الجمعة 09/مايو/2025

كيف استطاعت “القسام” فتح أبواب الجحيم على الاحتلال؟

كيف استطاعت “القسام” فتح أبواب الجحيم على الاحتلال؟

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

بينما كان العالم كله يترقب “أبواب الجحيم” التي هدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب -إبان توليه منصبه في البيت الأبيض- بأن يفتحها على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حال لم تُطلق سراح الأسرى الإسرائيليين لديها، إذ بكتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- تُفاجئ العالم بأن “أبواب الجحيم” الحقيقية، هي التي قررت الكتائب فتحها على كيان الاحتلال بجيشه وحكومته ومستقبل صراعه في المنطقة.

لم تُطلق كتائب القسام سراح الأسرى الإسرائيليين وفق شروط الاحتلال، ولم تستجب لتهديدات ترامب، بل تمسّكت بشروطها في الموافقة على أي صفقة تبادل ضمن اتفاق كامل لوقف العدوان على غزة والانسحاب الإسرائيلي الكامل منها، فسعت حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل إلى دفع ترامب لمساندتها ودعمها في الانقلاب على الاتفاق الذي أبرم في الـ 19 من يناير/ كانون الثاني، وعادت إلى شن عدوان همجي في الـ 18 من مارس الماضي، بعد أن قررت فرض حصار كامل على قطاع غزة، فاستجاب ترامب لرغبة نتنياهو وعصابته اليمينية، أملاً في التوصل إلى إنهاء الحرب على طريقتهم بسحق المقاومة وتهجير سكان غزة.

وبعد زهاء شهرين على عودة الاحتلال عدوانه على غزة، استيقظ الجميع على لفحات “أبواب الجحيم” لكن الذي فتحها هي المقاومة، والذي احترق بها هو جيش الاحتلال؛ حيث لم يحقق الاحتلال أيًّا من أهدافه حتى اليوم، بينما لقّنته المقاومة درسًا قاسيًا بالإعلان عن تدشين سلسلة عمليات “أبواب الجحيم” التي أعلنت عنها أمس الأربعاء، بعد تنفيذها عددًا من العمليات القاسية والنوعية، والتي أسفرت عن خسائر فادحة في صفوف جيش الاحتلال بين قتلى وجرحى.

عمليات متتالية

آخر هذه العمليات أعلنت عنه كتائب القسام عصر أمس الخميس، بتنفيذ عمليات استهداف لقوات الاحتلال في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، كانت إحداها: استهداف قوة صهيونية راجلة من 7 صهاينة بعبوة شديدة الانفجار بحي التنور شرقي المدينة.

وأوضحت الكتائب -في بيان لها اليوم- أنها رصدت “تناثر أشلاء عدد من جنود الاحتلال في المكان بعد استهداف القوة الصهيونية في رفح”، مشيرة إلى أن هذه العملية، هي ضمن سلسة عمليات “أبواب الجحيم”.

وعقب هذه العملية، أعلنت “القسام” أن مقاتليها يخوضون اشتباكات ضارية في رفح، فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن عددًا من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي قُتل وأصيب آخرون في “حدث أمني صعب” للمرة الثانية خلال هذا اليوم.

وقال موقع “حدشوت بزمان” العبري، إن حدثًا أمنيًّا صعبًا وقع في غزة؛ حيث “تم تفجير عبوة ناسفة ضد قوة من لواء غولاني، ما أدى إلى انهيار مبنى في القوة”، مضيفًا أن هناك قتيلًا وعددًا من المصابين بحالات حرجة جدًّا محتجزين تحت الأنقاض.

في حين نشر موقع حدشوت حموت” العبري، أن قوات جيش الاحتلال تواجه صعوبات في إخلاء القتلى والمصابين من موقع الحدث الأمني في رفح، بسبب شدة المعارك.

وأفاد بأن أربع مروحيات هبطت في المكان وسط اشتباكات عنيفة، فيما تقوم مروحيات أخرى بعمليات تمشيط ناري لتأمين عملية الإخلاء القتلى والجرحى.

يومٌ بُطولي جديد

وذكرت منصات للمستوطنين أن 13 قتيلًا وجريحًا من الجنود محتجزون في المبنى الذي تم تفجيره، وأن العدد الفعلي للقتلى حتى الآن 3 جنود، و7 جنود مصابين منهم 4 بجراح خطيرة جدًّا، و3 محاصرين تحت الإنقاذ دون تفاصيل عن وضعهم الصحي.

وبالتزامن مع الحدث، نشرت القسام على منصة تليجرام: “مجاهدو القسام يخوضون اشتباكات ضارية ومن مسافة الصفر مع جنود وآليات العدو في منطقة التوغل بحي الجنينة شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة”.

وفي بلاغ آخر، أعلنت كتائب القسام أنه ضمن سلسة عمليات “أبواب الجحيم”، تمكن مجاهدونا من استهداف قوة هندسية صهيونية قوامها 12 جنديًا كانت تتجهز للقيام بعملية نسف داخل أحد المنازل محيط مفترق الفدائي بحي التنور شرق مدينة رفح جنوب القطاع بقذيفتين مضادتين للأفراد والدروع، مما أدى لانفجار كبير داخل المنزل ووقوع أفراد القوة بين قتيل وجريح، مؤكدة رصد هبوط الطيران المروحي للإخلاء.

وقالت الكتائب: “رصد مجاهدونا تناثر أشلاء عدد من جنود الاحتلال في المكان”.

“أبواب الجحيم”

جاءت هذه العمليات بعد يوم واحد من إعلان “القسام” بدء سلسلة عمليات “أبواب الجحيم” ضد قوات الاحتلال؛ متوعّدة -في بيان على لسان أحد مقاتليها- عن “بدء سلسلة عمليات أبواب الجحيم لتؤكد أن رفح وبعد عام على القتال كانت وما زالت تبدد وهمكم وتقطف أرواح جندكم، فلُتفتح أبواب الجحيم على مصرعيها، وليكن كل بيت وكل زقاق في رفح بمثابة قنبلة موقوتة تختطف أراوح قوات نخبتكم”.

وبحسب البيان القسامي، تمكّن المقاومون يوم الأربعاء من استدراج قوة إسرائيلية راجلة مكوّنة من 10 جنود وكلبين عسكريين إلى كمين محكم جرى تجهيزه مسبقًا بعدد من العبوات الناسفة، قرب مفترق المشروع في محيط مسجد الزهراء بحي الجنينة شرق مدينة رفح، ما أسفر عن وقوع القوة كاملة بين قتيل وجريح.

وبثّت كتائب القسام مشاهد تنفيذ الكمين المركب ضد جنود وآليات الاحتلال المتوغلة في حي الجنينة، مبينة أنه “فور وصول القوة إلى مقتلة الكمين، فجّر المقاومون العبوات الناسفة، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من جنود الاحتلال”، ومضيفة أن مجاهديها رصدوا هبوط طائرات مروحية إسرائيلية في المنطقة لإخلاء القتلى والمصابين.

وختم مقاتل القسام البيان بالقول “رسالتنا إلى أهلنا وأحرار شعبنا في القطاع عامة وأهل رفح الصمود خاصة، اليوم يقف فرع الشجرة أمام أصله الثابت، ليقول: عهدًا ووعدًا أننا باقون هنا في أرضنا ندافع عنكم وعن ديننا ووطنا الحبيب”.

كمائن القسام

وفي بيان منفصل، أعلنت القسام، قتل وجرح عدد من جنود الاحتلال إثر قصف قوة إسرائيلية تحصّنت داخل أحد المنازل شرق رفح بقذيفتي “TBG”، قبل أن يتقدم مقاتلوها نحو الموقع ويجهزوا على من تبقّى من الجنود بأسلحة خفيفة من مسافة صفر.

وقبل هذا البيان بيومين، أعلنت القسام عن تنفيذ عملية نوعية أخرى، حيث فجّر مقاتلوها حقل ألغام معدًا مسبقًا بقوة صهيونية مؤللة كانت تتحرك على شارع العودة شرق منطقة الفراحين شرق مدينة خان يونس، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الجنود.

والأحد، كشفت القسّام تفاصيل كمين مشابه نفّذته في رفح، إذ تمكَّن مقاتلوها من استدراج قوة إسرائيلية إلى عين نفق مفخخة سلفًا حيث بدأت العملية بالاشتباك مع أفراد القوة وأجهزوا على عدد منهم من مسافة صفر، كما استهدفوا دبابتين للاحتلال بقذائف الياسين 105.

وكان جيش الاحتلال أعلن مقتل النقيب نوعام رافيد (23 عامًا) والجندي يهيلي سرور (20 عامًا)، وهما من وحدة النخبة “يهلوم” التابعة لسلاح الهندسة، إثر تفجير نفق في رفح.

وخلافا للأرقام المعلنة، يُتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي بإخفاء الأرقام الحقيقية لخسائره في الأرواح، خاصة مع تجاهل إعلانات عديدة للفصائل الفلسطينية بتنفيذ عمليات وكمائن ضد عناصره، تؤكد أنها تسفر عن قتلى وجرحى.

ثمرات الطوفان

تأتي سلسلة عمليات “أبواب الجحيم” ضمن ثمرات طوفان الأقصى؛ حيث فرضت المقاومة الفلسطينية كلمتها على الاحتلال وداعميه منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023، ودفعت بمحور المقاومة في لبنان واليمن والعراق إلى الانخراط في المعركة، والتي كان أبرزها الدور اليمني في حظر الملاحة الجوية للاحتلال يوم الأحد الماضي.

ويتمثل أحد “أبواب الجحيم” التي فتحتها المقاومة في إسرائيل، في التسبب بإحداث حالة التململ بين ضباط وجنود الاحتلال، جراء ما تلقوه من عمليات قاسية خلال فترة الحرب، ما أدى إلى حدوث عجز كبير في جنود الاحتياط داخل الجيش الإسرائيلي، فضلا عن أزمة تجنيد الحريديم.

وقد أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم أنه ضبط 340 جنديًّا إسرائيليًّا احتياط يحاولون الهرب من إسرائيل عبر مطار بن غوريون للهرب من الخدمة، منذ يناير 2025.

وقالت صحيفة هآرتس العبرية عن دراسة لجامعة تل أبيب: إن واحدًا من كل 8 جنود إسرائيليين قاتلوا في غزة، غير مؤهل عقليًّا للعودة إلى الخدمة، مضيفة أن 12% من الاحتياط ممن قاتلوا بغزة أفادوا بوجود أعراض حادة لاضطراب ما بعد الصدمة.

مفاجآت ترامب

من ناحية أخرى أظهرت تسببت المقاومة في فتح باب آخر أكثر لهبًا من الأبواب الأخرى، متمثلا في الموقف الأمريكي المتطور في نظرته لحكومة نتنياهو وسياستها في المنطقة.

حيث إن انسياق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلف دعوات نتنياهو وحكومته اليمينية قد أوقع الولايات المتحدة في الانخراط في المعركة بشكل مباشر، متمثلاً في دخول حرب مع جماعة أنصار الله اليمنية، ما أسفر في نهاية الأمر على إعلان ترامب وقف هجماته ضدهم، وذلك دون التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي، في دلالة على نقطة افتراق بين الأهداف الإسرائيلية وما بدأت تتجه إليه الإدارة الأمريكية من خطوات تنسجم مع تحقيق مصالحها في الشرق الأوسط.

وفي تطور أكثر وضوحًا قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن مقربين من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغوا وزير الشؤون الاستراتجية الإسرائيلي رون ديرمر أن الرئيس الأمريكي قرر قطع الاتصال مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وأوضحت إذاعة الجيش أن المقربين من ترامب أبلغوا ديرمر أن “نتنياهو يتلاعب بالرئيس الأمريكي، وأكدوا أن أكثر ما يكرهه ترامب هو أن يظهر كشخص يتم التلاعب به”.

ونقلت الإذاعة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن حديث الوزير ديرمر مع كبار المسؤولين الجمهوريين بغطرسته المعهودة لم يجد نفعًا.

وجاء ذلك بعد ساعات من تقرير لصحيفة “يسرائيل هيوم” أكد أن ترامب يشعر “بخيبة أمل” من نتنياهو، ويعتزم اتخاذ “خطوات” في الشرق الأوسط “بدون انتظاره”.

ومنذ بدء ولايته الرئاسية الجديدة، في 20 يناير/كانون الثاني 2025، قدّم ترامب دعما متنوعا وغير محدود لحكومة نتنياهو، التي تشن منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين بقطاع غزة.

رغم ذلك، نقلت صحيفة “يسرائيل هيوم”عن المصادر دون تسميتها إن “ثمة انخفاضا في العلاقات الشخصية وخيبة أمل متبادلة بين نتنياهو وترامب”.

تدني العلاقات

وأضافت الصحيفة أن مصدرين كبيرين مقربين من ترامب قالا، في محادثات مغلقة خلال الأيام الأخيرة، إنه قرر عدم انتظار إسرائيل لفترة أطول، ويمضي قدمًا في خطوات بالشرق الأوسط دون “انتظار نتنياهو”.

كما نقلت القناة 12 العبرية عن السفير الأمريكي في تل أبيب تعليقًا على القرار الأمريكي بوقف العدوان على اليمن: “لا نحتاج لإذن من تل أبيب لوقف إطلاق النار مع الحوثيين”.

وأضافت القناة نقلا عن مسؤول أمريكي: إذا كانت إسرائيل دفعت ثمنًا لعدم إنهاء الحرب، فالثمن اليوم أعلى لها وليس للمختطفين.

ونقلت صحيفة يسرائيل هيوم عن مقربين من ترامب أن “نتنياهو يتلاعب بنا ولا ينفذ ما اتفقنا عليه ولا يريد المضي قدمًا في توافقات”، مضيفًا أن “العلاقة بين ترامب ونتنياهو وصلت لأدنى مستوياتها”

وأضاف المقربون من ترامب في تصريحهم للصحيفة الإسرائيلية: “نريد تنفيذ خطوات تخدم مصالحنا، ونتنياهو يرفض التعاون لدعم هذه الخطوات”، مطالبين نتنياهو باتخاذ الخطوات المطلوبة لتحقيق تصورات ترامب بالشرق الأوسط.

وبهذا استطاعت كتائب القسام -ممثلة للشعب الفلسطيني الصامد- أن تُحوّل أبواب الجحيم التي توعد داعمو نتنياهو بفتحها عليهم، إلى نار تأكل الاحتلال من جذوره حتى تحيله رمادًا تذروه رياح الصمود في قطاع غزة وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...