ما وراء هجوم السلطة على مخيم جنين؟

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام

بعدما فشل الاحتلال الإسرائيلي عشرات المرات في تحقيق أهدافه المعلنة لتقويض المقاومة من وراء الاقتحام المتكرر لمخيم جنين، شمال الضفة الغربية، جاء الدور على أجهزة أمن السلطة لتحاول إنجاز ما أخفق الاحتلال به.

هجوم كبير ومعلن ومتبنى رسميًّا هكذا اختارت السلطة وتحت عناوين براقة هذه المرة “حماية الوطن” أن تلعب دور المقاول العلني للاحتلال بهجومها على مخيم جنين حاضن المقاومة وقلعة الثوار الذي كان مسرحًا لعشرات الاقتحامات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة.

وعلى غرار ما يفعل جيش الاحتلال، وتحت جنح الظلام، شنت قوات أمن السلطة هجوما كبيرًا على مخيم جنين من ثلاثة محاور ترفع لواء الأمن والجميع يعلم أن هدفها المقاومين والقضاء عليهم.

وجاء هذا الهجوم، بعد أيام من اعتراف السلطة بقتلها أحد سكان مخيم جنين وإصابة آخر رغم عدم علاقتهم باي من الفصائل، وبعد اعتقالها عددا من المقاومين.

اغتيال القيادي في كتيبة جنين يزيد جعايصة

واغتالت أجهزة أمن السلطة صباح اليوم السبت، القيادي في كتيبة جنين يزيد جعايصة خلال عدوانها المستمر على مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، ضمن مساع إسرائيلية لوأد المقاومة فيه.

وقالت مصادر محلية، إنّ الشاب يزيد جعايصة، استشهد برصاص أمن السلطة عقب إصابته بالرصاص، وهو من القادة البارزين لكتيبة جنين، ومطلوب لقوات الاحتلال الإسرائيلي منذ ما يزيد على 4 سنوات، وحاولت اغتياله مراراً.

▪️تفاصيل أحداث #جنين، منذ بداية حصاره حتى محاولة اقتحامه فجر اليوم.

بدأت أحداث مخيم جنين باعتقال أجهزة السلطة إبراهيم طوباسي وعماد أبو الهيجا، مما أثار غضب “كتيبة جنين” التي احتجزت سيارات تابعة للسلطة كرهينة للمطالبة بالإفراج عنهما، رفضت السلطة الإفراج وأرسلت رسالة واضحة بأن… pic.twitter.com/mxGuQWifuO

— 🇵🇸 أدهم أبو سلمية (@AdhamPal922) December 14, 2024

كما استشهد الطفل محمد عامر (15 عاما) وأصيب قرابة 40 مواطن برصاص أمن السلطة الذي حشد قواته ليقتل أبناء شعبه، وفق تعليقات المواطنين، متسائلين عن غياب هذا الأمن عن حماية أمن المواطنين الذين استشهد منهم أكثر من 800 مواطن برصاص الاحتلال ومستوطنيه في الضفة منذ 7 أكتوبر الماضي.

ما يجري غير مقبول

الكاتب والحقوقي مصطفى إبراهيم، أكد أن موقف السلطة الفلسطينية في ما يجري في جنين ومقتل شاب (تبعه طفل) من أفراد الأمن غير مقبول، مشددا على أن علاج الأزمة مع أفراد المقاومة هي نفس الطريقة التي تتبعها السلطة منذ سنوات.

وتساءل في تدونية على صفحته على فيسبوك: هل السلطة تخشى من وقوع حرب في الضفة مثل ما حدث في غرة؟ وتخاف على الشعب في الضفة من حرب؟ أو كما تدعي السلطة حفظ الأمن؟ أم هي الاستجابة للضغط الإسرائيلي والاستمرار نفس العقيدة والسياسة التي لم تتغير خلال سنوات طويلة من الانتظار وتجريف الحياة السياسية في الضفة. وبدون أي فعل فلسطيني مقاوم وموجز.

وأشار إلى أن السياسات الإسرائيلية مستمرة في تجريف الضفة الغربية، وما تبقى من مقدرات وموارد وتهجير قسري وفصل عنصري وفرض السيادة ونظام الفوقية اليهودية.

الكاتبة لمى خاطر، قالت: العار الذي تمارسه السلطة في جنين أسمته (حماية وطن)، وهذا من أخسّ المسميات التي يمكن أن تطلق على حملة لتصفية ما تبقى من بؤر المقاومة ولإراحة المحتل من عبء مواجهتها، ومساعدته على التفرغ لسحق غزة.

وأضافت: هكذا يتلاعب الأنذال بالعقول ويتمادون في استهبال الجمهور، وكل هذا حجة على من يرجو منهم خيرا.

العار الذي تمارسه السلطة في جنين أسمته (حماية وطن)
وهذا من أخسّ المسميات التي يمكن أن تطلق على حملة لتصفية ما تبقى من بؤر المقاومة ولإراحة المحتل من عبء مواجهتها،ومساعدته على التفرغ لسحق غزة
هكذا يتلاعب الأنذال بالعقول ويتمادون في استهبال الجمهور،وكل هذا حجة على من يرجو منهم خيرا

— Lama Khater لمى خاطر (@lama_khater) December 14, 2024

الكاتب ياسين عز الدين يؤكد أن السلطة تحاول القضاء على المقاومة في المخيم، مشددا على أن المطلوب من أحرار شعبنا مساندة المخيم ونصرته.

جانب من اقتحام أجهزة أمن السلطة لمخيم جنين

ما زالت الاشتباكات العنيفة في المخيم وأنباء عن استشهاد طفل برصاص السلطة.

السلطة تحاول القضاء على المقاومة في المخيم … المطلوب من أحرار شعبنا مساندة المخيم ونصرته. pic.twitter.com/fV4GTxZ1lB

— yaseenizeddeen (@yaseenizeddeen) December 14, 2024

ماذا عن حماية المواطنين من اعتداءات الاحتلال؟

ذرائع السلطة المتعلقة بأمن المواطن مكشوفة – وفق المتابعين- فمن يمس أمن المواطنين يوميا هو الاحتلال والمستوطنين الذين يسرحون ويمرحون ويرتكبون جرائم يومية في وقت تسعى فيه إسرائيل لبسط سيادتها على الضفة بما يجعل مشروع السلطة كله موضع تشكيك في مدى بقائه.

السلطة الفلسطينية تطلق حملة ضد المقاومين في مخيم جنين تحت مسمى “حماة الوطن”، وتغتال القائد في كتيبة جنين، يزيد جعايصة، المطلوب للجيش الإسرائيلي. وأسفرت الحملة عن عدد كبير من الإصابات، بينهم أطفال.

السلطة، التي لم تحرك ساكنًا أمام هجمات المستوطنين والجنود الإسرائيليين على الضفة… pic.twitter.com/DWT0Z9Iv6p

— Tamer | تامر (@tamerqdh) December 14, 2024

وقال المواطن عدنان جرار: أهل مخيم جنين كانوا يتوقعون أن تكافئهم السلطة على صبرهم ومعاناتهم بعد عشرات الاقتحامات من قوات الاحتلال، مشددا على أنه من المعيب أن تحاول السلطة القيام بما فشل فيه الاحتلال.

وأضاف: إذا كان همهم أمن المواطن فها هم المستوطنون كل يقتحمون بلدة يقتلون ويدمرون ويحرقون ويستولون على الأرض وحكومة الاحتلال تتهيأ لاستكمال مخطط ضم الضفة الغربية.

حماس تطالب بموقف حاسم

باستثناء التيار المحسوب على السلطة في حركة فتح، فإن غالبية الفصائل الفلسطينية عبرت عن استهجانها لعدوان السلطة على مخيم جنين وطالبت بوقفه فورا.

حركة حماس، دعت الفصائل والقوى الفلسطينية كافة، والمكونات القانونية والحقوقية لاتخاذ موقف حاسم من أجهزة أمن السلطة الفلسطينية إزاء عمليات ملاحقة واستهداف المقاومة في مخيم جنين وعموم الضفة الغربية المحتلة.

ونعت حماس في بيان اليوم السبت، القيادي في كتيبة جنين يزيد جعايصة، والذي ارتقى برصاص أجهزة السلطة في جنين، بعد أيام قليلة من إعدام الفتى ربحي الشلبي.

أمن السلطة يحاصر جنين لليوم العاشر ويغتال أحد قادة كتيبة المخيم

واستنكرت حماس استمرار قيام أجهزة السلطة الأمنية بملاحقة المقاومين والمطلوبين للاحتلال، وحالة الاستهداف المتصاعد والمتعمد لهم في جنين، “والتي تتماهى بشكل تام مع عدوان الاحتلال وإجرامه، دون أي اكتراث لكل النداءات بكف يدها عن أبناء شعبنا ومقاومينا”.

وأكدت أنّ استمرار أجهزة أمن السلطة بهذا النهج المشين والذي يتنافى مع كافة قيمنا وأعرافنا، “يدق ناقوس الخطر، ويؤجج خلافات داخلية نحن في غنى عنها في هذا الوقت الحساس والمصيري من تاريخ قضيتنا وما تتعرض له من مخططات الضم والتهجير”.

جانب من اقتحام أجهزة أمن السلطة لمخيم جنين

ما زالت الاشتباكات العنيفة في المخيم وأنباء عن استشهاد طفل برصاص السلطة.

السلطة تحاول القضاء على المقاومة في المخيم … المطلوب من أحرار شعبنا مساندة المخيم ونصرته. pic.twitter.com/fV4GTxZ1lB

— yaseenizeddeen (@yaseenizeddeen) December 14, 2024

وقالت حماس: “ندعو فصائلنا وقوانا الوطنية، وكل مكونات شعبنا ومؤسساته القانونية والحقوقية لاتخاذ موقف حاسم أمام ما تقوم به أجهزة السلطة وخاصة في جنين وعموم الضفة الغربية، والضغط الجاد عليها لوضع حد لهذه التجاوزات الخطيرة التي تهدد نسيجنا الوطني واستقرارنا المجتمعي”.

كما دعت قيادة السلطة للجم سلوك أجهزتها والوقف الفوري والتام عن كافة هذه الاعتداءات المشينة، والإسراع بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين من سجونها، وتصحيح بوصلتها الأخلاقية والوطنية نحو خيار الوحدة والمقاومة لردع الاحتلال وصد عدوانه.

فيديو سابق لأحد قادة كتيبة جنين الشاب يزيد جعايصة الذي ارتقى برصاص أجهزة أمن السلطة في جنين، صباح اليوم. pic.twitter.com/3eufQuH3by

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) December 14, 2024

الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أعلنت أنها بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني، بعقد سلسلة من الاجتماعات والاتصالات من أجل بلورة مبادرة مجتمعية وطنية تدعو إلى وقف الأحداث المؤسفة التي تشهدها مدينة جنين ومخيمها، والتي تشكل خطراً حقيقياً على السلم الأهلي.

وأكدت الهيئة ومنظمات المجتمع المدني أهمية تغليب لغة الحوار كوسيلة لحل الخلافات، واحتواء الأوضاع الراهنة عبر وقف مظاهر التصعيد بشكل فوري.

كما دعت إلى حماية الممتلكات العامة والخاصة، والعمل على استعادة الحياة الطبيعية في المدينة والمخيم، ورفع الحصار المفروض على بعض المناطق، لتأمين حرية الحركة وضمان كرامة المواطنين وأمنهم.

وشددت الهيئة ومنظمات المجتمع المدني على أن هذه المبادرة تأتي كجزء من مسؤوليتها الوطنية والاجتماعية لمواجهة التداعيات السلبية المحتملة للأحداث الراهنة، مشيرةً إلى ضرورة تكاتف الجهود المجتمعية والمؤسساتية، لتجنب المزيد من التصعيد وضمان استقرار المجتمع الفلسطيني.