القصة غير الرسمية للمخيمات الفلسطينية في لبنان (1)
تعوّدت أن آخذ الأصدقاء القادمين إلى لبنان في رحلة سياحية إلى بعض المخيمات الفلسطينية في لبنان، ألعب دور المرشد السياحي لما أسميته «سياحة النكد» التي تسترجع القضية الفلسطينية في هذه المخيمات والمجازر التي ارتكبت ضد شعبنا فيها، وخصوصاً مجزرة مخيم تل الزعتر ومجزرة صبرا وشاتيلا.
ولا تخلو رحلة من الوقوف على الأطلال، أو من دموع على مجزرة عمرها ثلاثون أو أربعون عاماً، وتترافق الرحلة مع معرفتي الميدانية لما جرى في هذه المخيمات. ومعظمه مما لم يرِد في الكتب ووسائل الإعلام.
في هذه التدوينة سأحاول التعريف بواقع المخيمات الفلسطينية في لبنان، كشاهد عيان، وليس كباحث في شؤون المخيمات. لذلك ستجد فيها قصصاً غير مشهورة أو غير معروفة عن هذه المخيمات، وهو ما لا تقرأه في وسائل الإعلام، مع الحرص على تعريف القارئ بنبذات عنها.
يوجد في لبنان (12) مخيماً فلسطينياً وعشرات التجمعات، والفرق بين المخيم والتجمع هو اعتراف الأونروا به (أرضه تستأجرها الأونروا، ويضم عيادات أولية ومدارس الأونروا). علماً أن عدد المخيمات المسجلة في ملفات الأونروا هي (18) مخيماً، مع أن المتعارف عليه أن عددها (15) مخيماً.
وقد اختفى منها ثلاثة مخيمات كلها في منطقة البقاع اللبناني، بتفريغها من أهلها، هي:
ثكنة غورو: التي كانت ثكنة عسكرية لجيش الانتداب الفرنسي في لبنان قبل 1943، وجرى تسكين اللاجئين فيها عام 1948، وتم إخلاؤها لأنها كانت وما زالت آيلة للسقوط.
مخيم القرعون: وهو مخيم بُني لعدة سنوات في المنطقة، ثم أُجلي عنه أهله عندما قررت الحكومة اللبنانية بناء سدّ القرعون ضمن المشروع الأخضر في لبنان، فغادره أهله وتفرقوا في المخيمات، تاركين خلفهم أمواتهم في مقبرة طمرتها مياه بحيرة القرعون.
مخيم عنجر: الذي كان مخيماً للاجئين الأرمن عام 1915، وقد أُجلي عنه اللاجئون سنة 1955 بسبب الخلافات اللبنانية (السنّيّة) الأرمنية، والتي أُقحم فيها الفلسطينيون، واتخذت الحكومة اللبنانية قراراً بإجلاء الفلسطينيين من المخيم، وإخلاء المنطقة للاجئين الأرمن، ولكن الخلافات المذكورة لم تنتهِ حتى اليوم.
المخيمات المدمّرة:
مخيم النبطية: الذي قصفته الطائرات الإسرائيلية في أيار (مايو) 1974، فدمّرته كلياً، ولم يستطع أهله العودة إليه، فتفرقوا أشتاتاً في المخيمات الأخرى.
مخيم جسر الباشا: ومعظم سكانه من المسيحيين الفلسطينيين، تعرض لمجزرة ارتكبها اليمين المسيحي اللبناني في مطلع الحرب الأهلية، ذهب ضحيتها أكثر من 200 شهيد، بعد سقوطه بيد المهاجمين.
مخيم تل الزعتر: واسمه الرسمي في ملفات الأونروا (مخيم الدكوانة)، وهو المخيم الذي وُلدتُ فيه وعايشت فيه المجزرة في طفولتي، والذي حوصر عدة مرات في عامي 1975 و1976، كان آخرها الحصار الذي دام 52 يوماً، وصدّ فيه المدافعون عنه 72 هجوماً على مختلف المحاور، تلقى خلالها 55 ألف قذيفة متنوّعة. وجرى تدمير المخيم، وانتهت المعارك باتفاق لم يلتزم به المهاجمون حيث ارتكبوا مجزرة زادت ضحاياها عن 4000 شهيد وشهيدة، نصفهم في أثناء الحصار، والباقي يوم الخروج الكبير في 12 آب (أغسطس) 1976.
المخيمات الصامدة:
في جولة سريعة من الشرق ثم الشمال فالوسط والجنوب، فإن لكل مخيم ميزة أو قصة غير معروفة تميزه عن غيره.
مخيم الجليل: واسمه الرسمي في ملفات الأونروا (مخيم ويفل)؛ لأن فيه ثكنة قديمة للجيش الفرنسي على اسم أحد قادتهم، ويقع في منطقة بعلبك قرب القلعة الرومانية الشهيرة، في البقاع شرق لبنان، يجتاحه البرد والثلج في الشتاء، وأكثر ما يحتاجه أهل المخيم هو وسائل التدفئة، وللمخيم باب حديدي كان يُستخدم لإقفاله ليلاً (مثل باب الحارة!). وأطلق الفلسطينيون عليه (على سبيل الفكاهة المعبّرة) اسم مخيم الدنمارك، بسبب هجرة نصف سكانه تقريباً لتلك البلاد، فيفرغ في الشتاء ويمتلئ في الصيف، غير أن وجود اللاجئين من سورية ملأه صيفاً وشتاءً.
مخيم نهر البارد: في أقصى شمال لبنان، حقق استقراراً على مدى عقود، فازدهر اقتصادياً، حتى صار عاصمة الشمال الاقتصادية، ويقال إن أحد أسباب الحرب التي دمرت المخيم عام 2007 هو قوّته الاقتصادية في المنطقة. أقيم المخيم بالصدفة، حين توقف القطار الذي كان يقلّ اللاجئين باتجاه سورية للاستراحة، فأعجبتهم الأرض واستقروا فيها. ويقوم المخيم فوق مدينة أثرية تسمّى أرتوزيا.
مخيم البداوي: وهو مخيم يقوم على جبل، نقل إليه بتسوية سياسية، بعدما كان سكانه قريبين من البحر. لجأ إليه الكثير من أهالي تل الزعتر وأهالي نهر البارد.
مخيم ضبيّة: معظم سكانه من الفلسطينيين المسيحيين، وهو المخيم الفلسطيني الوحيد الذي بقي موجوداً في المناطق المسيحية، واندمج أهله نسبياً بالمحيط. وهو مبنيّ على أرض استأجرتها الأونروا من الكنيسة المارونية في المنطقة، يُحكى عن محاولات لإخلائه، بسبب العروض المغرية التي تقدم للكنيسة هناك، بعد أن أصبحت المنطقة سياحية باهظة الأسعار، بسبب الفنادق والمنتجعات فيها.
بقي ثمانية مخيمات، هي مار الياس وشاتيلا وبرج البراجنة في بيروت، وعين الحلوة والمية ومية في صيدا، والبص والرشيدية والبرج الشمالي في منطقة صور.. سوف نسلط الضوء عليها في التدوينة القادمة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
مظاهرات حاشدة في الأردن واليمن نصرة لغزة ودعماً للمقاومة
عمان - المركز الفلسطيني للإعلام شارك الآلاف من الأردنيين في مظاهرات ومسيرات حاشدة في عدد من المحافظات الأردنية، بعد صلاة الجمعة اليوم، بدعوة من...
حماس: توسيع الاستيطان إعلان من حكومة الاحتلال بالمضي في السيطرة على الضفة
الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن إقرار المجلس الوزاري الأمني الصهيوني قراراً بتوسيع الاستيطان في...
30 ألفاً من المصلين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام شارك الآلاف من المواطنين الفلسطينيين في أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، في ظل الإجراءات العسكرية...
المقاومة تفجر آليات وتتصدى للاحتلال في رفح وشرق غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت المقاومة بقيادة كتائب القسام، اليوم الجمعة التصدي لقوات الاحتلال الصهيوني في محاور التوغل في قطاع غزة، واستهدفت...
بمشاركة 200 شخصية وطنية.. انطلاق أعمال ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني الثاني بإسطنبول
إسطنبول - المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت اليوم الجمعة 28-6-2024، أعمال ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني، الذي ينظمه المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج...
البرغوثي: قرارات “الكابينيت” ضمٌّ للضفة وهي الأخطر منذ النكبة
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام حذر مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، من خطورة قرارات "الكابينيت" الإسرائيلي التي...
جيش الاحتلال يعترف بمقتل جندي في معارك جنوب غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مقتل جندي في لواء الناحال في معركة جنوب قطاع غزة. وقال جيش الاحتلال في بيان، الجمعة،...