولة ضعيفة ومن المنطلق الإسرائيلي والمنظور الإسرائيلي هذا أمر مقلق لأن إسرائيل تابعة للمعسكر الغربي والمعسكر الأميركي وبالتالي فان انتصار إيران معناه منح منظمة حزب الله وحركة حماس الكثير من التعزيز وبالتالي «الرعب سوف يسيطر على حلبة الأحداث».
تحويل الصراع إلى صراع ديني وبالنسبة للمسألة الفلسطينية يقول دان مريدور: ان هناك الكثير من التغيير في المواقف الإسرائيلية حيث ان الرأي العام الإسرائيلي يتقبل الآن بشكل أكبر مبدأ الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، ولن تكون هناك مشكلة أكبر تواجه إسرائيل، وهي قيام المنظمات الإسلامية المعادية لإسرائيل بتحويل الصراع إلى صراع ديني.
وبالتالي هنالك صعوبة أكبر في التوصل إلى حل، ويؤكد مريدور أنه رغم أن الجانب الفلسطيني رفض في السابق الاقتراحات الإسرائيلية، ولكن من الممكن العودة لمائدة المفاوضات في ظل التطورات في الشارع الفلسطيني والتحسن في المجال الاقتصادي، وبالتالي يتوجب مناقشة القضايا كافة بين الجانبين وضمنها القضايا الجوهرية مثل القدس واللاجئين.
أما بالنسبة لموضوع «تقرير جولدستون» فيعتقد مريدور أن على إسرائيل العمل من أجل تغيير الواقع القائم بالنسبة لتفسير القانون الدولي فيما يتعلق بالحرب ضد التنظيمات المسلحة. ويعتقد أن على إسرائيل دراسة الموضوع بدقة وحذر، وبشأن المستوطنات يؤكد أن إسرائيل لن تتخلى عن الكتل الاستيطانية الكبرى التي ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية.
ثم تطرقت عضو الكنيست تسيبي ليفني، زعيمة المعارضة في إسرائيل ورئيسة حزب «كاديما»، إلى المخاطر المحدقة بإسرائيل، وهاجمت ليفني المجتمع الدولي في كلمتها أمام المؤتمر السنوي الثالث لمعهد أبحاث الأمن القومي، وادعت أن المجتمع الدولي لا يطبق المبادئ التي يدعيها، ويساوي بين أعداء إسرائيل وبين الجنود الإسرائيليين الذين «يدافعون عن وطنهم».
وأضافت ليفني أنها غير مهتمة لأوامر الاعتقال الصادرة في بريطانيا بحقها تحت تهمة القيام بجرائم حرب، وإنها على استعداد للعودة لما قامت به وفعلته بالسابق، وادعت أن الإصابات التي حدثت بين الجمهور في غزة لم تكن مقصودة، بل إنها وليدة الظروف التي أدت إليها العمليات ضد إسرائيل وتفجير الإسرائيليين.
وترى ليفني أن من حق إسرائيل «الدفاع عن النفس» بمواجهة الأعداء الذين يسعون في أية فرصة لمهاجمتها والنيل منها، وتؤكد أنها تؤيد مجدداً عملية «الرصاص المصبوب» ضد قطاع غزة، وترى فيها عملية من أجل الدفاع عن إسرائيل والمواطنين الإسرائيليين، وبالنسبة لمفاوضات مع حركة حماس قالت انها ترفض الفكرة جملة وتفصيلاً.
وترى أن على إسرائيل محاربة حركة حماس وعدم مفاوضتها، وبالنسبة لعدم سفرها لبريطانيا لم تشر إلى السبب الحقيقي وهو أمر الاعتقال الصادر بحقها تحت بند مسؤولية القيام بجرائم حرب ضد السكان الفلسطينيين، ورفضت التعقيب على الأمر مع نهاية محاضرتها، ولكنها أشارت إلى أن أوامر الاعتقال الصادرة يتوجب على بريطانيا منعها من خلال تغيير التشريعات التي تجيز لكل مواطن بريطاني تقديم طلب لاعتقال مجرمي الحرب أو المتهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية .
التحديات الإستراتيجية لإسرائيل
أشار اللواء عاموس يادلين رئيس شعبة الاستخبارات العامة بالجيش الإسرائيلي في محاضرته إلى أن إيران زادت من مخزونها من اليورانيوم المخصب ولديها حالياً 1700 كيلوجرام ولكن بتخصيب منخفض، وإيران تعمل من أجل رفع مستوى التخصيب إلى 33 بالمائة حتى يكون من الممكن استخدام المادة المخصبة لأغراض إنتاج الأسلحة النووية، وأضاف يادلين أن إيران تعمل من خلال خطة مدروسة وإستراتيجية وحكيمة لوضع أسس لبنية تحتية نووية وذلك بواسطة توزيع المنشآت النووية المكشوفة والمخفية، وفي نفس الوقت تطور إمكانيات عسكرية تمكنها من تطوير قدراتها في أي وقت تشاء.
وتحدث يادلين حول ثلاثة مسارات، التكنولوجي والديبلوماسي والسلطوي، وحسب اعتقاده فإن إيران تقدمت في المسار التكنولوجي، وهي على وشك استكمال الدائرة في هذا المجال، والهدف الإيراني أن يتم التعامل مع إيران على أنها دولة ذات قدرات نووية «بإمكانها الوصول إلى حيازة أسلحة نووية خلال فترة قصيرة»، وهذا الأمر حسب اعتقاد يادلين سوف يمنح الدول والمنظمات المتحالفة مع إيران الدعم للقيام بعمليات تكون لديهم الجرأة على القيام بها حتى اليوم، وإضافة لذلك مثل هذا الوضع سيدفع الدول العربية إلى البحث عن سبل للحصول على قدرات نووية .
وبالنسبة للتهديدات الإستراتيجية الممكنة لإسرائيل قال يادلين ان هناك حالياً هدوءاً على جبهات الشمال والجنوب وذلك حسب اعتقاده
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...