عملية نابلس.. نقطة تحول؟
أثارت عملية نابلس الخميس 16-12 ، والتي نفذها مقاومان فلسطينيان اثنان على الأكثر وأدت لمقتل مستوطن متطرف وإصابة اثنين آخرين بجراح، أثارت هذه العملية جملة من التساؤلات أهمها:
هل ستشكل هذه العملية نقطة تحول نحو موجة جديدة من المقاومة ضد الاحتلال؟ وما هو دور المستوطنين في تعزيز هذه الموجة؟ وكيف سيتأثر التعاون الأمني بين أجهزة أمن السلطة والاحتلال؟
إن الوقوع في أسر الحسابات الإسرائيلية ونظرتها لمقاومة الشعب الفلسطيني ليس مناسباً على أهمية فهم وإدراك هذه الحسابات وتلك النظرة، فإسرائيل المحتلة ترى بأن عملية نابلس التي استهدفت مستوطنين من مستوطنة شافي شمرون وهم يريدون فرض العودة من مستوطنة حومش المخلاة منذ العام 2005 تعتبرها تصعيداً خطيراً في ما تسميه (بالعنف) أو (الإرهاب الفلسطيني )، وهي بالنسبة لهم عملية رقم سبعة في سلسلة من العمليات التي بدأت بعملية طعن في 17-11-2021 في البلدة القديمة بالقدس ثم عملية الشيخ فادي أبوشخيدم في 21-11-2021 فعملية محمود عودة في يافا 21-11، فعملية طعن في القدس في 4-12 ، ثم عملية دهس في شمال الضفة 6-12، وعملية طعن الشيخ جراح 8-12 .
ويبدو أن “السابعة” هي شؤم على المحتلين من عدة نواحٍ هذه المرة، فقد تصادفت مع الجولة السابعة من مفاوضات النووي الإيراني التي تتبعها إسرائيل وتعتبرها انطلاقة نحو الاتفاق النووي، وهي العملية الأخطر في سلسلة العمليات الأخيرة حيث تميزت بشراستها وإقدام وجهد منفذيها من الفلسطينيين المستضعفين والذين تمكنوا وبحوالي عشرة رصاصات من إصابة وقتل ثلاثة مستوطنين من أكثر المستوطنين تطرفاً وعسكريةً في المنطقة، فدولة الاحتلال لا تحسب فيما يبدو إلا العمليات المؤلمة أما عمليات المقاومة اليومية والسلمية على أهميتها فهي تستطيع استيعابها .
من جهة أخرى تختلف الحسابات الفلسطينية عن تلك الإسرائيلية، فعملية نابلس هي تصعيدٌ مباركٌ ومهم في مقاومة الشعب الفلسطيني المستمرة والمتصاعدة في الأشهر الأخيرة، وقد تكون هذه العملية هي السبعين أو الثمانين أو أكثر، فمقاومة الفلسطينيين متعددة ومتنوعة في بيتا وفي كفر قدوم والخليل وكل أنحاء فلسطين وهي سلمية أحيانا، وعنيفة في أحيان أخرى، يجمعها أنها مقبولة في القانون الدولي فهي تتم ضد جنود ومستوطنين في الأرضي الفلسطينية المحتلة عام 67، ويقوم بها بالغالب أفراد مبادرون وقد تكون “السابعة” مختلفة أيضاً من هذه الزاوية بعد ان كانت مختلفة من زاوية أخرى مما يؤهلها أن تكون نقطة تحول في النضال الفلسطيني في هذه الورقة ،على الرغم من الصعوبة في الإجابة على سؤال نقطة التحول في “السابعة” إلا أنه من الممكن القول بأن هذه العملية تحمل مواصفات هذه النقطة، ومن أهم تلك المواصفات أنها بالسلاح المؤثر والمؤلم وبشكل خاص لإسرائيل مما يعني أنها دفعة معنوية هائلة للفلسطينيين للاستمرار والتقليد والمحاكاة، ثمّ أنّها منظمة ومدبرة بدقة في أرجح التحليلات، وقد جاءت في مرحلة تتراجع فيها باستمرار سيطرة أجهزة أمن السلطة الفلسطينية والمتعاونة مع أجهزة الاحتلال بسبب الغضب الفلسطيني المستمر عليها وعلى سياساتها الحمقاء.
وقد تشكل عملية نابلس نقطة تحول أيضاً بسبب تداعياتها والردود المتوقعة عليها والتي بدأت في عنف المستوطنين والذي شهد هو أيضاً تصعيداً خطيراً بعد محاولة القتل الفاشلة لعائلة مقبل في قرية قريوت-نابلس، وفي الاعتداءات الهمجية على برقة وسبسطية وغيرهما، إضافة لتعزيزات الجيش التي أعلن عنها قائد فرقة الضفة العميد آفي بلوت؛ مما يعني المزيد من الاحتكاك ومن انكشاف العجز والتواطؤ والدور والحجم الحقيقي لأجهزة أمن السلطة للأمن الإسرائيلي ،وبالتالي المزيد من احتمالات التصعيد وفي كل الأحوال ومن خلال التجربة لا يمكن أن تظهر نقطة التحول حال ظهورها بل يتم تحديدها بعد فتره زمنية معينة.
من غير المتوقع أن تتراجع أهمية الدور الذي تلعبه أجهزة أمن السلطة في الحفاظ على الأمن الإسرائيلي وذلك رغم مسلسل الفشل المستمر لها في مواجهة ضغوط الشعب الفلسطينيين ضد الاحتلال خاصة في جنين ورام الله والخليل وأخيرا في نابلس حتى من قبل أنصار فتح، فما زال الاحتلال يسعي لدعم السلطة وتعزيز دورها، ولكن ليس كمحطة أو نواة للدولة الفلسطينية المستقبلية إنما كأداة ناجحة حتى الآن في تخفيف أعباء الاحتلال، وبالتالي إدامته لأطول فترة ممكنة، وعليه فمن المتوقع استمرار تصاعد الصخب الشعبي الفلسطيني ضد السلطة وسياساتها كما ظهر في استطلاعات الرأي الأخيرة حيث طالب أكثر 74% من الفلسطينيين باستقالة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
بعد اكتمال كتابة هذا المقال جاءت عملية طعن جديدة نفذتها مسنة فلسطينية من الخليل ضد أحد المستوطنين، وهي تعزز فرضيات هذا المقال.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
عيد الأضحى في غزة .. صلوات وتكبيرات بلا أضاحي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام من بين ركام المنازل والمساجد المدمرة في قطاع غزة صدحت تكبيرات العيد، الله أكبر الله أكبر الله الله وأكبر ولله الحمد،...
كتائب القسام: كل عام وأنتم بألف خير ولتحرير القدس أقرب
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام هنأت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس بحلول عيد الأضحى عبر مقطع فيديو ضمنتها جابنا من تصدي مقاتليها لقوات...
فجر عيد الأضحى .. الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة
الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الصهيوني - فجر الأحد أول أيام عيد الأضحى- حملة دهم واعتقالات في أرجاء متفرقة من الضفة...
بعد عملية رفح .. أبو عبيدة يتوعد بالمزيد من كمائن الموت
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن "أبو عبيدة"، الناطق باسم كتائب القسام، أن عمليات القسام المركبة والنوعية، السبت في رفح، تأكيد على فشل الاحتلال...
الإعلامي الحكومي: منع إدخال الأضاحي إلى قطاع غزة يكشف “الوجه الإجرامي” للاحتلال
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكّد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أنّ منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الأضاحي إلى قطاع غزة "يكشف بشاعة الوجه...
القسام تفجر حقل ألغام بقوة إسرائيلية وتبث مشاهد استهداف جنود ومروحية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مساء اليوم السبت تفجير حقل ألغام بقوة عسكرية إسرائيلية جنوب غرب مدينة...
استشهاد الفتى سلطان خطاطبة برصاص الاحتلال في بيت فوريك
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد فتى فلسطيني، مساء اليوم السبت، وأصيب مواطنان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال مواجهات عنيفة في بلدة بيت...