السِّنوار لم يمت

أداء كتائب القسام بعد إعلان توقيف القتال، هو نفسه قبل الحرب وخلالها، حتى لا نقول إنه أكثر حزما وجدية، بسبب ما منحته الحرب بأيامها ولياليها الدموية، من خبرة وتصميم على مواصلة الجهاد إلى آخر نفس.
طريقة تسليم مجنّدات العدوّ الأسيرات، والإعلان عن أسمائهن، بنقر من أبي عبيدة، والمشاهد المثيرة والموثقة والمؤرِّخة لمجريات الحرب، التي باشرت كتائب القسام في بثها، هي حربٌ أخرى قائمة بذاتها، تبصم على نصر هؤلاء الرجال في كل شيء، من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
وإذا كان تاريخ الإنسانية قد بيّن أن الشهداء لا يموتون أبدا من آل ياسر إلى العربي بن مهيدي وأحمد زبانة ورمضان بن عبد المالك، والشيخ ياسين وشيخ المجاهدين عز الدين القسام وكل الأبطال الأحرار، وخلّد ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: “ولا تحسبنَّ الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يُرزقون”، فإن ما يقدِّمه أبناء القسّام يؤكد أن الشهيد لا يبقى حيًّا فقط، بل يبعث الحياة في الذين يرثون عنه البطولة والإيثار.
كان الخوف الذي سكن القلوب، وهو خوفٌ مشروع، في أن تنتهي الحرب، فيستيقظ الفلسطينيون على واقع زوال أسباب الحياة على أرضهم، فينقلب بعض الناس على الذين “جرّوهم” إلى هذا الوضع المؤلم، ولكن الخوف انتقل إلى قلب معاقل الكيان.
والذي هندس لـ ”طوفان الأقصى”، وظل طوال أيام الحرب ولياليها الحالكات يقدِّم صور القنص والتفجير وكلمات الناطق العسكري باسمه، ها هو الآن يؤرِّخ بالصورة والصوت لأبطاله، ومنهم الشهيد الرمز يحيى السنوار الذي كان يتحرك بين الأنقاض والكمائن، ويقترب من جنود العدو، طالبا نصرا أو شهادة، ويبدو أنه قد حققهما معا.
قدَّمت المقاومة حربا تليق بالشعب الفلسطيني، وتليق بأرض المقدّسات والأنبياء، وإذا كنّا قد اعتدنا أن نصف بقية الحروب الكلاسيكية القديمة، بـ ”الحروب العربية الإسرائيلية”، فإن ما حدث في حرب الشهور الـ15، هو حرب فلسطينية عالمية، إذ خطط للطوفان أبناء فلسطين ونفذوه وانتصروا، ولم تكن تضحيات حزب الله والحوثيين والفصائل العراقية أكثر من دعم للثورة الفلسطينية الكبرى التي جمعت المقاومة بالشعب الصبور، وقدّمت فلسطين كأسطورة تحاكي الخيال.
الحرب معارك، فيها من النار والموت القليل، أما كثيرها فهو ما يظهر على أهلها من سلوك، وعندما يرى العدوّ وهو يُسكر نفسه بكؤوس “النصر المطلق” المزعوم، ضحيّته منتشيا بإفرازات نهاية الحرب أو العدوان، فإنه سيدرك أن أطنان القنابل التي مسحت معالم الحياة في غزة، وجحافل القتلى ضمن مسعى الإبادة الشاملة، وأن ما سمّاه هو “الإنجازات الكبرى”، هو مجرد هراء.
عندما نعرّف الإنسان، بالأثر الذي يتركه وبقيمه وما قدّمه في حياته، ندرك أن يحيى السنوار لم يمت، كما لم يمت إخوانه، وأنه هو من يرمي حاليا ودائما باتجاه العدو، فيقنصه في قلب القلب.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

برنامج الغذاء العالمي: غزة تواجه المجاعة و700 ألف بلا طعام
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكد برنامج الغذاء العالمي أن الوضع الإنساني في قطاع غزة بلغ مرحلة حرجة للغاية، مبينا أن مخزون البرنامج من المساعدات...

العفو الدولي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة وانتهاك واسع للقانون الدولي بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام اتهمت منظمة العفو الدولية، سلطات الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب "أعمال ترقى إلى الإبادة الجماعية" في قطاع غزة،...

حماس تدعو لحراك عمالي عالمي تضامناً مع غزة ورفضاً للإبادة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دعت حركة حماس المنظمات الحقوقية والإنسانية عبر العالم إلى الوقوف عند مسؤولياتها في فضح جرائم وانتهاكات الاحتلال...

لليوم الـ94.. الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ94 على التوالي، ولليوم الـ81 على مخيم...

عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ويؤدون طقوسًا تلمودية
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام اقتحم مستوطنون متطرفون، صباح يوم الأربعاء، المسجد الأقصى المبارك من باب المغاربة، تحت حماية مشددة من قوات...

حملة دهم واعتقالات في الضفة
الخليل- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأربعاء، حملة اقتحامات في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، تخللتها اعتقالات بعد...

البرش: الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور منير البرش أن الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني عبر منع الماء والغذاء...