الأربعاء 30/أبريل/2025

مخيم خان يونس.. الإبادة تنازع الأمل في نفوس سكانه 

مخيم خان يونس.. الإبادة تنازع الأمل في نفوس سكانه 

خان يونس – المركز الفلسطيني للإعلام

تظهر القصص الشخصية للمواطنين في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة حجم المعاناة التي يواجهونها يوميًا داخل المكان الذي لطالما راودت الأحلام ساكنيه، لكن كوابيس الخروج من شبح الحرب هي من باتت تسيطر على سكان المخيم في ليله الطويل.

وفاء المصري، تبلغ من العمر 58 عامًا، تعيش مع أسرتها في مأوى مؤقت مصنوع من الصفيح في المخيم الواقع غربي المدينة. تعمل اللاجئة الفلسطينية على تجفيف بقايا الخبز استعداداً لأيام أقسى وأسوأ مما تعيشه، ربما تسعفها في إعادة أسرتها بيعها إذا ما شدت المجاعة أوتادها على سكان قطاع غزة المحاصر.

تصف المصرية الحياة بأنها صعبة للغاية، وتحاول البقاء مع أبنائها على قيد الحياة “بقدر ما نستطيع. إذا لم استعد للأسوأ فمن نجا من الحرب قد لا ينجو من الجوع”.

تصف ابنتها رشا، البالغة من العمر 20 عاماً، الوضع قائلة: “لا يوجد ماء نظيف للشرب، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض. جميع الأطفال يعانون من الحكة في وجوههم وأجسادهم؛ لا يوجد طفل غير متأثر. الجميع متكدسون معاً، مما يزيد الأمر سوءاً”.

أُنشئ مخيم خان يونس للاجئين بعد نكبة عام ١٩٤٨، ووفّر المأوى للاجئين الفلسطينيين، معظمهم من مدينتي بئر السبع ويافا، وقرية المجدل فيما يُعرف الآن بعسقلان. وتشترك العائلات التي تعيش في المخيم بروابط قوية تجمعهم جميعًا نتيجةً لتجربة التهجير المشتركة عام ١٩٤٨. فهم يحملون المعاناة والألم نفسه، وتربطهم روابط عائلية.

بلغت مساحة مخيم خانيونس عند التأسيس 548 دونمًا، وبلغ عدد سكانه عام 1953 نحو 12.1 ألف لاجئ. وفي عام 2023، وصل عدد سكانه إلى 90 ألف لاجئ مسجل لدى الأونروا.

وقد عمل أبناء المخيم بالصيد والزراعة وغيرها لكسب العيش. ويضم مخيم خانيونس 16 مبنى مدرسيًا تابعًا للأونروا ويستضيف 19 مدرسة. وقد قُسمت أحياء المخيم بشكل يتيح لأبناء العائلة السكن معًا حفاظًا على وحدة العشيرة.

منذ بداية حرب الإبادة على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تعرض المعسكر لتدمير هائل شمل 75% من المنازل، وتحولت العديد من الأحياء إلى أنقاض، يتحسس السكان موضع أقدامهم عند المرور فوقها لنصب خيمة أو إصلاح أخرى، إذ استهدفت هجمات جيل الاحتلال البنية التحتية بالكامل، بما في ذلك 12 مدرسة، مركزين صحيين، وأكثر من 10 مرافق عامة.

فالمنازل التي كانت تمثل جزءاً من حياة آلاف الفلسطينيين قد سويت بالأرض، والشوارع التي كانت تشهد حركة يومية أصبحت خالية تماماً، سوى من الأنقاض. حتى المنشآت العامة والمرافق الصحية والتعليمية في المعسكر تعرضت للتدمير، ما زاد من معاناة السكان الذين يعانون أصلاً من ظروف صعبة.

التدمير الممنهج للمعسكر جاء في وقت كان فيه الفلسطينيون في خان يونس قد بدأوا يشعرون بشيء من الأمل في إعادة بناء حياتهم بعد سنوات من الصراع. 

فمع اندلاع الحرب، أُجبر آلاف الفلسطينيين على الفرار من منازلهم في المناطق الشمالية والوسطى من القطاع، متجهين نحو الجنوب بحثاً عن الأمان، وقد استقبل مخيم خانيونس أعداداً كبيرة من هؤلاء النازحين، مما أدى إلى اكتظاظ شديد وتدهور في الخدمات الأساسية.

ووفقاً لمنظمة أطباء بلا حدود، يواجه النازحون في المخيم نقصاً حاداً في المياه النظيفة، والصرف الصحي، والرعاية الصحية، مما يزيد من انتشار الأمراض الجلدية والأوبئة.​

منى، فتاة تبلغ من العمر 11 عاماً من بيت لاهيا، اضطرت للفرار مع عائلتها إلى خان يونس بعد تصاعد القصف في منطقتهم. تقول: “قبل أكتوبر، كنا نعيش حياتنا بشكل طبيعي، نذهب إلى المدرسة ونعود لنجد والدتي تعد لنا الطعام. الآن، نحن نعيش في خيمة مع عشرات العائلات الأخرى، نفتقد لكل شيء”.

في قصة أخرى، يروي أحد سكان المخيم تجربته مع النزوح المتكرر منذ عام 2000، عندما كان في الثامنة من عمره. يقول: “جرافات جيش الاحتلال دخلت مخيم خان يونس ودمرت منزل عمي ومنزل جدي. ثم، لسبب ما، توقفوا عند منزلنا”. ويضيف: “هذا النزوح المستمر أثر بشكل كبير على استقرار الأسر وقدرتها على بناء حياة مستقرة”.

ووفقاً لتقارير حقوقية، يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء عوضاً عن انعدام الكهرباء منذ اندلاع الحرب. وتبعاً لتقرير الأمم المتحدة، يعاني حوالي 80% من السكان من انعدام الأمن الغذائي، بينما يتمكن 20% فقط من الحصول على احتياجاتهم اليومية، وتزداد معاناة السكان بشكل خاص في ظل الظروف المناخية القاسية.

تقول أم محمد وهي إحدى المقيمات في مخيم خان يونس: لم نكن نعرف متى سيأتي الهجوم التالي. “كلما بدأنا في بناء شيء من جديد، يهدمه الاحتلال. لكننا هنا صامدون، سنبقى رغم كل شيء. ليس لنا خيار آخر”.

شهادات كثيرة سمعناها من سكان المخيم خان يونس، الذين أكدوا على أن التدمير لم يكن سوى جزء من استراتيجية الاحتلال الرامية إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني، لكنهم أظهروا في الوقت نفسه عزيمة لا تُقهر.

على الجانب الآخر من المعاناة، ثمة وجهة آخر يقاوم للظهور وسط أهوال الحرب التي لا تنقطع، حيث يحاول الشباب عبر الأعمال التطوعية انتزاع الأمل من بين الأنقاض وزرعه في نفوس السكان ولو بطبق حساء ساخن يسد رمق طفل جائع، أو إغاثة أسرة حملتها الحرب قسراً بعيداً عن عائلها وحضنها الاجتماعي، فالظروف المعيشية في المخيم تزداد سوءاً مع استمرار الحرب، ويواجه السكان صعوبات في الحصول على رغيف الخبز بعدما أغلقت معظم المخابز أبوابها أمام حرب التجويع التي تمارسها سلطات الاحتلال بإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية ما يزيد من معاناة السكان، خاصة الأطفال وكبار السن.​

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

حملة دهم واعتقالات في الضفة

حملة دهم واعتقالات في الضفة

الخليل- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأربعاء، حملة اقتحامات في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، تخللتها اعتقالات بعد...